عماد الدين حسين يكتب :خطأ رئيس الجامعة.. وخطأ أى مسئول إخوانى
كثيرون يعتقدون أن تيارا داخل جماعة الإخوان المسلمين حاول استغلال حادث تسمم المئات من طلاب المدينة الجامعية بالأزهر لتصفية الحسابات مع الإمام الأكبر أحمد الطيب وإزاحته من منصبه.
هؤلاء يقولون إن الإخوان يريدون الاستحواذ على منصب الإمام الأكبر، والانتقام من الطيب غير المحبب لبعضهم لأسباب كثيرة بعضها نعلمه وبعضها لا نعلمه.
معظم الإخوان يؤكدون طوال الوقت أنهم يحترمون الإمام ولا يريدون تغييره، حتى لو اختلفوا معه، وأنهم فى حادث تسمم الطلاب كان هدفهم المصلحة العامة ومعاقبة المقصرين وليس إزاحة الطيب.
طلاب الإخوان كانوا فى طليعة المتظاهرين المطالبين بمعاقبة المسئولين المقصرين وأصروا على إبعاد رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد وجميع المسئولين عن المدينة الجامعية بالأزهر عقابا لهم على إهمالهم. وقد تحقق لهم ما أرادوا.
بعض السياسيين غير الإخوان يقولون إنه كان من المنطقى تعليق وتجميد مسئوليات هذه القيادات وإجراء تحقيق عاجل يحدد من المسئول، وبعدها يتم اتخاذ القرارات، لكن طريقة إبعاد القيادات كما تمت تعنى شيئا واحدا وهو أن المجلس الأعلى للأزهر خضع لصوت المتظاهرين وأقال رئيس الجامعة رغم أنه قد لا يكون مسئولا.
بعيدا عن هذا الجدل، هناك مسئولية سياسية يتحملها رئيس الجامعة وليس الإمام الأكبر شيخ الأزهر بشأن الحادث، وبالطبع يتحملها كل مسئولى المدن الجامعية، وبغض النظر عن نتيجة التحقيقات فمن المهم أن نبعث برسالة بأن كل مسئول سيعاقب عقابا رادعا إذا قصر فى أداء مهام عمله.
لو أن إدارة الرئيس مرسى وحكومة د.هشام قنديل قامت بتفعيل هذا المبدأ فى كل المجالات فربما نتمكن من الخروج من أزمتنا المستحكمة بسرعة، لكن السؤال الجوهرى الذى يفترض أن يسأله كل إخوانى لنفسه هو: طالما أن رئيس جامعة الأزهر مسئول عن الحادث سياسيا، وطالما تم الإصرار على إقالته من جانب طلاب الإخوان، فهل سيتم تطبيق نفس المبدأ على المسئولين الإخوان الذين صاروا يتقلدون مناصب رئيسية إذا قصروا فى أداء عملهم؟!.
السؤال بمعنى آخر: هل عندما تشتعل أزمة أنابيب البوتاجاز ويخرج المستهلكون للتظاهر،ويطالبون بإقالة وزير التموين الإخوانى، وقتها ماذا سيقول الإخوان، هل سيطبقون المبدأ عليه أم يقولون إنه ينبغى فقط إقالة مسئول المستودع الغلبان فى مركز كذا بمحافظة كذا؟!.
وهل عندما يتظاهر الناس ضد غياب الأمن الفادح فى معظم أرجاء الجمهورية مطالبين بإقالة وزير الداخلية، سيقول بعض الإخوان إن السبب هو انفلات الشارع ومظاهرات الالتراس وبلاك بلوك أم أن تلك مسئولية الوزير الذى عينه الرئيس؟!.
وهل عندما يطالب كثيرون بإقالة أى مسئول إخوانى جديد قصر فى أداء عمله سيبرر الإخوان الأمر بأنه يحتاج إلى فترة اختبار، أم سيطبقون نفس المبدأ الذى اكتوى به رئيس جامعة الأزهر المقال؟!.
ثم وهذا هو الأهم إذا تظاهر المصريون ضد بعض سياسات الرئيس محمد مرسى وقالوا إنه لم يحقق ما وعدهم به فى برنامجه الانتخابى وإن الأزمات استفحلت من وجهة نظرهم، هل وقتها سيتم التعلل بأنه رئيس منتخب وينبغى أن يكمل فترته مهما كان حجم التقصير أم ماذا؟!.
القضية باختصار أنه علينا أن نعتمد منهجا ومبدأ وأسلوبا ومعيارا واحدا فى القضايا، إذا طالبنا بإقالة رئيس الجامعة المنتخب لأنه أخطأ، فالمنطق نفسه يعطى معارضى الرئيس الحق فى المطالبة بإقالته وهو أيضا منتخب.
يا أيها الإخوان: احترسوا، فأنتم تتجهون إلى وراثة أسوا عادات مبارك وهى ازدواجية المعايير.
نقلا عن جريدة الشروق