أسامة أيوب يكتب : فتاوى البدعة والحرام.. جواز التضحية بدجاجة ولحوم الكلاب والحمير حلال!!
إذا كان الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر قد دأب بإصرار شديد على الادلاء بآراء فقهية ضعيفة ومثيرة للجدل على شاشات التليفزيون والتى تمثل خروجًا على إجماع الأئمة الكبار وجمهور العلماء وعلى النحو الذي يثير البلبلة بين عامة المسلمين، خاصة أنه يبيح ويُجيز عدم الالتزام بالإجماع والأخذ بتلك الآراء الضعيفة وغير المعتبرة..
..فقد فاته وهو من علماء الفقه المقارن بحسب تخصصه الأكاديمي أن مثل تلك الآراء الضعيفة والمهجورة مكانها أروقة الدراسات العلمية فقط يبن العلماء، ومن ثمَ فإنه لا يصح ولا يجوز إطلاقها على شاشات التليفزيون والترويج لها بين عامة المسلمين.
جديد الدكتور الهلالى كان قبيل عيد الأضحى المبارك الفائت كان صادمًا بقدر ما كان غير مستند إلى رأي فقهي حتى لو كان ضعيفا مثل الآراء التى دأب على إطلاقها، إذ إنه هذه المرة أفتى بجواز أن تكون الأضحية من “الطيور” أي دجاجة مثلاً، وهو بهذه الفتوى الشاذة يكون قد ابتدع بدعة فى الدين لم يقل بها أحد سواه طوال أربعة عشر قرنا، إذ إن الأضحية كما حددتها الشريعة والسُنة النبوية وعلى سبيل الحصر تكون من بهيمة الانعام.. البقر والجاموس والإبل والأغنام (الضأن والماعز).
+++
إن الأضحية بحسب المعلوم من الدين بالضرورة للأمة الإسلامية وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم عنها إنها سنة أبيكم إبراهيم وأنها سُنة وعبادة لله تعالى وأن من مقاصدها الشرعية التوسعة على الأهل والأقارب والفقراء حتى لو كانوا من غير المسلمين فى أيام ذلك العيد، لذا فإن التضحية بطائر بحسب الفتوى البدعة لن يتحقق منها المقصد الشرعى بإحياء سُنة إبراهيم وهى التضحية بكبش على الأقل، كما أن التضحية بطائر لن تكفى للتوسعة على الأهل والفقراء وفى نفس الوقت فإن الإفتاء بالتضحية بطائر يعد انتهاكاً ومخالفة صريحة غير مقبولة للشريعة والسنة.
+++
حتى إذا كان الدكتور الهلالى قد استهدف التيسير على الفقراء فى ضوء الارتفاع القياسى لأسعار الأغنام واللحوم فإنه يكون قد شطح هذه المرة شطحة فقهية لا تغتفر بهذه الفتوى البدعة التى ترقى أو بالأحرى تنحدر إلى الإفتاء بالحرام والاستخفاف بالشريعة والسنة بقدر ما انطوت على الاستخفاف بعقول المسلمين.. خاصتهم وعامتهم، إذ إن الأضحية سنة واجبة على القادرين فقط وأنه لا إثم على من لم يستطع تقديمها، خاصة أن النبى صلي الله عليه وسلم قد رفع الحرج عن المسلمين حتى يوم القيامة عندما ضحى بكبشين وقال عن أحدهما هذا عني وأهل بيتى والثاني عن أمتي.
++++
وحسنًا فعل الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية الذي أبطل تلك الفتوي البدعة ونهى عن الأخذ بها حسبما جاء فى فتواه المنشورة فى جريدة الأخبار فى عدد يوم الجمعة (23 يونيو الماضى) قبيل عيد الأضحى بعدم جواز التضحية بالطيور على الإطلاق وأنه لا يجوز التضحية إلا بما حددتها الشريعة والسنة النبوية المشرفة وصح عن النبى صلي الله عليه وسلم.
ورغم أن لا أحد من المسلمين في مصر وغيرها كان من الممكن أن يأخذ بتلك الفتوى الباطلة، إذ إن الأضحية كما حددتها الشريعة والسنة من المعلوم من الدين بالضرورة لجميع المسلمين إلا أن تصحيح فضيلة المفتى كان ضروريًا وواجبًا لمنع الشبهات فى الدين.
+++
وإذا كان الدكتور الهلالى قد ابتدع بدعة فى الشريعة والعقيدة والسنة اثارت السخرية بأكثر مما أثارت الغضب والاستنكار حسبما أبطلها مفتى الجمهورية، فإن الشيخ خالد الجندى تفوق تفوقاً مذهلاً عليه حيث أفتى بالحرام وأحل الحرام على الهواء مباشرة عبر برنامجه التليفزيونى “لعلهم يفقهون” بأن أكل لحوم الكلاب والحمير حلال وأنه لا يوجد نص شرعى يحرم أكلها!! ولا أعلم إن كان المفتى والأزهر وعلماؤه قد مروا على هذه الفتوى الحرام مرور الكرام أم أنه صدر عن المؤسسة الدينية الإسلامية ما يستنكرها ويرفضها وأحسبه قد حدث.
++++
لقد فات الشيخ خالد الجندى الذي يدعو المسلمين للتفقه من خلال برنامجه “لعلهم يفقهون” أن الحمير الذي أفتى بأن أكل لحومها حلال هى بحسب الشريعة حرام وأنها مخصصة فقط للركوب وحمل الأثقال حسبما ورد في القرآن الكريم “والخيل والبغال والحمير لتركبوها” ثم إنه لم يرد نص واحد في الشريعة والسنة الشريفة يبيح أكل لحومها على الإطلاق حيث حددت الشريعة والسنة اللحوم المحلل أكلها على سبيل الحصر فى لحوم الأنعام والأغنام بل إنه زيادة فى التحديد ومنعا للشبهات، فقد اشترطت الشريعة والسنة وحسبما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أن تكون الأنعام الحلال مشقوقة الظلف كما في البقر والجاموس والإبل والأغنام من الضأن والماعز.
+++
أقول قولي هذا ولا أدعى أنني من علماء الدين والفقه مثل الشيخ خالد ولكنى أتحدث بما هو معلوم من الدين بالضرورة ويعلمه جميع المسلمين.. عامتهم وخاصتهم ولذا فإنى أسال فضيلته من أي نص شرعي أو فقهي استندت عليه فى فتواك بتحليل الحرام.
حتى الاستناد إلى قاعدة الضرورات تبيح المحظورات والقياس على إباحة أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فى حالة الاضطرار خشية الهلاك والموت المحقق للحفاظ على حياة النفس البشرية مع ملاحظة أن ذلك مشروط حسبما جاء في الآية الكريمة “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه” والشرط هو عدم الإكثار من الأكل ولا العودة إليه ريثما تزول حالة خشية الموت المحقق... حتى هذا القياس يعد قياسًا غير صحيح وباطلًا. أولا لأن الشرع الذي أباح الميتة والدم ولحم الخنزير للمضطر فى مواجهة خطر الموت المحقق لم يبح الكلاب والحمير خاصة أن النفس البشرية السوية تأنفها، وثانيًا أن حالة الاضطرار غير قائمة لدى المصريين حتى يقدموا على أكل الكلاب والحمير.
+++
السؤال المهم الموجه للشيخ خالد هو ما الذي دفعك متطوعًا مبادرًا بالإفتاء بتحليل أكل لحوم الكلاب والحمير هل سألك أحد من المسلمين المصريين عن جواز أكلها وهل هى حلال، وإن كان من المؤكد أنه لم يخطر ببال أحد أن يسألك هذا السؤال ولذا فقد بدت فتواك بالحرام إجابة عن سؤال لم يسأله أحد وهو الأمر الذى بدا مثيرًا للدهشة والريبة بل السخرية أيضًا، مع ملاحظة أنه لن يعمل أحد بهذه الفتوى غير المسئولة وغير المبررة.
+++++
السؤال الأهم والضروري الذي أوجهه للشيخ خالد الجندي هو هل تستطيع شخصيًا أن تأكل وتستسيغ أكل الكلاب والحمير التي أفتيت للناس بأن لحومها حلال، إن كنت تستطيع فعليك أن تقوم بتجربة عملية على شاشة التليفزيون في برنامجك “لعلهم يفقهون” وتتناول قطعة من كلب وأخرى من حمار حتى تكتسب مصداقية وتكتسب فتواك نفس المصداقية لدى الناس الذين قلت لهم إنها حلال “لعلك تفقه!” مع أني أحسبك بكل تأكيد تفقه.
الخطير في فتوى الشيخ خالد أنها تمثل سندًا شرعيًا صادرًا عن أحد مشايخ الأزهر لدى ضعاف النفوس من الجزارين وأصحاب المطاعم لبيع لحوم الحمير والكلاب طالما أنها حلال بحسب تلك الفتوى، والأخطر أن غالبية المصريين سوف يمتنعون عن تناول اللحوم في المطاعم وأماكن تقديمها خوفا وفزعا من أن تكون من الكلاب والحمير وهو ما حدث بالفعل كما علمت من كثير من الأصدقاء، ومن ثمَ فإن لهذه الفتوى تداعيات اقتصادية خطيرة وخسارة جسيمة للكثيرين.
+++
لقد أثارت فتوى جواز التضحية بطائر غضب المصريين باعتبارها إهانة لهم بقدر ما أثارت رفض واستنكار علماء المسلمين حسبما أبطلها المفتى باعتبارها بدعة وانتهاكًا للشريعة والسنة، بينما أثارت فتوى أن أكل الحمير والكلاب حلال نفس الغضب والرفض والاستنكار باعتبارها فتوى تحل الحرام شرعًا، وفى الحالتين كانت سخرية المصريين هى رد الفعل التلقائي.