أسامة أيوب يكتب : بعد 6 سنوات من سقوط مبارك.. خواطر وملاحظات
أمس السبت "11 فبراير" يكون قد مرت ست سنوات علي تخلي الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن الحكم بالبيان الذى قرأه نائبه اللواء عمر سليمان عبر شاشات التليفزيون معلناً بذلك نهاية حكم مبارك ونظامه الذى أسقطه المصريون في 18يوما من اندلاع ثورة 25 يناير وبعد 30 سنة في السلطة.
في مساء ذلك اليوم "الجمعة 11 فبراير" كانت ثورة المصريين قد بلغت ذروتها وبدا إصرار الملايين المحتشدين في ميدان التحرير وميادين محافظات مصر علي أنه لابديل عن رحيل مبارك وإسقاط نظامه.
والحقيقة وبصرف النظر عن مدي صحة كل التحليلات التي خرجت بعد الثورة بشأن نظرية المؤامرة، فقد كان نظام مبارك آيلاً للسقوط بالفعل بينما كان التوقيت غير معلوم علي نحو دقيق إلي أن اندلعت الثورة فجأة وعلي غير توقع من مبارك وأركان نظامه.
والمثير أنه بينما كان مبارك وأركان النظام يتساءلون بدهشة لماذا ثار المصريون علي هذا النحو المفزع، فإن السؤال المنطقي الذي غاب عنهم بقدر ما غابت الإجابة أيضاً.. بل لماذا تأخرت الثورة؟!
< < <
ولذا فإن مبارك حين داهمته الثورة ومطالبها وبعناده المعتاد وباستقوائه بالسلطة التى لم يدرك أنها تتهاوى.. استهان بمطالب الشباب الذين كانوا طليقة هذه الثورة لوقف الممارسات القمعية والتصدي للفساد وتغيير السياسات والوجوه وحل مجلس الشعب الذى جرى تزوير انتخاباته تزويرًا غير مسبوق ليستحوذ الحزب الوطنى منفردا علي أكثر من 98% من مقاعد البرلمان.. وحيث كان ذلك التزوير الفج القشة التي قسمت ظهر النظام.
وكانت تلك المطالب بمثابة كرة اللهب التى تحولت إلي ثورة عارمة لملايين المصريين لم تفلح معها قرارات مبارك المترددة واستجاباته المتأخرة للمطالب الثورية التي كان سقفها يرتفع يوماً بعد يوم كلما تأخرت استجابة مبارك إلي أن بلغت ذروتها بالإصرار علي إسقاط النظام ورحيل مبارك، مع ملاحظة أن شعارات »عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية« لم تكن قد ظهرت في قدامة الثورة مع مطالب الشباب الأولى.
< < <
أهم ما جرى خلال أيام الثورة كان موقف الجيش الوطنى متمثلا في المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذى قرر منذ اللحظة الأول الوقوف مع إرادة المصريين.. مؤكدا أنه لن يكون عصا الرئيس لضرب الشعب، وذلك ما غاب أيضا عن مبارك بقدر ما غاب عنه أن هذا الجيش الوطنى لم يكن ليسمح أيضا بتوريث حكم البلاد الذى كان مبارك ماضياً قدماً في تحقيقه.
ولقد كان سيناريو التوريث أحد أهم نتائج بقاء مبارك في الحكم ثلاثين سنة.. متماهياً مع مقعد الرئاسة.. حتى بلغ من العمر 83 سنة.. ضارباً رقماً قياسيا.. متفوقاً علي كل حكام مصر خلال مائتى عام. منذ محمد علي وباستثنائه سواء من حيث مدة البقاء في السلطة أو بلوغ هذه السن..
< < <
وفي هذا السياق.. فإنه من المفارقات أن مصر شهدت رئيسا واحدًا »مبارك« لمدة 30 سنة، بينما شهدت خلال »4 سنوات« منذ عام 2011 حتى عام 2014 »4 رؤساء«.. المشير طنطاوى.. المعزول محمد مرسى.. المستشار عدلي منصور »الرئيس المؤقت«.. الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع ملاحظة أخرى وهى أن مصر شهدت 4 رؤساء أيضاً ولكن خلال 60 سنة بداية من محمد نجيب ثم جمال عبدالناصر ثم أنور السادات ثم حسنى مبارك الذي استأثر وحده بنصف هذه المدة الطويلة »30سنة«!
ثم إنه من المفارقات في ذات السياق أنه ولأول مرة وبعد 60 سنة من نظام يوليو 1952 يكون لدي مصر »4 رؤساء سابقين أحياء«.. اثنان منهم أديا دورًا وطنياً بالغ الأهمية خلال المرحلتين الانتقاليتين بعد ثورتى 25 يناير، 30 يونيه وهما المشير طنطاوى والمستشار عدلي منصور، والآخران جرت محاكمتهما ودخلا السجن.. مبارك والمعزول محمد مرسى الذى لايزال قيد المحاكمة ومهددا بالإعدام.
< < <
سوف يبقي في مقدمة نتائج ثورتى 25 يناير، 30 يونيو أنه مضي زمن تأييد السلطة والحكم، إذ لن يبقي رئيس في منصبه يوماً واحدًا بعد انتهاء مدتيه الرئاسيتين اللتين نص عليهما الدستور الحالي، وهو نفس المعني الذى أكد عليه الرئيس السيسي أكثر من مرة.
< < <
لقد دخلت مصر حقبة جديدة ومهمة في تاريخها الحديث، غير أن الطريق لايزال طويلاً حتى تتخلص من متاعبها ومصاعبها الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية المتراكة منذ عقود، ولايزال الطريق طويلا أيضاً حتى تستكمل مسيرة العدالة الاجتماعية والنهضة العلمية والتعليمية والصناعية والزراعية، ثم الأهم من ذلك ومع ذلك التصدى والقضاء نهائيا علي خطر الإرهاب الذى لاتزال بقاياه محدقة بالبلاد والعباد، ولاشك أن المصريين قادرون بعزم وإرادة وصبر علي المكاره علي تحقيق النجاح.
< < <
اليوم ومع بداية العام السابع بعد سقوط نظام مبارك.. كانت تلك بعض الخواطر والملاحظات.. ولايزال الكثير من الحقائق والتفاصيل في جعبة التاريخ.