أسامة أيوب يكتب : رئيس أمريكا القادم قد لا يكون بايدن أو ترامب
لماذا تعجل ترامب بتدشين حملته الانتخابية مبكرًا؟!
كبر سن بايدن أهم عائق أمام ترشحه لولاية ثانية
إقدام الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب على تدشين حملته الانتخابية مبكرًا جدًا لخوض الانتخابات الرئاسية قبل عامين من موعدها إنما يعكس فى حقيقة الأمر تعجله لفرض ترشحه كأمر واقع على حزبه الجمهورى بقدر ما يعكس هذا التعجُّل تحفُزه الشديد للثأر من هزيمته فى الانتخابات السابقة والعودة إلى البيت الأبيض لولاية ثانية حرمه منها فوز الرئيس الحالى جو بايدن.
تعجّل ترامب وتحفزه اللذان يعكسان مرارة هزيمته بإعلان ترشحه المبكر يثير أزمة وجدلاً داخل الحزب الجمهورى الذى يواجه انقسامًا داخليًا بين مؤيدى ترامب وترشحه وبين غالبية أعضائه الذين يعترضون عليه وعلى أدائه عندما كان رئيسًا ويرفضون ترشحه خاصة مع وجود توجهات قوية نحو ترشيح شخصية أخرى من حُكام الولايات.
إعلان ترامب المبكر عن ترشحه انعكس على الحزب الديمقراطى.. حزب الرئيس بايدن حيث بدأ التفكير مبكرًا أيضًا بشأن ترشيح الرئيس لولاية ثانية يستكمل بها ولايته الحالية، في الوقت الذى لم يحسم فيه بايدن مسألة ترشحه حتى الآن، مع ملاحظة أن ثمة حالة انقسام داخل الحزب بين مؤيدى ضرورة ترشحه باعتبار أن أداءه والإصلاحات التى قام بها تجعله أوفر حظًا فى الانتخابات المقبلة، بينما يعارض فريق آخر تجديد ترشحه بالنظر إلى تراجع فرص نجاحه لاعتبارات كثيرة.
<<<
إن ثمة أسبابًا واعتبارات تقلِّل من فرص ترامب في الترشح أو الفوز.. أولها قضية احتفاظه بوثائق سرية في مكتبه ومنزله بعد خروجه من منصبه قبل عامين والتي من شأنها التأثير على قرار الحزب الجمهورى بالموافقة على ترشحه مثلما تمثل معضلة سياسية لترامب أمام ترشحه، باعتبار أن احتفاظه بتلك الوثائق بعد انتهاء رئاسته يتعارض مع القانون الأمريكى ومع الأمانة والمسئولية الرئاسية وعلى النحو الذى يعد انتهاكًا للأمن القومى.
وبينما قضية الوثائق السرية رهن التحقيقات، فإن فضيحة تحريضه لأنصاره لاقتحام مبنى الكابيتول قبل عامين فى يوم إعلان هزيمته وفوز بايدن لاتزال تلاحقه وتمثل وصمة عار سياسى بعد أن أدانته اللجنة البرلمانية التى شكلها مجلس النواب للتحقيق فى ملابسات أحداث الاقتحام لمنع إعلان نتيجة الانتخابات وفوز بايدن التي زعم تزويرها وهو الزعم الذي تأكد بطلانه، ولذا فقد استحق مسلك ترامب وما جري فى أروقة الكونجرس وتحطيم محتوياته وترويع النواب أن يوصف بأنه محاولة للانقلاب على الدستور والديمقراطية فى حادث غير مسبوق فى التاريخ السياسي الأمريكي الحديث، وعلى النحو الذى هدّد السلم والأمن الاجتماعى والقومى أيضًا.
ثمة معضلة أخرى ثالثة تقلّل فرص ترامب فى الترشح للانتخابات المقبلة يستند إليها المعارضون له ولترشحه وهى سياساته التى انتهجها خلال رئاسته والتى اتسمت بالصدام والصلف فى إدارة الشئون الداخلية وفى إدارة العلاقات الخارجية والدولية حسبما تبدّى فى أدائه العنصرى فى حادث مقتل مواطن أمريكى أسود علي أيدى رجال الشرطة البيض، وحسبما تبدى في انسحابه غير السياسى وغير الاستراتيجى من الاتفاق النووى مع إيران الذي جرى توقيعه فى عهد الرئيس الأسبق أوباما مما أعاد الملف النووى إلى المربع صفر، وحيث لاتزال العودة إلى الاتفاق متعثرة حتى الآن، وكذلك حسبما حدث فى انسحابه من اتفاق باريس للمناخ.
<<<
وعلى الجانب الآخر وفيما يتعلق بالرئيس بايدن فمن المثير أنه تم اكتشاف احتفاظه أيضا بوثائق سرية فى منزله ومكتبه منذ مغادرته منصبه عندما كان نائباً للرئيس أوباما، وهو أمر يمثل إدانة سياسية له مثلها مثل إدانة ترامب وحيث تساوى الاثنان فى افتقاد المسئولية والإخلال بمقتضيات الأمن القومى الأمريكى.
<<<<
المعضلة الأكبر التى تواجه كلاً من بايدن وترامب على حد سواء أمام فرص الترشح أو الفوز.. هى كبر السن، إذ إن بايدن الذى بلغ الثمانين من عمره سيصل إلى سن الـ٨٢ سنة فى نهاية ولايته الحالية بعد عامين، والسؤال المطروح داخل الحزب الديمقراطى ولدى السياسيين والرأى العام هو: هل يمكن أن يبدأ ولايته الثانية فى حالة فوزه وهو فى سن الـ٨٢ ويستمر رئيسا لأمريكا أكبر وأقوى دولة فى العالم حتى يصل إلى سن الـ٨٦ فى نهاية ولايته الثانية، مع ملاحظة أنه حاليا يفتقد القدرة الذهنية الكاملة ويخطئ في تذكر الأسماء والشخصيات.
ورغم أن سن ترامب أقل بسنوات قليلة عن سن بايدن، ورغم أنه أفضل صحة ذهنية وجسدية، إلا أن مشكلة كبر السن تعد معضلة أيضًا، قد تعيق قدرته على الرئاسة خلال السنوات الست المقبل فى حالة فوزه.
ولذا فإن كبر سن كل من بايدن وترامب هى التي تثير قلق وتخوف الأمريكيين بشأن قدرة أى منهما على رئاسة الولايات المتحدة حتى عام ٢٠٢٨، وفى هذا السياق يذكر أن نقطة الضعف فى الرئيس الأسبق رونالد ريجان فى نهاية السبعينيات وبدايات الثمانينيات من القرن الماضى كانت سنه الكبيرة رغم أنه كان فى سن الـ٦٨ أى أقل بعشر سنوات عن بايدن وترامب.
<<<
غير أن ثمة أصواتا ووجهات نظر داخل الحزبين تعتبر أن كبر السن لا تمثل عائقا أمام ترشحهما وفوزهما وقدرتهما فى حالة فوز أحدهما على إدارة شئون أمريكا الداخلية والخارجية، مع التعويل على أن غالبية الناخبين الأمريكيين من كبار السن أيضا والذين ينحازون إلى انتخاب مرشح كبير السن.
<<<
وفى انتظار قادم الأيام والأشُهر قد تحدث مفاجأة بخروج بايدن وترامب كليهما من السباق الرئاسى، وأن يرشح الحزبان شخصين آخرين من الشباب من حكام الولايات وأعضاء الكونجرس ومنهم من يستعد فعليًا لخوض السباق، وهو أمر يرجحه دور الدولة العميقة فى واشنطن فى حسم اختيار من يتولى رئاسة الولايات المتحدة حتى عام ٢٠٢٨.