الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:59 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : مع أولى نسائم الخريف.. ذكريات تاريخية عن ‏أحداث مصرية فارقة

أسامة أيوب
أسامة أيوب


مع حلول فصل الخريف الذى استقبلنا أولى ‏نسائمه قبل يومين، فإن أحداثًا فارقة فى التاريخ ‏السياسى والوطنى المصري المعاصر تتداعى ‏بالضرورة إلى الذاكرة في هذا التوقيت، إذ ‏شاءت الأقدار حسبما تصادف أن كان الخريف ‏ملتقى تلك الأحداث فى ثلاثة عقود متتالية قبيل ‏نهاية القرن الماضى‎.‎
وإذا كان ما جرى في العقد التاسع من القرن هو ‏الأشهر اقترانًا بالخريف بالنظر إلى وصفه ‏بخريف الغضب، إلا أنه لم يكن الحدث الفارق ‏الوحيد الذى شهدته مصر في خريف سنوات ‏تلك الحقبة الزمنية‎.‎
واقع الأمر أن أحداث الخريف الفارقة بدأت قبل ‏خريف الغضب عام ١٩٨١ بعقدين كاملين ‏وتحديدا في يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٦١ عندما وقع ‏انفصال سوريا عن دولة الوحدة.. الجمهورية ‏العربية المتحدة وهو الاسم الذى أطلق على ‏الدولة الجديدة وحيث صار اسم سوريا الإقليم ‏الشمالي ومصر «الإقليم الجنوبى»، وهى ‏الوحدة التى لم تصمد لأكثر من ثلاث سنوات ‏ونصف السنة منذ إقامتها في فبراير ١٩٥٨‏‎.‎
هذه الوحدة فشلت لأسباب متعددة بعضها بفعل ‏مؤامرات خارجية حتى لا تتمدد فكرة الوحدة ‏العربية وبعضها وهو الأهم بفعل أسباب داخلية ‏تتعلق ببنية دولة الوحدة إذ لم تقم على أسس ‏وقواعد ثابتة وكان بناؤها واهنًا سرعان ما انهار ‏لأنها كانت وحدة فوقية دون ظهير شعبى حقيقي ‏في البلدين، وحيث جرى إغفال الفوارق ‏السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين شعبى ‏الدولتين خاصة لدى الشعب السوري الذى لم ‏يتوافق مع التوجه الاشتراكى وقرارات التأميم ‏التي تم فرضها علي السوريين‎.‎
الأمر الآخر كان ممارسات المشير عبدالحكيم ‏عامر الذى كان يحكم سوريا باستيلاء حتى على ‏الضباط السوريين الذين استشعروا أن الجيش ‏المصرى كأنه جيش احتلال وأن السلطة العليا ‏في سوريا بيد السلطة المصرية وليس سلطة ‏الوحدة‎.‎
ولذا فإنه يمكن القول وبحسب القراءة التاريخية ‏والواقعية للتجربة الوحدوية أن عبدالحكيم عامر ‏بممارساته في دمشق كان السبب الأول والأهم ‏فى الانفصال وفشل الوحدة إلى جانب الأسباب ‏الأخرى سالفة الذكر، مثلما كان المسئول الأول ‏عمليًا عن هزيمة الجيش المصرى فى حرب ‏يونيو ١٩٦٧ مع ملاحظة بالغة الأهمية وهى أن ‏الجيش لم يحارب فعليا بسبب رعونة قيادة عامر‎!‎
‎<<<‎
وإذا كان من المتواتر في الأدبيات السياسية ‏التاريخية أن الرئيس عبدالناصر مات نظريًا ‏الموتة الأولى يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.. حزنًا ‏على فشل الوحدة وانفصال سوريا، وحيث ‏أصيب بمرض السكر بتداعياته اللاحقة فيما بعد ‏على قلبه الذى تعرّض للإصابة أيضًا وكان ‏السبب المباشر فى وفاته، وحيث كان حزنه ‏الحقيقى على تراجع دعوته ونهجه وتوجهه نحو ‏توسيع تجارب الوحدة العربية، فقد شاءت ‏الأقدار ومن المفارقات أن يموت فعلياً فى يوم ‏‏٢٨ سبتمبر أيضًا ولكن فى عام ١٩٧٠ بعد تسع ‏سنوات من انفصال سوريا‎.‎
لقد كانت وفاة الرئيس عبدالناصر في ذلك ‏التاريخ هى ثانية أحداث مصر الفارقة في فصل ‏الخريف، وحيث كان خريف ١٩٧٠ هو خريف ‏الحزن حسبما تبدّى في المشهد السياسى ‏والشعبى المصري والعربي.. متمثلا في أضخم ‏جنازة فى التاريخ الحديث‎.‎
