الإرهاب الأسود يهدد مصر بالظلام قبل شهر رمضان
يستحق هذا العام حقا أن يطلق عليه عام التفجيرات والخسائر المختلفة، فالمتابع الجيد يرى أن العمليات الإرهابية تحولت وجهتها قليلاً من مجرد تفجير عبوة ناسفة هنا أو زرع قنبلة هناك إلى محاولة ضرب البنية التحتية المصرية في الصميم، ويتضح ذلك جلياً في بلد يعاني من العديد من الأزمات في الطاقة وعلى الرغم من أن وزارة الكهرباء تسعى بكل ما أوتيت من قوة للتغلب على أزمة الطاقة في بلد يعاني منذ عدة سنوات بسبب ضعف الشبكة الرئيسية وزيادة الأحمال خصوصاً في فترات الصيف، إلا أن الإرهاب الأسود نجح حتى الآن في تكبيد الدولة المصرية?بصفة عامة ووزارة الكهرباء بصفة خاصة خسائر فادحة، ويظهر ذلك جليا من خلال استهداف أكشاك وأبراج الكهرباء والتي تتسبب في انقطاع الكهرباء عن المنطقة المحيطة بالتفجير لساعات طويلة، كما أن عملية الإتلاف العمدي وإعادة الصيانة والإصلاح والتركيب تكبد الدولة ملايين الجنيهات.
»الأموال« رصدت بالكلمة والصورة الخسائر التي تكبدتها وزارة الكهرباء في الفترة الأخيرة من جراء عمليات التفجير التخريبية التي تضرب عصب الاقتصاد المصري فماذا وجدنا؟
بداية يجب أن نوضح أن العمليات التخريبية التي بدأت تطول محطات وأبراج الكهرباء لم تأت عن طريق المصادفة، ولم تزدد في الفترة الأخيرة ونحن مقبلون على شهر رمضان وموسم الصيف الذين يشهدان زيادة كبيرة في الأحمال بشكل عشوائي، ولكن للمتابع الجيد نرى أن العمليات التخريبية تسير وفقًا لخطة مرتبة ومحكمة تسير بعناية شديدة خطط ودبر لها عناصر الإرهاب بشكل جيد، فالبداية كانت مع عدة تفجيرات في عدد من الأماكن لأكشاك الكهرباء الصغيرة، ثم تطور الأمر لبعض المحطات الكبيرة التي تغذى مناطق بعينها، ثم أخيراً بدأ الإرهاب يستهدف الأبرا? الضخمة التي تغذي مساحات واسعة من المدن.
رصدت غرفة العمليات المركزية بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية الخسائر التي تعرض لها القطاع خلال الفترة الماضية بسبب أعمال العنف والشغب واستهداف أبراج وأكشاك الكهرباء، والذي أسفر عن تفجر برجي »ضغط عالي« و11 كشكا.
الشرقية أكثر المحافظات تضررًا
تصدرت محافظة الشرقية، قائمة المحافظات الأكثر تعرضاً لعمليات إرهابية استهدفت أبراج الكهرباء، كان آخرها شهر أبريل الماضي، باستهداف أكثر من 11 برجاً دفعة واحدة كلفت عملية إصلاحها ما يقرب من 4 ملايين جنيه.
يقول المهندس أسامة عسران نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن محافظة الشرقية استحوذت على نصيب الأسد من عمليات التخريب، التي شملت 11 كشك كهرباء بمحافظة الشرقية والعاشر من رمضان تم حرقها علاوة على كشكين ببني سويف والفيوم.
وأشار عسران، إلى أن تكلفة إصلاح 11 كشك كهرباء تصل إلى ما يقرب من 4 ملايين جنيه، وأن هذه الخسائر تعود بالسلب على المواطنين لأنها ممتلكاتهم.
وأضاف أن البرج رقم 3 شد جهد 220 ك.ف خط طنطا قويسنا تعرض لعملية تفجيرية، أسفرت عن سقوطه، لافتاً إلى أن تكلفة إصلاحه تصل إلى مليون جنيه، كما تم أيضا إسقاط البرج رقم 98 شد مزدوج جهد 500 ك.ف. على دائرتي كفر الزيات باسوس وكفر الزيات أبو زعبل، وتصل تكلفة إصلاحه إلى مليون ونصف المليون جنيه.
وأكد عسران، أن إجمالي الأعمال التخريبية التي نفذها عناصر جماعة الإخوان، كبدت الوزارة خسائر اقتربت من نصف مليار جنيه، بقطاعات النقل والتوزيع، نتيجة تفجير 85 برج ضغط عال، و510 أكشاك ومحول كهرباء على مستوى الجمهورية
وأوضح عسران أن أبراج الكهرباء التي تم استهدفها كانت بمناطق القاهرة والدلتا وغرب الدلتا والقناة ومصر الوسطي ومصر العليا، ويبلغ عدد الأبراج التي تم استهدفها وتفجيرها عن طريق استخدام الليزر أو أسطوانات الغاز أو الطلق الناري أو قطع الأرجل أو العبوات الناسفة 85 برجًا في جميع أنحاء الجمهورية.
وأشار، إلى أن هناك 510 أكشاك ومحول كهرباء تعرضوا للأعمال التخريبية على مدار الفترة الماضية، موضحاً أن تكلفة إصلاحهم تبلغ نحو 30 مليون جنيه.
600 ألف جنيه خسائر أبراج النوبارية
ومن جانبها أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أن برج رقم 12 جهد 66 كيلو فولت بخط »انتراجو/ النوبارية 200« قد تعرض لعمل تخريبي جديد، حيث قامت العناصر الإرهابية بتفجير أرجله وترتب على ذلك إسقاطه، وذلك بمركز النوبارية بمحافظة البحيرة.
وأوضح المهندس أحمد الحنفي، رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء في تصريحاته، أن هذا العمل التخريبي أدى إلى انقطاع الكهرباء، وتم التحويل على خط نقل بديل وإعادة توصيل الكهرباء لاحقًا، موضحاً أنه بدأ العمل لإصلاح ما نتج عن هذا العمل التخريبي ومن المقرر أن ينتهي خلال أسبوع وبتكلفة حوالي 600 ألف جنيه.
وأشار الحنفي إلى أنه تم عمل فصل اضطراري للدائرتين 1، 2 خط »النوبارية 100/ 200« جهد 66 ك.ف.، لوجود متفجرات أسفل أحد الأبراج، وذلك بعد انفجار عبوتين، وتمكنت قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات من إبطال مفعول عبوتين ولم يسقط البرج الثاني، واستمرت التغذية الكهربائية من خلاله.
100 مليون جنية تكلفة صيانة الأبراج
أما الدكتور محمد اليماني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، فيقول إن 161 برجًا تعرضوا لأعمال تخريبية، وتكلفت صيانتها 100 مليون جنيه خلال الفترة الماضية.
وأضاف اليماني، أنه تم الانتهاء من إصلاح الأضرار التي لحقت ببرجي نجع حمادي نتيجة العمل التخريبي الذي استهدفهما، ولم يسقط أي من البرجين بعد الانفجار الذي حدث به، مؤكدًا أنه تم إحباط تفجير قنبلة أخرى بأحد البرجين.
وأشار اليماني، إلى أنه تمت معالجة البرجين في الحال وتولت الجهات الأمنية وخبراء المفرقعات المهمة، ونجحوا في العثور على عبوات متفجرة أخرى، وتعاملت معها القوات ونجحت في إبطال مفعولها، موضحًا أن إجمالي تكلفة الإصلاح تقدر بـ200 ألف جنيه.
وأضاف اليماني، أن وزارة الكهرباء تشهد هذه الأيام هجمة شرسة جدًا من العناصر الإرهابية، ومن الواضح أنهم يعلمون جيدًا مواقع الأبراج والأماكن التي تغذيها، خصوصًا بعد قيامهم بتفجير أبراج الكهرباء بمحطة الفيوم الرئيسية، على طريق الكريمات، مشيرًا إلى أن الإرهابيين يستهدفون الأبراج الكهربائية دائما في الفجر.
وأكد اليماني، أنه تم التنسيق مع وزارة الداخلية بشكل كامل من أجل زيادة إجراءات التأمين على الأبراج المستهدفة، مشيرًا إلى أن شركة الكهرباء تتحمل 4.5 مليون جنيه لحراسة الأبراج الكهربائية على مستوى الجمهورية، موضحا أن الوزارة تدرس حاليًا كيفية حماية وتأمين الأبراج.
12 مليون جنيه خسائر أبراج مدينة الإنتاج الإعلامي
أما مدينة الإنتاج الإعلامي فلم تسلم أيضًا من العمليات التخريبية، حيث تم زرع قنابل شديدة الانفجار أسفل البرجين الرئيسيين المغذيين للمدينة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة لفترة ليست بالقصيرة، كما انقطع البث عن معظم القنوات الفضائية نتيجة عملية التفجير، مما كبد المدينة والعاملين بها والمستثمرين وأصحاب القنوات مبالغ باهظة.
وصرح وزير الكهرباء، الدكتور محمد شاكر، بأن إجمالي الخسائر التي استهدفت برجين بمدينة الإنتاج الإعلامي بالكهرباء، وصل إلى 12 مليون جنيه، مشيرًا إلى أن الوزارة اجتمعت مع قيادات من الأمن الوطني ووزارة الداخلية والجيش، لوضع خطط للحد من ظاهرة استهداف أبراج الكهرباء، مؤكدًا أنه من الصعب تأمين الشبكة الكهربائية كلها.
وأضاف أن البرج رقم 20 جهد 66 ك.ف. خط أكتوبر- الشيخ زايد تعرض لعمل تخريبي تسبب في ميل البرج، وتعرض قواعد البرج رقم 21 جهد 66 كيلو فولت بين محطة أكتوبر ومدينة الإنتاج الإعلامي لعمل تخريبي تسبب في تفجير قواعد البرج وإسقاطه وبالتالي انقطع التيار الكهربائي عن مدينة الإنتاج الإعلامي.
وأوضح أن شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء أرسلت وحدات توليد احتياطية إلى مدينة الإنتاج الإعلامي بجانب وحدات التوليد الخاصة بالمدينة لتأمين التغذية الكهربائية للقنوات الفضائية، وتتراوح قدرات وحدات الطوارئ المتنقلة بين 500 و1000 كيلو فولت، وتستطيع تأمين التغذية الكهربائية للمدينة والتي تقدر أحمالها بنحو 10 ميجاوات.
وأوضح أن مدينة الإنتاج الإعلامي لها خطان لنقل الكهرباء من الشركة المصرية لنقل الكهرباء مباشرة، وهي منفصلة عن أحمال مدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد، لأنها خطوط ضغط عالٍ ومرتبطة بمحطة لها قدراتها الخاصة داخل مدينة الإنتاج الإعلامي.
وقال: من المستحيل تأمين جميع أبراج الكهرباء على مستوى الجمهورية، ولكن أبراج الضغط العالي ذات الجهد الـ500 كيلو فولت مؤمنة بالكامل بالتنسيق مع الأهالي والبدو، واستهداف برج التغذية الكهربائية المؤدي لمدينة الإنتاج الإعلامي مقصود ومخطط له، ومن قام بالعمل التخريبي يعرف تماماً خط سير البرج.
الإرهاب يهدد مصر بالظلام
فيما أكد مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء المصرية، أن حجم الخسائر في الأبراج التي تم تدميرها منذ منتصف العام الماضي، وحتى تفجيرات خطي الكهرباء المغذيين للمدينة، وأبراج النوبارية ونجح حمادي والفيوم، بلغ أكثر من مليار جنيه مصري، نتيجة ارتفاع أعمال الصيانة والمعدات الكهربائية التي يتم استيرادها من الخارج.
وأكد المصدر أن استمرار تلك العمليات يهدد البلاد بظلام دامس وخطر كبير، »خصوصًا ونحن مقبلون على موسم الصيف الذي ترتفع فيه عملية الضغط على الكهرباء، كما سيؤثر سلباً على حركة الإنتاج نتيجة توقف العديد من المصانع والشركات عن العمل«.
الداخلية تواجه الإرهاب الأسود
أما اللواء أبو بكر عبد الكريم، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية فيقول، إن الإرهاب الأسود بدأ يغير من استراتيجيته التي ينتهجها في الفترة الأخيرة من خلال من خلال استهداف المنشآت العامة، وأبراج الضغط العالي والكهرباء، ناهيك عن استهداف الأبرياء، ولكن الأجهزة الأمنية تعمل بكامل طاقتها، للحد من انتشار هذه العناصر المخربة، وتضرب بيد من حديد على أوكار الإرهاب.
وزارة الكهرباء تناشد المواطنين
من جانبها دفعت هذه الأحداث وزارة الكهرباء إلى وضع خط ساخن وحث المواطنين على التعاون عبر الإبلاغ عن أي عملية تستهدف الأبراج الكهربائية.
وطالب رئيس الحكومة وزارة الكهرباء بتدبير عمالة لحماية هذه الأبراج على وجه السرعة، إلا أن الوزارة أكدت أن عدد الأبراج يزيد على 170 ألفاً، 50% منها منتشرة في الصحراء، مما يصعب عملية تأمين العاملين بها.
ويناشد قطاع الكهرباء المواطنين التعاون وسرعة الإبلاغ عن أي معلومات تفيد جهات التحقيق أو تمنع أي أعمال تخريبية قد تحدث مستقبلاً، كما يناشد المواطنين ضرورة ترشيد الأحمال غير الضرورية خلال وقت الذروة.
اقرا ايضا: