»الأموال« تكشف بؤر الفساد بأجهزة الدولة
مازال الفساد داخل مصر متغلغلا في أعماق الدولة بشكل يصعب القضاء عليه، فهو يجري في الدولة مجرى الدم، ورغم أن أجهزة الدولة، والأجهزة الرقابية منذ سنوات تؤكد أنها تضبط العشرات من قضايا الفساد، إلا أن المواطن البسيط لا يشعر بهذا الأمر حتى أصبح الفساد في وقت من الأوقات هو الأمر الطبيعي والسائد، وليس المقصود من الفساد هنا السرقة والنصب والاحتيال، ولكن يأخذ الفساد عدة أشكال وطرق متعددة، منها استغلال النفوذ، وإهدار المال العام في الشركات والمصالح الحكومية، ومخطئ من يظن أن الفساد داخل أجهزة الدولة سينتهي بين عشية وضحاها وهذا ما أكده الرئيس السيسي في خطابه منذ أيام قلائل عندما صرح بأن الفساد في بلادنا يمثل مشكلة كبيرة جداً.
»الأموال« رصدت بعض مظاهر الفساد ودور أجهزة الدولة الرقابية في مكافحة الأمر المستفحل منذ سنوات، فماذا وجدنا؟
سنبدأ من حيث انتهى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يبذل جهوداً جبارة لمكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة، حيث أكد في تصريحاته، أن الفساد مشكلة كبيرة موجودة في بلادنا، مؤكدًا أن هناك أجهزة رقابية تعمل حتى نصل لمعدلات تجعلنا مثل باقى الدول في العالم كله.
وتابع الرئيس: »العمل يأخذ وقتا حتى نحقق نتيجة نتمناها، ومن المهم إننا لا نبدأ من الصفر ومؤسسات الدولة بدأت على ما تحقق قبل ذلك، ومواجهة الفساد إرادة سياسية لدى الدولة«.
وأشار إلى أن، الدولة تعمل على تشجيع الأجهزة الرقابية وعدم التدخل في عملها، قائلا: »نواجه الفساد على محورين الأول: الإجراء الأمني، والثاني: القضائي«.
وأوضح أن الدولة تقوم حاليًا بتعديل التشريعات والقوانين التي تسهل وتصوب أداء الأجهزة ومكافحة الفساد.
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن مواجهة الإرهاب تقتضي مكافحة الفقر والجهل وخطابًا دينيًا مستنيرًا ومتجددًا يتعامل مع الأفكار المغلوطة والمشوشة التي يطلقها البعض، لافتًا إلى أن الجهود التي تبذل في تجديد الخطاب حتى الآن ليست بقدر التحدي الموجود.
وأضاف »السيسي« إن مؤسسة الأزهر ومعها علماء الدين إلى جانب المفكرين المصريين يعملون على هذا الملف حتى يتم تجفيف منابع الإرهاب وإيجاد بيئة ثقافية ودينية صحيحة، مضيفًا: »الجهد المبذول حتى الآن مش كفاية، مصر تحتاج في هذا الملف إلى التحرك بشكل أسرع مما هو عليه، خصوصًا أن مشكلة الجهاز الإداري في الدولة معقدة لأنها مرتبطة بحياة أكثر من 6.5 مليون مصري يعملون في ذلك القطاع يتحملون مسئولية أُسر.
وأوضح السيسي، أن إجراءات تصويب الجهاز الإداري لا يمكن الحديث عنها خلال سنة أو اثنتين أو حتى ثلاث سنوات بعد ترهله لأكثر من 30 عامًا، مؤكدا أن العمل قائم على إعداد قوانين إلا أنه لا بد من وجود إرادة مشتركة بين الدولة والشعب.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن كل أجهزة الدولة تعمل معًا لمكافحة الإرهاب، الذي ينغص على المصريين عيشتهم، مؤكدًا أن الاستقرار والأمن بداية للتقدم في مصر.
تعطيل المصالح
ومن جانبه قال المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، إنه يجتمع بشكل دائم مع ممثلين للجنة التنفيذية لمكافحة الفساد وأعضاء هيئة الرقابة الإدارية بالمحافظات، مؤكدًا أن الفساد الإداري وتعطيل مصالح المواطنين أخطر كثيراً من الفساد المالي في هذه المرحلة، مضيفاً سنواجه الفساد بكل صوره وأشكاله بلا هوادة ما دامت بوصلتنا تتجه إلى الله ثم مصلحة هذا الوطن. وأضاف المهندس إبراهيم محلب: نحن معكم سنعمل على تنقية الجهاز الإداري للدولة من بعض العناصر التي تسيء له.. مشيرًا إلى تواصل الزيارات التي يقوم بها إلى المحافظات، ومتابعة الخدمات المقدمة للمواطنين بوجه عام، مع التأكد من عدم التلاعب في السلع المدعومة.
وتابع رئيس الوزراء: كرامة أي مواطن مصري من كرامتنا، وإهانة أي طالب خدمة في مصلحة حكومية إهانة لنا جميعاً، وعلى مسئولي الأجهزة التنفيذية والرقابية متابعة أداء الموظفين لمهامهم وتقديم تقارير عن مستوى الأداء لمحاسبة المقصرين«.
فضح الفساد
من جانبها قالت د. ناهد شاكر، مؤسسة ائتلاف نائبات قادمات، أنه تم كشف وضبط 344 قضية رشوة، واستغلال نفوذ، استيلاء أو إضرار بالمال العام، تربح، استيلاء على أراضي الدولة، وهو ما نتج عنه، استرداد الدولة 3،5 مليار جنيه واسترداد أراضي 135 ألف متر مربع وهو ما يؤكد أن الرئيس وحكومته تسير في الاتجاه السليم.
وأضافت عضو المجلس الرئاسي لتيار الاستقلال في تصريحاتها،، أن خطاب الرئيس منذ عدة أيام كان تاريخيًا وبالغ الأهمية لأنه يجعل الشعب يتابع مع قائده جدول أعماله وإنجازات الماضي وتحديات الحاضر وطموحات المستقبل، كما أنه يجعل الشعب يشارك بفاعلية في بناء وتنمية بلاده.
أما المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة، فأعلن بدوره عن تشكيل لجنة لمكافحة الفساد لرصد حالات الخروج عن النص واستغلال السلطة والوظيفة للتربح برئاسة محمد الخشاب المدير التنفيذي لقطاع الشباب.
أما مباحث الأموال العامة، فقد نجحت في ضبط واحدة من أكبر وقائع الفساد الوظيفي بالإسكندرية تمثلت في عدم تحصيل المحليات لـ 25 مليون جنيه لصالح الدولة.
كانت البداية بورود معلومات اللواء أمجد شافعي مدير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، تتهم مسئولي إدارة إشغال الطريق بحي شرق بالإسكندرية وبعض موظفي مأمورية الضرائب العقارية بالتواطؤ مع مرتكبي مخالفات إشغال الطريق بنطاق الحي والتقاعس في تحصيل الغرامات المستحقة عن المخالفات الأمر الذي ترتب عليه إضرار كبير بالمال العام.
وتوصل التحريات إلى أن وراء الوقائع كل من »عصام. ر« مدير إدارة إشغال الطريق بحي شرق سابقاً«، و»يونس. م« محصل بمأمورية الضرائب العقارية بإيرادات حي شرق وأيضا »محمود.س« محصل بمأمورية الضرائب العقارية بإيرادات حي شرق و«سعيد. ا«، محصل بمأمورية الضرائب العقارية بإيرادات حي شرق »و«محمد. إ » محصل بمأمورية الضرائب العقارية بإيرادات حي شرق، حيث تقاعس المتهمون وتواطأوا مع مرتكبي مخالفات إشغال الطريق خلال عامي 2013م، 2014م وتحريرهم 8137 قسيمة تشوينات هدم وبناء وتحصيل مبلغ 333 ألف جنيه فقط في حين أن الغرامات المستحقة تقدر بــ 25.5 مليون جنيه الأمر الذي أهدر مبلغ 25 مليون جنيه تقريباً على الخزانة العامة للدولة.
تم عرض المعلومات على اللواء أسامة الصغير مساعد الوزير لقطاع الأمن الاقتصادي، الذى وجه بتقنين الإجراءات واتخاذ اللازم قانونا، حيث تم ضبط المتهمين وتحرير محضر بالواقعة.
هيئة النيابة الإدارية تنتفض
ومن جانبها نجحت هيئة النيابة الإدارية في كشف وقائع الفساد من داخل أروقة الجهاز الإداري للدولة، حيث أحال المستشار طارق سعود، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، 11 مسئولاً بوزارة الثقافة والمالية للمحاكمة في اتهامات متعلقة بالفساد المالي وإهدار المال العام.
وضم قرار الإحالة الصادر من هيئة النيابة الإدارية، كلاً من سامي. م رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بدار الكتب والوثائق القومية وكيل وزارة، وقدري.م مدير إدارة المخازن والمشتريات، ومني. م مدير عام الشئون المالية والإدارية، وماجدة. ل مدير الإدارة الهندسية، وعلاء.ع مدير عام المطبعة، وخالد.ع محاسب، ونبيلة. مراجع بإدارة الحسابات، ومحمد.ج بإدارة الميزانية، ومحمد. ر بإدارة المشتريات، وناريمان. م مدير عام بوزارة المالية، ونادر. ف باحث مالي بوزارة المالية، وذلك على خلفية قبول عطاء مقدم من إحدى شركات المقاولات ويواجه المتهمون الواردة أسماؤهم بأمر الإحالة تهماً مخالفة القانون، وارتكاب أعمال من شأنها الإضرار بالمال العام للدولة، حيث قبل المتهمون من الأول إلى التاسع العطاء المقدم من إحدى شركات المقاولات باعتبارهم مسئولي لجنة البت في المناقصة المطروحة لتطوير قاعة الدوريات بدار الكتب والوثائق القومية دون استيفاء العطاء للأوراق المطلوبة. وأكدت الأوراق أن المتهمين من الثالث حتى السابع اعتمدوا على المستخلصات المقدمة من الشركة، وحرر الثاني أمر الإسناد متضمنا إسناد أعمال المناقصة المحدودة رقم 1 إلى نفس الشركة. وجاء بالتحقيقات أن المتهمين الأخيرين وافقا على صرف المبالغ الواردة بالمستخلصات في حساب الأعمال المنفذة باسم شركة للمقاولات، رغم انتفاء صفة الشركة الصادر لصالحها تلك المستخلصات، وانتهت التحقيقات إلى إحالتهم للمحاكمة.
بلاغات الفساد تتراجع
أما المستشار هشام مهنا النائب الأول لرئيس هيئة النيابة الإدارية، فأكد أن أكثر من 65% من قضايا النيابة الإدارية أصلها شكاوي أفراد، ويرجع ذلك إلى الثقة في النيابة الإدارية كهيئة قضائية مستقلة تباشر تحقيقاتها باستقلال وحيدة، ووفق ضمانات قضائية إجرائية وموضوعية مشيراً إلى زيادة البلاغات الواردة من جهاز المحاسبات.
وأضاف زس ذ الإدارة لعدة أسباب أهمها أن بعض قضايا الفساد يكون ضالعاً فيها كبار رجال الإدارة، ولذلك تحاط بسياج من السرية، بالإضافة إلى أن بعض قيادات جهة الإدارة تلجأ إلى التستر، أو تسوية بعض المخالفات، اعتقادًا منهم بأن البلاغ عنها قد يؤثر على بقائهم في مناصبهم وغيرها من الأسباب التي تجعل جهة الإدارة تحجم عن الإبلاغ عن المخالفات التي تختص بها النيابة الإدارية وجوبياً دون غيرها.
وقال مهنا، إن أكثر من 70% من تحقيقات النيابة الإدارية في القضايا هي تحقيقات مستندية تتعلق بقوانين ولوائح مالية ومخزنية، إضافة إلى أن استظهار وجه الحق فيها يحتاج إلى خبرة خاصة اكتسبها أعضاء النيابة الإدارية من خلال تخصصهم وتمرسهم في ذلك لاختصاصها الوجوبي بالتحقيق في المخالفات المالية.
كما شملت التحقيقات، التي تجريها النيابة الإدارية في القضايا كافة صنوف الخلل، وأوجه الانحراف والفساد المالي والإداري مشيراً إلى أنه لا يوجد وجه من أوجه الانحراف والفساد المالي والإداري والأخلاقي إلا شملته تحقيقات النيابة الإدارية، وهو ما يجعل النيابة الإدارية الجهة التي يمكنها مكافحة الفساد واقتلاع جذوره.
وأشار مهنا إلى بعض المخالفات التي أصبحت فيها زيادة ظاهرة ومنها: مخالفات أعضاء مجالس الإدارات والقيادات العليا للجهات الإدارية، وتتمثل خطورة هذا النوع من المخالفات في آثاره السيئة على الاقتصاد لأن إهدار المال العام فيها بالمليارات وأنها دائماً ما تحاط بسياج من السرية.
وأضاف أن من بين هذه الجرائم هي: المتعلقة بالاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء والإضرار غير العمدي بالمال العام التي تتمثل في جرائم الاختلاس المقترنة بالتزوير، وجرائم الاختلاس بمكاتب البريد عن طريق التلاعب والتزوير بحسابات العملاء، وترجع هذه الزيادة إلى ضعف المنظومة الرقابية بها ولذلك يتعين على هيئة البريد تطبيق نظم الرقابة المطبقة على البنوك للحد من تلك الظاهرة.كما أن هناك نماذج وصورا وأسبابا أخرى للانحرافات تتمثل في: مخالفات الإهمال في المحافظة على المال العام خاصةً المتعلقة بالمخازن وسرقة كابلات الكهرباء وغيرها وقد يرجع ذلك إلى الظروف الأمنية للبلاد إضافة إلى الجرائم المتعلقة باحتراق الملفات والسجلات والأوراق لبعض الجهات الإدارية خاصةً بالمحافظات والإدارات المحلية وغيرها وذلك أثناء فترات الاضطرابات وقيدها ضد مجهول.وأضاف مهنا، أن من بين هذه الجرائم ما يتعلق بالرشوة، وتزايد ظاهرة الرشوة الجماعية إضافة إلى مخالفات التعدي على الأراضي الزراعية، ومخالفات البناء بدون ترخيص وترجع زيادتها إلى استغلال بعض المواطنين للظروف التي كانت تمر بها البلاد من اضطرابات في بعض الأوقات فضلا عن فساد منظومة العمل بالمحليات وإدارات حماية الأراضي الزراعية.
كما أشار إلى مخالفات السب والقذف والتعدي بالضرب بين الموظفين، وأن ذلك قد يرجع إلى ظاهرة تدهور الأخلاق التي أصابت بعض فئات المجتمع، إضافة إلى مخالفات السب والقذف عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك« معتبرا أن هذا النوع من المخالفات انتشر في الآونة الأخيرة حتى أصبح ظاهرة عامة إضافة إلى مخالفات التحرش الجنسي خاصةً من بعض المدرسين ضد بعض الطالبات القاصرات في المدارس الابتدائية والإعدادية.
كما أن هناك، مخالفات صرف الحوافز والمكافآت وبدلات السفر بدون وجه حق خاصة بالنسبة لمجالس الإدارات والقيادات العليا لبعض الجهات، وقد تسببت هذه المخالفات في إهدار المليارات. كما أن هناك مخالفات متعلقة بإساءة استعمال السلطة خصوصًا في التعيين والنقل والترقية ومنح الحوافز والحرمان منها، وإلي المخالفات المتعلقة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية لوجود اختلاف في تفسير الحكم بين جهة الإدارة والصادر لصالحه الحكم.
اقرا ايضا:
”التموين”: توفير سيارات متنقلة لتوزيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة