أسامة أيوب يكتب : العدوان الصهيونى المتواصل على غزة والمشاهد والمواقف والحقائق
تصعيد العدوان براً وبحراً وجواً يؤكد أن الهدف تدمير غزة وإنفاذ مخطط التهجير
مجرم الحرب نتنياهو يهرب للأمام بإطالة الحرب.. دفاعاً عن نفسه وبقائه فى الحكم وتهرباً من السجن
الحقيقة التي يتعين على العرب تأكيدها هى أن أمريكا شريك متآمر فى العدوان
بسالة المقاومة الفلسطينية تفشل محاولات توغل القوات الإسرائيلية البرى وتلحق بها خسائر فى الأرواح والآليات
رغم المجازر والدمار والحصار وآلاف الشهداء وقتل الأطفال.. الصمود الفلسطينى يعتبر فخرًا للعرب
الحماية الأمريكية لإسرائيل جعلتها دولة فوق القانون الدولى والقرارات الأممية وترتكب جرائم الحرب دون عقاب
بعد 6 أسابيع من المجازر.. القمة العربية (العاجلة الطارئة) تنعقد يوم السبت القادم (11) نوفمبر
القضية الفلسطينية باتت بين رهانين.. رهان مخطط التصفية ورهان القدرة العربية لإجهاضها
من المؤسف أن نسمع ونشاهد فى الإعلام أصواتاً شاذة تتماهى مع إسرائيل وتدين حركة المقاومة حماس
بينما يتواصل العدوان الصهيونى الوحشى على الشعب الفلسطينى الأعزل فى غزة جواً وبراً وبحراً للأسبوع الخامس، وبينما وصلت أعداد القتلى لنحو عشرة آلاف شهيد (70٪) منهم من الأطفال والنساء غير آلاف آخرين تحت الأنقاض ونحو عشرين آلف من الجرحى والمصابين، وحيث بدا مؤكداً أن مجرم نتنياهو ماض قدماً دون توقف فى عدوانه الوحشى والذى بلغ ذروته يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين وقت كتابة هذه السطور تقصف مخيم جباليا شمال القطاع بستة أطنان من القنابل والذى خلف أكثر من (400) قتيل وجريح، أغلبهم من الأطفال والنساء فى القصف الأول ولا يزال حصر أعداد القتلى والجرحى من القصف الثانى مستمراً حتى كتابة هذه السطور.
بينما يتواصل هذا العدوان الوحشى وحيث ترفض أمريكا وقفه حسبما أكده وزير خارجيتها بلينكى يوم الثلاثاء الماضى أن وقف إطلاق النار لايزال مستبعداً!!.
لذا فإنه يتضح جلياً أن العدوان الصهيونى المدعوم أمريكياً لا يستهدف حركة حماس بحسب الادعاءات الإسرائيلية والغربية، بل إنه يستهدف فى حقيقته تدمير غزة المحاصرة وتحويلها إلى أرض غير قابلة للحياة بعد قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين العزل لإجبار سكان القطاع على النزوح خارجها هرباً من الموت قتلاً وجرحاً وجوعاً، خاصة مع انهيار المنظومة الصحية وعجزها عن علاج مئات الجرحى المشرفين على الموت المحقق، وهذا الأمر الذى يعنى ويؤكد أن مؤامرة التهجير يجرى تنفيذها بإصرار.. سبيلاً لمخطط تصفية القضية الفلسطينية.
الأخطر بل الأحقر فى هذا العدوان البربرى هو الحصار المفروض على غزة والذى يحول دون السماح بإيصال المساعدات الإنسانية الضرورية الكافية وحيث لا تمثل المساعدات التى سمحت إسرائيل بدخولها سوى نقطة فى بحر والأكثر حقارة وسفالة هو الرفض التام لدخول الإمدادات البترولية الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء والمستشفيات التى خرج أغلبها من الخدمة فعلاً بينما لم يتبق سوى ساعات على خروج كل المستشفيات من الخدمة نهائياً.
لقد أكد هذا العدوان الصهيونى المتواصل بوحشية وضراوة ضد الفلسطينيين العزل أن النظام العالمى الحالى قد سقط فى هاوية الخزى والعاز والنفاق وأن الضمير الإنسانى قد غاب أمام مشاهد تدمير غزة ومشاهد القتلى والجرحى والبيوت المهدمة وإطلاق ما تبقى منها ومشاهد الأطفال الرضع المقتولين بطائرات قوات الاحتلال وأمام مشاهد هلع وفزع وبكاء وصراخ وأنين الأطفال الجرحى وأمام مشاهد جثث الشهداء المتراصة فى انتظار البحث عن أماكن تكفى لقبورهم بعد أن ضاقت مساحات القبور فى القطاع وأمام مشاهد عجز أجهزة الدفاع المدنى التى تفتقد إلى الإمكانيات والمعدات للبحث عن جثث الضحايا تحت الأنقاض وانتشالهم وأمام مشاهد الجرحى فى طرقات المستشفيات فى انتظار الموت المحقق.
***
غير أنه على الجانب الآخر من الحكومات الغربية الداعمة للعدوان الصهيونى يبزغ ضوء إنسانى حتى وإن جاء متأخراً بعض الشىء عندما تقول منطمة اليونيسيف أن غزة تحولت إلى مقبرة للأطفال، وعندما يعترض مسئول وزارة فى الحكومة البريطانية على المجازر ضد الفلسطينيين وهو الاعتراض الذى دفع ثمنه بإقالته، وعندما تخرج المظاهرات الشعبية فى عواصم ومدن الغرب الأمريكى الأوروبى تنديداً بالعدوان وقتل المدنيين والأطفال والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، فإن ذلك بعنى أن شعوب الغرب ترفض دعم الحكومات للكيان الصهيونى لقتل الأطفال الأبرياء بعد أن أدركت زيف الادعاءات الأمريكية التى تروجها تلك الحكومات حول مزاعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها.
لقد أكدت مظاهرات الشعوب فى الغرب سقوط الدعاية الصهيونية والأمريكية من حركة المقاومة المشروعة ضد الاحتلال واتهامها الكاذب بذبح الأطفال الإسرائيليين ومن ثم وصمها بالإرهاب وهى الكذب الذى فضحته السوشيال ميديا بعدما فضحت بربرية الكيان الصهيونى وقتله للمدنيين والأطفال والنساء وحيث بدت أهمية هذه المنصات الإلكترونية الحديثة بنشر مشاهد العدوان وحيث تغلبت على آلة الإعلام الغربى والصهيونى.
وفى هذا السياق فإن ثمة تحية وتقديراً واجبين للسيد أنطونيو جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة لموقفه المحترم والجرىء من منطلق مسئوليته الأممية إزاء القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى وقتل الأطفال فى غزة.
***
وفى نفس الوقت ووسط حالة الغضب ومشاعر القهر التى تخيم على المشهد العربى أمام العدوان الوحشى على غزة وجريمة الإبادة التى يتعرض لها الفلسطينيون، وحيث ظلت الشعوب العربية تتطلع إلى مواقف فاعلة وواجبة من جانب حكوماتها ترقى إلى مستوى الحدث الخطير الراهن والعدوان الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى العربى جاء إعلان جامعة الدول العربية يوم الاثنين الماضى (30 أكتوبر) وبعد ثلاثة أسابيع من العدوان المتواصل عن عقد قمة عربية (طارئة وعاجلة) بعد (11) يوماً أي في يوم السبت القادم (11) نوفمبر الجارى أى بعد مرور أكثر من شهر ونصف على العدوان، ومن ثم فإن على الفلسطينيين فى غزة المحاصرة الذين يقتل منهم المئات يومياً ويموتون جوعاً وعطشاً، انتظار انعقاد هذه القمة (العاجلة) ريثما يموت آلاف آخرون أو تكون غزة قد أزيلت من الخريطة!!
***
ومن المفارقات المؤسفة المخزية فى المشهد العربى وبينما تضىء القنابل الصهيونية سماء غزة كل ليلة، فإن المملكة العربية السعودية (بلد الحرمين الشريفين) مشغولة تماماً بمهرجانات الرقص والغناء فى موسم الرياض الرابع وحيث تملأ أضواء الاحتفالات سماء العاصمة السعودية، وحيث وصف أحد المواقع الإعلامية الأوروبية (وليس العربية) احتفالات الرياض بأنها رقص على دماء الشعب الفلسطينى فى غزة، ولعل انشغال السعودية بالغناء والرقص فى موسم الرياض الترفيهى هو السبب الحقيقى وراء إرجاء عقد القمة العاجلة والطارئة (11) يوماً!.
***
يبقى أن قراءة المشهد الكارثى فى غزة جراء العدوان الصهيونى الوحشى المدعوم عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً من جانب الغرب بقيادة أمريكا تستدعى التوقف أمام بعض الحقائق والمواقف وكذلك تصحيح بعض المصطلحات والتعبيرات المتداولة.
إن إصرار مجرم الحرب نتنياهو على مواصلة العدوان بكل غطرسة وعناد إنما يستهدف إطالة أمد العدوان لأطول فترة ممكنة وعلى النحو الذى يطيل بقاءه فى رئاسة الحكومة بالهروب للأمام خوفاً من محاكمته الآتية بعد انتهاء عدوانه وبالتالى دخوله السجن، ومن ثم فإنه لا يمارس بحسب زعمه حق إسرائيل فى الدفاع ولكن دفاعاً عن نفسه ومنصبه السياسى لعلمه أن مستقبله السياسى قد انتهى إلى الأبد.
حتى محاولته لتوسيع الهجوم على غزة بحراً وبراً والتوغل البرى بعد تراجعه عن الإقدام على اجتياح القطاع فقد بدت محاولة فاشلة خاصة بعد العمليات التى شنتها كتائب القسام داخل أراضى الكيان مع تصديها لعمليات التوغل البرى واشتباكها مع القوات الإسرائيلية وتكبيدها خسائر كبيرة فى أرواح الجنوت والآليات وهو الأمر الذى يعكس بسالة المقاومة ويؤكد أنها حاضرة فى المواجهة وبقوة.
إن غطرسة نتنياهو وغباء الاستقواء الأمريكى بحاملات الطائرات وجنود المارينز قد يسفران عن توسيع دائرة الصراع وإشعال حرب إقليمية واسعة سوف تدفع أمريكا تكلفتها الباهظة.
إن العدوان على غزة ليس حرباً ضد حماس كما يتردد فى الإعلام الغربى والعربى على حد سواء، إذ إن التعبير الصحيح والدقيق أنه عدوان بربرى على الشعب الفلسطينى الأعزل وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية حيث تؤكد المجازر اليومية ومشاهد التدمير وقتل الأطفال.
الصحيح أيضاً أن يقال المطالبة بوقف العدوان وليس وقف إطلاق النار الذى لا يستخدم إلا فى الحرب بين دولتين وليس بين جيش جرار بطائراته وقنابله وبين شعب أعزل.
إن حركة المقاومة الإسلامية حماس ليست حركة إرهابية ولكنها حركة تحرر وطنى ضد احتلال مغتصب للأراضى وينتهج سياسات القمع والقتل والفصل العنصرى ضد الشعب الفلسطينى، وهى حركة تمارس حق المقاومة المشروع بحسب المواثيق والقوانين الدولية.
إن الدعم اللامحدود الذى تقدمه إدارة الرئيس الأمريكى بايدن لإسرائيل فى عدوانها ضد الشعب الفلسطينى ورفضها وقف العدوان (وقف إطلاق النار) يؤكد أن أمريكا تمارس عدواناً على العرب والفلسطينيين وسوف تدفع ثمناً باهظاً فى قادم الأيام أو حتى السنوات.
إن جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل دون أى عقاب دولى يؤكد أنها دولة فوق القانون الدولى وفوق الأمم المتحدة بفعل الحماية الأمريكية لها وإلى درجة وصف وزير الخارجية الصهيونى لقرارات الجمعية العامة بالإجماع بوقف العدوان بأنها قرار مشين ودنىء وإلى درجة الإساءة للأمين العام للأمم المتحدة ومطالبته بالاستقالة.
***
أما على الصعيدين المصرى والعربى فقد بدا مؤسفاً أن تتماهي شخصيات مع الكيان الصهيونى وجند المقاومة الفلسطينية المشروعة وأن نسمع ونشاهد أصواتاً شاذة تنعق فى الإعلام تصف حماس بالمنظمة الإرهابية وتدين مقاومتها ضد الاحتلال المغتصب المتآمر على الشعب الفلسطينى العربى وحيث بدا هؤلاء صهاينة عرباً مثلهم مثل الصهاينة اليهود الإسرائيليين، وهؤلاء مكانهم مزبلة التاريخ.
إن صمود الشعب الفلسطينى الغادر فى غزة رغم المجازر والدمار وآلاف الشهداء والجرحى ورغم قتل آلاف الأطفال هو مدعاة لفخر كل عربى يقدر ما يؤكد أن الفلسطينيين متمسكون بالبقاء فى أرضهم وصامدون فى مواجهة مخطط التهجير.
***
يبقى أمام تلك المشاهد والمواقف والحقائق أن القضية الفلسطينية باتت بين رهانين.. رهان تمرير المخطط الصهيونى الأمريكى لتصفية القضية ورهان القدرة العربية لإجهاض المخطط، والأيام المقبلة سوف تفصح عن الرهان الرابح.