الأموال
الأحد 8 سبتمبر 2024 03:11 صـ 5 ربيع أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : قراءة تاريخية وسياسية لعصر الخلفاء الراشدين (2)

أسامة أيوب
أسامة أيوب

إذا كانت حادثة مقتل الخليفة الثالث أمير المؤمنين عُثمان بن عفان هى أول فتنة يتعرض لها المسلمون والدولة بعد وفاة النبى محمد، فإنها تصاعدت إلى فتنة أكبر عُرفت تاريخيًا بالفتنة الكبرى بحكم تداعياتها الخطيرة من انقسام غير مسبوق بين الصحابة عندما انضم بعضهم بحُسن نية إلى معاوية بن أبى سفيان والى الشام الذى خرج على الإجماع ورفض مبايعة الإمام على أميرًا للمؤمنين وخليفة رابعاً للمسلمين مُتعللاً بالقصاص من قتلة عثمان كشرط للمبايعة رغم أن هؤلاء القتلة المتآمرين تفرقوا فى الأمصار والولايات مثلما تفرَّق دم عثمان بين هؤلاء القتلة.
...
حقيقة الأمر أن معاوية الذى اشترط القصاص قبل المبايعة متعللاً بقرابته لعثمان (الأموى) كان يُدرك صعوبة تتبع القتلة للقصاص منهم قبل استقرار الدولة وهو الاستقرار الذى زعزعه بخروجه على الإجماع ورفض المبايعة وأخذ لنفسه مبايعة أهل الشام، ولذا فقد كان مسلكه هذا يخفى وراءه هدفًا استراتيجيًا وهو طموحه وطمعه غير المشروع في تولى الخلافة، بل إنه بدأ العصيان وإعلان نفسه أميرًا للمؤمنين وخليفة معتصمًا بولايته (الشام) التى بسط سيطرته عليها بالقوة والدهاء والأموال.
ولأنه لم يكن ممكنًا لصالح المسلمين والدولة أن يكون هناك خليفتان فإن الأمر تطوَّر إلى حرب واقتتال بين جيش الخليفة الشرعى الإمام علي وبين جيش معاوية الخارج على الشرعية.
...
بلغت الفتنة الكبرى ذروتها بهذه الحرب التى اقتتل فيها المسلمون ورفعوا سيوفهم فى صدور بعضهم، وحيث كان انقسام الصحابة بين الفريقين سابقة خطيرة غير مسبوقة، وحيث بلغت الفتنة درجة خروج أم المؤمنين السيدة عائشة زوج النبى فى جيش معاوية.. اعتقادًا أنه جاد فى حرصه على القصاص من قتلة عثمان زوج ابنتى النبى.. رقية وأم كلثوم.
ولقد جاء مسلك الإمام عليّ عندما أكرم السيدة عائشة بأريحيته المعروفة احترامًا وتقديرًا لمكانتها بوصفها أم المؤمنين وأعادها من المعركة المعروفة تاريخيًا بموقعة الجمل إذ حضرت المعركة على جمل.. جاء مسلكًا محسوبا للإمام عليّ وهو من آل البيت، حيث جنّب أم المؤمنين من الدخول فى هذه الفتنة، بينما جاء سماح معاوية وترحيبه بحضورها المعركة.. إغفالا شريرا وانتهازيا لمكانتها وإعمالا فطريِا لما عُرف سياسيًا بعد ذلك بقرون بالمبدأ البراجماتى.. الغاية تبرر الوسيلة!
وفى هذا السياق تجدر الإشارة إلى موقف إحدى زوجات النبى أم المؤمنين أم سلمى التى اعترضت على خروج السيدة عائشة وانضمامها إلى معاوية ونصحتها بشدة بعدم الخروج، ومن المعلوم أن أم سلمى كانت كثيرًا ما تشير على النبى فى بعض الأمور الدنيوية وكان النبى يأخذ برأيها حسبما حدث عندما غضب المسلمون بعد صلح الحديبية ورفضوا الانصياع لأمر النبى بالتحلل من إحرام العمرة التى تأجلت للعام المقبل، وحيث دخل عليها قائلاً: هلك المسلمون، فى إشارة إلى رفضهم التحلل من الإحرام، وهنا أشارت عليه أن يتحلل هو وبعدها سيتحلل المسلمون.. اتباعًا وطاعة له، وهو ما حدث بالفعل، وحيث أكدت هذه الواقعة خبرة أم سلمى والتى لم تستفد بها السيدة عائشة ولعل ذلك بحُكم صُغر سنها مقارنة بأم سلمى وربما على خلفية خصومة وجفاء مع الإمام على.
...
وبينما بدا أن الامام عليّ وجيشه يحققان انتصارًا ساحقًا على معاوية وجيشه، كان رفع جنود معاوية للمصاحف.. استسلامًا وتجنبًا للقتل والأسر.. حيلة خبيثة من معاوية لوقف القتال والاحتكام للقرآن.. إدراكًا منه لحرص الإمام عليّ على حقن دماء المسلمين، وفى نفس الوقت قبوله الاحتكام للقرآن، إذ لم يكن ممكنا أن يرفض ذلك الاحتكام، ومن ثم جاءت استجابة الإمام عليّ للاحتكام إلى القرآن وحقن دماء المسلمين تأكيدًا لأريحيته وإيمانه الصادق العميق وورعه الشديد وتفقهُه فى الشريعة الذى لا يبارى.
...
فى جلسة التحكيم كان اختيار معاوية وهو الداهية لعمرو بن العاص (الذى انضم إليه ضد الإمام عليَّ) ليكون ممثله وهو الداهية الثانى أو لنقل ثانى اثنين من أعتى دهاة عصرهما.. ما يشى بأن التحكيم لن يكون منصفًا أو موضوعيًا لحقن دماء المسلمين، بينما كان اختيار الإمام على للصحابى الجليل أبى موسى الأشعرى ليكون ممثله والمعروف باستقامته وتدينه وبخلقه الإسلامى وانحيازه للحق ولصالح عموم المسلمين يعكس حُسن نية الإمام على.
والذى حدث كما هو معلوم تاريخيًا هو أن عمرو بن العاص بدهائه أقنع الرجل الطيب بأن حقن دماء المسلمين يقتضى خلع الاثنين.. علىّ ومعاوية ثم اختيار خليفة آخر، ثم بدهاء آخر ادعىّ أنه يقدمه على نفسه تقديرًا لسِّنه ومكانته ليخرج إلى الناس معلنًا خلع علىّ وهو ما حدث بالفعل، ثم كان خروج عمرو ليعلن أنه يثبت معاوية وحيث بدا الأمر مؤامرة خسيسة حاكها عمرو بخداعه لأبى موسى.
بعد تلك المؤامرة.. جرت مياه كثيرة ودماء مسلمة تحت جسور الدولة الإسلامية.. وبدا المشهد السياسى محتقنًا.. إذ أعلن معاوية نفسه خليفة وحيث كان للمسلمين خليفتان.. الإمام عليّ فى الكوفة ومعاوية فى الشام (دمشق)، ثم جاء مقتل الإمام علىّ على يد الخارج «أبوملجم» مع تنازل الحسن بن علىّ عن حقه فى الخلافة بعد أبيه حقنًا لدماء المسلمين وزهدًا في الخلافة التى باتت مجالا للصراع والاقتتال بدلا من الشورى والتداول السلمي، خاصة بعد أن أخذ معاوية البيعة لنفسه في المسجد النبوى كرهًا وقهرًا لسيف فوق رؤوس المسلمين.
<<<
ورغم استباب الأمر لمعاوية وصار أميرًا للمؤمنين، إلا أنه ظل قلقًا بشأن الحسن بن عليّ صاحب الحق فى الخلافة والمؤيَّد من المسلمين، ولذا تآمر على قتله حيث أغرى زوجته بدس السم له مقابل مائة ألف دينار ووعد بتزويجها لابنه يزيد، فلما قتلته أعطاها المال ورفض الوفاء بوعد تزويجها يزيد لأنه كما قال لها: لم تكونى أمينة على ابن بنت النبى، فكيف تؤتمنين على ابن معاوية! وهو قول يعكس أنه يعلم جيدًا قدر آل البيت بقدر علمه بأن الخائن لا يؤتمن أبدًا وهو علم يعكس أيضًا دهاءه وخبرته بطبائع البشر.
<<<
المثير أن معاوية بعد جلوسه على عرش الخلافة.. أميرًا للمؤمنين وهو لا يُعد أميرًا من الخلفاء بعد أن استحوذ على الأمر بالقوة والدهاء والخيانة وأسس ملكًا عضوضًا وراثيًا لبنى أمية.. المثير أنه تناسى مطلبه بالقصاص من قتلة قريبه الأموى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ولم يعد يتحدث أو يشير إلى ذلك.
لقد بات مؤكدًا أن مطالبته للإمام عليَّ الذى بايعهُ المسلمون فى المدينة وفى سائر الأمصار بالقصاص لمقتل عثمان كشرط لمبايعته.. كان كلمة حق يراد بها باطل.
رغم إنجازات معاوية وفتوحاته وتمكٌّنه من تثبيت مُلكه العضوض ورغم استخدامه للقب الخليفة وأمير المؤمنين.. زورًا وبهتانًا، إذ تحوَّل إلى ملك متوّج يعيش حياة الملوك في القصور في رفاهية وثراء لم تكن فى حياة الخلفاء الراشدين الأربعة، فمن الثابت أنه حافظ على استمرار ملكه بالدهاء حينًا وبالتآمر حينًا آخر بدس السم في العسل لمعارضيه ومنتقدى سلوكياته من المسلمين الأتقياء وهو صاحب مقولة: «إن لله جنودًا من عسل» حيث كانت هذه هى كلمة السر حين يريد قتل أحدهم.
<<<
لذا وباجتهادى الشخصى كمسلم أجدنى أراه قاتلاً، تآمر على قتل الإمام عليَّ وابنه الحسن مثلما قتل الكثيرين بدس السُم لهم في العسل، ثم لا أستسيغ وصفه بالصحابى أو من كتبة الوحى بعد إسلامه مع أبيه أبى سفيان وأمه هند بنت عُتبة قاتلة حمزة عم النبى وآكلة كبده وهم من طلقاء مكة ورغم «أن الإسلام يجُب ما قبله»، إلا أن إسلامهم عن اقتناع بقى ويبقى موضع شك أو على الأقل حسن الإسلام والله تعالى أعلى وأعلم.
<<<
أما الإمام علىّ رضى الله عنه فحسبه أنه الخليفة الشرعى وآخر الخلفاء الراشدين ثم إنه السابق إلى الإسلام وهو صبي صغير فلم يسجد لصنم (كرم الله وجهه) وهو المقاتل الشجاع فى سبيل الله فى كل الغزوات فى عهد النبى، وهو التقى الورع الفقيه الأكبر بحسب وصف النبى بأنه «باب مدينة العلم»، ثم إنه من آل البيت وزوج السيدة فاطمة الزهراء أحب بنات النبى ووالد الحسن والحسين سبطى النبي الأحب إلى نفسه وقلبه.
ثم إنه صمد إزاء الفتنة الكبرى التى أشعلها معاوية وواجه «الخوارج» ولم يكفِّرهُم وقال عنهم: «إنهم إخواننا بغوا علينا»، وتصدى للروافض الذين قالوا بألوهيته وقاتلهم، ثم إنه واجه تقاعس أنصاره الذين خطب فيهم «يا أشباه الرجال ولا رجال».
ويبقي أنه فى ذروة الفتنة ومحنة تمكن معاوية من الاستيلاء على الخلافة كانت قولته: «ليس من طلب الحق فأخفق كمن طلب الباطل وأصاب».
<<<
وأخيرًا تبقي حِكمته الإيمانية الخالدة رسالة لكل المؤمنين «لا تستوحشوا طريق الحق لعلة سالكيه»..
وللحديث بقية..

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى05 سبتمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.3892 48.4892
يورو 53.7265 53.8424
جنيه إسترلينى 63.7189 63.8554
فرنك سويسرى 57.1976 57.3226
100 ين يابانى 33.7301 33.8116
ريال سعودى 12.8904 12.9177
دينار كويتى 158.4660 158.8455
درهم اماراتى 13.1739 13.2026
اليوان الصينى 6.8192 6.8335

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,869 شراء 3,880
عيار 22 بيع 3,546 شراء 3,557
عيار 21 بيع 3,385 شراء 3,395
عيار 18 بيع 2,901 شراء 2,910
الاونصة بيع 120,313 شراء 120,668
الجنيه الذهب بيع 27,080 شراء 27,160
الكيلو بيع 3,868,571 شراء 3,880,000
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى