جولد بيليون: استمرار تراجع الدولار الأمريكي يدفع الذهب لأعلى مستوى في أسبوع
سوق الذهب في مصر يتجاهل تحريك الفائدة الأمريكية 0.25%
ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها في أسبوع اليوم الخميس على خلفية ضعف الدولار الأمريكي، حيث استوعب المتداولون تعليقات متوازنة إلى حد ما من رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول بعد زيادة متوقعة على نطاق واسع في أسعار الفائدة.
يتداول سعر الذهب الفوري اليوم الخميس وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1975 دولار للأونصة، مسجلا ارتفاع بنسبة 0.3%، وقد سجل أعلى مستوى في أسبوع عند 1982 دولار للأونصة، ويعد هذا الارتفاع الثالث على التوالي في أسعار الذهب على حساب تراجع مستويات الدولار الأمريكي.
قام البنك الاحتياطي الفيدرالي أمس برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليوافق توقعات الأسواق وتصل الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2002 عند 5.25% - 5.50%، ليشهد الاجتماع حيادية بنسبة كبير من جانب الفيدرالي ورئيسه بالنسبة لمستقبل أسعار الفائدة.
البنك الفيدرالي خفف من مخاوفه بشأن الركود الاقتصادي المحتمل وزاد من فرص الوصول بمعدلات التضخم إلى مستهدفها دون الدخول في ركود اقتصادي، كما أشار إلى تمسكه بمواجهة التضخم والوصول به إلى مستهدف البنك، وفق جولد بيليون
بالنسبة لمستقبل السياسة النقدية خلال المتبقي من العام أشار الفيدرالي أن الباب مفتوح إلى أكثر من احتمال وأن القرار سيتم اتخاذه وفقاً للبيانات الاقتصادية التي تصدر قبل كل اجتماع، ولكن الأكيد أن البنك الفيدرالي لن يلجأ إلى خفض الفائدة هذا العام.
وبالنسبة لاجتماع البنك في شهر سبتمبر القادم فقد أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول أن البنك قد يقوم برفع الفائدة هذا الاجتماع أو تثبيتها على مستوياتها الحالية وأن البيانات الاقتصادية ستكون هي الفيصل في قرار البنك.
وعند سؤال رئيس البنك عن التراجع الأخير في مستويات التضخم أشار أنه أمر جيد ولكن لا يمكن الاعتماد على بيانات مؤشر واحد فقط للتضخم تصف أداء شهر واحد فقط، وأن البنك يقبل مزيد من التباطؤ في أداء الاقتصاد وقطاع العمالة من أجل دفع التضخم إلى مزيد من الهبوط الحقيقي.
نتائج اجتماع البنك الفيدرالي جاءت سلبية إلى حد ما على أداء الدولار الأمريكي، فقد انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية يوم أمس بنسبة 0.3% ليستكمل رحلة الهبوط اليوم ويسجل أدنى مستوى في أسبوع منخفضاً بنسبة 0.4%.
انخفاض مستويات الدولار الأمريكي جاءت بسبب حيادية البنك الفيدرالي بالنسبة لمستقبل أسعار الفائدة، بالإضافة إلى عدم ذكر نية البنك صراحة لرفع الفائدة مرة أخرى خلال النصف الثاني من العام، الأمر الذي زاد من الضغط السلبي على الدولار مقابل العملات الرئيسية خاصة أن البنوك المركزية الأخرى متوقع لها الاستمرار في رفع الفائدة.
مكاسب الذهب الأخيرة اعتمدت بشكل كبير على ضعف الدولار الأمريكي، بينما الطلب على الذهب نفسه كملاذ آمن قد يشهد بعض التباطؤ خاصة بعد ان قلل البنك الفيدرالي خلال اجتماعه من مخاطر الركود الاقتصادي، وهو الوضع الذي يتزايد فيه الطلب على الذهب كملاذ آمن.
أما عن عوائد السندات الحكومية الأمريكية فتشهد تذبذب خلال الفترة الحالية خاصة بعد اجتماع الفيدرالي الذي لم يوضح توجه معين للسياسة النقدية خاصة المتعلقة بالفائدة، وبالتالي استمرت التحركات العشوائية لعوائد السندات بالقرب من أعلى مستوياتها في أسبوعين.
أسعار الذهب ترتبط بعلاقة عكسية مع أداء عوائد السندات بسبب تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يرتفع بزيادة الفائدة.
و تصدر بيانات النمو عن الاقتصاد الأمريكي مع توقعات بتسجيل نمو بنسبة 1.8% خلال الربع الثاني مقارنة مع القراءة السابقة بنسبة 2%، كما يصدر غدا مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يعد مؤشر التضخم المفضل للبنك الفيدرالي.
أيضاً سيعلن البنك المركزي الأوروبي عن قراره بشأن أسعار الفائدة مع توقعات برفع الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وقد تساهم تحركات البنك الأوروبي في التأثير على مستويات الدولار بشكل ملحوظ، منذ كون الولايات المتحدة أقرب إلى الوصول إلى سعر الفائدة النهائي من البنوك المركزية الأخرى مثل بنك إنجلترا أو البنك المركزي الأوروبي.
وترى جولد بيليون أن الفارق في السياسة النقدية ومعدلات التضخم بين الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأوروبية قد يعمل على زيادة الضغط السلبي على الدولار وبالتالي سيعمل هذا على دفع الذهب إلى الارتفاع.
أسهم شركات الذهب
شهدت أسواق السلع أداء إيجابي قوي خلال الأربع أسابيع الأخيرة وذلك في ظل انتعاش أسعار العديد من السلع على حساب التراجع في مستويات الدولار الأمريكي، الأمر الذي يزيد من إقبال المستثمرين إلى الاستثمار في السلع منذ كون مؤشرات السلع هي مقاييس للاستثمار.
مؤشر S&P GSCI يعمل كمعيار للاستثمار في أسواق السلع وكمقياس لأداء السلع بمرور الوقت، شهد ارتفاع اليوم بنسبة 0.5% ليسجل أعلى مستوياته منذ منتصف شهر ابريل الماضي وذلك ليستمر في أداؤه الإيجابي الذي استمر لأربعة أسابيع متتالية.
على المستوى الأسبوعي ارتفع المؤشر بنسبة 2.4% ومنذ بداية شهر يوليو الذي شهد طفرة في أداء المؤشر ارتفع بنسبة 8.8% حتى اليوم.
يعكس هذا الأداء القياسي في مؤشر السلع مدى جاذبية أسواق السلع للاستثمارات خلال الفترة الحالية، وهو الأمر الذي يزيد من الدعم لأسعار الذهب بشكل غير مباشر خاصة بعد أن تم وضع الأهداف الصاعدة للذهب فوق المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.
أما عن أسهم شركات الذهب والتعدين فتشهد استقرار إلى حد ما بعد ان فقدت فرصة الارتفاع يوم أمس بسبب اجتماع البنك الفيدرالي الذي غاب عنه الوضوح بشأن مستقبل أسعار الفائدة السياسة النقدية.
شركة نيومونت المصنفة أكبر شركة ذهب وتعدين في العالم باحتياطي من الذهب يصل إلى 96.1 مليون أونصة في إحصاء ديسمبر الماضي، شهد سهم الشركة المتداول في بورصة نيويورك ارتفاع طفيف هذا الأسبوع بنسبة 0.8% لتبقى ضمن مستويات متذبذبة خلال الفترة الأخيرة.
أسواق الأسهم الأمريكية بشكل عام فشلت في تحقيق استفادة بعد اجتماع الفيدرالي يوم أمس، على الرغم من تراجع مستويات الدولار الأمريكي، وذلك بسبب تجنب البنك إظهار انحياز واضح بشأن مستقبل السياسة النقدية.
أسعار الذهب في مصر
استمر سوق الذهب في مصر في تحركاته الضعيفة متجاهلاً نتائج اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي يوم أمس والذي فشل في دعم أسعار الذهب العالمي بالشكل الذي كان متوقع، ليظل سوق الذهب في حالة ترقب وسط تطورات عديدة في السوق المحلي.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الخميس 2165 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة اليوم عند 2170 جنيه للجرام لتظل حركة الذهب في نطاقات ضيقة منذ 3 أسابيع، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17320 جنيه.
الفترة الأخيرة شهدت انفصال في تسعير الذهب في السوق المحلي عن السوق العالمي، فقد استمر الذهب في السوق المحلي في الانخفاض التدريجي أو الاستقرار في الوقت الذهب شاهدنا تحركات كبيرة صعوداً وهبوطاً في سعر الأونصة العالمية.
عوامل التسعير الأخرى للذهب المحلي كانت السبب وراء التحركات الضعيفة في السوق المحلي مؤخراً، خاصة مع تراجع الطلب الموسمي على الذهب في هذا الوقت من العام إلى جانب ضعف السيولة النقدية لدى المتعاملين في سوق الذهب.
أيضاً مبادرة السماح بواردات الذهب بدون رسوم جمركية ساهم بشكل أساسي في تحقيق الاستقرار الحالي في مستويات الأسعار بعد أن زادت من المعروض المحلي مقارنة مع الطلب الذي يشهد تراجع.
هذا وتشهد الأسواق المحلية تحركات من جانب القطاع المصرفي في محاولة لسحب السيولة النقدية من الأفراد والأسواق للعمل على كبح جماح التضخم.
فقد أعلن كل من بنك مصر والبنك الأهلي أكبر بنكيين حكوميين عن شهادتين بأجل 3 سنوات بالدولار الأول تقدم عائد بنسبة 7% يصرف بالدولار كل 3 أشهر، والثانية بعائد تراكمي بنسبة 27% يصرف مقدماً بالجنيه المصري، وقد صرح البنكين بقبول أي مبلغ في الودائع بدون حد أقصى وبدون السؤال عن مصدر الأموال.
من جان بآخر قام البنك العربي الأفريقي بالإعلان عن شهادة بأجل 3 سنوات بالجنيه المصري بعائد تراكمي يصرف مقدما بنسبة 40% بحد أدنى 5000 جنيه وبدون حد أقصى.
تهدف هذه الشهادات سحب السيولة النقدية سواء بالدولار أو بالجنيه المصري من الأسواق لمحاولة الحد من التضخم المتزايد لمستويات قياسية وتوفير سيولة دولارية داخل النظام المصرفي في ظل تقديم عائد قياسي بالنسبة للمودعين.
وقد قدر نائب رئيس البنك الأهلي حجم السيولة الدولارية خارج القطاع المصرفي بـ 4 مليار دولار، ويدرس عدد من البنوك التجارية إمكانية طرح شهادات دولارية أسوة بالبنك الأهلي وبنك مصر.
يأتي هذا في ظل معاناة الحكومة المصرية في توفير العملة الصعبة للوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية، فقد صرح البنك الدولي أن مصر عليها سداد ما قيمته 15.3 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الجاري، منها 2.8 مليار دولار على الحكومة المصرية و 8.3 مليار دولار على البنك المركزي المصري.
وكان يتعين على مصر سداد 18.6 مليار دولار خلال الربع الثاني من 2023 بواقع 2.1 مليار دولار على الحكومة المصرية و7.2 مليار دولار على البنك المركزي.
التطورات الحالية في السوق المصرفي وانعكاسها على الأسواق قد تعمل مع الوقت على تغير في الطلب على الدولار في السوق الموازية الذي يستخدم في تسعير الذهب وبالتالي على سعر الذهب نفسه خلال الفترة القادمة.
سيتوقف هذا على حجم ايداعات المواطنين في الشهادات الدولارية وحجم السيولة النقدية التي ستدخل النظام المصرفي من جديد سواء بالدولار أو بالجنيه المصري.
أما عن أخبار تعدين الذهب فقد حصلت الحكومة على 59 مليون دولار نصيبها من أرباح منجم السكري وذلك خلال النصف الأول من العام الجاري بالإضافة إلى إتاوات تعدين بواقع 33.2 مليون دولار.
ارتفعت إنتاجية منجم السكري خلال النصف الأول من العام بواقع 220.56 ألف أونصة مقابل 203.98 ألف أونصة خلال النصف الأول من عام 2022.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
تحاول أسعار الذهب الفورية حالياً اختراق مستوى المقاومة 1980 دولار للأونصة والذي يفتح الباب إلى المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة في حالة الاختراق الناجح له، يذكر أن آخر اغلاق فوق هذا المستوى كان بتاريخ 17 مايو 2023.
يبقى هذا المستوى هو الأهم وحدوث اغلاق أسبوعي فوق المستوى يعد دعم كبير للذهب للاستمرار للارتفاع وصولاً للمستوى النفسي، بينما الفشل في اختراق مستوى المقاومة يعيد السعر إلى مستويات 1965 – 1950 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن سعر جرام الذهب عيار 21 يستمر في الحركة في نطاقات ضيقة بين 2155 – 2175 جنيه للجرام وكسر هذه المنطقة لأسفل يفتح الباب لمناطق 2130 – 2120 جنيه للجرام.