الأموال
الجمعة 20 سبتمبر 2024 04:36 صـ 17 ربيع أول 1446 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: البلطجة.. إرهاب آخر فى مصر

 

في الوقت الذى تواجه فيه مصر خطر الإرهاب وتخوض حرباً مقدسة ضد تنظيماته المأجورة وطوال السنوات الثلاث الأخيرة منذ إسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وهى حرب سوف تطول لسنوات أخرى ريثما يتم دحر الإرهاب نهائياً، فإن خطرا آخر لا يقل عن خطر الإرهاب بات يهدد الاستقرار الداخلي والأمن الاجتماعى.. إنه خطر البلطجة.

ظاهرة البلطجة كانت قد بدأت تشتد فى مصر قبل ثورة 25 يناير، وتنبه لها البرلمان »مجلس الشعب« وأصدر بالفعل تشريعاً مغلظاً للتصدى لها، غير أنه تعطل وتم إبطاله بسبب خطأ في الإجراءات القانونية والدستورية، إذ لم يتم عرضه قبل إقراره علي مجلس الشورى.. الغرفة البرلمانية الثانية في ذلك الوقت، وفي زحام الأحداث والتطورات نسى البرلمان وغفل عن إعادة إصداره مرة أخرى، وظلت البلطجة مستمرة وتزايد استفحالها وسط الغفلة التشريعية وصمت الدولة وتغافلها ممثلة في وزارة الداخلية وأجهزة الأمن عن قمعها وقمع البلطجية وحماية المجتمع من ممارستهم الإجرامية.

< < <

ولعل حالات الانفلات الأمنى التى تفشت بقوة في مصر على اختلاف المحافظات والمدن.. فى الريف والحضر في أعقاب ثورة 25 يناير والتى لايزال المصريون يتذكرونها جيدًا.. لعلها كانت إفرازًا غليظاً لبلطجة ما قبل الثورة، إذ استغل البلطجية الاضطرابات التى سادت خلال تلك الأيام وخلال المرحلة الانتقالية وحيث غابت سلطة وقبضة الدولة ومارسوا جرائمهم وبلطجتهم بكل شراسة وضراوة وعنف.

المفارقة في تلك الفترة وفى ظل ما شهدته من اضطرابات مع غيبة الأمن هى أن البلطجية استغلوا ما عرف وقتها باسم اللجان الشعبية التي تشكّلت من الأهالى في الأحياء والمناطق السكنية لحماية بيوتهم وممتلكاتهم من أى هجوم محتمل من السجناء الهاربين واللصوص ومعتادى الإجرام.. وذلك بأن اندسوا وسط هذه اللجان بل بتشكيل لجان شعبية وهمية وبدلا من حماية المواطنين مارسوا هم الابتزاز والسرقة تحت غطاء هذه اللجان.

ومع عودة الأمن بقوة إلي بسط سيطرته وقبضته على الشارع والحياة اليومية.. تراجع الانفلات الأمنى تدريجياً حتى توقف تماماً وانتهت ظاهرة »تثبيت« المواطنين والاستيلاء علي كل ما فى حوزتهم وانتهت أيضاً ظاهرة سرقة السيارات بعد ضرب أو قتل أصحابها.

< < <

ومع الإقرار الكامل بانتهاء حالة الانفلات الأمنى والتي لم تشهد لها مصر مثيلا في تاريخها الحديث أو على الأقل في المائة سنة الأخيرة بعد أن تمكنت الشرطة وأجهزة الأمن من القبض على كل الهاربين من السجون وكل من ارتكبوا جرائمهم خلال تلك الأيام السوداء، إلا أن خطر البلطجة عاد مرة أخرى للظهور بمنأى عن عيون الأمن وقبضته.. مهددًا الناس في أموالهم وأعراضهم وأرواحهم في تحد صارخ للقانون والدولة.

قد لا يدرك خطر البلطجة وممارسات البلطجية الإجرامية من يقيمون فى عواصم المحافظات ومدنها الكبرى وريفها وأحيائها الراقية والمتوسطة، ولعل ذلك هو السبب في غيبة الاهتمام العام. شعبياً ورسمياً بهذه الظاهرة وخطرها ومن ثم غيبة التصدى لها بالقدر اللازم والضرورى.. أمنياً وحكومياً.

< < <

واقع الأمر فإن هذه الظاهرة الخطيرة تتركز في الأساس فى كثير من الأحياء الشعبية والتجمعات والمناطق العشوائية بصفة خاصة، حيث تبدو هذه الأحياء والمناطق وكأنها في دولة غير الدولة أو في جزيرة منعزلة عن مصر، إذ لا وجود للشرطة والأمن، ومن ثم فإن القانون غائب تماماً بينما الحكم فيها والغلبة لقانون الغاب وفرض السطوة والسيطرة والإتاوات بالقوة.

المثير أن صفحات الحوادث بالصحف علي اختلافها ما بين قومية وحزبية وخاصة وأيضاً شاشات الفضائيات تنشر وتُذيع يومياً حوادث وجرائم البلطجة والقتل والاستقواء علي البسطاء من سكان هذه المناطق وعلي النحو الذى يمثل عارًا وطنياً لا يليق بالدولة المصرية الحديثة في أواخر العشرية الثانية من القرن الحادى والعشرين ولا يليق باستعادة أجهزة الأمن لحضورها بكل قوة فى المشهد المصرى وفى الشارع ولا يليق ببسالة وضراوة الحرب التى يخوطها أبطال الجيش والشرطة ضد الإرهاب.

< < <

أكتب هذه السطور بعد أن استوقفتنى بشدة جريمة بشعة ارتكبها تشكيل عصابى من البلطجية فى حي الدويقة التابع لقسم شرطة منشية ناصر وهو بالمناسبة نموذج للمناطق العشوائية، هؤلاء البلطجية قتلوا شاباً رب أسرة ووالد طفل في العاشرة من عمره قتلة بشعة بالأسلحة البيضاء، لأنه رفض الامتثال لسطوتهم ودفع الإتاوة، الأكثر بشاعة أنهم اغتصبوا زوجته وصوروها في أوضاع مخلة.

تفاصيل هذه البلطجة وهى ليست ـ الأولى والأخيرة ـ أذاعها بالصوت والصورة الإعلامى أحمد رجب الأسبوع الماضى علي شاشة فضائية الحياة وسط صرخات وعويل الأم الثكلى والشقيقات والزوجة المسكينة والابن زائع البصر بفعل الصدمة والتي بدا واضحاً أنها دمرت صحته النفسية، وهى مشاهد وتفاصيل تدمى القلوب بقدر ما يتعين ويُفترض أن تستفز هِمة ونخوة جهاز الشرطة وعلي رأسه الوزير الهُمام اللواء مجدى عبدالغفار والإسراع بالقبض علي زعيم هؤلاء البلطجية الهارب وتقديمهم جميعاً للعدالة.

< < <

هذه الجريمة البشعة كنموذج لجرائم البلطجة يتعين أن تُجدّد الانتباه لخطر هذه الظاهرة التي باتت تهدد بالفعل الأمن الداخلي والاستقرار الاجتماعى، وهو انتباه من الضرورى أن يتزامن مع تصد أمنى حاسم وحازم للبلطجة لإنهاء هذه الظاهرة تماماً في مصر باعتبارها خطرًا لا يقل كما أسلفنا عن خطر الإرهاب بل إنها إرهاب آخر يهدد مصر والمصريين.

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى19 سبتمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.4681 48.5661
يورو 54.0758 54.1901
جنيه إسترلينى 64.4092 64.5444
فرنك سويسرى 57.2165 57.3390
100 ين يابانى 33.8701 33.9410
ريال سعودى 12.9159 12.9427
دينار كويتى 158.8596 159.2332
درهم اماراتى 13.1950 13.2232
اليوان الصينى 6.8602 6.8752