إيران تحجم عن دعم العراق في مشروعات إعادة الإعمار
أحجمت إيران عن الإعلان عن نيتها المساهمة في إعادة إعمار العراق، في مؤتمر الكويت والذي تعهدت فيه الدول المشاركة بتقديم 30 مليار دولار للمساهمة في إعادة إعمار العراق الذي شهد حروباً طاحنة خلال السنوات الـ15 الماضية.
وارتأى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ألا يكون طرفاً في الصورة الجماعية التي التقطت للمشاركين في اختتام المؤتمر، أو الإعلان عن أي التزام مادي، رغم مشاركته في أعماله، مكتفياً بالإشارة في كلمته إلى أن بلاده »أدت واجباتها تجاه العراق خلال السنوات الماضية«.
وطرح التصرف الإيراني تساؤلاً كبيراً حول سبب عزوف إيران عن إعلان تعهد مالي للمشاركة في إعادة إعمار العراق، خاصة أنها الأكثر تدخلاً في شؤون جارتها الغربية من أي دولة أخري في العالم، وقد رسمت لنفسها خطوط مصالح عريضة لا يمكن غض الطرف عنها.
وتعد الشركات الإيرانية من أنشط الشركات في مختلف مجالات الاقتصاد العراقي، فيما تعتبر إيران العراق من أهم أسواقها.
لكن، وبحسب سياساته في العقود الماضية، لا يبحث النظام الإيراني عن لعب دور في المنطقة أو العالم، بل يعمل على إيجاد نفوذ في الدول لتسيير مصالحه الأيديولوجية. في حين تعد سياسة »النفوذ« مكلفة للغاية وتتطلب بذخ مبالغ طائلة »لشراء« موالين وعملاء. وهذا ما فعلته إيران في العراق وبلدان أخري، خاصة في الأعوام العشرة الأخيرة، حيث مولت أحزاباً وأنشأت حركات وميليشيات موالية.
وبعد أن سجلت إيران غيابا رغم حضورها في مؤتمر إعادة إعمار العراق، يتوقع مراقبون أن تحصد إيران معظم مشاريع إعادة الإعمار رغم عدم تقديمها أي دعم خلال مؤتمر الكويت، حيث تعتمد سياستها على دعم حلفائها من أحزاب وميليشيات فقط.
سياسة »النفوذ«
هذه السياسة أضرت بالاقتصاد الإيراني بشكل كبير وقربت البلد من الإفلاس، ولولا الاتفاق النووي الذي حرر الكثير من الأموال الإيرانية المجمدة، لربما وصل النظام الحاكم في طهران إلى إفلاس كامل، الأمر الذي أثر على الوضع السياسي هناك.
لكن استمرار سياسة »النفوذ« الإيراني وتوسعها بعد الاتفاق النووي، أدي لأزمة اقتصادية في البلاد، خاصة أن هذه السياسة تمارس من جهات أعلي من الحكومة، حيث أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي أن الحكومة لا تسيطر سوي على ما يقارب ثلث الميزانية فقط.
وجاء حديث روحاني في أيام كانت تشهد فيها إيران احتجاجات عارمة، كانت بدايتها اقتصادية بسبب الوضع المعيشي السيئ، لكنها تحولت إلى احتجاجات ضد النظام تحمل شعارات لإسقاطه.
في تلك الاحتجاجات رفع المتظاهرون شعارات تدين تدخل إيران في دول المنطقة، فعلي سبيل المثال هتف المحتجون: »اترك سورية وعالج مشاكلنا«. هذا الشعار وشعارات مشابهة رفعت خلال تجمعات احتجاجية عمالية شهدتها المدن الإيرانية خلال السنوات الأخيرة.
فربما الوضع الاقتصادي السيئ والإفلاس الذي تعاني منه إيران، من الأسباب التي أرغمت طهران على التنصل من إعلان تعهد مالي لإعادة إعمار العراق. ومن المؤكد أن الحكومة الإيرانية تخشي من ردة فعل الشارع في حال إعلانها مساهمة كبيرة في بلد آخر بعد الحوادث التي جرت في إيران الشهر الماضي.
مصالح اقتصادية
لكن رغم ذلك تبحث إيران عن مصالح اقتصادية في العراق، وهذا ما برز خلال لقاء ظريف برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على هامش مؤتمر الكويت.
وبحسب البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أبدي ظريف »دعم بلاده الكامل للعراق في مجال الإعمار بعد الانتصار الذي تحقق على عصابات داعش الإرهابية وتوحيد البلد«، مبيناً أن »لدي الشركات الإيرانية رغبة كبيرة للعمل في العراق«.
فعلي سبيل المثال، إيران لها حصة كبيرة في سوق السيارات العراقية، ويمكن مشاهدة سيارات »برايد« و»بيجو« و»سمند« إيرانية الصنع في جميع الشوارع العراقية خاصة المحافظات الجنوبية.
يأتي هذا في وقت كانت الحكومة العراقية قد أعفت الشركات الإيرانية الناشطة في العراق خلال عشرة أعوام. وهذا ما كان قد أعلن عنه محافظ الديوانية السابق حازم عمراني المهدي في عام 2008.