‎< <<‎
بعد ذلك الحدث بـ(11) سنة كانت مصر على ‏موعد مع حادث خريف آخر كان الأكثر ‏دراماتيكية في يوم 6 أكتوبر ١٩٨١ عندما ‏جرى اغتيال الرئيس السادات وهو جالس في ‏منصة العرض العسكرى وسط جيشه وجنوده ‏في الاحتفال بالذكرى الثامنة لانتصار السادس ‏من أكتوبر ١٩٧٣‏‎.‎
لقد كان ذلك الحدث أو بالأحرى الحادث الكارثى ‏المروع فى ذلك الخريف أخطر الأحداث العنيفة ‏التي لم تشهد مصر مثلها في تاريخها الحديث، ‏إذ لأول مرة يتم اغتيال حاكم البلاد وعلى ذلك ‏النحو الغادر المباغت غير المتوقع علي الإطلاق ‏خاصة بالنظر إلي مكان الجريمة وحيث جرت ‏وقائع الاغتيال على الهواء مباشرة وشاهدها ‏المصريون وسمعوا أصوات طلقات الرصاص‎.‎
هذا الحادث وقع بينما كان المشهد السياسى شديد ‏الاضطراب مع تزايد تحركات تيارات ‏المعارضة السياسية للسادات والتى انضمت إليها ‏شخصيات ذات وزن كبير من المثقفين ‏والصحفيين في خلافها مع الرئيس حول معاهدة ‏السلام والتطبيع مع إسرائيل‎.‎
‎< <<‎
وفى تلك الأجواء السياسية الغائمة التى خيّمت ‏علي المشهد المصرى لجأ السادات لشن أكبر ‏حملة اعتقالات شملت جميع المعارضين من كل ‏الاتجاهات والتيارات السياسية والحزبية والثقافية ‏والفكرية والدينية والذين بلغ عددهم نحو ١٥٠٠ ‏شخصية وهى الاعتقالات التي عرفت باعتقالات ‏‏5 سبتمبر‎.‎
وفى تلك الأجواء المضطربة بدا واضحًا أن ثمة ‏أحداثاً خطيرة مرتقبة.. استشرف المراقبون ‏السياسيون في الداخل والخارج حدوثها، وإن لم ‏يكن فى مقدور أحد أن يتنبأ بحجمها أو كيفيتها ‏أو توقيتها، إلى أن وقعت الواقعة وانطلقت ‏الرصاصات القاتلة على السادات في المنصة‎.‎
‎< < <‎
الخطأ الحقيقى وربما الاستراتيجى أنه اعتقل ‏المعارضين السياسيين الذين ليس لديهم من ‏أدوات الصراع والخلاف السياسى سوى ‏المعارضة السلمية، بينما أغفل خطر الجماعات ‏التكفيرية والجهادية التي كانت تمارس ‏المعارضة تحت لافتة إسلامية وهى في حقيقتها ‏تنتهج سياسة المعارضة الدموية باستخدام العنف ‏والإرهاب، وحيث كانت هى من أقدمت على ‏اغتيال السادات‎.‎
هذا الخطر الحقيقي الذى أغفله السادات أو ‏استهان به نبهته إليه كل أجهزة الأمن، ولكنه في ‏سياق حالة الزهو والانتشاء التى انتابته فى تلك ‏الفترة أهمل كل التحذيرات الأمنية من خطر تلك ‏الجماعات الإرهابية التي نجحت بكل أسف في ‏اختراق الجيش وطوابير العرض العسكرى ‏وعلى نحو غير مسبوق وغير ممكن الحدوث ‏ولكنه حدث بكل أسف‎.‎
‎<<<‎
أما مبرر السادات لإقدامه على حملة الاعتقالات ‏للمعارضين السياسيين فكان أن بعض الاتجاهات ‏السياسية في إسرائيل تحرّض مناحم بيجن رئيس ‏الوزراء على تأجيل الانسحاب النهائى من آخر ‏بقعة في سيناء والمقررة في ٢٥ أبريل ١٩٨٢ ‏أى بعد سبعة أشهر لحين توقف الأصوات ‏المعارضة للسادات ولعملية السلام مع إسرائيل، ‏ولذا فقد رأى السادات إبعاد المعارضين من ‏المشهد السياسى واعتقالهم لحين اتمام الانسحاب ‏في موعده المقرر حتى تسقط دعاوى المطالبين ‏في إسرائيل بتأجيل الانسحاب‎.‎
ولعله مما يؤكد حقيقة نية السادات في هذه ‏الاعتقالات وأنه لم يكن يستهدف الانتقام من ‏هؤلاء المعارضين له بقدر حرصه على اتمام ‏الانسحاب الإسرائيلى هو أنه وحسبما أكد ‏المعتقلون لاحقاً أعطى أوامره بحسن معاملتهم ‏وعدم توجيه أى إهانة لهم بحسبانهم شخصيات ‏سياسية محترمة رغم الخلاف السياسى، الأمر ‏الآخر أنه كان ينتوى الإفراج عنهم مساء يوم ‏‏٢٥ أبريل فور اتمام الانسحاب الإسرائيلى ‏حسبما تواتر عنه شخصيا فى عدة مناسبات، ‏وحسبما قال لى ذلك الرئيس السودانى الأسبق ‏جعفر نميرى نقلا عن السادات في حوار ‏صحفى أجريته معه في الخرطوم بعد اغتيال ‏السادات‎.‎
‎< < <‎
وفى يوم ١٣ أكتوبر من نفس العام وبعد اغتيال ‏السادات بأسبوع واحد كانت مصر على موعد ‏مع حدث آخر في خريف تلك السنة وهو ‏الاستفتاء علي اختيار حسنى مبارك نائب ‏الرئيس رئيسًا للجمهورية خلفا للسادات، وحيث ‏لم تشهد مصر أى فراغ دستورى في السلطة ‏التى انتقلت انتقالا سلسًا ودستوريا وحضاريا ‏ووطنيا مشهودا‎.‎
استهل الرئيس مبارك أول أيام حكمه بمواجهة ‏صارمة للجماعات الإرهابية التى استهدفت ‏زعزعة الأمن والاستقرار وإشاعة الفوضى فى ‏أعقاب حادث الاغتيال، حيث كان إعادة الأمن ‏ودحر خطر تلك الجماعات أولى وأهم نجاح ‏مبكر لمبارك‎.‎
‎<<<‎
حادث الاغتيال وما سبقه من اعتقالات وما تلاه ‏من أعمال عنف وإرهاب وهى أجواء كانت ‏موضوع كتاب شهير لمحمد حسنين هيكل ‏بعنوان «خريف الغضب»، غير أنه استطرد فيه ‏كثيرًا وبعيدًا لينال من شخص الرئيس السادات ‏بعد موته على خلفية خصومته الشديدة معه في ‏مسلك من مسالك الانتقام بتجريح لشخص ‏السادات وعائلته امتد إلى والدته السودانية الذى ‏ذكر اسمها صراحة «ست البرين» وكأنه يعيّر ‏السادات باسم والدته ووصفها بأنها كانت تعامل ‏معاملة مهينة من جانب العائلة‎!‎
‎<<<‎
هذا التجريح لشخص السادات بعد وفاته استفز ‏الأستاذ أنيس منصور المقرب جدا من السادات ‏ورد الصاع صاعين لهيكل وكتب في مقال له ‏بمجلة أكتوبر التي كان يرأس تحريرها يقول: ‏‏«هل نسىّ هيكل ما الذى كان يحمله أبوه متنقلا ‏بين حظائر البهائم»، ولما سألناه يعنى إيه؟ ‏أجاب أنه كان «كلاف» وهى مهنة من يعمل في ‏تنظيف حظائر المواشى‎!‎
وقد أوضح أنيس منصور لنا في مجلة أكتوبر ‏أسباب هذا الرد القاسى على هيكل وللمرة الأولى ‏بأنه لم يكن ممكنًا له أن يمنع نفسه من ذلك ‏خاصة أن هيكل جرّح السادات شخصيا وعيّره ‏باسم أمه فعيّرته بمهنة أبيه، ثم استدرك إننى لم ‏أنتقد هيكل طوال هجومه المستمر على السادات، ‏لأن هناك مانعا أخلاقيا يمنعنى وهو أنه كان ‏شاهدًا على عقد زواجى، ولكن بعد هذا التجريح ‏للسادات بعد موته لم يكن ممكنًا أن أصمت، أما ‏شهادة هيكل على عقد زواج أنيس منصور فلها ‏قصة معروفة فى كواليس الصحافة زمان «في ‏ستينيات القرن الماضى‎».‎
لكن يبقي أن أهم وأكبر وأمجد أحداث الخريف ‏في مصر كان انتصار السادس من أكتوبر ‏‏١٩٧٣، وهو الانتصار العظيم الذى كان وبحق ‏حدثا فارقا في تاريخ مصر الحديث بل في ‏التاريخ العربى كله، باعتباره أول نصر يحققه ‏المصريون منذ قرون والذى رد للمصريين بل ‏للعرب جميعا الاعتبار والكرامة‎.‎

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4297 جنيه 4274 جنيه $86.73
سعر ذهب 22 3939 جنيه 3918 جنيه $79.50
سعر ذهب 21 3760 جنيه 3740 جنيه $75.89
سعر ذهب 18 3223 جنيه 3206 جنيه $65.05
سعر ذهب 14 2507 جنيه 2493 جنيه $50.59
سعر ذهب 12 2149 جنيه 2137 جنيه $43.36
سعر الأونصة 133656 جنيه 132945 جنيه $2697.53
الجنيه الذهب 30080 جنيه 29920 جنيه $607.09
الأونصة بالدولار 2697.53 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى