أسامة أيوب يكتب : أيقونة الإعلام الفلسطينى شهيدة الإجرام الصهيونى
حتى لا تفلت إسرائيل من الحساب كما حدث سابقاً على جريمة اغتيالها المتعمد للإعلامية شيرين أبو عاقلة
مشهد الجنازة المهيب.. رسالة احتجاج فلسطينية شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولى
فى مواجهة سياسة المعايير المزدوجة العرب والفلسطينيون يطالبون الغرب الأمريكى والأوروبى بمعاقبة إسرائيل مثلما يعاقب روسيا
لماذا رفض أبو مازن إجراء تحقيق مشترك مع إسرائيل حول الجريمة وقرر إرسال نتيجة التحقيق الفلسطينى إلى المحكمة الجنائية الدولية
توثيق جريمة الاغتيال بمقاطع الفيديو أجبر إسرائيل على التراجع عن روايتها الكاذبة
أسامة أيوب يكتب :
قبل مثول «الأموال» للطبع جاء مشهد احتشاد آلاف الفلسطينيين فى تشييع جنازة شهيدة الاعلام الفلسطينى والعربى الإعلامية شيرين أبو عاقلة بمثابة رسالة احتجاج فلسطينية شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولى ممثلاً فى حكوماته خاصة الغربية.. الأمريكية والأوروبية.. لعلها تتوقف عن انحيازها السافر للكيان الصهيونى ضد حقوق وحرية الشعب الفلسطينى لردع إسرائيل ومعاقبتها عن جرائمها مثلما تحتشد فى معاقبة روسيا على عمليتها العسكرية فى أوكرانيا ومن ثم التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين.
ولعل ملف نتيجة التحقيق الذى تجريه السلطة الفلسطينية فى جريمة الاغتيال النكراء والذى أعلن الرئيس أبو مازن إرساله إلى المحكمة الجنائية الدولية وإلى كافة الهيئات والمنظمات والحكومات.. لعله يلقى اهتماماً حقيقياً وقانونياً من جانب المحكمة الدولية ومن المجتمع الدولى لمعاقبة إسرائيل على تلك الجريمة النكراء وما سبقها من اغتيال وإعدام ميدانى لآلاف الفلسطينيين، وحيث بات ضرورياً أن يقف المجتمع الدولى موقفاً واضحاً وإنسانياً لحماية الشعب الفلسطينى وتحقيق مطالبه المشروعة فى إقامة دولته.
وحسناً فعل الرئيس أبو مازن برفضه إجراء تحقيق فلسطينى إسرائيلى مشترك بارتكاب جريمة الاغتيال وباعتبار أنه لا يثق فى الجانب الإسرائيلى، وهو الرفض الذى لقى تأييداً إجماعياً من جموع الشعب الفلسطينى والنخبة السياسية والاعلامية باعتبادر أن إسرائيل التى تقوم بتزوير حقائق وثوابت التاريخ والجغرافية سوف تزور فى ملابسات الجريمة. ولا يمكن الوثوق بنزاهة تحقيقاتها وشفافيتها.
وكعادتها في الكذب والتزوير جاء لجوء إسرائيل إلى الادعاء بأن الرصاصة التى اغتالت شيرين جاءت من جانب مسلمين فلسطينيين ثم ادعى لاحقاً أنه من غير المؤكد أن الرصاصة انطلقت من جانب جنودها، وفى هذا السياق الكاذب تبنت الحكومات الغربية هذه الرواية الإسرائيلية وتحدثت عن أن ثمة روايتين حول الحادث فلسطينية وإسرائيلية.
نجد أن مقاطع الفيديو التى أكدت تعمد القناصة الإسرائيلية قتل واغتيال شيرين إضافة إلى شهادة الشهود من الإعلاميين الذين تعرضوا لرصاصات الجنود الإسرائيليين كل ذلك ضيق الخناق على حكومة الاحتلال التى بدت مفضوحة وكاذبة فاضطرت إلى التراجع عن روايتها المزعومة. وحيث بدا أن كل ما يمكن أن تقدم عليه هو تقديم مبرر اعتذار، بينما يوجد اتجاه إسرائيلى إلى حتى رفض تقديم الاعتذار.
المثير للاستياء والدهشة هو ما جاء فى تصريحات المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن عقب الحادث والتى لم توجه أى اتهام أو إدانة لإسرائيل وطالبت بإجراء ما وصفته بتحقيق دقيق وشفاف، ولكنها فى نفس الوقت وفى عنصرية بغيضة أكدت حرص بلادها على أى مواطن أمريكى في إشارة إلى أن الشهيدة شيرين تحمل الجنسية الأمريكية، وكأنها لو كانت فلسطينية فقط ما استحقت الحماية!
مع كل الإدانات لتلك الجريمة الإسرائيلية النكراء من جانب المجتمع الدولى ممثلاً فى الحكومات والاتحادات والمنظمات.. فإن الأهم هو ما شهد به شاهد من أهلها وهو جريدة ها آرتس التى اعتبرت أن شيرين أبو عاقلة صارت رمزاً لوحشية الاحتلال وانتهاك حرية الصحافة.
***
يبقى أنه من المؤكد أن جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة سوف تلقى بظلالها على زيارة العاهل الأردنى الملك عبدالله والتى من المفترض أنها تمت يوم الجمعة الماضى بعد كتابة هذه السطور، ثم إنه من المؤكد أيضاً أن تلقى بظلالها على الزيارة التى يعتزم الرئيس الأمريكى جو بايدن القيام بها إلى المنطقة فى نهاية الشهر الجارى والاجتماع مع الرئىس «أبو مازن» ورئيس الحكومة الإسرائيلية.
***
لقد دخلت الشهيدة الراحلة شيرين أبو عاقلة التاريخ الفلسطينى وتاريخ الصحافة الفلسطينية والعربية بل والعالمية، وحيث جاءت جنازتها المهيبة على ذلك النحو غير المسبوق بقدر ما جاءت جريمة اغتيالها تتويجاً وتكريماً وتخليداً لمسيرتها الإعلامية عبر 25 سنة، ولعلها إغتيالها قد افتدت كل الإعلاميين الفلسطينيين حتى لا يتعرضوا للاغتيال فيما بعد وحتى تتوقف إسرائيل عن قتلها لحرية الصحافة وللكلمة الصادقة.