الأموال
الأحد 8 سبتمبر 2024 04:40 صـ 5 ربيع أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : عسكرة البحر الأحمر.. خطر على الأمن القومى المصرى والعربى

د.محمد فراج أبو النور
د.محمد فراج أبو النور

لم يكن غريبا أن تستغل الولايات المتحدة ضرب الحوثيين أو أسرهم لبعض السفن المتجهة إلى إسرائيل للمسارعة بإقامة تحالف عسكرى بحرى واسع يضم عشر دول لفرض السيطرة على الملاحة فى البحر الأحمر أهم ممر ملاحى فى العالم بوجود قناة السويس في شمال ومضيق باب المندب فى جنوبه. التحالف الذى شكلته أمريكا يضم ــ حتى الآن ــ بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وكندا وتعمل واشنطن على توسيعه بدعوة دول أخرى للانضمام إليه من بينها ألمانيا والنرويج.

وتقول إن مسارعة أمريكا لتشكيل هذا التحالف العسكرى للسيطرة على الملاحة فى البحر الأحمر، لم تكن غريبة لأن الولايات المتحدة سارعت منذ الأيام الأولى للحرب فى غزة إلى حشد قوة عسكرية بحرية ضخمة فى المنطقة فى مقدمتها كبرى حاملات الطائرات «أيزنهاور» فى البحر المتوسط قبالة السواحل الاسرائيلية وحاملة طائرات أخرى فى الخليج قبالة السواحل الإيرانية بالإضافة إلي إحدى أكبر مدمرات الأسطول الأمريكى فى البحر الأحمر. وشاركت فى الحشد الأمريكى بريطانيا وفرنسا وألمانيا «فى البحر المتوسط».

ولم يكن الهدف من هذا الحشد إبداء الدعم الفورى والمطلق لحرب إسرائيل على قطاع غزة ومنع أى قوة إقليمية فى التفكير فى التدخل ضد الكيان الصهيونى فحسب بل وأيضًا استعراض القوة الأمريكية - الأطلسية، وإرهاب دول وشعوب المنطقة، واستعادة مظاهر الهيمنة الأمريكية والغربية فى الشرق الأوسط.

إسرائيل ليست العالم!

وجاءت الحوادث التى وقعت ضد سفن إسرائيلية أو متجهة لإسرائيل والتهديدات الحوثية لمثل هذه السفن والمرتبطة بمطالبة الجماعة لإسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطينى فى غزة، لتتخذ منها الولايات المتحدة ذريعة للحديث عن تهديد أمن الملاحة الدولية فى البحر الأحمر عموما، مع أن الملاحة المتجهة إلى إسرائيل لا تمثل إلا جزءا ضئيلا من إجمالى الملاحة الدولية في البحر الأحمر عموما، والتى يتجه الجزء الأعظم منها إلى أوروبا عبر قناة السويس، ولم يكن هذا الجزء الأعظم عرضا للحوادث أو التهديدات الحوثية بأى شكل. ومع ذلك فقد أثارت الولايات المتحدة بصورة أساسية والدول الغربية الحليفة لها ضجة سياسية وإعلامية هائلة حول «أمن الملاحة فى البحر الأحمر» لتثير فزع كبرى شركات النقل البحرى العالمية وتحرّضها على الامتناع عن دخول البحر الأحمر عموما، ومن ثمَّ عبور قناة السويس فى طريقها إلى الموانئ الأوربية وتحثها على سلوك طريق رأس الرجاء الصالح حول القارة الافريقية بدلا عن طريق القناة.

ومعروف أن استخدام طريق رأس الرجاء الصالح يعنى قطع آلاف الكيلومترات الإضافية مقارنة بطريق القناة، كما يستغرق الطريق عشرة أيام أكثر مما يستغرقه طريق القناة، ويعنى هذا كله زيادة كبيرة فى تكلفة النقل، تُضاف إلى أسعار السلع المنقولة.

ويقدِّر الخبراء التكلفة الاضافية بنحو ٣٠٪ ثلاثين فى المائة فى نفقات النقل والتأمين والخدمات اللوجستية (بى بى سى -١٩ ديسمبر).

وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت التهددات الأمنية تتصل بالسفن المتجهة إلى إسرائيل أوالقادمة منها فقط وهى تمثل جزءا ضئيلا للغاية من النقل البحرى عبر البحر الأحمر، فلم يكن هناك ما يدعو إلى إثارة كل هذه الهيستريا، والإضرار بالتجارة العالمية عبر البحر الأحمر والقناة عموما دون وجود تهديد للجزء الأعظم من هذه التجارة.

خسائر لقناة السويس وحدودها

ومن ناحية أخرى فإن الوضع الناشئ بسبب الهيستريا المتعمدة التي تثيرها الولايات المتحدة يؤدى إلى خسائر كبيرة تتكبدها قناة السويس دون ضرورة موضوعية، نعنى خسارة رسوم المرور والخدمات التي كانت القناة ومرافقها ستحصل عليها في حالة استمرار الأوضاع الطبيعية للملاحة. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن نحو مائة سفينة حاويات قد غيَّرت اتجاهها نحو طريق رأس الرجاء الصالح، والمؤكد أن اختيار عدد من الشركات الكبرى تحويل اتجاهها نحو هذا الطريق سيتسبب في خسائر لقناة السويس.

لكن الغالبية العظمى من السفن العابرة فى الاتجاهين لاتزال متمسكة بالمرور عبر القناة، وتشير بيانات هيئة قناة السويس إلى أنه منذ بداية تعرض الحوثيين للسفن الإسرائيلية والمتجهة لإسرائيل (١٩ نوفمبر) غيَّرت ٥٥ سفينة فقط مسارها نحو رأس الرجاء الصالح، بينما مرت ٢١٢٨ سفينة عبر القناة فى نفس الفترة.. أى حتى ١٩ ديسمبر ـ «العربية. نت - ١٩ ديسمبر فى تقرير موسع يستند إلى تقارير دولية رصينة بما فى ذلك تقارير هيئة قناة السويس». وإن كانت حالة الهيستريا التي سببتها التصريحات الأمريكية وأخبار إنشاء التحالف البحرى بقيادة واشنطن قد أشارت إلي زيادة السفن التى غيَّرت اتجاهها لتبلغ ١٠٠ سفينة (الحدث - ٢١ ديسمبر) فمن الواضح أن الأغلبية العظمى من السفن لاتزال متمسكة بطريق القناة بما فى ذلك سفن تابعة للشركات التى أعلنت عن تغيير مسارها (العربية. نت - ١٩/ ١٢)، كما تشير نفس التقارير إلى أن ٧٧ سفينة عبرت القناة يوم ١٧/١٢.

وباختصار فإنه لا ينبغى أن يصاب المصريون بعدوى الهيستريا الأمريكية، فمن الواضح أنه ستكون هناك خسائر يصعب تحديدها حاليا، لكن عوامل جاذبية قناة السويس تظل قوية، وفي مقدمتها التكلفة الأقل للنقل، وعنصر الوقت «عشرة أيام» علمًا بأن عنصر الأمن يظل أيضا فى جانب قناة السويس والبحر الأحمر، مادامت السفن لا علاقة لها بالكيان الصهيونى، بينما طريق رأس الرجاء الصالح به بعض المناطق غير الآمنة بسبب القرصنة، قبالة السواحل الصومالية مثلا.

ومادمنا نحن بعيدين عن التحالف الأمريكى وعن الصدام بالحوثيين فلن يكون لديهم دافع للإضرار بحركة النقل البحرى المتجهة إلى القناة أو القادمة منها، فمشكلتهم مع أمريكا والكيان الصهيونى وليست معنا.

