آخر فكرة... عام الأزمات
لم يمر علي مصر عام مثل العام الذي انقضي منذ أيام، مخلفاً حزناً كبيراً في البيوت والقلوب، فهو العام الوحيد الذي انقسم نصفين، مثلما انقسم الشعب المصري فيه إلي نصفين، فلقد مرت علي مصر الستة أشهر الأولي في حكم الإخوان بلا بسمة ترتسم علي الشفاه، أصبح الخوف هو المسيطر علي القلوب، الغضب ملأ العيون، الصرخات كتمت الحناجر.
عام بدأ بحكم الإخوان وانتهي بالحكم عليهم كجماعة إرهابية، وما بين الحكمين بون شاسع.
ظل الإخوان يرسمون ويخططون لمدة ثمانين عاماً كيف يصلوا إلي سدة الحكم في مصر، لم ييأسوا ولم يفت في عضدهم التعذيب والاعتقالات في كل العهود السابقة، كانوا يستغلون الفرصة كي يطلوا برؤوسهم من خلف الكواليس ليضعوا قدماً علي مسرح اللعبة السياسية في مصر، مرة ينجحون في ذلك ومرات يخفقون، حتي جاءتهم الفرصة علي طبق من ذهب، دون تخطيط أو جهد منهم، لتأتي ثورة يناير وتضعهم بدون أي تعب منهم علي كراسي الحكم باعتبارهم الكتلة الأكثر تنظيماً في مصر ذلك الوقت، ليحتلوا مجلس الشعب بأغلبية مطلقة في ظل حكم المجلس العسكري، لكن لأن خبرتهم في الحكم كان قليلة وربما منعدمة، سقطوا سريعاً في فخ المجلس العسكري، الذي سلمهم لقمة سائغة للشعب المصري، فكانوا للجوعان الذي وضعت أمامه مائدة عامرة بكل أصناف الطعام فتكالب عليها حتي أصابته التخمة وحجبت عقله عن التفكير، فسقطوا سريعاً في يد الشعب الذي لفظهم وخرج ليقول في آخر يوم من نصف العام الأول 30 يونيو "لا للإخوان".
ظل الإخوان يخططون كيف يعتلون سدة الحكم في مصر ونسوا أن يخططوا كيف يحكمون فكان السقوط السريع.
وبين نصف عام آخر غابت ملامحه عن كل الناس، أصبح الجميع لا يعلم أي شيء عن أي شيء، الأمور اختلطت والآمال تبخرت والأحلام بحياة رغدة سعيدة انقلبت إلي كوابيس، وبحث الجميع عن طوق نجاة يتشبثون به.
حمل العام الماضي من داخله أسباب التشاؤم التي يظن المصريون أنها تحمل الفأل السيِّئ، فلقد بدأت يوم ثلاثاء وأولها الرقم 13، وهما شيئان يتطير بهما المصريون الذين لا يسمع أحد منهم رقم 13 إلي ويمتعض ويدعو الله أن يجعله خيراً، ويوم الثلاثاء بالنسبة للناس هو يوم التشاؤم في الأسبوع، ويبدو أن عام 2013 قد أكد ذلك لدي المصريين.
فالحمد لله أن انتهي بهذا الكم من الخسائر فقط فلا أحد يعلم إلا الله ماذا كان يمكن أن يكون أكثر من ذلك.
* كلمة أقولها لعام 2014: أتمني أن تكوني خيراً من سابقتك وإن كانت بداياتك مبشرة لكن لا يعلم الغيب إلا الله فهو اللطيف الخبير ولا نملك إلا الدعاء أن تكوني أفضل.