أشرف غراب يكتب : كلمة السر.. بيت العائلة
بقلم: أشرف غراب
لست فى معرض الدفاع عن نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، ولا عن الإسلام، لأن الله تكفَّل بدينه ونبيه، وليس بعد كفالة الله أى كفالةٍ، فقد قال لنبيه، خاتم المرسلين والنبيين "إنا كفيناك المستهزئين"، ولست أيضًا فى مقام الإطراء وتسطير معسول الكلام؛ لغرس المحبَّة، وإنبات الأُلفة واللين، وإظهار الأخوَّة وقبول الأخ لأخيه، بين قطبى الأمة المصرية، المسلمين والأقباط، لأنها جدُّ قائمة، ويشهد عليها الدليل والبرهان والمنطق، والكتب السماوية التى قالت "ولتجدنَّ أقربهم مودَّةً الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانًا وأنهم لا يستكبرون"، وحروب مصر ضد أعدائها منذ قديم الأزل، وكفى بنا شاهدًا انتصار أكتوبر ١٩٧٣، ليُؤكد أن الدماء واحدة، روت أرضًا واحدةً، وفاز بها إخوة فى وطن واحد غير متفرقٍ أو متشرذمٍ، أو يُعانى فتنًا طائفية.
ماذا يحدث بالتحديد؟!.. هذا هو السؤال الذى يجب الإجابة عنه بكل وضوحٍ وشفافيةٍ؛ ليتبيَّن كل شىءٍ ويُكشف عن ساتره ومكنونه، وما يرمى إليه من جرَّاء برنامج القمص المشلوح زكريا بطرس، ذلك الذى يُقيم ويقطن حاليًا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويُلقى عبر أراضيها سمومه علينا، من خلال بثٍ مرئىٍّ مسموعٍ، لعظات بين الحين والحين؛ لإشعال فتيل الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فى كل أرجاء العالم وليس فى مصر فقط، ولمن يعرف الرجل، يُدرك تمام الإدراك خيوط المُوامرة وتفاصيليها منذ البداية، ويتروى فى كيفية التعاطى مع الأمر بحكمةٍ ودون تعصُّبٍ، حتى لا يتحقَّق الغرض الذى يرنو إليه بأيدينا، ونكون نحن الخنجر الذى ننحر به أنفسنا دون متهمٍ، رغم وجوده حرًا طليقًا، يتخفَّى خلف ستارٍ، وهو المُتسسب الأول والأخير فى الجريمة، وقد ارتكبها عن عمدٍ لخدمة أسياده، أيًا كانوا، وأغراضهم الدنيئة، المطلوب تنفيذها بكل حرفيةٍ ودون وجود أصابع اتهامٍ.
ذلك الكاهن كان قد تم شلحه من قبل فى مصر، لقيامه بمخالفة الكنيسة التابع لها فيما تدعو إليه، منذ نحو ١٨ عامًا على يد حكيم مصر البابا شنودة الثالث، بعد أن ضاقت الكنيسة منه ذرعًا وحذَّرته كثيرًا، ثم أرسلته إلى أستراليا، لكنه عاد وواصل طرائقه المتطرفة البغيضة، وهو ما رفضته الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر، فقدَّم على إثره المشلوح إعفاءً من مهامه، وسافر إلى الولايات المتحدة، ممارسًا الدور نفسه من عدة منابر إعلامية وفنادق وحانات، ما دعا إيبارشية لوس أنجلوس إلى تهديده، وطالبت شعبها بعدم حضور عظاته أو استضافته، كما حذرت منه العديد من المؤسسات العالمية، القبطية والإسلامية، واعتبرته عدوًا للأديان، وصاحب أفكارٍ مُتشددة تزرع الفتن والضغائن بين أتباع الرسالات، ومن وقتها والرجل يمارس هواية شيطانية تُعادى الجميع.
اشتد الوطيس واشتعلت المعركة أكثر، خاصةً تجاه مصر، حين أُقيم منذ أيامٍ، مؤتمرٌ جماهيرىٌّ حضره رمزا الإسلام والمسيحية فى العالم أجمع، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إضافةً إلى علماء ومفكرى مصر ومشايخها وقساوسها، ووعاظ وواعظات الأزهر، وكهنة وراهبات الكنيسة، كما حضره وزير العدل، نيابةً عن رئيس الوزراء، د.مصطفى مدبولى، ورموز الديانتين الأكبر فى العالم، للاحتفال بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس بيت العائلة المصرية، الذى أسهم بجهدٍ كبيرٍ فى تنقية مصر من التطرف، ونشر التسامح والوئام والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، ليس فى مصر فقط بل والعالم أجمع، وهو ما أصبح نموذجًا يُحتذى، وقدوةً تُتبع، وأخوَّة لا تُماثلها أخوَّة فى أى بقاع الأرض قبولًا للآخر وتعايشًا.
المؤتمر خرج بتوصيات تُضفى على جهوده الجبَّارة حيويةً ونشاطًا أكثر تأثيرًا، للدرجة التى طالبت فيه شخصيات قبطية بإدراج الراهبات والواعظات داخله، وخلق مناخ توعوى وتربوى يُجنِّب مصر الفتن والمؤامرات ولفظ الإرهاب والتطرف، والعمل معًا لحل الخلافات التى تنشأ على الأرض بغض النظر عن طرفيها، وإبراز سماحة الأديان وما جاءت به، وكيف أن رب البيت، الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجَّه مرارًا وتكرارًا بتطوير الخطاب الدينى، وأن الكل سواسية أمام الله والقانون، وحرية العقيدة مكفولة للجميع دون مصادرة حرية الآخر والجور عليه، وهو ما ضربه كبيرا البيت أنموذجًا فى التعامل، من خلال زيارات الإمام الأكبر والبابا تواضروس الخارجية، وحثهما شعبى الكنيسة والمسجد على التعانق للواحد الديان، وأن الدين للديان والوطن للجميع.
لم يرق هذا لدعاة الفتنة، على شاكلة بطرس ومن وراءه يُبايعونه، وأخذوا يتحينون الفرصة تلو الأخرى، لتعكير صفو المجتمع المصرى، وإيقاف أفراحه، فأخذوا يمكرون بليلٍ، حتى خرج علينا المشلوح يُدلى بدلوه، ويتقيأ ما فى جعبته من غلٍ وحقدٍ كبيرين، ليقول للجميع إننا لن نترككم تنعمون بما تحلمون، كما الشيطان الذى قال للإنسان اكفر، فلم كفر ووجد مصيره، عاتبه، فرد عليه قائلاً إنى برىء منك إنى أخاف الله رب العالمين.. لذلك، ولأجل استمرار المكتسبات، يجب تفويت الفرصة على هؤلاء الخونة، وإعطاءهم درسًا فى الدهاء والذكاء المصرى، بعدم الانجرار ورائهم، وجعل وسائل التواصل ملحمة حُب بيننا، وفى رسلنا وأنبيائنا، جميعهم، وعلى رأسهم سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وستنا العذراء، ونبينا عيسى، عليه السلام، وقادتنا رمزى الإسلام والمسيحية، د.أحمد الطيب والبابا تواضروس، وليمت بطرس وأعوانه كمدًا فى مخابئهم.. حفظ الله مصر بقطبيها موحَّدةً متآخية متحاببة.