الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:17 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : كارثة درنة.. ودروسها

د. محمد فراج ابو النور
د. محمد فراج ابو النور

الكارثة التى ضربت مدينة «درنة» الليبية راح ضحيتها أكثر من سبعة آلاف إنسان حتى لحظة كتابة هذه السطور ــ صباح الخميس ١٤ سبتمبر ــ حسبما أعلنت السلطات المحلية فى المدينة. ولا تزال أعداد الضحايا المثبتة تتزايد بسرعة كبيرة مع استمرار جهود انتشالهم من تحت الأنقاض «والمياه التى تغطى مناطق من المدينة!» بينما يقذف البحر بعشرات الجثث إلى الشاطئ كل يوم، مما جعل رئيس بلدية المدينة يتوقع أن ترتفع أعداد الضحايا إلى أكثر من عشرين ألفًا، مع ملاحظة وجود آلاف المفقودين «سكاى نيوز عربية - العربية - فرنسا ٢٤» ولا يستبعد مراقبون ليبيون أن يتضاعف الرقم «!!» مع امتداد أعمال الإنقاذ إلى مدن شرق ليبيا الأخرى، التى ضربها إعصار «دانيال» والسيول التى رافقته، وأدت إلى انهيار سدين تحت ضغط مياه السيول، أحدهما «سد أبومنصور» الذى تبلغ طاقته التخزينية ٢٢.٥ مليون م٣ والثانى «سد البلاد» الذى تبلغ طاقته التخزينية ١.٥ مليون م٣ لتندفع موجات هائلة من المياه زادت من قوتها السيول شديدة الغزارة (٢٠٠ملم) خلال وقت قصير جدًا لتجرف أحياء بأكملها إلى البحر، بمن فيها من السكان.
«إعصار دانيال» ـ بما رافقه من سيول مدمرة ــ لم يضرب درنة وحدها بل أصاب أيضًا عددًا من مدن وبلدات الشرق الليبى كالبيضاء وسوسة والطيبة وغيرها، ولكن على نطاق أقل، ولم تصل أعمال الإنقاذ إلى تلك المدن والبلدات بعد، لأنها تتركز فى درنة التى تعرضت لدمار هائل، ولهذا يتوقع المراقبون أن يتم الكشف عن مزيد من الضحايا مع وصول فرق الإنقاذ إلى تلك المدن والبلدات.
وكان طبيعيا أن تهب مصر فورًا لنجدة الأشقاء فى ليبيا، فتم إرسال فرق الإنقاذ مصحوبة بأعداد كبيرة من المعدات الضرورية لرفع الأنقاض وانتشال العالقين، وجثث الضحايا، كما تم إرسال عشرات من سيارات الإسعاف وتوجيه حاملة طائرات من طراز «ميسترال» لتكون مستشفى عائمًا قبالة السواحل الليبية، كما تم إرسال كميات كبيرة من الأغذية والأدوية ومواد الإغاثة، بما فيها الخيام لإيواء الذين فقدوا منازلهم، وباختصار فإن مصر قامت بدورها الطبيعى والمتوقع تجاه أى شعب عربى شقيق يواجه محنة. وهو دور يصبح أكثر إلحاحًا حينما يتعلق الأمر بليبيا، التى تمثل العمق الاستراتيجى لبلادنا من ناحية الغرب، والتى تربط أواصر الانتماء القبلى والمصاهرة بين قبائل منطقتنا الغربية «فى مطروح» وقبائل منطقتها الشرقية.
<<<
وقد قام عدد من الدول العربية وبعض الدول الإقليمية كـ«تركيا» بتقديم مساعدات إغاثية وإرسال فرق ومعدات إنقاذ إلى منطقة «درنة» ولكن الملاحظ أن المساعدات الدولية والإقليمية قد تبدو قليلة بشكل واضح إذا ما قورنت بحجم الكارثة الهائل، وأعداد الضحايا والمفقودين الضخمة، كما أن التحرك لنجدة ليبيا لم يبدأ فور وقوع الكارثة «باستثناء التحرك المصرى» ومع مراعاة الفروق بين مختلف الحالات فإن الاهتمام الدولى والإقليمى بالتحرك لمساعدة ليبيا، لا يمكن مقارنته بما حدث فى حالة الزلزال التركى أو الزلزال الذى وقع مؤخرًا فى المغرب «ونكرر: باستثناء الموقف المصرى الطبيعى والمفهوم» وذلك بالرغم من الضعف الواضح فى إمكانيات ليبيا وقلة الخبرة الفنية والتنظيمية لدى أجهزة الدولة فيها، خاصة أنها تواجه مثل هذا الموقف المهيب للمرة الأولى فى تاريخها.
وقد أدى هذا إلى بطء ملحوظ فى جهود الإنقاذ فى درنة، فضلا عن تأخر بدء هذه الجهود فى المدن المنكوبة الأخرى شرقى ليبيا ولم يساعد على تخفيف أثر هذا التصور الواضح إلاّ ذلك التضامن الوطنى الرائع الذى أبداه المواطنون الليبيون فى غرب البلاد «وجنوبها» بغض النظر عن الانقسام السياسى الحاد بين الشرق والغرب الليبيين، فقد نادى الليبيون من مختلف أنحاء البلاد لتقديم كل ما يستطيعون تقديمه من الأغذية والملابس ومواد الإغاثة إلى درنة والمدن المجاورة لها، حتى أصبح الطريق المؤدى إليها يغص طوال الوقت بالشاحنات المحملة بهذه الإمدادات، كما تطوع الأطباء والشباب من مختلف التخصصات بأعداد كبيرة للمشاركة فى جهود الإنقاذ، وهو ما يشير إلى أن الصراعات بين السياسيين الليبيين فى الشرق والغرب لم تؤثر على مشاعر اللحمة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد، وإلى أن جهود المصالحة الوطنية ــ حينما يندر لها أن تبدأ ــ ستجد مناخًا شعبيا مواتيًا تماما.
دروس الكارثة
تقدم كارثة «درنة» والمدن المجاورة لها دروسًا مهمة ليس لليبيا وحدها، وإنما لكل دول منطقة البحر المتوسط.
١ - فمن الواضح أن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى فى العالم يزيد من ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات فى البحار، وبالتالى يزيد من انتشار وتكرار وشدة الأعاصير والعواصف الكبيرة المدمرة، وأن هذه الظاهرة ستمتد إلى البحر المتوسط وتصبح قابلة للتكرار فيه، وهو ما يوجب على كل بلدان حوض المتوسط حسبان الحساب له، بما فيها مصر، وقد لاحظنا أن العاصفة «دانيال» قد ضربت كلا من اليونان وتركيا قبل ليبيا، لكن آثارها التدميرية كانت ضئيلة جدًا بالمقارنة مع ما أصاب ليبيا، سواء بسبب ازدياد قوتها مع اتجاهها للجنوب أو بسبب قوة المبانى وحسن الاستعداد فى اليونان وتركيا، وهو ما لا ينبغى إهماله، وهنا نقول إن من حسن الحظ أن العاصفة فقدت قوتها حينما اتجهت نحو مصر.
٢ - إن الانقسام والارتباك السياسيين قد ساهما فى إبطاء وتيرة تقديم المساعدات إلي ليبيا فور وقوع الكارثة. فرئيس الحكومة المنتهية ولايتها «فى طرابلس» عبدالحميد الدبيبة سارع إلى الإعلان عن قدرة ليبيا على مواجهة الكارثة بجهودها الخاصة، ولكن سرعان ما اتضح أن هذا غير صحيح. وبعد ذلك صحح الدكتور محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسى الليبى الموقف بإعلانه «درنة» وما حولها منطقة منكوبة وتوجيه إلى دول العالم والمنظمات الدولية لتقديم المساعدة.. وهو ما ساعد على بدء التحرك لتقديم الدعم، وإن لم يكن على الفور، لكن من الضرورى هنا الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة والدول الغربية الكبرى لم يتحرك أى طرف منهم لمساعدة ليبيا حتى لحظة كتابة هذه السطور!!
وقد اجتمع المنفى والدبيبة لبحث سبل دعم «درنة» لتجاوز الكارثة ثم بدء إعادة الإعمار، وصدر عن الاجتماع تصريح بأنه تم تخصيص «مبلغ طائل!» لهذا الغرض، دون ذكر المبلغ بالتحديد أو موعد تقديمه.. علمًا بأن المصرف المركزى الليبى تحت سيطرة الدبيبة. والجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر، وحكومة شرق ليبيا التابعة للبرلمان. هما اللذان يقومان بأعباء العمل حتى الآن. ومعروف أن إمكانياتهما المادية بالذات ليست كبيرة.
٣ - أشار مراقبون وخبراء ومسئولون ليبيون إلى أن السدين الواقعين على مرتفعات جنوبى درنة «سد أبومنصور وسد البلاد» لم يتم إجراء صيانة لهما منذ عهد القذافى!! مما جعل انهيارهما أسهل، وبالتالى اندفعت المياه منهما لتجتاح المدينة «أكثر من عشرين مليون م٣ من المياه». وبغض النظر عن صحة هذا التقرير أو خطئه ــ فكثيرًا ما تنهار سدود جيدة البناء والصيانة تحت ضغط كميات هائلة من المياه ــ لكن المؤكد أن عدم ترميم السدين هو قصور يرتبط بحالة الفوضى والتفكك السائدة فى ليبيا منذ العدوان الأطلسى عليها وتدمير البنية الموحدة لمؤسسات الدولة وحالة الاقتتال الداخلى بين الشرق والغرب، وانتشار الإرهاب والميليشيات المسلحة.. إلخ. علمًا بأن «درنة» بالذات كانت محتلة لعدة سنوات من جانب عصابات «داعش» و«القاعدة» وكانت نقطة انطلاق للعمليات الإرهابية ضد مصر، حتى تمكن الجيش الوطنى الليبى من تحريرها هى وسكانها من قبضة الإرهاب.
وفى ظل أوضاع مثل هذه يمكننا تصور مدى انتظام عمل مؤسسات الدولة وأجهزة الإدارة وحسن أدائها لمهامها.
٤ - أشار رئيس منطمة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى أن سلطات شرق ليبيا تابعت تأثير العاصفة «دانيال» فى كل من اليونان وتركيا، وكان عليها أن تقوم بإخلاء درنة من السكان استعدادًا لوصول العاصفة إليها. وأن ذلك لو حدث لكان عدد الضحايا أقل بكثير.. وقد يكون فى هذا الحديث قدر من الوجاهة، لكن من الضرورى هنا أن نعيد الإشارة إلى عامل نقص الخبرة «والعلم» وانتظام عمل المؤسسات من ناحية، وإلى ضآلة تأثيرات العاصفة فى اليونان وتركيا، بما له من تأثير مخدّر أو خادع بالنسبة لسلطات شرق ليبيا من ناحية أخرى. ومن ناحية ثالثة فإنه لم يكن هناك ما يمنع منظمة الأرصاد الجوية الدولية من تحذير السلطات الليبية.
٥ - هناك درس مهم يتصل بالتخطيط العمرانى للدول والمدن يتصل بضرورة تجنب إقامة التجمعات السكانية، صغيرة كانت أم كبيرة، فى مجارى السيول، لما يمثله ذلك من مخاطر على هذه المدن أو القرى فى حالة حدوث سيول. وبديهى أن المسئولية عن موقع «درنة» تعود إلى زمن قديم ولا يتحملها النظام القائم الآن فى ليبيا. لكن الملاحظة المدهشة أن هذا الخطأ يتكرر كثيرًا وفى بلدان كثيرة، وكأن البشر لا يتعلمون من أخطائهم!!
٦ - إدارة الأزمات وإنشاء أجهزة عالية الكفاءة خاصة بهذه الإدارة، نقطة ضعف فى أغلب الدول النامية تترتب عليها مضاعفة الخسائر عند وقوع الأزمات أو الكوارث، بينما يمكن تفاديها أو التقليل من خسائرها إلى الحد الأدنى فى حالة وجود هذه الأجهزة.
٧ - تقدم كارثة درنة نموذجًا مؤسفًا لانعدام إنسانية الغرب، الذى يتعامل بلا مبالاة، أو بأقل قدر من الاهتمام مع الكوارث الإنسانية ــ أيًا كان حجمها ــ إذا كانت قيادة البلد أو الكيان السياسى غير موالية للدول الغربية الكبرى التى لا تكف عن التشدق بالقيم الإنسانية. وقد كان ما حدث فى سوريا أثناء الزلزال الأخير نموذجًا مؤسفًا آخر.
كان الله فى عون الشعب الليبى الشقيق.

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4274 جنيه 4251 جنيه $85.83
سعر ذهب 22 3918 جنيه 3897 جنيه $78.68
سعر ذهب 21 3740 جنيه 3720 جنيه $75.10
سعر ذهب 18 3206 جنيه 3189 جنيه $64.37
سعر ذهب 14 2493 جنيه 2480 جنيه $50.07
سعر ذهب 12 2137 جنيه 2126 جنيه $42.91
سعر الأونصة 132945 جنيه 132234 جنيه $2669.56
الجنيه الذهب 29920 جنيه 29760 جنيه $600.80
الأونصة بالدولار 2669.56 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى