بعد عودة حركة قطارات الصعيد بشكل جزئي 550 مليون جنيه خسائر
أخيرا وبعد توقف استمر لأكثر من 100 يوم، عادت الحياة لسكة حديد الوجه القبلي مرة اخري ولكن بعد أن تكبدت هيئة السكك الحديدية خسائر مادية مجحفة وتكبد المواطنون وعبء وعناء بلطجة سائقي الأجرة.. ولكن السؤال الهام الذي يطرح نفسه من الذي يتحمل فاتورة خراب السكك الحديدية بمصر؟ وماذا حدث خلال الـ100 يوم توقف؟ سؤال سنحاول الإجابة عليه من خلال سطور هذا التحقيق..
في البداية يقول المهندس رشاد عبدالعاطي نائب رئيس هيئة السكك الحديدية إن الجهات الأمنية هي التي طلبت منا تشغيل خطوط الوجه البحري فقط. وأضاف عبد العاطي إن خسائر التوقف وصلت إلي 550 مليون جنيه، حيث تشمل خسائر التوقف وحصر الخلفيات وقطع الخطوط، مؤكدا أن محطة مصر يخرج منها 168قطار يوميا منها 100 لخطوط الوجه البحري وبدأنا بتشغيل 28 قطارًا. وحول التشغيل الكامل لحركة القطارات قال "إننا سنجتمع مع الجهات الأمنية خلال الأيام المقبلة لمعرفة موعد تشغيلها". وأوضح أن هناك قطارين خرجا من محطة مصر برمسيس في اتجاه الوجه القبلي، القطار الأول القاهرة أسيوط والقطار الثاني القاهرة أسوان، ووصلت نسبة الإشغال إلي 80% وأضاف في تصريحاته أن هناك إجراءات تأمينية مشددة داخل محطة مصر، وهناك تفتيش داخل القطارات وقوات شرطة تصاحب القطار في رحلته وحتي وصوله. واوضح عبد العاطي انه تم اضافه قطارين الي الوجه البحري ليكون هناك إجمالي 47 قطارًا موزعة علي محافظات الوجه االبحري. ورغم عودة حركة قطارات الوجه القبلي جزئيا بتشغيل 14 رحلة في القاهرة إلي أسوان فإن الصعايدة غاضبون، فقرار هيئة السكك الحديدية بوقف حركة قطارات الصعيد بعد ساعات من استئنافها أصاب الصعايدة بالصدمة وخاصة أنهم ينتظرون عودة حركة القطارات منذ أربعة أشهر, والمتابع للأمر يتأكد أن هناك حالة من التخبط الشديد داخل إدارة السكك الحديد * المهندس حسين زكريا رئيس هيئة السكك الحديدية يبرر قرار وقف القطارات بأنه نتيجة لاكتشاف أعطال مفاجئة في بعض المواقع. والسؤال الذي يطرحه أهالي الصعيد لماذا لم تنفذ هيئة السكك الحديدية أعمال الإصلاح والصيانة خلال الاشهر الأربعة التي توقفت فيها حركة القطارات؟! والسؤال الأهم: من يضمن انتظام الحركة علي خط الصعيد في ظل تخبط تصريحات هيئة السكك الحديدية واستغلال سائقي الميكروباص وأتوبيسات السياحة للأزمة؟ الأخطر أن حركة النقل بين محافظات الصعيد, وبينها وبين القاهرة شهدت ارتباكا مع توقف حركة القطارات التي تلعب دورا رئيسيا في هذا الاتجاه, وعدم قدرة الميكروباصات واتوبيسات السياحة علي استيعاب اعداد المسافرين . الاهالي غاضبون يقول السيد محمد إبراهيم «من محافظة سوهاج»: إن الإعلان عن تشغيل القطارات ثم وقفها قرار يكشف حالة من الارتباك في هيئة السكك الحديدية وأفواج من البشر توجهت لمحطات السكك الحديدية لحجز تذاكر السفر.. لكن سرعان ما جاءت الخيبة والقرار الكارثة بوقف عجلات الأمل في الوصول إلي الوطن الأم مصر.. وسط شائعات عن احتمال وقوع عمليات إرهابية سوف تتم علي خطوط السكك الحديدية... وهو كلام ساذج, وغير منطقي لأن أهل الصعيد هم الذين سيقومون بوقف أي أعمال عنف أو قطع للسكك الحديدية.. وغير منطقي أن يقبل أهل الصعيد بالاعتداء عليهم أو تعطيل مصالحهم.. لكن الأيدي المرتعشة تعصف بكل شيء. ويضيف أبو بكر عبد الرازق «من أسوان»: أن حجة وقف خط سكك حديد الوجه القبلي لا يمكن قبولها, خاصة أنها تعتمد علي أسانيد واهية, وهي أن هناك أعطالا في بعض المواقع أو أن بعضها سرق أو أن المزلقانات والاشارات لا تعمل, وهو عذر أقبح من ذنب أولا لأنه كانت هناك 100 يوم للصيانة لم تستغلها الهيئة وهو تقصير يجب أن يحاسب عليه كل المهندسين والفنيين والعمال ورئيس الهيئة شخصيا إذا تشدق بهذه الحجة الواهية.. إذن لماذا أعلن أن الخطوط سوف تعمل بهذه السرعة إذا لم يكن يعلم بأن الخطوط سارية. ويري موريس صادق من أسيوط أن عدم انتظام حركة قطارات الصعيد جعل الصعايدة فريسة سهلة لسائقي الميكروباص والاتوبيسات الخاصة بشركات السياحة التي حلت محل القطارات وحلت محل الدولة الغريب أن الأسعار للنقل بين المحافظات أصبحت فلكية, حيث الأجرة من أسيوط إلي القاهرة كانت قبل وقف القطارات في الميكروباص30 جنيها أصبحت الآن100جنيه والأجرة بين القاهرة وسوهاج كانت قبل وقف القطارات 50 جنيها أصبحت الآن 150 جنيها وكانت إلي قنا من قبل 70 جنيها أوشكت الآن علي 170جنيها, ولا رقيب مما دفع شركات السياحة إلي الدفع بالأتوبيسات الخاصة بها وعمل شركات وهمية ومواقف خاصة لها أمام محطة قطار الجيزة, وأمام مستشفي أم المصريين بالجيزة, وفي المنيب وأمام محطة مصر. ويذكر ان محطات السكك الحديدية قد شهدت أحداثاً مؤسفة في أثناء فرض حظر التجوال فالكثير من مهمات السكك الحديدية تعرضت للسلب والنهب دون وجود رقيب أثناء .. العربات المميزة والمكيفة والفلنكات الخشبية التي تحمل القضبان والمسامير الصلب التي تثبت القضبان تمت سرقتها، والتعدي علي فنيي أبراج المراقبة. رصدنا بعض الحالات التي تعرضت لها السكة الحديد وتبين ان مع اقتراب دقات الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل يتحرك مجموعة من الأفراد المسلحين ينقسمون إلي مجموعات إحداها للحراسة والأخري للسرقة وثالثة لتحميل المسروقات علي سيارات كارو، في ظل غياب الأمن وعدم التعامل مع هذه العصابات.. هذا المشهد شبه يومي يرويه العاملين بقطاع تشغيل القطارات، فالعصابات استغلت الانفلات الأمني وقت إيقاف الحركة بعد 14 أغسطس وسرقت محتويات العربات المخزنة داخل أحواش المحطات. سرقوا أجزاء مثل القنطرة والصدادات المسئولة عن امتصاص الصدمات بين العربات وبعضها، بالإضافة إلي (رفايع السكة) مثل مسامير القضبان وغيرها بخلاف الخردة. ايضاً تعرضت عربات قطار النوم المميز وأخري مكيفة علي خطوط السكة الحديد لسرقة محتوياتهما، العربتان تحطم زجاجهما بالكامل، وسرق اللصوص من داخلهما صندوق الخطر المسؤول عن إيقاف القطار إجباريا في حال وجود مشكلة، وكذلك محتويات سقف القطار بالكامل التي تحتوي علي لمبات إنارة وأسلاك الكهرباء وبعض القطع المعدنية والألوميتال الذي يحيط بزجاج العربة» لا تتوقف مشكلة سرقة عربات القطار علي إهدار المال العام فقط، وإنما تكلفة اعادتها لسابق حالتها مكلف جدا . و هذا ما أكده أحمد صلاح «مهندس صيانة بالسكة الحديد» قائلا: العربة المميزة ستتكلف عشرات الآلاف من الجنيهات لإعادة تصليحها من جديد، لكن المشكلة تكمن في إعادة تشغيل العربة المكيفة، والتي ستقوم الهيئة بتصليحها إلا أنها لن تعمل علي الخط كعربة مكيفة مرة أخري وسيتم تشغيلها كعربة قطار مميزة فقط. ومن الملاحظ ان في السنوات الماضية كان الدخول إلي أحواش المحطات أمرا صعبا نظرا للتواجد الشرطي الكثيف، إلا أن التجول داخل الأحواش بمحطات القطارات يعتبر حاليا أمرا سهلا رغم وجود مكاتب للشرطة داخل جميع محطات القطار إلا أن الحراسة الأمنية غابت وسط انتشار العصابات المسلحة وسطوها علي عربات وقضبان السكة الحديد. ومن الملاحظ أنه عند القيام رحلة واحدة علي خطوط السكة الحديد تكشف لنا عن تنامي سرقة القضبان والفلنكات بشكل كبير، وتؤكد أن سرقة القطارات لم تكن عملا فرديا بل عمل ممنهج تقوم به عصابات كبيرة علي مستوي الجمهورية، الأمر الذي سيضع الهيئة في مأزق عند قرارها إعادة تشغيل القطارات، ولن تستطيع تشغيل جميع القطارات علي الخطوط لأنها بذلك ستعرض حياة المواطنين إلي الخطر. ومن الملاحظ انه علي هيئة السكك الحديدة الانتباه إذا لم تفق الهيئة من غيبوبتها ستضيع اموال الدولة، فالهيئة لم تستغل قرار منع قيام القطارات من محطة مصر لعمل صيانة داخل الورش بل تركت ممتلكاتها فريسة سهلة للعصابات المسلحة التي قامت بسرقة الفلنكات وتخليع القضبان الأمر الذي يهدد بوقوع حوادث قطارات في المرحلة القادمة. ومن الملاحظ أن هناك زيادة في العبء علي عامل صيانة السكة، فدوره لم يعد يقتصر علي تصليح أعطال السكة فقط، وإنما الإبلاغ عن وجود أي أجسام غريبة خاصة بعد اكتشاف قنابل شديدة الانفجار علي خطوط السكة الحديد وضعت بعناية في مدن القناة قبل أسابيع، كما يقوم عامل الصيانة بتحرير محاضر السرقة التي ارتفعت معدلات سرقة «رفايع السكة» مثل الخردة وباقي الفرامل المتآكل والمسامير الصلب وغيرها من القطع المتناثرة علي الخطوط.