الخطر الحقيقى على قناة السويس

والواقع أن الخطر الحقيقي الذى يتهدد قناة السويس يجىء من ناحية الولايات المتحدة ومغامراتها العسكرية فى المنطقة، والطريق التجارى بين الهند وأوروبا الذى تسعى لإقامته عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، وهو مشروع من شأنه تمويل الكيان الصهيونى إلى مركز تجارى لمنطقة الشرق الأوسط ويفتح الباب واسعا لتدفق رؤوس الأموال الخليجية على الكيان الصهيونى، وقد كان الإعلام يركّز فى البداية علي جانب واحد من هذا الطريق التجارى يتعلق بإقامة شبكات لخطوط السكك الحديدية بين الخليج والسواحل الاسرائيلية ولكن بمرور الوقت بدأت تظهر أحاديث عن إمكانية إقامة خطوط أنابيب لنقل البترول والغاز من حقول الخليج إلى إسرائيل، ومنها إلى أوروبا ولو حدث هذا فسيكون كارثة حقيقية كبرى على الأمن القومى المصرى والعربى، لأنه سيضيف إلى العدو الصهيونى أهمية استراتيجية ضخمة باعتباره خط انتقال بترول وغاز الخليج إلى أوروبا، فضلا عن المكاسب الاقتصادية الأخرى الهائلة، ولأنه سيسلب من قناة السويس البترول والغاز المسال الخليجيين اللذين ينتقلان عبرها إلى الغرب.

ومعروف أن فكرة نقل بترول الخليج بخطوط الأنابيب ترتبط بالرغبة في تفادى المرور عبر مضيق هرمز الذى تسيطر عليه إيران، والذى أضيف إليه مؤخراً مضيق باب المندب الذى يسيطر عليه الحوثيون حلفاء طهران، وكان مطروحا فى البداية (منذ نحو ١٥ عاما) مد هذه الخطوط عبر سوريا، الأمر الذى كان الغرب ودول الخليج يربطونه بالإطاحة بنظام الرئيس الأسد، وإقامة نظام موالٍ للغرب في سوريا، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل، بينما تقدم «التطبيع» بصورة لم تكن تخطر على بال أحد خلال السنوات الأخيرة، ومن ثمَّ بدأ التفكير في تنفيذ المشروع عبر الكيان الصهيونى!!

وقد أعلنت السعودية تعليق مناقشة التطبيع بينها وبين إسرائيل بسبب حرب الإبادة التى تشنها الأخيرة على غزة، لكن «التعليق» يمكن إنهاؤه حينما تضع الحرب أوزارها، ومن ثمَّ يمكن أن ينفتح الطريق مرة أخرى أمام هذا المشروع المدمر للأمن القومى العربي والمصرى.

وفى ظل التصريحات الأمريكية والغربية والصهيونية عن إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط، وفى ظل التحالف العسكرى البحرى الأمريكى والغربى فى البحر الأحمر، والهيستريا التى تقودها أمريكا بشأن أمن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب فإننا لا نستبعد ـ بل نرجح ــ أن تثار من جديد، وعلى نطاق واسع فكرة خطوط الأنابيب الكارثية بين الخليج وإسرائيل.

ولهذا السبب ولأسباب أخرى ذكرناها فى بدايةالمقال فإننا ننظر بعين الخطورة الشديدة إلى التحركات العسكرية الأمريكية فى البحر الأحمر، ونعتقد أن مصر وكل وطنى وقومى عربي يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة مشروع الطريق التجارى الهندى- الأوروبى عبر شبه الجزيرة العربية، وكل مشروع من شأنه زيادة النفوذ الأمريكى والصهيونى فى المنطقة.

والحقيقة أن كل من يتأمل هذا المشهد لابد أن يفهم لماذا تمثل فلسطين وغزة خط الدفاع الأول عن الأمن القومى المصرى والعربى.

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى05 سبتمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.3892 48.4892
يورو 53.7265 53.8424
جنيه إسترلينى 63.7189 63.8554
فرنك سويسرى 57.1976 57.3226
100 ين يابانى 33.7301 33.8116
ريال سعودى 12.8904 12.9177
دينار كويتى 158.4660 158.8455
درهم اماراتى 13.1739 13.2026
اليوان الصينى 6.8192 6.8335

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,869 شراء 3,880
عيار 22 بيع 3,546 شراء 3,557
عيار 21 بيع 3,385 شراء 3,395
عيار 18 بيع 2,901 شراء 2,910
الاونصة بيع 120,313 شراء 120,668
الجنيه الذهب بيع 27,080 شراء 27,160
الكيلو بيع 3,868,571 شراء 3,880,000
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى