الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:53 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : بعد انتهاء الاتفاقية السعودية الأمريكية.. هل ينتهى عصر ”البترودولار”؟

د.محمد فراج
د.محمد فراج

انتهاء العمل باتفاقية تسعير البترول السعودى بالدولار الأمريكى حصرًا فى 8 يونيو الجارى وعدم رغبة الرياض في تجديد الاتفاقية التى استمر العمل بها لمدة خمسين عاما "يونيو 1974 – يونيو 2024" هو تطور مهم في العلاقات الاقتصادية الدولية، من شأنه إضعاف هيمنة الدولار بدرجة وبأخرى على حركة التجارة العالمية. ولذلك كان من الطبيعى أن يثير هذا الحدث أصداء ونقاشات واسعة في الأوساط الاقتصادية والإعلامية حول تأثيراته المحتملة، ووصل الأمر إلى حد حديث خبراء ومحللين عن "نهاية عصر البترودولار" بل وضرورة الاستعداد لقدوم "عصر البترو-يوان" بسبب النمو المستمر للاقتصاد الصينى واحتياجاته الضخمة من الواردات البترولية –بما فى ذلك الاستيراد الكبير للبترول السعودى– وما يتردد عن استعداد الرياض لقبول سداد ثمن صادراتها البترولية لبكين باليوان.
ونجد من الضرورى هنا أن نُبادر إلى القول بأنه بالرغم من الأهمية الأكيدة لهذا الحدث وتأثيراته المحتملة، فإن تناوله الإعلامى قد انطوى على كثير من الاستنتاجات المتسرعة والمبالغات والتفكير بالتمنى، وتجاهل الوقائع الثابتة! ومن شأن هذه الطريقة أن تؤدى إلى أخطاء فادحة فى التحليل، ومن ثمَّ إلى استنتاجات بعيدة عن واقع العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والسياسية الدولية. نقول هذا ونحن نعرف أن الغالبية الساحقة من شعوب العالم تتمنى زوال الهيمنة الأمريكية بكل أشكالها والانتقال الفعلى إلى عالم متعدد الأقطاب، لكن هذا لا يتحقق بالأمنيات وتجاهل الوقائع، بل بعمل طويل شاق ذي طابع تاريخى.. وهذه نقطة بالغة الأهمية.
حقائق لا يمكن تجاهلها
وأول ما يجب الإشارة إليه هنا هو أن السعودية قد تخلت عن الالتزام بتسعير بترولها وقبول ثمنه بالدولار حصرًا.. وأنها يمكن أن تقبل بيع جزء منه مقابل عملات أخرى إلى الصين أو غيرها، لكن التسعير الدولي للبترول يظل قائمًا على أساس الدولار مثله مثل أغلب المواد الخام والمعادن والغاز الطبيعى والحبوب وحتى السلع الصناعية وبالمناسبة فإن بقية دول الأوبك كانت قد حذت حذو السعودية "بدءا من عام 1974" فى تسعير بترولها وقبول ثمنه بالدولار حصرًا.. وهذه الدول لم تعلن تخليها عن هذه القاعدة، وحتى إذا أعلنت تخليها عنها فإن بترولها – أو على الأقل الجزء الأكبر منه – سيظل يباع بالدولار طالما ظلت العملة الأمريكية هى المهيمنة على الجزء الأكبر من الاحتياطيات الدولية والتجارة العالمية.
وتشير أرقام صندوق النقد الدولى إلى أن حصة الدولار من الاحتياطيات الدولية كانت تبلغ "60% - ستين بالمائة" عام 2020 تراجعت إلى "58.36% - ثمانية وخمسين وستة وثلاثين من مائة بالمائة" عام 2022 (رئاسة مجلس الوزراء – مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – 11 يونيو 2024/الخبير: حسام الغايش"، بينما زاد نصيب اليوان فى الاحتياطيات الدولية من "2.2% عام 2020" إلى حوالى "4.2% عام 2022"، وصحيح أن نصيب الدولار يتراجع ولكن ببطء، بينما لايزال نصيب "اليوان" فى الاحتياطيات الدولية ضئيلًا.
..ومن ناحية أخرى فإن فكرة التبادل بالعملات الوطنية بين السعودية والصين يجرى التعامل معها بتحفظ واضح من الجانب السعودي، فقد تم فى نوفمبر الماضى "2023" عقد اتفاق للتبادل التجارى بالعملات المحلية "ريال/يوان" بين البنكين المركزيين السعودى والصينى بقيمة "7 – سبعة مليارات" دولار أو ما يعادل خمسين مليار يوان/ وستة وعشرين مليار ريال"، وهو مبلغ ضئيل جدًا إذا ما قورن بقيمة الصادرات السعودية من البترول إلى الصين عام 2022 والتى بلغت قيمتها "65 – خمسة وستين مليار دولار" تم دفعها بالعملة الأمريكية.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن الحديث عن "نهاية عصر البترودولار" وبداية "عصر البترو-يوان"؟؟!!
....
أما الأمر الأكثر أهمية من كل ذلك فهو أن الريال السعودى نفسه يرتبط سعر صرفه بالدولار الأمريكى، كما أن السعودية مستثمر كبير في سندات الخزانة الأمريكية (132 مليار دولار فى المركز السابع عشر) – "العربية. نت 18 فبراير 2024"، فضلا عن استثماراتها الضخمة في الأسواق والعقارات وودائعها فى البنوك الأمريكية – فكيف يمكن تجاهل كل هذه الوقائع والأرقام والحديث عن "نهاية البترودولار" وفك الارتباط السعودى مع أمريكا وما شابه ذلك؟؟!
وقائع جديدة وتنويع للخيارات
خلاصة القول إن عدم رغبة السعودية فى تجديد اتفاقية "البترودولار" لا يعنى أنها تدير ظهرها للولايات المتحدة أو تتخذ موقفا معاديا لها، وإنما يعنى أن الرياض تتحرر من قيد على إرادتها لم يعد هناك مبرر لاستمرار تقيدها به، ويجب أن نلاحظ أن الولايات المتحدة نفسها لم تطلب تمديد العمل بالاتفاقية – علنا على الأقل – بالرغم من امتعاضها الأكيد – لعلمها بأن الرياض سترفض التمديد، ولأن لا حاجة للصدام مع السعودية فى ظل وجود قضايا أهم بكثير تتصل بترتيب أوضاع المنطقة بعد عملية "طوفان الأقصى" والحرب فى غزة، وفى ظل الجهود المكثفة التى تجرى بين الطرفين فى الكواليس والعلن على السواء للتوصل إلى عقد اتفاقية أمنية موسعة تشمل إمداد أمريكا للسعودية بأسلحة متطورة والسماح لها بامتلاك برنامج طموح للطاقة النووية السلمية، مقابل التطبيع مع إسرائيل وغير ذلك من القضايا الإقليمية.
وما ينبغى ملاحظته هنا هو أن تطور العلاقات السعودية "والخليجية" – الأمريكية يجرى فى ظل متغيرات دولية وإقليمية بالغة الأهمية يشهدها العالم منذ بداية القرن الحادى والعشرين فى مقدمتها بروز الصين كقوة عظمى منافسة للولايات المتحدة والتطور الكبير لعلاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية بدول المنطقة، بما فيها السعودية وإيران، وعودة روسيا القوية إلى الساحة الدولية وتصديها لمحاولات توسع الناتو وصولا إلى الحرب فى أوكرانيا، وكذلك علاقاتها الجيدة مع دول الخليج وتشكيل "أوبك+" بما لها من تأثير ضخم على أسواق البترول وظهور وتوسع مجموعة "البريكس" بما لها من دور فى التصدى لأحادية القطبية ومحاولة أمريكا للهيمنة على العالم، وانضمام مصر والسعودية وإيران إلى المجموعة.. وبوجه عام دخول العالم إلى مرحلة "الانتقال نحو تعدد القطبية".. إلخ.
الإدراك المتزايد لدى النخب الخليجية الجديدة وخاصة في السعودية لهذه الوقائع الدولية والإقليمية الجديدة وما يرتبط بها من علاقات قوى، يجعل هذه النخب تُدرك أيضًا أن أساسها خيارات أوسع وأكثر تنوعًا فى اتخاذ قراراتها الاستراتيجية.. وأنها تستطيع أن تدير علاقاتها مع الغرب بطريقة أكثر استقلالية ومساحة أكبر للحركة ومواجهة الضغوط الغربية بما فيها ضغوط الولايات المتحدة.
ولا يتنافى هذا كله مع إدراك النخب الخليجية لأن تحالفها الأساسى هو مع الغرب بحكم التركيبة الفكرية والسياسية لتلك النخب والروابط التاريخية لبلادها معه، وإدراكها فى الوقت نفسه لما تقتضيه علاقات التحالف مع الغرب من شد وجذب، وما تتيحه الوقائع الجديدة فى النظام العالمى وعلاقات القوى المتغيرة داخله؛ لهم من إمكانيات للحركة والمناورة من أجل تحقيق المصالح الحيوية لبلادهم.
وعلي سبيل المثال فحينما تسحب أمريكا بطاريات صواريخ الدفاع الجوى "باتريوت" من السعودية وتترك سماواتها مفتوحة أمام صواريخ ومسيرات الحوثيين، فليس من حق واشنطن أن تلوم الرياض على توجهها لروسيا أو الصين طلبا لصواريخ الدفاع الجوى.. وحينما يمارس اللوبى الصهيونى ألاعيبه ومؤامراته فى لجان الكونجرس لمنع حصول السعودية على طائرات متطورة أو أية أسلحة أخرى ضرورية فليس من حق أحد أن يلومها على لجوئها للتعاون مع الصين لإقامة صناعة سلاح محلية.
وبنفس المنطق في المجال الاقتصادى تتحالف دول الخليج وأوبك مع روسيا فى إطار "أوبك+" لخفض إنتاج البترول حتى لا تؤدى زيادة العرض منه إلى إغراق الأسواق، بما يؤدى إلى انهيار الأسعار وتعريض الدول المنتجة كلها لخسائر فادحة، بينما تستفيد الدول الصناعية الغربية "المستهلكة للبترول" أو تلجأ الدول الخليجية لتوظيف جزء من فوائضها المالية فى روسيا أو الصين أو الهند أو غيرها من الأسواق المناسبة، سعيًا إلى تنويع أسواق الاستثمار وتقليل مخاطر التقلبات المالية فى البلدان الغربية أو من أجل تعزيز علاقاتها السياسية بهذا البلد أو ذاك بما يحقق مصالحها.
والحقيقة أن هذا اتجاه ينبغى تعزيزه ليس حماية للفوائض الخليجية من مخاطر التقلبات المالية فى الأسواق الغربية فحسب، بل وأيضًا لحمايتها من مخاطر التقلبات السياسية الغربية وإمكانية تجميد الأموال فى حالة وقوع خلافات سياسية كما حدث مع روسيا ومع إيران قبلها.
وبالمنطق ذاته فإنه ليس مطلوبا من السعودية أن تقوم بتمديد اتفاقية "البترودولار" وإطالة أمد الهيمنة الأمريكية على التجارة وحركة الأموال العالمية، بل إن مصلحة السعودية الوطنية تتضمن حرية بيع بترولها بالعملة التى تراها مناسبة، وتنويع سلة احتياطياتها الدولية من خلال تدفق مختلف العملات الدولية كاليورو والاسترلينى والين اليابانى، واليوان الصينى، وهو بالمناسبة من العملات المعترف بها لدى صندوق النقد الدولى كعملة احتياط عالمية.
...
وبناء على هذا كله نعود فنكرر أن الخطوة السعودية الأخيرة يمكن أن تؤثر سلبا بدرجة أو بأخرى على مكانة الدولار، لكنها لا يمكن بحال من الأحوال أن تمثل "انقلابًا" في العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية كما يذهب البعض، وأن تراجع هيمنة الدولار هو عملية تاريخية تدريجية وحتمية بحكم تراجع وزن أمريكا النسبى فى الاقتصاد العالمى وبروز قوى ووقائع جديدة فى العلاقات الاقتصادية الدولية، وهى عملية تستغرق وقتًا طويلًا بطبيعتها، وتمتد لأعوام كثير وربما لبضعة عقود، ولذلك فلا مبرر للمبالغات من قبيل "نهاية البترودولار" أو حلول "عصر البترو-يوان" لأنها تتناقض مع الوقائع ومع المنطق السليم..
ومن يعِشْ يرَ..

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4297 جنيه 4274 جنيه $86.73
سعر ذهب 22 3939 جنيه 3918 جنيه $79.50
سعر ذهب 21 3760 جنيه 3740 جنيه $75.89
سعر ذهب 18 3223 جنيه 3206 جنيه $65.05
سعر ذهب 14 2507 جنيه 2493 جنيه $50.59
سعر ذهب 12 2149 جنيه 2137 جنيه $43.36
سعر الأونصة 133656 جنيه 132945 جنيه $2697.53
الجنيه الذهب 30080 جنيه 29920 جنيه $607.09
الأونصة بالدولار 2697.53 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى