بقلم محمد عبد المنصف : مصر.. والاستثمار الرياضي في أفريقيا
يقدر حجم الاستثمار الرياضي في العالم بنحو 500مليار دولار سنويا، يذهب 250 مليار منهم للإنفاق علي البث التلفزيوني للمباريات،والمشاركة في الفعاليات المختلفة من بطولات قارية وعالميه،فيما يذهب الباقي لتمويل الملابس والأجهزة الرياضية.
وبحسب خبراء الرياضه الذين شاركوا في المؤتمر الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصرية الافريقيه مؤخرا، فان هناك 200 رياضة يتم ممارستها حول العالم من خلال اتحادات رياضية، فاذا علمنا أن تعداد سكان افريقيا يفوق 1.2مليار نسمة يصبح الاستثمار في هذا المجال أمر بالغ الأهمية،ليس فقط لما يمثله من عائد اقتصادي متوقع، وانما للدور الذي يمكن أن يلعبه لتنشيط الدبلوماسية الناعمة مع شعوب هذه الدول.
وبنظرة متأنية للبطولات الرياضية نجد أن بطولة العالم لرياضة ،الدارتس التي أقيمت العام الماضي في رومانيا شارك فيها 1100لاعب من 56دولة حرصت خلالها كل الشركات العالمية علي شراء حق الدعاية لمنتجاتها علي ملابس اللاعبين، مما حقق لهذه المنتجات شهرة عالمية لا تحققها طرق الإعلانات التقليدية، وهي وسيلة لا تجيد الشركات المصرية استغلالها في الدعاية لمنتجاتها خارجيا.
والواقع أن التوسع المصري في افريقيا يتطلب انتاج براندات مصرية خالصة ذات سمعة عالمية طيبة، يراعي في إنتاجها الظروف المناخية لدول القارة التي يتميز بعضها بالارتفاع الحاد في درجات الحرارة والرطوبة، و ارتفاع مستوى بعض الملاعب لأكثر من كيلومترين فوق مستوى سطح البحر،وهي بيئة مغايرة تماما للبيئة المصرية.
ومن الملاحظ أن افريقيا تمتلك سمعة عالمية في رياضات العدو ورفع الأثقال وغيرها من الرياضات الفردية،نستطيع إنتاج ملابس رياضيه خاصه بهذه الرياضات كبداية لإنتاج براندات مصرية أفريقية ذات مواصفات عالمية، وهنا لابد أن أشير الي اصدار بعض الحكومات قرارات سيادية بعدم تعامل الرياضيين مع أي منتجات غير وطنية كالصين وعمان في آسيا وناميبيا في افريقيا.
أن فرصة الاستثمار الرياضي في أفريقيا ليست قليلة سعت إليها فعليا الصين ومعها العديد من دول العالم لاستغلالها في زيادة حجم التبادل التجاري،والتعريف بمنتجاتها المختلفة و شرح فرص الاستثمار لديها فاقامة بطولة كأس الأمم الأفريقية أو الالعاب الاولمبيه مثلا كافية تماما للتسويق العالمي لأي دولة
الأمر الذي يتطلب تبني الدولة خطة قومية لرعاية الاختراعات المحلية للاجهزه الرياضيه الحديثة التي تتطور يوما بعد يوم،والاهتمام بالتعليم التطبيقي أو التعليم الفني لإعداد كوادر بشرية قادرة علي المنافسة العالمية، وهو ما يستدعي دعوة صناديق الاستثمار للاستثمار في مجال الرياضة بالتنسيق مع القنوات الفضائية،لحجز حصة مناسبة للمنتج المصري داخل ذلك السوق.
ولابد من اعداد قاعدة بيانات تشمل عدد كليات التربية الرياضية علي مستوي القارة،وعدد الملاعب والأندية الرياضية، وعدد البراعم التي تمتلك موهبة رياضيه حقيقة تبشر بانطلاقها الي العالمية مثل لاعب ليبيريا الشهير جورج وايا والعملاق المصري محمد صلاح وغيرهم،علي أن يواكبها دراسة تحليلية لاحتياجات السوق الافريقي من الملابس الرياضية وكل مستلزمات ممارسة الألعاب المختلفة،لطرح منتجات تواكب احتياجات السوق،باعلي جودة وأقل سعر .
أن نجاح أي فكر قومي يتطلب اقتناع القائمين على تنفيذه بأهميته للبلاد سياسيا واقتصاديا،وهو ما يتطلب انتاج سلسلة من البرامج التليفزيونية للترويج لذلك الفكر محليا وإقليميا عالميا، وهو ما لن يؤتي ثماره الا بإيمان كل فريق العمل بجدوي المشروع في المدي البعيد،اذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر عندما كلف الاستاذ محمد فائق في نهاية الخمسينيات بفتح الباب أما السلع المصرية داخل افريقيا،كانت مصر تنتج اجود انواع القطن عالميا من مصانع غزل المحلة ونظيرتها بكفر الدوار ولكنها كانت مرتفعة الثمن،فقام باستيراد قطن قصير التيلة واستيراد ماكينات غزل تناسب هذه النوعية من القطن لتوفير الملابس بجودة مقبولة وبأسعار رخيصة،حيث نجحت مصر في فتح أسواق كثيرة لدي أغلب الدول الأفريقية طوال حقبة الستينات،نتمني أن ننجح في القرن الحادي والعشرين في اعادة التجربة.