من جنازة سليمان عيد إلى أزمة كرامة المصورين.. ماذا حدث بين محمد السباعي وآية سماحة والصحافة؟
أشعلت واقعة مؤسفة خلال جنازة الفنان الراحل سليمان عيد موجة من الغضب داخل الوسط الصحفي، بعد أن تعرّض عدد من المصورين الصحفيين لإهانات لفظية من قبل المخرج محمد السباعي وزوجته الفنانة آية سماحة، ما دفع شعبة المصورين الصحفيين بنقابة الصحفيين لإصدار بيان رسمي تُدين فيه هذه التصرفات، وتطالب برد اعتبار مهني عاجل.
إهانات علنية تثير الاستياء
وجاءت الأزمة بعد انتشار منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تضمنت ألفاظًا خارجة نشرها المخرج محمد السباعي، وأرفقها بصور للمصورين خلال تغطيتهم لجنازة الفنان الراحل، وهو ما اعتُبر تجريحًا مهنيًا لا يمكن تجاهله.
وزاد الأمر اشتعالًا حين أيدت الفنانة آية سماحة ما كتبه زوجها، من خلال تعليق داعم على منشوره، ما دفع المصورين للتعبير عن غضبهم ورفضهم لهذه "الإهانات العلنية".
بيان المصورين.. كرامتنا خط أحمر
في بيان ناري، وصفت شعبة المصورين الصحفيين هذه التصرفات بـ"الانتهاك الصارخ لمكانة المصورين الصحفيين"، مشيرة إلى أن ما حدث يُعد تعديًا مباشرًا على كرامة المهنة، حيث يعمل المصورون في ظروف صعبة لتوثيق الأحداث ونقل الحقيقة.
وأكد البيان أن المصورين ليسوا خصومًا لأحد، بل شركاء في صناعة الصورة، وأن الاستهانة بدورهم تمثل تهديدًا خطيرًا لأخلاقيات العمل الصحفي والفني.
مطالبات رسمية باعتذار وتحقيق عاجل
طالبت شعبة المصورين كلًا من نقابة المهن التمثيلية ونقابة المهن السينمائية باتخاذ إجراءات رسمية، تبدأ بفتح تحقيق موسع في الواقعة، ومحاسبة كل من أساء إلى المصورين، إلى جانب الاعتذار العلني عن التجاوزات التي تم توثيقها.
ودعا البيان جميع الصحفيين والإعلاميين إلى التضامن الكامل، مؤكدًا أن احترام الصحافة يبدأ باحترام من يمارسها، وأن "كرامة المصور خط أحمر".
رد آية سماحة.. لم نقصِد أحدًا
وفي محاولة لتخفيف التوتر، نشرت الفنانة آية سماحة توضيحًا عبر حسابها الرسمي على "فيسبوك"، قالت فيه: "كل التقدير والاحترام لكل صحفيي ومصوري مصر المحترمين، لم يتم ذكر أي شخص أو الإساءة إليه بشكل مباشر".
ولكن هذا الرد لم يكن كافيًا لتهدئة الموقف، خاصة بعد تداول منشور السباعي وظهور تعليقات داعمة من آية، ما جعل الكثيرين يرون في الأمر تنصلًا من المسؤولية، وليس اعتذارًا صريحًا كما طالب به المصورون.
محمد السباعي يوضح موقفه من أزمة جنازة سليمان عيد
في أول رد فعل رسمي له على الأزمة، نشر المخرج محمد السباعي بيانًا عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، أوضح فيه ملابسات ما حدث، مؤكدًا أنه لم يقصد الإساءة لأي صحفي أو مصور صحفي، بل كان ينتقد ظواهر سلبية شهدها خلال تغطية الجنازات.
واستهل السباعي بيانه بآية قرآنية:"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله"، في إشارة إلى ضرورة تحلي الإنسان بالوعي والاتزان في التصرفات.
وأضاف: "الموت له جلاله، وللميت حرمته، وهناك فارق كبير بين نقل الخبر وممارسة الانتهاك لخصوصية الموتى وأسرهم. كما أن هناك فرقًا بين واجب تقديم العزاء، والتعدي على مشاعر أهل المتوفى، أو تصويرهم في لحظات ألمهم".
وأكد المخرج أنه يكنّ كل الاحترام والتقدير لمصوري وصحافيي مصر والعالم العربي، موضحًا: "أغلبهم أصدقائي أو من أقاربي، لكن الاحترام لا بد أن يكون متبادلاً، خصوصًا في مثل هذه المواقف التي تتطلب قدرًا عاليًا من الهدوء والالتزام الأخلاقي".
وتابع السباعي: "ما نشهده مؤخرًا من تجاوزات خلال الجنازات أمر محزن، إذ تحوّلت هذه المناسبات الحزينة إلى ساحة للضجيج والتقاط الصور دون مراعاة لأي مشاعر. لم أهاجم أحدًا بعينه، وإنما كنت أعبر عن غضب حقيقي من مشهد لا يليق بحرمة الموت أو احترام مشاعر ذوي الراحلين".
وختم بيانه بالتأكيد على أن قصده كان تسليط الضوء على التدهور القيمي في مثل هذه الأحداث، داعيًا الجميع إلى مراجعة السلوكيات المهنية في مثل هذه المناسبات، والتعامل معها بقدر من الوقار والاحترام.
ومن جانبه، خرج نقيب المهن التمثيلية، الدكتور أشرف زكي، ليؤكد على متانة العلاقة بين الفنانين والصحافيين، مشددًا على أن الاحترام المتبادل هو الأساس في هذه العلاقة.
وقال زكي، في بيان رسمي:"باسمي وباسم كل فناني مصر، نؤكد احترامنا وتقديرنا الكامل لجميع الصحافيين والمصورين المصريين، فهم شركاء حقيقيون في نجاح المنظومة الفنية، ونحن وجهان لعملة واحدة لا يمكن فصلهما".
وأضاف:"نعلم تمامًا من هم الصحفيون الحقيقيون، ونعرفهم بالاسم وتربطنا بهم علاقات مهنية وإنسانية طويلة، وهناك ظواهر سلبية تحدث في بعض المناسبات كالجنازات والعزاءات، لكن المتسببين فيها هم دخلاء على المهنة، ولا يمثلون الصحفيين أو المصورين المحترفين الذين نجلّهم ونحترمهم".
وأوضح زكي أن النقابة تتعامل مع مثل هذه الأزمات بحرص شديد، وتسعى دائمًا للحفاظ على العلاقة التاريخية بين الصحافة والفن، قائلاً:"هناك من يندس وسط الزحام، ويسيء إلى المهنة دون وجه حق، وهؤلاء لا يمكن تحميل الصحافة مسؤوليتهم. ما بيننا وبين الصحفيين أكبر من أن يهتز بموقف فردي أو لحظة غضب".
