أسامة أيوب يكتب: فى عيد ميلاد المسيح.. خواطر إنسانية وملاحظات سياسية
بينما سيحتفل المصريون من مسيحيين ومسلمين بعد غد الثلاثاء الموافق 7 يناير بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، كان المسيحيون الغربيون قد احتفلوا بالعيد يوم 25 ديسمبر الماضى، حيث جاء الفارق فى تاريخ الاحتفال بسبب اختلاف التقويم المعمول به عند المسيحيين الشرقيين والمصريين التابعين للكنيسة المرقسية الأرثوذكسية والمسيحيين الغربيين الكاثوليك التابعين للفاتيكان مع ملاحظة أن المسيحيين المصريين الكاثوليك يحتفلون فى التاريخ الغربى (25) ديسمبر.
فى احتفال الغرب الأمريكى والأوروبى بعيد ميلاد المسيح عليه السلام تداعت خواطر إنسانية حول ما تشهده غزة وشعبها الفلسطينى من عدوان صهيونى وحشى متواصل منذ 15 شهرًا وحرب إبادة قذرة غير مسبوقة فى التاريخ.
المؤسف والمخزى أن تحتفل حكومات الغرب الأمريكى والأوروبى بعيد الميلاد فى تغافل متعمد عن جرائم مجرم الحرب (بحكم المحكمة الدولية) نتن ياهو ضد الشعب الفلسطينى من المدنيين والأطفال والأطفال الرضع والنساء وكبار السن من قتل وتجويع وحصار بعد أن دُمرت غزة لم تعد مكانًا صالحًا للحياة.
إن حكومات الغرب الأمريكى الأوروبى التى احتفلت بعيد الميلاد وقفت ولاتزال موقف المتفرج غير المُبالى على الكارثة والمأساة الإنسانية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة جراء العدوان الوحشى وحرب الإبادة القذرة التى يشنها مجرم الحرب نتن ياهو، ولم تتحرك من منطلق إنسانى أو وفقا للقوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية والأممية لإجبار إسرائيل – وهى قادرة على إجبارها – لوقف ذلك العدوان الوحشى ولإدخال المساعدات الغذائية والطبية لأهل غزة المحاصرين تحت وطأة التجويع المتعمد ولو خلال الاحتفال بأعياد الميلاد على الأقل.
...
لقد كان على حكومات الغرب الأمريكى والأوروبى التى تدعى أنها العالم الحر الحريص على حقوق الإنسان أن تحترم تلك المناسبة الدينية الروحية العظيمة بالتدخل الجاد لوقف ذلك العدوان احتراما للمسيح وتعاليمه الداعية لنشر السلام والمحبة ونبذ العنف والقتل والكراهية.
....
المثير للدهشة أن حكومات الغرب الأمريكى الأوروبى التى تدين بالمسيحية تتواطأ مع الكيان اليهودى الصهيونى.. تصديقا غير مبرر لسرديات زائفة روَّج لها اليهود الأمريكيون والأوروبيون تدعى أن عودة المسيح إلى الأرض فى آخر الزمان لن تحدث إلا بعد هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الذى يزعمون أنه تحت المسجد.
...
إن ذلك الاصطفاف الدينى والسياسى من جانب حكومات الغرب المسيحى الكاثوليكى مع تلك المزاعم اليهودية الزائفة وتصديقها يبقى غير مفهوم وغير مقبول بحسب الديانة المسيحية ذاتها، إذ إن اليهود لا يعترفون بالمسيحية ولا يؤمنون بالمسيح عليه السلام ذاته، بل إن تلك الحكومات المسيحية فى الغرب تتغافل عن تواطؤ اليهود فى جريمة قتل وصلب المسيح بحسب العقيدة المسيحية.
...
ومن ثَمَّ فإن دعم حكومات الغرب الأمريكى الأوروبى للعدوان الصهيونى ولحكومة مجرم الحرب نتن ياهو لقتل المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين تعد افتئاتا على الديانة المسيحية بل عدوانا عليها وانتهاكا لتعاليم المسيح عليه السلام بإعلاء المصالح والأهداف السياسية على تعاليم المسيح والعقيدة المسيحية ودعم الدولة اليهودية الصهيونية فى الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وقتل الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء.
...
لكن دواعى الإنصاف والموضوعية تقتضى فى نفس الوقت الإشارة والإشادة بمواقف غالبية الشعوب الغربية الأمريكية والأوروبية التى أفاقت من تضليل آلة الإعلام الصهيونى اليهودى وتعاطفت مع مظلومية الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة ومن ثم أدانت العدوان الصهيونى على غزة واستنكرت بشدة حرب الإبادة التى يشنها مجرم الحرب نتن ياهو ضد الشعب الفلسطينى الذى يتعرض للتجويع والإجبار على النزوح والتشرد بعد تدمير نحو 80% من المنازل والأبنية فى القطاع وبعد خروج المستشفيات التى دمرها العدوان من الخدمة.
لقد أكدت مظاهرات الشعوب الغربية المسيحية فى ميادين المدن والعاصم التى بلغت ذروتها باحتجاجات النخب وطلاب الجامعات ضد دعم حكوماتهم لإسرائيل فى عدوانها على غزة وشعبها وحيث علت هتافاتهم أوقفوا إرسال الأسلحة لإسرائيل والحرية لفلسطين.
...
لقد أكدت احتجاجات الشعوب الغربية المسيحية أن الضمير الإنسانى مازال حيا، بينما أكدت مواقف حكوماتها أنها لاتزال بفعل ماضيها الاستعمارى فى المنطقة العربية تنحاز ضد الشعوب العربية والشعب الفلسطينى لصالح ذلك الكيان اليهودى الصهيونى الذى زرعته بريطانيا فى قلب الوطن العربى ومكنته من اغتصاب فلسطين ليقوم بدور الدولة الوظيفية لخدمة السياسات والمصالح الغربية والاستعمارية بإضعاف الأوطان العربية ومحاولة إخضاعها للنفوذ الاستعمارى القديم.
...
فى عيد ميلاد المسيح عليه السلام يواصل مجرم الحرب نتن ياهو قتل الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين فى غزة ويواصل تدمير المستشفيات ومنع دخول المساعدات الغذائية لتجويع الفلسطينيين الذين يواجهون مجاعة حقيقية باعتراف المنظمات الأممية.
فى عيد ميلاد المسيح عليه السلام يواصل مجرم الحرب نتن ياهو مخططاته لتهجير الشعب الفلسطينى من أراضيه فى غزة والضفة أى خارج ما تبقى من فلسطين التاريخية.
فى عيد ميلاد المسيح تغض حكومات الغرب الأمريكى والأوروبى المسيحى الطرف عن كل تلك الجرائم التى ارتكبها ولايزال يرتكبها مجرم الحرب نتن ياهو وحكومته اليهودية الصهيونية المتعصبة والتى يرتكبها وفقا لسرديات ومعتقدات يهودية تلمودية تبيح قتل من تصفهم بـ"الأغيار" أى غير اليهود من المسلمين والمسيحيين بل تبيح قتل أطفالهم ونسائهم وبهائمهم أيضًا.
فى عيد ميلاد المسيح عليه السلام وبينما كانت حكومات الغرب المسيحية تحتفل بالعيد كان الشعب الفلسطينى يواجه برد الشتاء القارس وهطول الأمطار الغزيرة التى مزقت الخيام المهلهلة التى يحتمى بها الأطفال والذين تعرض بعضهم للموت من شدة البرد والجوع.
...
فى عيد ميلاد المسيح عليه السلام صمتت حكومات الغرب المسيحية بينما تشاهد هذه المأساة الإنسانية وكأنها تحدث فى كوكب آخر غير كوكب الأرض فى تغافل مخجل ومخز عن تعاليم المسيحية وتعاليم المسيح وعن آية الإنجيل: "على الأرض السلام وبالناس المسرة"، حيث غاب السلام من الأرض فى غزة ولم يعد بالناس فى فلسطين والعالم أى مسرة بفعل تواصل العدوان وحرب الإبادة التى يشنها مجرم الحرب نتن ياهو وحكومته اليهودية الصهيونية المعادية للإنسانية ضد الأرض والناس فى غزة.