أسامة أيوب يكتب : مصر الجديدة رغم توسيع شوارعها بدون إشارات مرور!
متحدثًا عن مشكلتين كبيرتين مهمتين تؤرقان وتهددان أمن وسلامة قطاعات غير قليلة من مواطنى القاهرة الكبرى بالنظر إلى مخاطرهما الجسيمة التي قد لا تبدو كذلك للمسئولين عنهما. ولذا أتوجه بهذه السطور إلي كل من محافظ القاهرة ووزير الاتصالات. آملاً أن ينظرا إلى هاتين المشكلتين بعين الاعتبار والاهتمام وعلى وجه السرعة باعتبار أن الحل منوط بهما في إطار مسئوليتهما الدستورية والقانونية.
المشكلة الأولى وما يترتب عليها من خطر داهم ومحدق يواجهه سكان منطقة مصر الجديدة شرقى القاهرة.. تلك المنطقة السكنية ذات الطبيعة الخاصة المتميزة والتى تأسست وفقا لأرقى معايير تخطيط المدن الحديثة وحيث كانت تُصنف كواحدة من أجمل وأرقى ضواحى العاصمة المصرية منذ الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وبقيت كذلك حتى وقت قريب.
مع التسليم بمبررات ما جرى فى ضاحية مصر الجديدة قبل عامين من توسعة مبالغ فيها لشوارعها وطرقها وما تطلبته تلك التوسعة من الاضطرار إلى إزالة الأشجار والحدائق التي كانت تتوسط الشوارع وكانت الرئة الخضراء للسكان بقدر ما كانت أهم ما تتميز بها تلك الضاحية الهادئة الجميلة.
.. ثم مع التسليم بأن الهدف من تغيير معالم هذه المنطقة المتميزة والتضحية بطبيعتها الجميلة ذات الخصوصية كانت إحداث سيولة مرورية لمواجهة بعض الاختناقات والتكدس المرورى، بحيث يتحقق دخول وخروج السيارات من وإلى مصر الجديدة ومنها إلى سائر أرجاء مدن وأحياء القاهرة الجديدة ثم إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
< < <
هذا التوجه نحو التوسيع الكبير للشوارع والطرق قد اقترن بتوسع فى إقامة أعداد كبيرة من المحاور والكبارى قد استهدف اكتمال المنظومة الجديدة والتى أسهمت وبشهادة قائدى السيارات في تحقيق السيولة المرورية بأكثر من المستهدف بحيث صارت السيارات تجرى بسرعة تفوق سرعتها فى طرق السفر بين المحافظات.
ولكن.. فى المقابل فإن هذه السيولة المرورية الكبيرة فى شوارع الضاحية الصغيرة باتت تمثل خطرًا جسيمًا متمثلا في عجز المواطنين من المشاة عن العبور الآمن بل عن العبور علي الإطلاق للشوارع التى زاد عرض أى منها على ثلاثة أضعاف العرض قبل التوسعة وحيث تحولت إلى أوسع من طرق السفر السريعة بين المحافظات.
<<<
هذه التوسعة المبالغ فيها لشوارع مصر الجديدة والتي تتنافى فى واقع الأمر مع فلسفة الأحياء السكنية والضواحى الهادئة، وحيث يتعين بالضرورة مراعاة حركة المواطنين من سكانها وتنقلهم مشيًا بأمان بأكثر من مراعاة حركة السيارات بسرعة الحركة في طرق السفر، بحيث لا يتضرر المواطنون مثلما تضرروا من إزالة أشجارها وحدائقها وتغيير معالمها الخاصة.
حتى مع التسليم بالأمر الواقع فإنه كان يتعين على الأقل وبالضرورة تركيب إشارات مرور حديثة «رقمية» إسوة ببقية شوارع القاهرة وغيرها من المدن لتأمين عبور السكان لتلك الشوارع التى زاد عرض أى منها على ٥٠ مترًا، وهو الأمر الضرورى الذى أغفلته بل تغافلت عنه محافظة القاهرة والمسئولون فى حى مصر الجديدة وفى إدارة المرور.
>>>
فى الغيبة التامة لإشارات المرور بدا عبور الشوارع من المستحيلات أمام سكان مصر الجديدة على اختلاف أعمارهم، فلا فارق بين كبار السن أو الشباب والأطفال خاصة من تلاميذ المدارس، لدرجة أن من تضطره الظروف لعبور الشارع لا يجد أمامه سوى استخدام «تاكسى» لعمل «يوتيرن» للعبور إلى الضفة الأخرى من الشارع، وإذ يلجأ من يملكون سيارات خاصة إلى استخدامها فى مجرد عبور الشارع بعمل «يوتيرن»!
<<<
ومما يثير سخط سكان مصر الجديدة أنه رغم تعدد واستمرار شكواهم ومطالبتهم بتركيب إشارات مرور فإن محافظة القاهرة وإدارة المرور لاتزالان تمتنعان عن حل هذه المشكلة الخطيرة، مع ملاحظة أن ثمة حوادث دهس كثيرة أسفرت عن مصرع مواطنين تحت عجلات السيارات خاصة مع بداية توسعة الشوارع دون أن تحرّك المحافظة وإدارة المرور ساكنًا.
امتناع محافظة القاهرة وإدارة المرور عن إقامة إشارات المرور ينطوى فى حقيقة الأمر ودون مبالغة على إهمال فادح وفاضح واستخفاف بالخطر الذى يهدّد أرواح مواطنين مصريين من سكان هذا الحى السكنى الذى لم يعد مثلما كان جميلا وهادئا والذين سلموا بالأمر الواقع بعد تغيير معالمه المتميزة ولم يبق لهم من مطلب سوى تحقيق العبور الآمن للشوارع.
<<<
المفارقة المثيرة فيما جرى فى مصر الجديدة أنه بينما تحققت سيولة مرورية للسيارات التى تجرى بسرعة الصاروخ، فإن السكان فى المقابل يتعرضون لاختناق كمشاة فى عبور الشوارع على أقدامهم وحيث ضاقت عليهم الدنيا رغم التوسعة الهائلة للشوارع.
ثم إن ثمة مفارقة مثيرة أخرى وهى أن شوارع مصر الجديدة قبل توسعتها المبالغ فيها كانت بها أعداد كبيرة من إشارات المرور والتى كانت مبالغاً فيها أيضًا.. شوارع ميدان سانت فاتيما نموذجًا، أما بعد هذه التوسعة الهائلة فقد خلت جميعها من أى إشارة مرور.
<<<
ومن العجائب المثيرة أن إشارة مرور واحدة ووحيدة تمت إقامتها مؤخرًا فى شارع عبدالعزيز فهمى أحد أطول شوارع مصر الجديدة، حيث يبدأ من شارع جسر السويس مارًا بميدان هليوبوليس ثم ميدان سانت فاتيما وصولا إلى شارع العروبة «صلاح سالم»، ومن أعجب العجائب أن المدة المتاحة لعبور المشاة فى هذه النقطة الوحيدة أمام قسم النزهة وبحسب الإشارة الرقمية هى ثلاثون ثانية فقط، وهى مدة لا تكفى على الإطلاق لعبور شارع عرضه أكثر من ٥٠ مترًا خاصة لكبار السن.
<<<
أكتب هذه السطور متحدثًا عن نفسى ونيابة عن سكان مصر الجديدة الذين كنت أسمع عن تضررهم من توسعة الشوارع مع غيبة إشارات مرور لتأمين عبورهم، والتى أحسب أنها جاءت متأخرة جدًا، إذ أنى ظللت ملتزمًا البيت طوال سنتين كاملتين بسبب «فوبيا» كورونا، خاصة أننى من كبار السن ومصاب بالأمراض المزمنة «السكر والضغط» التى تزيد من خطر الإصابة، ولم أكن قد شاهدت ما جرى، وقد كانت مفاجأة مفجعة وصادمة لى بعد أن خرجت أخيرًا مضطرا للذهاب إلى الطبيب الذى تقع عيادته على الضفة الأخرى من الشارع «شارع النزهة» وعجزت عن عبور الشارع إلا مهرولا مضطربًا وبمساعدة زوجتى رغم أن الوقت كان ليلا وحيث السيولة المرورية أقل بكثير مقارنة بساعات النهار.
<<<
هذه المشكلة الخطيرة المسكوت عنها والمسكوت عن حلها تستدعى بالضرورة تدخلا سريعا من جانب محافظ القاهرة ومن خلال إدارة المرور لتركيب إشارات مرور لتأمين عبور السكان والحفاظ على أرواحهم وحتى لا يمثل استمرارها خصمًا مما تحقق بهدف تحقيق السيولة المرورية أمام السيارات، وحتى يتقبل السكان بشىء من الرضا ما جرى للضاحية الجميلة «مصر الجديدة» بعد تغيير معالمه التقليدية المتميزة. لذا لزم التنويه.
.. ومناطق سكنية بالقاهرة الكبرى بدون اتصالات!
المشكلة الثانية وهى مشكلة خطيرة ومتغافل عنها هى غيبة خدمات الاتصال التليفونى.. الأرضى والمحمول و«النت» تمامًا عن كثير من مناطق وأحياء القاهرة الكبرى وتحديدًا فى أطراف مدينتى القاهرة والجيزة.. في أجزاء من حدائق الأهرام ومصر الجديدة والمعادي.
<<<
أتحدث عن شكاوى مؤلمة لكثير من الأصدقاء والمعارف والأقارب من ساكنى تلك المناطق الذين فقدوا الاتصال بالعالم الخارجى مع سقوط خدمة «النت» ولا يستطيعون الاتصال بذويهم خاصة الذين من كبار السن غير القادرين على الخروج لقضاء حوائجهم سواء لشراء احتياجاتهم الغذائية أو الدوائية ولا سبيل أمامهم سوى الاستعانة بخدمة التوصيل للمنازل «الديلفرى».
<<<
أعرف الكثيرين من هؤلاء الذين يتعرضون لأزمات صحية ويعجزون عن الاتصال بأبنائهم للمجىء إليهم لإنقاذهم أو توصيلهم للمستشفى أو الطبيب، خاصة أنهم لا يستطيعون الاتصال بالإسعاف.
<<<
المؤلم فى هذه المشكلة هو غياب كل خدمات الاتصال التليفونى.. الأرضى والمحمول على حد سواء، وهو خطر جسيم مسكوت عنه، الأكثر ألمًا هو أنه إذا كانت شبكات المحمول على اختلافها تتغافل عن تقوية شبكاتها واتصالاتها لتوصيل هذه الخدمة إلى سكان تلك المناطق، فإنه من غير الممكن تفهم تغافل شركة الاتصالات المصرية عن توفير وتأمين خدمة التليفون الأرضى للسكان، وهو إهمال جسيم يتعين ألا يستمر وعلى ذلك النحو المثير للاستياء.
هذه المشكلة الخطيرة أطرحها على وزير الاتصالات للتدخل السريع لحلها تحقيقًا لأمن وسلامة المواطنين من سكان تلك المناطق وربما مناطق أخرى لا أعرفها.
<<<
إن استمرار تلك المشكلة غير الحضارية لا يليق بأى حال مع التقدم والتطور الذى تحقق فى مجال خدمات الاتصالات خاصة بعد التحول إلى الرقمنة، وحيث يُعد السكوت عن حلها خللا فادحا وخصمًا من كل ما تحقق من تقدم وتطور.