جولد بيليون: ضعف الدولار يتسبب في صعود الذهب 0.3% بالبورصة العالمية
تعافي الذهب في البورصة العالمية يدفع الأسعار في السوق المصري لمستوى 2295 جنيها
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الجمعة مدعومة بضعف الدولار وذلك على الرغم من التوقعات برفع أسعار الفائدة لفترة أطول في الولايات المتحدة الأمريكية وفقاً لتصريحات البنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه الأخير.
سجلت أسعار الذهب الفورية ارتفاعاً اليوم بنسبة 0.3% لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند 1963 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد التذبذب الحاد خلال جلسة الأمس والتي سجل خلالها الذهب أدنى مستوى في 3 أشهر عند 1924 دولار للأونصة قبل أن يعكس حركته نحو الأعلى ويغلق مرتفعاً بنسبة 0.8% عند المستوى 1957 دولار للأونصة.
الذهب في طريقه إلى اغلاق تداولات الأسبوع بشكل هادئ بعد التذبذب الكبير الذي عانى منه خلال هذا الأسبوع، فتداولات الذهب حتى الآن ضمن نطاق التداولات الذي يستوعب حركته منذ أكثر من 3 أسابيع وذلك على الرغم من اجتماع الفيدرالي.
السبب الرئيسي وراء هذا التذبذب في أداء الذهب هو التضارب بين تصريحات البنك الفيدرالي في اجتماعه الأخير وبين البيانات الاقتصادية وتوقعات الأسواق.
فقد قام الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه وصرح على لسان جيروم باول رئيس البنك أن جميع أعضاء البنك تقريباً يروا مزيد من رفع الفائدة حسب الحاجة لمواجهة التضخم، وأنهم لا يروا خفض لأسعار الفائدة هذا العام، وأن التفكير في خفض الفائدة سيكون في الوقت الذي ينخفض فيه التضخم بشكل كبير ونتحدث عن عامين من الآن.
هذا بالإضافة إلى صدور مخطط أسعار الفائدة الذي يعد توقعات فردية لأعضاء البنك ليشير الأغلبية إلى إمكانية رفع الفائدة هذا العام مرتين بواقع 25 نقطة أساس في كل مرة.
الذهب انخفض بعد اجتماع الفيدرالي بسبب التصريحات ولكن بشكل مؤقت وذلك بعد صدور بيانات أمريكية سببت تضارب ضد توقعات الفيدرالي وتسببت عدم يقين في الأسواق، لينعكس هذا بالإيجاب على أداء المعدن النفيس ليعوض خسائره هذا الأسبوع.
صدرت يوم أمس بيانات أعداد المتقدمين لملء طلبات اعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة وأظهرت ارتفاع مماثل للقراءة السابقة عند أعلى مستوى منذ عام ونصف، الأمر الذي يعكس تأثر قطاع العمالة بشكل سلبي.
هذا بالإضافة إلى بيانات التضخم التي صدرت هذا الأسبوع قبل اجتماع الفيدرالي وأظهرت تراجع في معدلات التضخم في مايو، الأمر الذي يدل على ضعف في العوامل التي يعتمد عليها الفيدرالي في تقييم الاقتصاد ورفع الفائدة، ما يدل أن الاقتصاد قد لا يتحمل رفع الفائدة مرتين هذا العام كما أشار البنك.
من ناحية أخرى دفع الدولار الأمريكي الثمن وراء تضارب التوقعات في الأسواق لينخفض بشكل حاد خلال تداولات الأمس في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي هو الأكبر منذ الأسبوع الأول في شهر نوفمبر الماضي وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
انخفض مؤشر الدولار يوم أمس بنسبة 0.8% لليوم الثالث على التوالي واليوم سجل أدنى مستوى له في شهر قبل أن يبدأ في التعافي ويرتفع بنسبة 0.1%. يأتي تراجع الدولار بسبب ضعف بيانات قطاع العمالة الأمريكية بالإضافة إلى قيام البنك المركزي الأوروبي برفع الفائدة ربع نقطة مئوية والإشارة إلى مزيد من التشديد ليسجل اليورو ارتفاع كبير على حساب الدولار.
هذا وقد انخفض العائد على السندات الأمريكية يوم أمس بانخفاض مستويات الدولار، فقد سجل العائد على السندات لأجل 10 سنوات انخفاض بنسبة 1.8%، بينما انخفض العائد على السندات لأجل عامين الأكثر تأثراً بتغير أسعار الفائدة بنسبة 1%.
تراجع مستويات الدولار وتراجع العائد على السندات ساعد على تعافي الذهب يوم أمس ليتخلص من التأثير السلبي لاجتماع البنك الفيدرالي، وذلك في ظل العلاقة العكسية التي تربط الذهب الدولار كون المعدن النفيس سلعة تسعر بالدولار.
تسعير الأسواق الآن بالنسبة لأسعار الفائدة يشير إلى احتمال بنسبة 72% أن يقوم البنك الفيدرالي برفع الفائدة 25 نقطة أساس خلال اجتماع يوليو القادم.
توقعات أداء الذهب خلال الفترة القادمة
حقيقة رفع الفائدة الأمريكية خلال الفترة القادمة تسبب ضغط سلبي كبير على أسعار الذهب وقد ساهم هذا بالفعل بكسر الذهب للحد السفلي لنطاق التداول الذي سيطر عليها منذ أكثر من 3 أسابيع عند 1930 دولار للأونصة، ولكنه سرعان ما عاد إلى الارتفاع من جديد بعد انهيار مستويات الدولار يوم أمس.
المدى القريب يشهد ضغوط سلبية على أسعار الذهب قد تعيدها إلى مناطق الدعم القوية عند 1900 دولار للأونصة، وذلك بسبب أداء السياسة النقدية الأمريكية المتشدد وتأثير ذلك السلبي على أسواق الذهب كونه يجذب الاستثمارات لصالح أسواق السندات على حساب الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
بينما على المدى المتوسط نجد أن الأفضلية تعود للذهب بشكل كبير وذلك بسبب عدد من العوامل أهمها الضعف المتوقع للاقتصاد الأمريكي وتوقعات بسقوطه في ركود اقتصادي معتدل بحلول الربع الأول من 2024.
أيضاً استمرار التشديد النقدي والتضييق الائتماني من المحتمل أن يتسبب في أزمات جديدة للبنوك الأمريكية بعد انهيار 4 بنوك دفعة واحدة خلال النصف الأول من العام. وهو ما يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن في أوقات الأزمات العالمية.
من جهة أخرى نجد أن التأكيدات مستمرة من قبل مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية مستمرة في شراء الذهب مستغلة ضعف الأسعار الحالي وهو ما يعد دعم كبير للمعدن النفيس.
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن تظهر تراجع مخزونات الذهب
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن (LBMA) وهي رابطة تجارية دولية تمثل السوق العالمي لسبائك الذهب والفضة التي لديها قاعدة عملاء عالمية. أظهرت في تقرير لها أنه مع نهاية مايو 2023 وصلت كمية الذهب المحتفظ بها في خزائن لندن إلى 8903 طن منخفضة بنسبة 0.7% عن الشهر السابق، لتصل قيمته إلى 562.3 مليار دولار أي ما يعادل حوالي 712212 سبيكة ذهب.
تدل هذه البيانات على قدرة لندن لدعم سوق التداول اللحظي للذهب ومع هذا التراجع في مخزونات الذهب فإن هذا يعكس تراجع الطلب على الذهب خلال الفترة الماضية بعد تراجع أسعار الذهب تحت مستويات الـ 2000 دولار للأونصة.
يعد هذا مؤشر على ضعف توقعات أسعار الذهب على المدى القصير، وقد نشهد تزايد في المخزونات من الذهب في خزائن لندن مع مرور الوقت عندما يعود الذهب ليتولى زمام الأمور مجدداً.
أسعار الذهب في مصر
تماسك في أسعار الذهب في مصر خلال تداولات اليوم مع نهاية الأسبوع بعد سلسلة من الانخفاض التدريجي في أسعار الذهب خلال الفترة الماضي، يأتي هذا التماسك بعد أن استطاع سعر الذهب العالمي أن يقاوم التأثير السلبي لاجتماع البنك الفيدرالي ويقبل على انهاء الأسبوع بشكل متماسك.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الجمعة 2295 جنيه للجرام بعد أن شهد تراجع خلال هذا الأسبوع وصل به إلى أقل سعر عند 2260 جنيه للجرام مقترباً من القاع السعري الذي سجله خلال الفترة الماضية عند 2200 جنيه للجرام.
توقف أسعار الذهب عن المزيد من الهبوط خلال جلسة اليوم يأتي بعد تعافي الذهب في الأسواق العالمية بعد أن انتهى التأثير السلبي لاجتماع الفيدرالي إلى جانب الانخفاض الكبير في مستويات الدولار في السوق العالمي يوم أمس.
أيضاً تجد أسواق الذهب المحلية الدعم من التوقعات التي تتزايد أن البنك المركزي المصري لن يلجأ إلى خفض جديد في سعر الفائدة خلال الشهر الجاري، وأن القرار سيتم تأجيله حتى توفر الحكومة السيولة الدولارية الكافية من خلال صفقات بيع حصة الدولة في العديد من الشركات.
تزايدت هذه التوقعات وهذا التوجه في الأسواق بعد حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء الماضي وإشارته أن سعر الصرف أمن قومي لمصر الأمر الذي قضى على شائعات استمرت لفترات طويلة في الأسواق بشأن خفض جديد في مستويات الجنيه مقابل الدولار خاصة مع تزايد مطالبات المؤسسات العالمية بهذا من أجل تحقيق مرونة في أسعار الصرف.
خفضت مصر سعر صرف عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير الماضي، ليهوي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو أكثر من 25% خلال الأشهر الأخيرة، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس 2022، ليُتداول حالياً عند 30.95 جنيه لكل دولار.
وتعمل مصر على توفير النقد الأجنبي اللازم للوفاء بالتزاماتها سواء من خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي أو من خلال بيع حصص مملوكة للدولة في شركات في عدد من القطاعات.
هذا وقد تم تأجيل المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولي على برنامجه وكان المقرر إجرائها في منتصف مارس الماضي، وذلك بسبب عدم تحقيق أهداف البرنامج من قبل الحكومة، وتعمل الحكومة حالياً على الإسراع بشكل كبير في طرح الشركات المملوكة للدولة وتوفير سيولة نقدية مناسبة لإجراء المراجعة الأولى للصندوق والحصول على الشريعة الثانية من البرنامج البالغ قيمته 3 مليار دولار.
من جهة أخرى تراجع سعر سندات مصر الدولية بأكثر من 2% يوم أمس الخميس بعد الإعلان عن انضمام مصر في تجمع البريكس، وهو ما قد يساعدها على التبادل التجاري بالعملة المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار.
ساهمت هذه العوامل مجتمعة في تحقيق الاستقرار في أسواق الذهب الذي يعد مقياس لمدى التخوفات لدى المستثمرين والمواطنين في الأسواق، وقد انعكس هذا على تراجع الأسعار خلال الفترة الماضية والتحركات الهادئة في الذهب سواء في الصعود أو الهبوط ما يعني أن الطلب قد اعتدل وبالتالي عادت الثقة بعض الشيء إلى الأسواق.