مهدى عبدالحليم يكتب .. «المدبح وسوق الكرشة»
لا أجد وصفا للكثير من المشاهد التى تعج بها إحدى المدارس الثانوية للبنات، والتى تكشف عن مواهب خارقة وكثيرة لإدارة المدرسة، وحاشيتها فى كل ما يخالف العادات والتقاليد والآداب المجتمعية، حيث تشعر وكأنك تجلس فى «المدبح»، أو «سوق الكرشة»، أو «سوق الخضار»، أو «موقف الميكروباص»، فتجد كل ألوان «الفساد»، و«الخروقات» التى لا تُعد ولا تُحصى.
المشاهد التى تؤذى المجتمع تبدأ بـ«أنكر الأصوات»، عندما تخترق مسامعك «الشتائم»، والكلمات الجارحة «البذيئة»، وعبارات «التلقيح»، التى لا يمكن أن تستمع إليها إلا فى بعض «الشوارع»، و«الحوارى»، و«الأزقة»، حيث يرددها البلطجية وأولاد الشوارع، وكأنك تعاصر «خناقة»، أو تستمع لصوت بائعة «الكرشة» أو «الخضار» التى تسعى بما أوتيت من صوت «غليظ»، و«أجش»، لاختطاف «الزبائن» من باقى «البائعات»، أو «الصبى» الذى ينادى فى موقف «الميكروباص» ليخطف الركاب من باقى السيارات، أو كأنك تشاهد «مشاجرة» عنيفة بين «البائعين»، أو «السائقين» لتتأذى مسامعك بالشتائم المحملة بالألفاظ النابية التى يعف اللسان عن ذكرها.
وتتزايد جرائم هذه الإدارة «غير الحكيمة»، و«غير الرشيدة»، لتصل إلى «التلقيح» الذى تداوم عليه «الإدارة»، لتؤذى بها هذا، وذاك، من النابغين، الناجحين، المخلصين فى أعمالهم لمجرد أنهم من «المغضوب عليهم»، ناهيك عن سموم بث وترويج «الشائعات» على الشرفاء فى محاولة لتلويث سمعتهم أمام الجمهور سواء العاملين بالمدرسة، أو الطالبات، أو أولياء الأمور، وترتفع بورصة الجرائم، والفساد لتصل إلى تحريض الطالبات على هؤلاء «المغضوب عليهم» من المعلمين، وفى هذا التحريض تتجاهل الإدارة «غير الرشيدة» ما تعلمناه عن مكانة المعلم، ورسالته السامية، ومكانته الحقيقية التى أخبرنا بها «الدين»، ويكفى المعلم منزلة ما جاء فى القرآن الكريم بقوله تعالى : « يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ»، ولعل جميعنا يتذكر أيضا حديث رسول الله سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-، عندما قال : « إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، كما أن ما كتبه أمير الشعراء، أحمد شوقى، فى حق المعلم يؤكد على مكانته الكبرى «قم للمعلم ووفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا».
لكن هذه الإدارة «غير الحكيمة»، و«غير الرشيدة»، تتعامل مع هذه المؤسسة التعليمية، وكأنها «عزبة» خاصة، أو «طابونة» أم السعد.
ولا يختلف معى أحد، أن كل هذه الجرائم التى تدار داخل هذه المؤسسة التعليمية، هى فى الأساس أسلوب عمل الجماعات الإرهابية، والدموية، التى تستهدف تخريب المجتمع، بفكر ومفهوم «بث الشائعات»، و«التحريض» ضد مؤسسات الدولة، بنشر مفاهيم «مغلوطة»، كما أن «الصمت» على مثل هذه الجرائم يمثل جريمة «كبرى»، لما تخلفه من أضرار تلحق بـ«الوطن»، كما أن مثل هذه المؤسسة التعليمية، تصبح بعد كل هذا طاردة للطالبات، ولك أن تتخيل عزيزى القارئ، صورة المشاهد «المؤذية» التى تعاصرها «فتياتنا»، وهن فى سن «خطيرة»، وهو ما يلحق الأذى بالمجتمع، فبدلا من أن تتعلم «فتياتنا» ما يؤهلها للعيش الآمن، والاستقرار النفسى، والمجتمعى، تتقن كل فنون «لامؤاخذة» «الشرشحة، والردح»، الذى تداوم عليه هذه الإدارة «غير الرشيدة»، و«غير الحكيمة»، فى جميع الأوقات حتى خلال شهر رمضان الكريم، متجاهلة «حرمة» هذا الشهر الفضيل، وتلحق هذه الإدارة بجرائمها الفساد بالمجتمع الشرقى الأصيل.
وإن كنت زائرا للمدرسة، دون «ترتيب»، أو إبلاغ مسبق بموعد الزيارة، فتجد مالا يرضيك، كما أن مسامعك سوف تؤذيها ألفاظ «التلقيح»، أما إن كنت قد أبلغت بموعد الزيارة مسبقا، فستجد التزام ما بعده التزام، ويكفيك مشهد «السجادة الخضراء»، وهى تمتد، وتنتشر على جانبيها الورود، والزهور، وستجد أفضل المشاهد والأصوات «المترققة»، التى تطلق عبارات «التلقيح»، تتجمل لتوجه لك آيات الشكر والتقدير، وتقدم لك بيدها «الفطار»، و«المشروبات»، كما ستخصص لك أحد أفراد حاشية الإدارة «غيرالرشيدة»، و«غيرالحكيمة»، ليقوم بتوصيلك حتى باب البيت بسيارته الخاصة.
ويأتى كل هذا الفساد الأخلاقى، والمجتمعى، بعيدا عن الفساد المالى، والإدارى، الذى يلازم «الإدارة غير الحكيمة»، و«غير الرشيدة»، حيث يتردد بشأنها روايات عن ظهور علامات الثراء الفاحش على أفرادها.
وما يثير الدهشة أن هذه المؤسسة التعليمية التربوية، بها نحو ما يزيد على «20 معلم»، من الرجال، ومنهم من يصعد المنابر للخطابة، لكنهم أمام جرائم هذه الإدارة «غير الرشيدة»، و«غير الحكيمة»، يتعاملون بمبدأ «لا نرى، لا نسمع، لا نتكلم»، و«طاعة أولو الأمر، واجبة، ومفروضة»، حيث يبحث الكثير منهم عن كيفية المرور الآمن بمصالحه دون أن تتأثر، ولتحقيق هذا الهدف –غير السامى-، يسدد هؤلاء الثمن كيفما يتراءى للإدارة «غير الرشيدة»، و«غير الحكيمة»، وذلك بعد إغفال الضمير، أو إعطائه «أجازة طويلة بمرتب».
وما يؤلمك، حالة الصمت الكبير الذى يلتزمه الكثير من المسئولين، والذى يعكس حجم الفساد الذى تعانيه الإدارات المعنية بمعاقبة مثل هذه الإدارة «غير الرشيدة»، و«غير الحكيمة»، وتصحيح الأوضاع أملا فى تربية النشء بطريقة صحيحة، والحفاظ على هيبة المعلم، ومكانته، وتوفير بيئة صحية لتمكينه من أداء واجباته على أكمل وجه، أما «الصمت» ففيه «فساد» و«إفساد»، و«إقرار» للفساد، وكأنه «تقنين» للفساد.
ورسالتى للجهات المعنية بمراقبة، ومحاسبة، المؤسسات التى تديرها مثل هذه الإدارة «غيرالرشيدة»، و«غيرالحكيمة»، ارحموا مصرنا الحبيبة من هذا «الفساد»، الذى يأكل الأخضر واليابس، يرحمكم الله، وأسرعوا بمعاقبة أمثال هؤلاء الفاسدين، الخارجين عن الآداب المجتمعية، ليكونوا عبرة لغيرهم ممن تأخذه العزة بالإثم، ويظن أنه فى مأمن من العقاب.
وللحديث بقية.