حسين عثمان يكتب : القاهرة والناس
لا خلاف على ريادة طارق نور الإعلانية، ولكن حين يتعلق الأمر بالإعلام، فنؤكد أن قناته القاهرة والناس جاءت خصماً إضافياً من رصيد الإعلام المصري، كما أنها ولا شك خصمت من رصيد طارق نور نفسه، فحين نتحدث عن الإعلان، نفهم جيداً أنه لا مجال إلا لقواعد البيزنس، أما إذا دخلنا مجال الإعلام، فلابد وأن تكون لنا رسالة، تمثل مسئولية نحملها على عاتقنا أمام الله قبل أنفسنا ثم الآخرين، مسئولية تاريخية، لا تزول بنهاية موسم لبرنامج، أو انتهاء حقوق بث لمسلسل، أو حتى بنهاية حلقة للتوك شو، ولا أخطر من أن يقتحم رائد الإعلان ساحة الإعلام، فحد الرؤية بينهما ضبابي.
واقعتان بينهما عام تقريباً، وضعتا طارق نور في مواطن الشبهات الإعلانية الإعلامية، وطرحتا عدة تساؤلات بلهجتي الدهشة والاستنكار، في مواجهة رجل لا نراه إلا أحد أصحاب الوزن الثقيل في ساحة المال والأعمال في مصر، فبعد أن فتح هواء القاهرة والناس على مصراعيه لإسلام بحيري، وهو يعلم جيداً منهجه وصداه الفوري المتوقع حال عرضه، يعلمه ويقدره حق قدره من قبل أن تبدأ إذاعة البرنامج من الأساس، نجده في الوقت المناسب، الذي يحدده هو، طارق نور ذاته، يوقف البرنامج، وتصاحب وقفه زوبعة ضغط جهات سيادية، يستغرق فيها الجميع، منصرفين وراء وقف إسلام وتوابعه من قضايا ومحاكم، فتتوه وسط الزحام حملة إعلانية ضخمة لبيت الزكاة بالأزهر، وتملأ الفراغ الذي تركه إسلام بحيري على هواء القاهرة والناس.
ولا تلبث بعدها مباشرة، فالوقت ثمنه عند طارق نور هو الأغلى، أن تفاجأ مرة أخرى على قناته الملاكي بتسويق برنامج جديد، هذه المرة مع إبراهيم عيسى، ليعيش الجميع نفس الأجواء، وطارق يعلم جيداً هنا أيضاً مضمون ما سوف يقدمه شخص وتركيبة عيسى، بل وصداه القوي، فتاريخ الرجل يسبقه، وجمهوره القارئ المستمع المشاهد دائماً في انتظاره، ليبدأ الجميع رحلة لا يعلم إلا الله وطارق نور أين سيكون منتهاها، فيتم استيقاف البرنامج، وبصحبة زوبعة الضغط ذاتها، فتلفنا من جديد الدوامة في فلك توابع كتم أنفاس عيسى، بينما يذهب نور ليعد عدة معرضه الأشهر لو مارشيه، إن لم يكن طارق نور قادراً على مغالبة هوسه، خاصة وأنه أحد أباطرة البيزنس، ويعيش مؤخرة العمر، التي يحرص فيها أي وكل إنسان على أن يترك قيمة، إذا كان لا يستطيع مراجعة نفسه، فلنراجع نحن أنفسنا، فلا نترك وعينا كرة تتقاذفها أقدام طيور الظلام.