الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 12:10 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : قمة شرم الشيخ «لحظة فارقة» في جهود إنقاذ كوكبنا (١‏‎)

د. محمد فراج أبوالنور
د. محمد فراج أبوالنور


ينعقد مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية فى دورته السابعة والعشرين‎ Cop27 ‎هذا العام فى شرم الشيخ (٦ - ١٨ نوفمبر) فى ظل ظروف مناخية بالغة القسوة ‏تمثلت فى عدد كبير من الكوارث الطبيعية المترتبة على تغيرات المناخ، التى شهدها ‏العالم المنقضى منذ قمة جلاسجو‎ Cop26 ‎وكذلك فى ظل ظروف دولية شديدة ‏التوتر تمثلت فى المواجهة الجارية بين الولايات المتحدة ودول التحالف الغربى من ‏ناحية وروسيا من ناحية أخرى، والتى مثلت الحرب فى أوكرانيا عنوانا لها، بما ‏ترتب على هذه المواجهة من تفاقم شديد لأزمة الطاقة العالمية ونقص فادح فى ‏إمدادات الغاز الطبيعى والبترول الروسيين بسبب العقوبات الغربية ضد روسيا، وما ‏أدى إليه ذلك من عودة لاستخدام الفحم الحجرى على نطاق واسع فى القارة ‏الأوروبية، بما ترتب عليه ذلك من زيادة فى الانبعاثات الكربونية، وتفاقم في ظاهرة ‏الاحتباس الحراري‎.‎


وقد مثلت كل هذه الظروف تحديات كبيرة أمام الجهود الدولية المبذولة لمواجهة ‏التغيرات المناخية السلبية، وهو ما دعا وزير الخارجية المصرى سامح شكرى ‏للحديث عن قمة شرم الشيخ‎ COP27 ‎باعتبارها «لحظة فارقة» فى الجهود الدولية ‏لمواجهة التغيرات المناخية السلبية.. وما جعل من شعار «لحظة فارقة في التعامل ‏مع قضية التغير المناخى» عنوانا لمؤتمر شرم الشيخ، الذى شارك فيه أكثر من ‏‏١٢٠ زعيما وقائدا عالمياً، وأكثر من ١٣٠ ألفا من مندوبى الحكومات والمنظمات ‏الأممية والحكومية وغير الحكومية ونشطاء العمل البيئى فى العالم‎.‎


وانعقد المؤتمر على مستوى القمة في أول يومين له «الأحد والاثنين ٦ و٧ نوفمبر» ‏والتى حددت الاتجاهات العامة للمؤتمر، لينتقل العمل بعد ذلك إلى المفاوضات ‏التفصيلية بين مندوبى وممثلى الدول والمنظمات للتوصل إلى تجسيد لتلك التوجهات ‏العامة في اتفاقات محددة يتم الإعلان عنها فى نهاية المؤتمر‎.‎
الاحتباس الحرارى.. أصل المشكلة
ومعروف أن التحدي الكبير الذى يواجه الجهود الدولية لمواجهة التغيرات المناخية ‏وما يترتب عليها من كوارث مثل ذوبان جليد القطب الشمالى وارتفاع منسوب ‏البحار بما يُمثل تهديدًا خطيرًا للسواحل والمدن الساحلية، والاضطرابات المناخية ‏التى تؤدى لتفاقم ظواهر مثل الأعاصير، والفيضانات المدمِّرة، والجفاف ‏والتصحر.. إلخ.. هذا التحدى المرتبط بانبعاث غازات «الاحتباس الحرارى» نتيجة ‏للأنشطة الصناعية والحفرية، هو الذى دفع بالعشرات من دول العالم للعمل المشترك ‏من أجل إنقاذ الكوكب، وهو ما انتهى إلى عقد «قمة الأرض» فى ريو دى جانيرو ‏عام ١٩٩٢، حيث تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ والتى ‏نصت على «تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحرارى في الغلاف ‏الجوى لمنع التأثير الخطير للنشاط البشرى على نظام المناخ» ــ وهى الاتفاقية التى ‏انضم إليها تباعًا (١٩٧/ مائة وسبع وتسعون) دولة ومنظمة.. وتم على أساس هذه ‏الاتفاقية إنشاء «أمانة الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ»، ثم بدأ منذ عام ١٩٩٤ عقد ‏المؤتمر السنوى.. أو قمة الأمم المتحدة للمناخ المعروفة باسم‎ COP ‎والتى تعنى ‏‏«مؤتمر الأطراف» وآخرها هو مؤتمر شرم الشيخ الجارى‎.‎
وخلال هذه المؤتمرات تفاوضت الدول على ملحقات إضافية للمعاهدة الأممية لوضع ‏حدود «مُلزِّمة قانونًا» للانبعاثات، من أشهرها «بروتوكول كيوتو» عام ١٩٩٧ ‏و«اتفاق باريس» ٢٠١٥ الذى اتفقت جميع دول العالم بموجبه على تكثيف الجهود ‏للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى، بحيث لا تزيد درجة حرارة الكرة الأرضية ‏على «١٫٥ درجة/ درجة ونصف درجة مئوية» فوق درجات حرارة ما قبل الثورة ‏الصناعية «فى القرن الثامن عشر» والتى مثلت بداية الانبعاث واسع النطاق للغازات ‏المسبِّبة للاحتباس الحرارى‎.‎
تحديات خطيرة وجهود متعثرة
ومعروف أن الدول الصناعية الكبرى هى المتسبِّب الرئيس فى انبعاثات غازات ‏الاحتباس الحرارى «انبعاثات الكربون والميثان وغيرها» نتيجة لاستهلاكها الكثيف ‏للطاقة سواء فى الصناعة أو فى الأنشطة الحضرية المختلفة، وفى مقدمة هذه الدول ‏ــ تاريخيا ــ الولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى فى أوروبا واليابان ثم ‏انضمت إليها تباعًا روسيا «الاتحاد السوفيتى» والصين والهند ودول جنوب شرق ‏آسيا «النمور الآسيوية‎».‎
غير أن هذه الدول بالذات كانت الأكثر مماطلة فى التوصل إلى اتفاقات بشأن الحد من ‏انبعاث غازات الاحتباس الحرارى، لأن استخدام موارد الطاقة الأرخص فى توليد ‏الطاقة الكهربائية كـ«الفحم والبترول» يظل أقل تكلفة، وبالتالى يعزِّز من قدراتها ‏التنافسية، بالرغم من أضراره الفادحة على مواطنيها أنفسهم، وعلى المناخ العالمى، ‏فالغاز الطبيعى مثلاً- وهو أنظف مورد الطاقة الأحفورية- يظل أغلى من الفحم ‏والبترول.. أما موارد الطاقة المتجددة فهى تحتاج إلى استثمارات كبيرة.. وتكلفة ‏إنتاج الكيلووات من الطاقة الكهربائية فيها أعلى كثيرًا، باستثناء الطاقة الكهرومائية، ‏أما الطاقة الكهروذرية فإن لها مخاطرها التى جعلت أقساما واسعة من النشطاء ‏البيئيين «وصناع القرار» غير متحمسين للتوسع كثيرًا فى استخدامها فى أغلب ‏البلدان الصناعية.. وهكذا ظل التوجه لتطوير الطاقات المتجددة أبطأ كثيرًا من التوسع ‏ــ السهل ــ فى استخدام موارد الطاقة التقليدية‎.‎


وحينما كانت مشكلات التلوث البيئى تتفاقم فإن الدول الصناعية الكبرى كانت تلجأ ‏في كثير من الأحيان لتصدير الصناعات الملوِّثة للبيئة، وكثيفة الاستخدام للطاقة إلى ‏الدول النامية، كصناعة الأسمنت والحديد والصلب ومواد البناء، وما شابه‎.‎


وقد رأينا مثلا كيف أن الولايات المتحدة انسحبت من «اتفاق باريس» مع وصول ‏دونالد ترامب إلى السلطة «٢٠١٧»، الأمر الذى ألحق ضربة قاسية بجهود تقليص ‏الانبعاثات المسبِّبة للاحتباس الحرارى، وأضعف كثيرًا من التزام الدول الصناعية ‏الأخرى بالاتفاقات الدولية فى هذا الصدد، وظل الأمر هكذا حتى جاء الديمقراطيون ‏إلى البيت الأبيض فعادت أمريكا إلى الالتزام بـ«اتفاق باريس» بعد ضياع أربعة ‏أعوام غالية من جهود مكافحة الاحتباس الحرارى على العالم بأسره‎.‎


ومن ناحية أخرى فإن الدول الصناعية الكبرى والغنية ماطلت باستمرار فى الوفاء ‏بالتزاماتها تجاه الدول النامية لمساعدتها على استخدام موارد طاقة أقل تسبُبًا فى ‏انبعاث غازات الاحتباس الحرارى، وتطوير آليات تقليص الانبعاثات من «فلاتر» ‏وغيرها، وكذلك تطوير ماكينات أقل استهلاكًا للطاقة، فضلا عن تطوير الطاقات ‏المتجددة وجهود منع القطع الجائر لأشجار الغابات، وزراعة أشجار جديدة محل تلك ‏التى يتم قطعها..الخ‎.‎


ويكفى أن نشير إلى أن الدول الغنية التزمت فى القِمم المناخية المتعاقبة بتقديم ‏مساعدات للدول النامية لهذه الأغراض، لكنها لم تف أبدًا بالتزاماتها بالكامل، وأعلنت ‏الدول الصناعية فى قمة جلاسجو‎ COP26 ‎عن تقديم مائة مليار دولار للدول ‏النامية خلال العام المنقضى، لكنها لم تف بهذا الالتزام، ويحدث هذا بالرغم من أن ‏الدول الصناعية الكبري هى المتسبِّب الرئيس فى انبعاثات غاز الاحتباس الحرارى ‏عالميًا، وبالرغم من أن الدول النامية هى التى تدفع ــ أكثر من غيرها ــ الثمن الأكبر ‏لاختلالات المناخ من سيول جارفة وفيضانات مدمِّرة، وجفاف وتصحر..إلخ، وهى ‏بالطبع أقل قدرة على مواجهة هذه الكوارث بسبب ضعف اقتصاداتها، وما يترتب ‏على ذلك من مجاعات وأمراض واضطرار ملايين البشر إلى النزوح داخل بلادهم ‏أو إلى «الهجرة الاقتصادية» وما يرتبط بذلك كل من معاناة إنسانية قاسية‎.‎


فحم وحطب‎!‎


كما فشلت الدول الصناعية الكبرى فى الوفاء بالتزاماتها فى قمة جلاسجو بخفض ‏استخدام الفحم الحجرى و«التخلص التدريجى» منه باعتباره أكثر أنواع الوقود ‏الأحفورى تسبُّبًا فى التلوث‎.‎
والأسوأ من ذلك أن الدول الصناعية الكبرى فى أوروبا- وتحت ضغوط أمريكية ‏شديدة- قد لجأت إلى فرض عقوبات غير مدروسة على موارد الطاقة الروسية، وفى ‏مقدمتها الغاز الطبيعى والبترول، ما تسبَّب عنه نقص فادح فى هذه الموارد «تعتمد ‏أوروبا على الغاز الطبيعى الروسى بنسبة أربعين بالمائة، ترتفع إلى خمسة وخمسين ‏بالمائة فى ألمانيا ــ وعلى أكثر من ثلاثين بالمائة من احتياجاتها من البترول».. ومع ‏العجز عن توفير موارد بديلة، ومع الارتفاع الصاروخى لأسعار الغاز ــ مع عدم ‏كفايته ــ ومع اقتراب الشتاء، اضطرت الدول الأوروبية للعودة على نطاق واسع ‏لاستخدام الفحم الحجرى فى توليد الطاقة الكهربائية، وتشغيل محطات الفحم التى ‏كانت قد تم إيقافها، بما ترتب عليه زيادة الانبعاثات المسبِّبة للاحتباس الحرارى بدلا ‏من تقليصها، كما كان قد تم عليه فى «جلاسجو‎».‎
بل وصل الأمر ــ مع حظر استيراد الفحم الروسى وعدم كفاية المصادر البديلة ــ إلى ‏أن المواطنين فى عديد من الدول الأوروبية لجأوا إلى قطع أشجار الغابات استعدادًا ‏لتوفير التدفئة لمنازلهم فى الشتاء، فى ظل نقص الطاقة الكهربائية! وهو ما يُذكرنا ‏بمواقد الحطب التى يلجأ إليها الفلاحون فى دول العالم الثالث فى فصل الشتاء!! وهى ‏كارثة بيئية وحضارية كبيرة‎.‎


شرم الشيخ.. وتعويض الخسائر


أى أن قمة شرم الشيخ سيتعين عليها أن تبدأ من نقطة أدنى مما انتهت إليه قمة ‏‏«جلاسجو»!! وإزاء هذا كله فإن الدول النامية بالذات أبرزت مطلبًا يُعد سمة جديدة ‏فى مؤتمرات قمة المناخ هو مطالبة الدول الصناعية الكبرى والغنية ليس فقط ‏بالالتزام بتقديم المساعدات التى تعد بها لدعم جهود العالم الثالث فى مجال مكافحة ‏التغيُّرات المناخية السلبية.. بل وتقديم تعويضات عن الخسائر التى تتعرض لها الدول ‏النامية بسبب السياسات الأنانية التى تنتهجها الدول الغنية، دون مبالاة بآثارها السلبية ‏على شعوب العالم الثالث، بل وعلى مصير الكوكب بأسره، والحقيقة أن هذا مطلب ‏عادل تماما.. لكنه سيكون موضوعًا لصراع شديد فيما تبقى من أيام عمل مؤتمر ‏شرم الشيخ، الذى تشهد أجندته هذا المطلب العادل والوجيه للمرة الأولى فى تاريخ ‏قِمم المناخ.. وهو ما سنتابعه فى مقالنا القادم بإذن الله، إلى جانب بقية بنود الأجندة ‏الجديدة والقديمة المتجددة فى مجال العمل المضنى من أجل إنقاذ كوكبنا‎..‎
وللحديث بقية‎..‎

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4309 جنيه 4286 جنيه $86.73
سعر ذهب 22 3950 جنيه 3929 جنيه $79.50
سعر ذهب 21 3770 جنيه 3750 جنيه $75.89
سعر ذهب 18 3231 جنيه 3214 جنيه $65.05
سعر ذهب 14 2513 جنيه 2500 جنيه $50.59
سعر ذهب 12 2154 جنيه 2143 جنيه $43.36
سعر الأونصة 134012 جنيه 133301 جنيه $2697.53
الجنيه الذهب 30160 جنيه 30000 جنيه $607.09
الأونصة بالدولار 2697.53 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى