الأموال
السبت 23 نوفمبر 2024 02:37 صـ 22 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : توجهات الحكومة العراقية الجديدة.. قضية تهم مصر والعرب (١ - ٢)

الكاتب الصحفى  د. محمد فراج ابوالنور
الكاتب الصحفى د. محمد فراج ابوالنور

ما يحدث فى العراق، وللعراق يتسم بأهمية كبيرة جدًا لمصر، وللوطن العربى بأسره. فالعراق بلد عربى كبير ذو موقع استراتيجى بالغ الأهمية على الحدود الشرقية «مع إيران» والشمالية الشرقية «مع تركيا» للعالم العربى، وعلى رأس الخليج العربى أكبر منطقة منتجة للبترول في العالم، وصاحبة أكثر من نصف احتياطيات البترول في عالمنا، والعراق نفسه أحد أكبر البلدان المنتجة للبترول والمالكة لاحتياطياته، وأحد أغنى وأقوى البلدان العربية حينما تكون أحواله مستقرة ويكون اقتصاده مزدهرًا، فضلا عن تاريخه الحضارى العريق، وإسهامه الاقتصادى والعلمى والثقافى الكبير فى تاريخه المعاصر.
وإذا كانت عناصر القوة العراقية قد تعرضت للتدمير على يد الغزو الأمريكى (عام ٢٠٠٣) وفترة الحصار التى سبقته، وما أعقبه من تحطيم منهجى لمؤسسات الدولة والمجتمع، وسيطرة للطائفية وتغلغل للفساد، وصراع علي النفوذ بين أمريكا وإيران، ثم الاجتياح «الداعشى» لحوالى ثلث مساحة البلاد.. فإن عناصر اليقظة والمقاومة بدأت تتجمع فى المجتمع العراقي تدريجيًا، لتعبّر عن نفسها في ثورة أكتوبر (تشرين الأول) عام ٢٠١٩، التى اجتاحت العاصمة بغداد والمناطق الوسطى والجنوبية من البلاد، وشارك فيه السُنَّة والشيعة جنبًا إلى جنب، ورفعت شعارات معادية للطائفية والنفوذ الأجنبى وفساد الإدارة والأحزاب الطائفية الحاكمة، المرتبطة بالميليشيات المسلحة المنفلتة.. واجتاحت الثورة المنطقة الوسطى من البلاد والعاصمة بغداد وصولا إلى البصرة جنوبا، وأجبرت حكومة عادل عبدالمهدى على الاستقالة «أواخر نوفمبر ٢٠١٩» وأصرت الجماهير الثائرة علي رفض تشكيل حكومة ترأسها أى من الشخصيات المنتمية للأحزاب الطائفية الموالية لإيران، لينتهى الأمر بعد شهور من المناورات السياسية والاحتجاجات الجماهيرية إلى تكليف «مصطفى الكاظمى» برئاسة الحكومة الجديدة التى حصلت علي ثقة البرلمان فى مايو ٢٠٢٠.
والكاظمى هو شخصية مستقلة «غير حزبية» كان رئيسًا للمخابرات العراقية، وهو معروف بكفاءته وحزمه ونظافة يده، وبحكم الدستور فإن رئيس الحكومة هو الشخصية السياسية الأولي فى البلاد، ويتولي رئاسة السلطة التنفيذية والقيادة العامة للقوات المسلحة «شيعى»، بينما يتمتع رئيس الجمهورية «كردى» بسلطات محدودة، وتتولى شخصية «سنية» رئاسة البرلمان بحكم الدستور.
واستجابة لمطالب ثورة «أكتوبر/تشرين الأول» دعت حكومة الكاظمى إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة «جرت بالفعل في أكتوبر الماضى» كما قدمت مشروع قانون انتخابي جديد يحد من التزوير، وبحيث تشرف على إجراء الانتخابات مفوضية عليا مستقلة أغلب قياداتها وأعضائها من القضاة.
حكومة الكاظمى.. متغيرات هامة
أعلن الكاظمى أن من أهم نقاط برنامج حكومته حق السلاح بيد الدولة، وإلحاق «الحشد الشعبى» ـ بميليشياته الطائفية ــ بالقيادة العامة للقوات المسلحة وأجرى تعديلات في المناصب الأمنية القيادية، ترتب عليها تقليص ملحوظ فى نفوذ «الحشد» الذي ناصبه العداء هو والأحزاب الطائفية الموالية لإيران، واتهموه بالولاء للاحتلال الأمريكى، بالرغم من أنه طالب القوات الأمريكية بمغادرة العراق، وانتهى الأمر إلى سحب الوحدات القتالية التابعة للجيش الأمريكى والتحالف الدولي ضد الإرهاب، بنهاية العام المنقضى، وتسليم قواعدها للجيش العراقى.. مع الاحتفاظ بنحو ٢٥٠٠ عنصر فقط لأغراض التدريب وصيانة الأسلحة، والدعم المخابراتى، وهو ما أدى إلي سحب ورقة سياسية قوية من أيدى الموالين لإيران.
كما أعلن الكاظمى أن مكافحة الفساد من بين أولى أولويات حكومته وتم تقديم عدد من المسئولين الكبار السابقين للمحاكمة، ووضع قواعد أكثر انضباطًا للتصرف فى المال العام، إلاّ أن تغلغل الفساد يجعل النجاح في هذا المجال أقل من المطلوب، كما بدأت حكومة الكاظمى تنفيذ برنامج لإنعاش الاقتصاد حقق نجاحا لا بأس به.
الكاظمى.. ومصر.. والعرب
كانت إعادة التوازن إلى علاقات العراق الإقليمية أبرز نقاط نجاح حكومة الكاظمى، فقد بدأت الحكومة انتهاج سياسة للانفتاح على دول الجوار العربية، وفي مقدمتها مصر والأردن، ثم دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، وارتكزت هذه السياسة على تعظيم المصالح الاقتصادية المتبادلة، بالإضافة طبعًا إلى التشاور والتنسيق بين الأطراف «مصر - العراق - الأردن» في مختلف القضايا السياسية الإقليمية.
وكانت قد انعقدت قمتان ثلاثيتان بين كل من مصر والعراق والأردن، أولاهما فى «مارس ٢٠١٩» والثانية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة «سبتمبر ٢٠١٩» بين الرئيس السيسى والعاهل الأردنى عبدالله الثانى، ورئيس الحكومة العراقية السابق عادل عبدالمهدى، إلاّ أن الضغوط الداخلية على حكومة عبدالمهدى ـ من جانب الأحزاب الطائفية التى كانت تستند إليها الحكومة ـ لم تتح مجالا واسعًا لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث بالدرجة المرجوة، بالنظر إلي موالاة هذه الأحزاب لإيران، ورفض طهران لتعزيز علاقات العراق بمحيطه العربى.
< < <
إلاّ أن القمة الثلاثية «الثالثة» بين مصر والعراق والأردن «عمان ـ أغسطس ٢٠٢٠» بحضور الكاظمى «للمرة الأولى» قد أعطت دفعة هامة للتعاون بين البلدان الثلاثة، فإلى جانب التوافق في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية للمنطقة، ناقشت القمة سبل تعزيز التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى فيما بين الدول الثلاث، وإقامة منطقة اقتصادية مشتركة، ومشروعات محددة للربط الكهربائى والتعاون فى مجال الطاقة، وتشجيع الاستثمارات، وإنشاء سكرتارية تنفيذية للتعاون يكون مقرها بالتناوب سنويًا في واحدة من الدول الثلاث، كما تم الاتفاق على تقديم الأردن التسهيلات اللازمة لكى يكون نقطة عبور للتجارة البنية المصرية العراقية.
وأشارت التقارير إلى زيادة التبادل التجارى بين مصر والعراق من «٥٥١ مليون دولار» عام ٢٠١٩ إلى ٧٤٧ مليون دولار عام ٢٠٢٠ «موقع مبتدأ، ١٠/ ١٢/ ٢٠٢١ ـ حسب بيانات وزارة التجارة والصناعة المصرية».
وقام الدكتور مصطفي مدبولي بزيارة إلى العراق «ديسمبر ٢٠٢٠» تم خلالها توقيع ١٥ اتفاقية للتعاون في مختلف المجالات، وكان قد تم قبل ذلك الاتفاق على آلية «النفط مقابل الإعمار» التى يقدم بموجبها العراق البترول إلي مصر مقابل عمليات إعادة إعمار تقوم بها الشركات المصرية، وتصدير سلع ضرورية لعمليات الإعمار «مواد بناء وغيرها».
ثم كانت القمة الثلاثية في بغداد «يونيو ٢٠٢١» كخطة انطلاق جديدة لتعزيز التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، وخاصة فيما يتصل بتعميق وتعزيز التعاون الاقتصادى «قمة السيسى ـ الكاظمى ـ عبدالله»، (DW، بوابة الأهرام، مصراوى، سكاى نيوز، ٢٧/ ٦/ ٢٠٢١).
ولا يتسع المجال هنا للتوسع في استعراض تطورات العلاقات بين البلدين، وهو بالتأكيد موضوع يحتاج إلي معالجة مستقلة، لكننا أردنا أن نوضّح أهمية التطورات في مجال تعزيز علاقات العراق بأشقائه العرب، وهو ما انعكس أيضًا فى فتح بعض المعابر الحدودية بين العراق والسعودية، ومنها إلى دول الخليج الأخرى.
نتائج الانتخابات. هزيمة للطائفية
مثلت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق «أكتوبر الماضى» تكريسًا للتوجهات التى شرحناها، وانعكاسًا للتغيرات السياسية الهامة التي أحدثتها ثورة أكتوبر «تشرين الثانى» عام ٢٠١٩، فقد أسفرت الانتخابات عن هزيمة واضحة للأحزاب الطائفية الموالية لإيران، وعلى سبيل المثال فقد خسر «تحالف الفتح» المرتبط بالحشد الشعبي والذي يقوده السياسى الطائفى الشيعى «هادى العامرى» نحو ثلثى مقاعده فى البرلمان ليتراجع عدد نوابه «من ٤٨ فى البرلمان السابق إلى ١٧ فقط في البرلمان الجديد»، بينما عززت الأحزاب والتنظيمات المشاركة في الثورة العابرة للطوائف - أو المتعاطفة معها دون مشاركة - مكاسب هامة وعلي رأس الفائزين جاء التيار الصدرى وهو تيار شيعى معتدل ذو توجهات عروبية واضحة» في المركز الأول بين التكتلات الفائزة بحصول علنى «٧٣ مقعدا، مقابل ٥٤ في الانتخابات السابقة» من مجموع عدد المقاعد البرلمانية «329 مقعد»، كما حصل النشطاء الشباب المستقلون المشاركون في الثورة على نحو ٤٠ مقعدا بمختلف اتجاهاتهم وعزز تحالف «تقدم» السنى بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسى، مواقعه بحصوله على ٣٧ مقعدًا، وحصل تكتل سنى آخر هو «عزم» بقيادة خميس الخنجر على ١٤ مقعدا، والحزب الديمقراطى الكردستانى على ٣١ مقعدا والاتحاد الوطنى الكردستانى على ١٧ مقعدا.
ولجأت الأحزاب الطائفية الخاسرة إلى الطعن فى نتائج الانتخابات والمطالبة بإعادة الفرز في عدد كبير من الدوائر، لكن ذلك لم يسفر إلاّ عن تغيير نتائج خمسة مقاعد، واضطرت الأحزاب المذكورة إلى فض مظاهراتها واعتصاماتها في قلب بغداد، بعد أن أقرت المحكمة الاتحادية العليا نتائج الانتخابات، وذلك فى اعتراف واضح بالهزيمة.
< < <
ودون إغراق فى التفاصيل نخلص إلى أن التيار الصدرى هو التكتل المحورى الفائز فى الانتخابات، وفى ظل الخريطة التى أسفرت عنها انتخابات أكتوبر فإن «الصدريين» هم المرشح الأول لتأليف ما يسمى بـ«الكتلة البرلمانية الأكبر» ومن ثم لتشكيل الحكومة العراقية القادمة، والتى يصر زعيم التيار «مقتدى الصدر» علي أن تكون «حكومة أغلبية قوية» وليست حكومة «توافق» حسن يمكن أن يهزها أى انشقاق أو استقالة، كما يصر على أن تكون حكومة عراقية خالصة متحررة منذ النفوذ الأمريكى والإيرانى على السواء، وأن تقيم علاقات متوازنة مع محيطها الإقليمى «ونزعة الصدر العروبية معروفة»، كما يقضى برنامج الصدر بحصر السلاح فى يد الدولة، وإخضاع «الحشد الشعبى» الطائفى لقيادة الجيش وقوات الأمن.. وعلى مكافحة الفساد، وإعطاء الأولوية لتلبية مطالب واحتياجات الفقراء والمهمشين.
وينسجم مع هذا أن يكون مصطفى الكاظمى هو رئيس الحكومة القادمة، أو أن يتولى الرئاسة سياسي آخر لديه نفس التوجهات.
وسينعقد الاجتماع الأول للبرلمان العراقى الجديد يوم الأحد «٩ يناير» ومن ثم تستكمل مشاورات «ومناورات» تشكيل الحكومة، وسنتابعها بإذن الله.
وللحديث بقية.

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4303 جنيه 4280 جنيه $87.22
سعر ذهب 22 3944 جنيه 3923 جنيه $79.95
سعر ذهب 21 3765 جنيه 3745 جنيه $76.32
سعر ذهب 18 3227 جنيه 3210 جنيه $65.41
سعر ذهب 14 2510 جنيه 2497 جنيه $50.88
سعر ذهب 12 2151 جنيه 2140 جنيه $43.61
سعر الأونصة 133834 جنيه 133123 جنيه $2712.77
الجنيه الذهب 30120 جنيه 29960 جنيه $610.52
الأونصة بالدولار 2712.77 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى