الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:55 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : ٨٠ عاما من العلاقات المصرية - الروسية: إنجازات.. وفرص.. وتحديات (٢ – ٢)

د.محمد فراج ابو النور
د.محمد فراج ابو النور


تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال (الأموال - ٣/ ٩) عن الظروف التاريخية المصاحبة لقيام العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا (الاتحاد السوفيتى آنذاك) ومراحل تطورها المختلفة وصولًا إلى عصر مبارك، وأهمية هذه العلاقات بالنسبة للبلدين، وذكرنا أن العلاقات المصرية- السوفيتية ثم الروسية شهدت مرحلة من الفتور في ظل حكم مبارك، وهو فتور ساعد على تعميق انهيار الاتحاد السوفيتى عام ١٩٩١ والانكفاء الذى شهدته الدبلوماسية الروسية في العقد الأخير من القرن الماضى- مرحلة حكم يلتسين، وأنه حتى بعد انتهاء حكم يلتسين، وبدء عودة روسيا إلى الساحة الدولية، ونشاط الدبلوماسية الروسية فى الشرق الأوسط والعالم مع بداية القرن الحالى، فى ظل حكم بوتين وفريقه، ظل الفتور مسيطرا على هذه العلاقات حتى نهاية حكم مبارك، حتى جاءت ثورة ٣٠ يونيو لتسجل بداية مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، تتسم بحيوية شديدة وحافلة بالانجازات.
فمنذ اللحظات الأولى لثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أعلنت روسيا دعمها المطلق لها، وللإطاحة بحكم الإخوان الفاشى الذى مثل ركيزة قوية للإرهاب فى المنطقة، كما أعلن بوتين استعداد بلاده لتقديم كل أشكال الدعم الممكنة لمصر فى الوقت الذى اتخذ فيه الغرب بزعامة الولايات المتحدة موقفا معاديا للثورة، وفرض عقوبات مختلفة على مصر. وكان واضحًا أن مبعث الموقف الروسى هو المصلحة المشتركة فى مواجهة الإرهاب الدولى الذى يهدد المنطقة والأمن والسلام فى العالم، والذي تفجرت موجة عنيفة منه شملت سوريا والعراق بوجه خاص، ومثلت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ضربة قاصمة له فى مصر والمنطقة عموما.
وبدأت روسيا على الفور فى إعادة تسليح الجيش المصرى، وبصفة خاصة فى إمداده بالأسلحة الضرورية لمكافحة الإرهاب فضلا عن تزويد مصر بصور الأقمار الصناعية العسكرية الروسية التى ساعدت على كشف تحركات الإرهابيين وعن تبادل المعلومات الاستخبارية والقيام بمناورات مشتركة لتبادل الخبرات فى مجال مكافحة الإرهاب.
وشهدت الأعوام التالية لعام ٢٠١٣ تطورا كبيرا للتعاون الاقتصادى بما فى ذلك إمداد مصر بشحنات من القمح والغاز الطبيعى بشروط ميسرة، وزيادة الصادرات المصرية إلى روسيا، والتدفق الكبير فى حركة السياحة الروسية إلى مصر. كما شهدت صفقات كبيرة من أبرزها الاتفاق على تزويد موسكو للقاهرة بألف وثلاثمائة عربة للسكك الحديدية، مع مساعدة مصر على إعادة تأهيل صناعتها القديمة فى هذا المجال.. غير أن الاتفاق على إقامة محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية شرقى ميناء بورسعيد يمثل علامتين بارزتين بصفة خاصة فى تطور العلاقات بين البلدين على نحو ما سنوضح لاحقا.
شراكة استراتيجية
النمو الكبير للعلاقات العسكرية والاقتصادية والتجارية والعلمية- التكنولوجية بين البلدين عززت الزيارات المتبادلة بينهما على مستوى القمة- فى ظل تفاهم واضح بين الرئيسين ــ وكذلك على مستوى وزراء الدفاع والخارجية والصناعة والتجارة، وفى مختلف المجالات محل الاهتمام المشترك، الأمر الذى سمح بإعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خاصة على ضوء التفاهم العميق بينهما حول خطورة الإرهاب الدولى وضرورة مكافحته، وحول أهمية بناء نظام دولى متعدد الأقطاب، لا تنفرد فيه دولة واحدة أو عدة دول بالهيمنة على العالم.
وبالنسبة لمصر وكل الدول المتوسطة والصغيرة فإن تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول العظمى والكبرى «وفى مقدمتها دول كالصين وروسيا» والأسواق الناشئة، يتيح لصانع القرار فيها مجالا أوسع لتنويع الاختيارات الاستراتيجية بما يحقق مصالح بلاده بأفضل صورة، ويضعف إمكانية الضغط على البلاد من جانب القوى المهيمنة على العالم اقتصاديا وعسكريا. وهذا ما تبرهن عليه الخبرة العالمية، وما برهنت عليه خبرة مصر. ولنا أن نتخيل الوضع خلال السنوات التالية لعام ٢٠١٣ لو لم تكن لدى مصر علاقات قوية بروسيا والصين بصفة خاصة، وغيرها من دول الأسواق الناشئة.
أما بالنسبة لروسيا فإن مصر كدولة محورية فى الشرق الأوسط وكبوابة لافريقيا، كانت العلاقات القوية والمتشعبة معها فى مختلف المجالات أمرا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية. ولنلاحظ أن انعقاد مؤتمر قمة «روسيا - أفريقيا» بكل ما صاحبه من زخم «سوتشى ٢٠١٩» ترافق مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى. علما بأن مصر هى صاحبة أوسع علاقات اقتصادية مع روسيا فى القارة الأفريقية وهى الدولة الأكثر استحواذًا على الاستثمارات الروسية والتى يقدم تعاونها مع روسيا نموذجًا ناجحًا فى تحقيق الفائدة المتبادلة بين الطرفين.
محطة الضبعة
وبعد بناء السد العالى والمشروعات الاقتصادية الهامة والمصانع الحربية فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى يجىء الاتفاق على إقامة محطة الضبعة النووية كأبرز مشروع للتعاون بين مصر وروسيا. وهو المشروع الذى يتيح لمصر دخول عصر الاستخدام السلمى للطاقة النووية من أوسع أبوابه. ومعروف أن المحطة تشمل بناء أربعة مفاعلات نووية طاقة كل منها ١٢٠٠ ميجاواط بمجموع يبلغ ٤٨٠٠ ميجاواط، ولا تتوقف أهميتها على توليد الطاقة الكهربائية بل يمكن استخدام الطاقة المتولدة منها أيضا فى تحلية مياه البحر، بما يخدم أهداف التوسع الزراعى والعمرانى فى المناطق المجاورة. علمًا بأن اتفاق إقامة المحطة يتضمن إقامة بنية تحتية نووية متكاملة، بما فى ذلك افتتاح مدرسة ثانوية نووية لإعداد الفنيين المشاركين فى إقامة وتشغيل المحطة، وكذلك مشروعات لتدريب المهندسين المصريين ورفع كفاءة الخبراء بالمشاركة مع مراكز الأبحاث الروسية بحيث يمكن للمصريين تشغيل المحطة بأنفسهم فيما بعد.
وهنا نعود إلى النقطة بالغة الأهمية التى أشرنا إليها أكثر من مرة فى الجزء الأول من مقالنا نعنى «توطين التكنولوجيا» ولكن التكنولوجيا النووية السلمية فيما يتصل بمحطة الضبعة وهو ما يمثل مكسبًا علميًا وتكنولوجيا واقتصاديا بالغ الأهمية لمصر.
وقد بدأ العمل بالفعل فى إقامة المفاعلات الثلاثة الأولى ويبدأ قريبا إنشاء المفاعل الرابع بعد أن حصل على التراخيص اللازمة.
وجدير بالذكر أن تسديد قرض بناء المحطة يبدأ بعد بداية إنتاجها للطاقة الكهربائية. وهذا تيسير مهم جدًا، كما أن من الجدير بالذكر أن المحطة هى من الجيل الثالث الأكثر أمنا من المحطات النووية.
وليس من ناقلة القول أن نشير إلى أن أزمة الطاقة التى شهدها العالم مع اندلاع الحرب فى أوكرانيا يؤكد أهمية محطة الضبعة والمحطات النووية عموما، حيث إنها تقلل الحاجة إلى استخدام الغاز ومشتقات البترول أو الفحم فى توليد الطاقة الكهربائية، وهذه أيضا نقطة مهمة للغاية.
المنطقة الصناعية الروسية
إقامة المنطقة الصناعية الروسية شرقى ميناء بورسعيد فى إطار مشروع تطوير قناة السويس هى الأخرى من المشروعات الضخمة التى يجرى العمل فيها، ومن المتوقع أن يبدأ أول مشروعاتها فى الإنتاج العام القادم. وهى منطقة مقامة على أكثر من خمسة ملايين متر مربع، باستثمارات تزيد على سبعة مليارات دولار وتخلق ٣٥ ألف فرصة عمل.
وتشمل المشروعات المقرر إقامتها مصانع للبتروكيماويات والأدوية والسيارات وغيرها من الصناعات الهندسية والإلكترونية والثقيلة، وتقوم بدورها على مبدأ توطين التكنولوجيا، كما أن من المخطط له أن يتم تصدير الفائض من إنتاجه إلى الدول الأفريقية الأخرى.
القمح الروسى بالجنيه المصرى
معروف أن روسيا أكبر مصدر للقمح فى العالم، وأن مصر هى أكبر مستورد له، ومع حرص مصر على تنويع مناشئ الاستيراد، فإن روسيا تظل هى المصدر الأول لوارداتنا من القمح، وبأغلبية ضخمة، وهى حريصة على الوفاء بالتزاماتها تجاهنا بالرغم من الصعوبات التى تفرضها العقوبات الغربية على الصادرات الروسية، وقد تناولنا هذا الموضوع فى «الأموال» أكثر من مرة وبالتفصيل خلال الشهور الماضية، ويتميز القمح الروسى برخص أسعاره نسبيًا- مع جودته- مقارنة بأسعار القمح فى الأسواق الأمريكية والكندية والاسترالية والأوروبية مع انخفاض تكاليف النقل نظرًا لقرب الموانئ الروسية ومع التيسيرات فى الدفع وعدم اشتراط الدفع مقدما. كما أن المفاوضات تجرى مع الجانب الروسى حول إمكانية السداد بالجنيه، فى إطار الاتفاق القائم على دفع ثمن جزء من وارداتنا من روسيا بالجنيه المصرى، على أساس التبادل.. أى قبول دفع ثمن كميات متكافئة من صادراتنا لروسيا بالروبل.. وهو ما يخفف الضغط على مواردنا الدولارية. وإذا كانت مجموعة البريكس التى انضمت إليها مصر مؤخرا تشجع أعضاءها على التبادل التجارى بالعملات الوطنية، فيجب القول إن هذا التوجه موجود بين مصر وروسيا منذ سنوات، وأن الجنيه المصرى من بين العملات التى تم الاتفاق على تقويمها مقابل الروبل الروسى بعد مفاوضات بين البنكين المركزين للبلدين.
والأكثر من ذلك نقول إن بين مصر وروسيا «منذ العهد السوفيتى» نظاماً للتبادل عبر ما يعرف بـ«الصفقات المتكافئة» حيث كان يجرى تقويم للصادرات والواردات الحكومية بالذات وفق «مسطرة تسمى/ الجنيه الحسابى» وإجراء مقاصة وهو نظام يمكن إحياوه، ويتيح توسيع التجارة بين البلدين بعيدا عن الدولار.
والواقع أن مجالات التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى بين البلدين يمكن توسيعها بصورة كبيرة بشرط اهتمام كل منهما بدراسة أسواق البلد الآخر بصورة أكبر واكتشاف كل المجالات الممكنة للاستثمار والتبادل التجارى بما يحقق مصالح الطرفين.
< < <
تجىء الذكرى الثمانون لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا فى ظل شراكة استراتيجية تشمل علاقات عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية وتجارية وعلمية- تكنولوجية واسعة ومتميزة- وإرادة حقيقية فى تطويرها من جانب الطرفين. وهو ما يسمح لنا بتوقع علاقات أكثر ازدهارا فى مختلف المجالات بما يحقق المصالح المتبادلة للشعبين والبلدين الصديقين.. وهو توقع يستد إلى رصيد تاريخى متميز، وإلى واقع حافل بالإنجازات والفرص.

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4274 جنيه 4251 جنيه $85.83
سعر ذهب 22 3918 جنيه 3897 جنيه $78.68
سعر ذهب 21 3740 جنيه 3720 جنيه $75.10
سعر ذهب 18 3206 جنيه 3189 جنيه $64.37
سعر ذهب 14 2493 جنيه 2480 جنيه $50.07
سعر ذهب 12 2137 جنيه 2126 جنيه $42.91
سعر الأونصة 132945 جنيه 132234 جنيه $2669.56
الجنيه الذهب 29920 جنيه 29760 جنيه $600.80
الأونصة بالدولار 2669.56 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى