مفتي الجمهورية: الإسلام أنقذ الإنسانية من كل آفات العصبية
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الشريعة الإسلامية قد ضمنت الحقوق التي لم تفرق بين إنسان وإنسان، وضمت بين ثناياها كمًّا هائلًا من الحقوق التي يتساوى فيها المسلم وغير المسلم؛ باعتبارهما من جنس بشري واحد.
واستشهد المفتي بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، فقررت أن أصل البشر واحد، وقد جعلهم الله تعالى شعوبًا وقبائل لكي يسود بينهم الوئام والتعارف والمحبة، لا أن يسيطر عليهم التباغض والتناحر والتخاصم.
وأضاف مفتي الجمهورية في بيان له على هامش مشاركته في مؤتمر «حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية»، الذي يعقد بمدينة مراكش المغربية أن الإسلام أنقذ الإنسانية من كل آفات العصبية، سواء كانت للأرض أو اللون أو الجنس أو القبيلة، مضيفًا أن الآفات جميعًا تخالف ما جاء به الإسلام السمح، فالجميع من أب واحد وهو آدم عليه السلام.
وذكر المفتي قول رسول الله «صلى الله عليه وسلم» في صحيح البخاري: «كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب، وليَنْتَهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليَكونُنَّ أهون على الله من الجُعلان»، وحذرنا رسول الله« صلى الله عليه وسلم» من أضرارها بقوله: «دعوها فإنها منتنة».
وشدد المفتي في كلمته على أن الإسلام قد كفل للأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية حقوقها كاملة غير منقوصة، وجاء على رأس هذه الحقوق كفالة حرية الاعتقاد، والتي جسدتها القاعدة القرآنية في قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
وقال مفتي الجمهورية: «إن الإسلام قد حفظ في هذه المواثيق لتلك الأقليات حرية الاختلاف في المعتقد الديني وحرية إقامة هذا المعتقد، ونص على احترام الوجود المؤسسي لهم بعدم تغيير أسقف ولا راهب، كما نص على العدل في القضاء والمساواة في تحمل الأعباء المالية، وكفل لهم الحرية الدينية دون إكراه».
كما أكد المفتي في كلمته أن الإسلام قد ألزم الدولة المسلمة أن ترعى حقوق الأقليات غير المسلمة المتواجدين على أراضيها من أي عدو خارجي؛ لأن لهم حق الدفاع عنهم ضد كل ما يؤذيهم، بل إن الإسلام أوجب على المسلمين فك الأسير من المعاهَدين.
من جانبه أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار الأكاديمي والمنسق العلمي للمفتي، والذي يرافقه في مؤتمر مراكش أن التاريخ الإسلامي لم يعرف إكراهًا في الدين، بل على العكس ترك الناس وما يدينون دونما أي إكراه.
وإن النموذج المصري خير دليل على ذلك، فقد بقي المصريون من الإخوة المسيحيين على ديانتهم بعد الفتح الإسلامي، وقد نعموا خلال تلك الفترة بكل حقوقهم، بل إن الفتح الإسلامي هو الذي حرر كنائسهم وأعادها إليهم ولم يحولها إلى مساجد.
وأكد عاشور أن الأقليات غير المسلمة قد نعموا بكافة حقوقهم في ظل الحضارة الإسلامية، حتى إن أحد المستشرقين الإنجليز قد شهد بهذا وهو «سير توماس أرنولد».
وقال أرنولد: «إنه من الحق أن نقول: إن غير المسلمين قد نعموا، بوجه الإجمال، في ظل الحضارة الإسلامية بدرجة من التسامح لا نجد لها معادلًا في أوربا قبل الأزمنة الحديثة».
مضيفًا: «وإن دوام الطائفة المسيحية في الوسط الإسلامي يدل على أن الاضطهادات التي قاست منها بين الحين والآخر على أيدي المتزمتين والمتعصبين كانت من صنع الظروف المحلية، أكثر مما كانت عاقبة مبادئ التعصب وعدم التسامح».