الأموال
الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:36 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج أبوالنور يكتب: الاستثمار فى التعليم.. الشرط الحاسم للتقدم (1)

 

 

لم تشهد مصر منذ سنوات طويلة جدلا حول قضايا التعليم كذلك الذى شهدته العام الماضى 2016 مع تسرب امتحانات الثانوية العامة بصورة تكررت حتي أربكت وأحرجت الدولة وأجهزتها الأمنية، وأثارت لدي ملايين المصريين أشد القلق بشأن مستقبل أولادهم وإمكانية حصولهم علي تقييم عادل لمستوى جهدهم وتحصيلهم في عام فاصل في حياتهم هو عام امتحان الثانوية العامة الذى تقرر درجاتهم فيه مستقبلهم الدراسى بأكمله.

 

 

من ناحية أخرى فإن تسليط الضوء على امتحانات الثانوية العامة بهذه الصورة المكثفة قد لفت النظر بشدة إلي ممارسات فاسدة كانت تجرى علي مدي سنوات طويلة دون أن يفتضح أمرها بالصورة التي حدثت العام الماضي مثل اللجان الخاصة لأبناء بعض كبار صغار المسئولين أو صغار كبارهم من ضباط شرطة ونواب وغيرهم، بالإضافة إلي رجال أعمال ومقربين من السلطات الحاكمة، حيث كانت تجرى صور مشينة من الغش الجماعى يحصل نتيجة لها بعض الطلاب علي درجات ليست من حقهم ويلتحقون بكليات لا يستحقون الالتحاق بها، بما يمثله ذلك من فساد اجتماعى وأخلاقي يبعث في نفوس الطلاب وأسرهم إحباطاً عميقا ومرارة لا حدود لها، ويُقدم لشبابنا العظيم أسوأ نماذج الفساد والظلم، ويهز ثقتهم بعنف في إمكانية تحقيق العدالة، وفي قيمة العمل والاجتهاد وأهميتها للحصول علي المكانة اللائقة في المجتمع وفي الوطن.

وربما كانت فضيحة الثانوية العامة (2016) هى السبب الرئيسى في أن الغالبية الساحقة من المصريين تنفست الصعداء حينما تمت تنحية وزير التعليم السابق الدكتور الهلالى الشربينى عن منصبه، لكن الحقيقة أن هذه الفضيحة التي شغلت المجتمع بأسره لعدة شهور، وبرغم خطورتها، قد سلطت الضوء بقوة علي أمور أكبر بكثير.. علي أزمة نظامنا التعليمى بأسره وفساده وتخلفه.. ولا نبالغ إذا قلنا إنها سلطت الضوء علي الخطر الذى يهدد مستقبل هذه الأمة بأكمله إذا ظل نظامنا التعليمى علي ما هو عليه من عقم وتخلف وفساد.. وعلي حقيقة أن هذا النظام بأكمله وبكافة عناصره يحتاج إلى مراجعة شاملة.

لقد كان طبيعياً أن يمتد النقاش المجتمعى إلي مختلف جوانب نظامنا التعليمى والسياسات الحاكمة له بدءا من ميزانية التعليم ومنشآته وتجهيزاته، إلي مستوى إعداد المعلم وتطوير كفاءاته ومهاراته.. إلى المناهج الدراسية ووحدة النظام التعليمى »العام ـ والخاص ـ المحلي والأجنبي ومدارس اللغات ـ التعليم المدني والدينى ـ التعليم الفني.. إلخ« وطريقة عقد الامتحانات وقياس كفاءة التحصيل العلمى للتلاميذ والطلاب.. وصولا إلي مجانية التعليم والدروس الخصوصية، وغيرها من القضايا المتصلة بالتعليم ما قبل الجامعى بكافة مراحله، وامتداداً إلي قضايا التعليم الجامعى والبحث العلمي وبديهي أن يعكس مثل هذا النقاش اختلاف الآراء والمدارس الفكرية والسياسية والأيديولوجية، وزوايا النظر إلي القضايا، وإن كان الإجماع ينعقد في النهاية علي أن نظامنا التعليمى شديد القصور ويحتاج إلي إعادة نظر جذرية.

وينبغى أن نلفت النظر إلي أن دستور 2014 قد أولي اهتماماً خاصاً وتفصيليا لقضية تطوير التعليم بجميع مراحله »وكذلك البحث العلمي« ووضع التعليم بين أهم المقومات الأساسية للمجتمع »الفصل الأول من الباب الثانى: المقومات الأساسية للمجتمع«.. باعتباره شرطا جوهريا للتنمية البشرية والاجتماعية، بما لها من انعكاس مباشر علي التنمية الشاملة للمجتمع وتقدمه.

ونصت المادة 19 من الدستور علي أن يكون التعليم إلزامياً حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، ومجانياً في المدارس الحكومية.. وعلي أن تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية »ولاحظ أن الحديث يدور عن نسبة 9% من الناتج القومى، وليس من الإنفاق الحكومى« فأين نحن من ذلك؟

تشير الأرقام إلي أن الناتج القومى الإجمالي في العام المالي 2015/2016 كان يبلغ نحو 3.150 تريليون جنيه، بينما بلغ الإنفاق علي التعليم عموما 99.26 مليار جنيه منها 69.3 مليار جنيه علي التعليم ما قبل الجامعى و21.21 مليار جنيه علي التعليم الجامعى.. حسب الكتاب السنوي لعام 2016 الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء صـ383.. وإذا وضعنا فى اعتبارنا أن نصيب التعليم ما قبل الجامعى 4% من الناتج القومى الإجمالي وفقاً للدستور فقد كان ينبغى أن تكون ميزانيته 126 مليار جنيه.. أى أن العجز يصل إلي 56.7 مليار جنيه، بينما كان ينبغي أن ينفق علي التعليم الجامعى مبلغ 63 مليار جنيه وفقا لنص المادة 21 من الدستور بتخصيص 2% من الناتج القومى الإجمالي، بينما ما تم إنفاقه فعلياً 24.21 مليار جنيه أى ثلث المبلغ الأصلى!! وبطريقة أخرى في الحساب فإن ما كان ينبغي إنفاقه علي التعليم ما قبل الجامعى والجامعي يبلغ 126 + 63 مليار + 189 مليار جنيه، بينما أنفق فعلاً 99.26 مليار جنيه، أى أكثر بقليل من النصف!! وبنفس النسبة تقريباً من إجمالى الإنفاق الحكومى علي التعليم المعمول بها منذ عام 2006/2007 المالى.

وبحسبة بسيطة يتضح لنا أننا ننفق علي التعليم إجمالاً أكثر بقليل من 2% من الناتج المحلي الإجمالى.. وعلي التعليم الجامعي نحو 0.7% أى أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالى.. بينما تشير إحصاءات البنك الدولي إلي أن متوسط إنفاق الدول النامية »نكرر: الدول النامية« يبلغ في المتوسط 4% علي كل من التعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعى.. وتنفق إسرائيل 8.3% من ناتجها المحلي الإجمالي علي التعليم.. ولديها 4 جامعات مصنفة ضمن المائتين الأولي في العالم حسب تصنيف شنغهاى للـ500 جامعة الأولي هي الجامعة العبرية (70) ومعهد تخنيون (78) ومعهد وايزمان (150) وجامعة تل أبيب (158) علماً بأنها تنفق علي البحث العلمي أكثر مما تنفق كل الدول العربية مجتمعة (4.4%) من الناتج المحلي الإجمالى.. وهى أعلي دولة في العالم من حيث الإنفاق علي البحث العلمي.. ومن ناحية أخرى فإن الدول المتقدمة في العالم مثل السويد والنرويج والدنمارك وفنلندا يصل إنفاقها إلي ما يزيد علي 7% من ناتجها المحلي الإجمالى.. وبديهى أن الإنفاق المرتفع علي التعليم ما قبل الجامعى والجامعى والبحث العلمى ينعكس بصورة مباشرة علي مستوى التنمية البشرية ومن ثم الاقتصادية.. أى أنه يمثل استثمارًا عالي الربحية.

فإذا عدنا إلي مصر فسنجد أن الإنفاق المتواضع علي التعليم والبحث العلمي ينعكس بصورة شديدة السلبية علي المستقبل وإمكانات التنمية الاقتصادية »الجدية« وفق المعايير العالمية المتعارف عليها، أى تنمية الصناعة وخصوصا الصناعات المتقدمة والتكنولوجيات رفيعة التطور، واقتصاد المعرفة.

وإذا تحدثنا عن مستوى التعليم ما قبل الجامعى في مدارسنا، فسنصطدم علي الفور بقلة الإمكانات الفادحة، ويكفي أن نشير إلى مستوى كثافة التلاميذ الضخم في مدارسنا الابتدائية والإعدادية والثانوية، والذى يضطرنا إلي اللجوء لنظام الفترتين علي نطاق واسع للغاية، بما يعنيه ذلك من قصر لوقت الدراسة وللحصص الدراسية »35 دقيقة للحصة بدلا من 45 دقيقة« فضلا عن قصر وقت الراحة »الفسحة« وقصر الوقت بين الحصص.. مما يؤثر بشدة علي كفاءة العملية التعليمية.. وإذا أضفنا إلي ذلك ارتفاع كثافة الفصول إلي »50 أو 60 تلميذًا أو أكثر/ مقابل 25 إلي 30 هم العدد الأمثل« فسنجد أن كفاءة المعلم تقل نتيجة للازدحام وقلة الوقت المخصص لمتابعة كل تلميذ، فضلا عن أخذ الغياب وتهدئة العدد الكبير من التلاميذ«.. علماً بأن بعض المحافظات تشهد اكتظاظاً هائلاً للكثافة.. ونقرأ في الصحف في بداية العام الدراسى دائما عن فصول يزيد عددها علي المائة تلميذ!! وعن تلاميذ لا يوجد ما يكفيهم من المقاعد فيجلسون على الأرض! وتقدم محافظة حضرية مهمة كالجيزة نموذجاً بارزا في هذا الصدد.

وخلاصة القول إننا نحتاج إلي ضعف عدد مدارسنا وفصولنا الحالية تقريبا.. أى إلي استثمارات هائلة في مجال الأبنية التعليمية، لا تجدى معها الموازنة الحالية إطلاقاً.. ونحن بحاجة إلي طفرة حقيقية لتوفير شروط مناسبة للتلميذ والمعلم علي السواء.

أما عن نقص التجهيزات والمعامل والمكتبات فحدث ولا حرج!!

وأما عن نقص أجهزة الكمبيوتر ــ التي أصبحت ضرورة لابد منها ــ فحدث ولا حرج!! وكذلك عن تقادم الأجهزة القليلة الموجودة، فضلاً عن ضعف كفاءة المعلمين في استخدامها والقدرة على تعليم استخدامها.

وأما عن ندرة الملاعب وغرف الموسيقي والأنشطة الفنية المختلفة فلسنا بحاجة للحديث.. ومعروف ما لذلك من أثر في تنمية شخصية التلاميذ.

هذه الأوضاع كلها تجعل من المستحيل إحداث تقدم جدى »جذرى« لمستوى التعليم مهما تحدثنا عن تطوير العناصر الأخرى كالمناهج أو كفاءة المدرسين.. الخ. وبديهى لن نوقف محاولات تطوير التعليم حتي يتم حل مشكلة الأبنية التعليمية المناسبة والكافية، فكل هذه العناصر متكاملة. وكل تقدم في أحدها مطلوب وسيكون له انعكاسه الإيجابى علي بقية العناصر بلا أدني شك. لكن التقدم نحو إلغاء نظام الفترتين، وخفض كثافة الفصول، وتطوير معامل الكمبيوتر والكيمياء والفيزياء، والمكتبات والأنشطة المختلفة تبدو ضرورة جوهرية لتوفير شروط إنسانية مناسبة لتلقي العلم وتدريسه، بحيث لا يمكن بدونها إحداث نقلة جدية للأمام في مستوى التعليم.

ويجب أن يكون واضحاً لأصحاب الأفكار (غير الدستورية) التي تنادي بعودة التعليم بمصروفات في المدارس الحكومية بحجة أن أولياء الأمور يدفعون للمدرسين مقابل الدروس الخصوصية.. يجب أن يكون واضحاً لهم أن كثيرًا من التلاميذ لا يستطيع أهلهم دفع تكلفة هذه الدروس أو حتى المجموعات المدرسية لأنهم فقراء بصورة تمنعهم من ذلك. وهذا الفقر هو السبب الرئيسي في تسرب نسبة غير قليلة من الأطفال والتلاميذ من التعليم، أو عدم التحاقهم به أصلاً وهذا أيضاً السبب الرئيسي في بقاء نسبة الأمية لدينا عند مستويات مرتفعة للغاية تصل إلي 40% وهى نسبة في جبين مجتمعنا لابد من وضع نهاية لها.

أما القول بأنه ليس من الضرورى أن يتعلم الجميع، فهو موقف طبقي رجعى تجاوزته كل المجتمعات المتحضرة. والأهم من ذلك أن كل الدول التي سارت علي طريق التقدم قد أخذت بسياسة التعليم الإلزامى المجانى، لأنه مع كل تقدم في الصناعة والتكنولوجيا لابد أن يكون جميع المواطنين متعلمين بحد أدنى مناسب لكي تتوافر العمالة القادرة علي التعامل مع »الآلة«.. فما بالك بالآلات والأجهزة المتقدمة والكمبيوتر..

وباختصار فإن التعليم العام.. الإلزامى.. المجانى.. هو ضرورة للمجتمع وللاقتصاد وللدولة، بقدر ما هو ضرورى للفرد الذى يحصل عليه. وكل قصور في هذا الصدد هو عنصر تخلف أكيد للمجتمع ولاقتصاده وعائق كبير أمام إمكانات تقدمه.

>> وللحديث بقية حول مختلف العناصر الأساسية لأزمة التعليم وسبل حلها..

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى21 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6247 49.7247
يورو 52.2102 52.3204
جنيه إسترلينى 62.7058 62.8520
فرنك سويسرى 56.1112 56.2560
100 ين يابانى 32.0760 32.1489
ريال سعودى 13.2174 13.2454
دينار كويتى 161.3130 161.6906
درهم اماراتى 13.5092 13.5390
اليوان الصينى 6.8525 6.8672

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4297 جنيه 4274 جنيه $86.78
سعر ذهب 22 3939 جنيه 3918 جنيه $79.55
سعر ذهب 21 3760 جنيه 3740 جنيه $75.93
سعر ذهب 18 3223 جنيه 3206 جنيه $65.09
سعر ذهب 14 2507 جنيه 2493 جنيه $50.62
سعر ذهب 12 2149 جنيه 2137 جنيه $43.39
سعر الأونصة 133656 جنيه 132945 جنيه $2699.20
الجنيه الذهب 30080 جنيه 29920 جنيه $607.47
الأونصة بالدولار 2699.20 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى