من الإقلاع عن التدخين إلى الرياضة.. طبيب يقدم خطة وقائية للحفاظ على صحة القلب
أكد الدكتور محمد صلاح مصيلحي، استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية، أن هناك العديد من العادات السيئة التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة القلب، بما فيها اضطرابات النوم، مثل الأرق وانقطاع التنفس أثناء النوم، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والسمنة والسكري، وكلها عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب.
يمكن أن يؤدي سوء نوعية النوم ومدته إلى زيادة هرمونات التوتر، مما قد يساهم في حدوث مشاكل في القلب.
وأكد "د. مصيلحي" أن التدخين يعد من أهم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، فهو يدمر بطانة الشرايين، مما يؤدي إلى تراكم المواد الدهنية (تصلب الشرايين) وتضييق الشريان. وهذا يمكن أن يسبب الذبحة الصدرية، والنوبات القلبية، أو السكتات الدماغية.
يزيد التدخين أيضاً من خطر الإصابة بجلطات الدم، التي يمكن أن تمنع تدفقه إلى القلب حتى لو كان المريض لا يدخن، مشيرًا إلى أن التعرض للتدخين السلبي يمكن أن يضر قلبه أيضاً، فهو يمكن أن يسبب سرطان الرئة وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وقد يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأنواع أخرى من السرطان ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
وينصح "د. مصيلحي" مرضاه دائماً الالتزام بنظام غذائي صحي باعتباره عامل تمكين رئيسي لصحة الجسم والعقل مشيرًا إلى أن الغذاء له تأثير كبير على صحة القلب، فالأطعمة المصنعة مثل وجبات الميكروويف أو أي شيء يحتوي على سكر مكرر تضر بصحة القلب، خاصة عند تناولها بكميات كبيرة.
تعمل الدهون المشبعة والمتحولة على رفع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، أو الكوليسترول الضار، وانخفاض مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، وهو الكوليسترول الجيد.
وأضاف "د. مصيلحي" أنه لا تتأثر صحة القلب بالكوليسترول فحسب، لأن استهلاك الكثير من السكر المضاف سواء كان في المشروبات الغازية والبسكويت أو الأطعمة المصنعة يشكل عامل خطر رئيسياً للإصابة بأمراض القلب.
ويمكن أن يؤدي تناول السكر المضاف إلى ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالالتهابات في الجسم وزيادة الوزن، ناهيك عن الإصابة بمرض السكري وأمراض الكبد الدهنية وجميع الحالات التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بنوبة قلبية.
وقدم الدكتور مصيلحي عدة نصائح بعد أن أوضح أن أمراض القلب هي سبب رئيسي للوفاة، مشيرًا إلى أنه لا يمكننا تغيير بعض عوامل الخطورة، مثل السيرة المرَضية للعائلة أو نوع الجنس عند الولادة أو العمر، لكن هناك العديد من الخطوات الأخرى التي يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
كما أضاف أن ممارسة النشاط البدني لمدة 30 إلى 60 دقيقة على الأقل يوميّاً يمكن أن تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب. كما تساعد الأنشطة البدنية في التحكم في الوزن.
وتقلل أيضاً من احتمالات الإصابة بحالات مرَضية أخرى قد تسبب إجهاداً للقلب.
وأضاف "د. مصيلحي" أن اتباع نظام غذائي صحي يعد من العوامل المهمة لحماية صحة القلب وتحسين ضغط الدم ومعدل الكوليسترول والحد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
لهذا السبب، أشار إلى أن جمعية القلب الأمريكية تنصح بألا يستهلك البالغون أكثر من 150 سعرة حرارية (أي حوالي 9 ملاعق صغيرة أو 36 غراماً) من السكر المضاف يومياً.
وتشمل خطة النمط الغذائي الصحي المفيد لصحة القلب ما يلي: الخضروات والفواكه، الفول أو البقوليات الأخرى، اللحوم والأسماك خفيفة الدهن، مشتقات الحليب قليلة الدسم أو منزوعة الدسم، الحبوب الكاملة، الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو.
وأكد الدكتور مصيلحي على أهمية فقدان الوزن بشكل معتدل، حيث يمكن أن يكون إنقاص الوزن، ولو بقدر قليل، مفيداً للصحة وخفض الوزن بنسبة 3% إلى 5% فقط يمكن أن يساعد في تقليل بعض الدهون في الدم التي تسمى الدهون الثلاثية، وكذلك خفض نسبة السكر في الدم.
كما يساعد إنقاص المزيد من الوزن على خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
كما أوضح أن النوم الجيد هو عامل مهم في الحفاظ على صحة القلب حيث يحتاج معظم البالغين سبع ساعات من النوم على الأقل كل ليلة.
نوه بضرورة إبلاغ طبيب القلب إذا شعر المريض بأنه ينال قسطاً كافياً من النوم لكنه لا يزال يشعر بالتعب خلال اليوم.
وأوضح إنه يجب عليه في هذه الحالة الخضوع لتقييم للتأكد من عدم وجود انقطاع النَّفَس الانسدادي النومي، فهذه حالة يمكنها أن تزيد من خطورة تعرضه للإصابة بأمراض القلب.
وأضاف "د. مصيلحي" أن أعراض انقطاع النفس الانسدادي النومي تشمل الشخير الصاخب وتوقف التنفس لفترات قصيرة أثناء النوم، والاستيقاظ من النوم وهو يحاول جاهداً أن يتنفس.
وقد يشمل علاج هذه الحالة فقدان الوزن إذا كان المريض مصاباً بزيادة الوزن.
وقد يتضمَّن أيضاً استخدام جهاز لإبقاء مجرى الهواء مفتوحاً أثناء النوم، وهو يسمى جهاز الضغط الموجب المستمر في مجرى التنفس.
وأوضح الدكتور مصيلحي أنه يرى في العيادات حالات كثيرة من مرضى يشكون من ارتفاع ضغط الدم وقد يكون التوتر المستمر المسبب الرئيسي. حيث يواجه بعض الأشخاص أيضاً التوتر بطرق غير صحية، مثل الإفراط في تناول الطعام أو التدخين.
في حال الشعور بفقدان السيطرة على التوتر الشديد، أشار "د. مصيلحي" أنه يجب على الشخص الخضوع لفحص طبي، فقد يرتبط التوتر المستمر بأمراض نفسية، مثل القلق والاكتئاب.
كما ترتبط هذه الأمراض أيضاً بعوامل الخطورة المسببة لأمراض القلب، ومنها ارتفاع ضغط الدم وانخفاض معدل تدفق الدم إلى القلب.
وأشار الدكتور مصيلحي أنه يمكن لارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول أن يؤديا إلى تضرر القلب والأوعية الدموية، ولكن إذا لم تخضع لفحوصات لهذه الحالات المرَضية، فمن المرجح ألا تعرف ما إذا كنت مصاباً بها أم لا. لذا، من المهم الالتزام بالزيارات المنتظمة لطبيبك، فالاختبارات المسحية يمكن أن تُعلم المريض بالنتائج وما إذا كان بحاجة إلى اتخاذ إجراء أو لا.
كما أكد الدكتور مصيلحي على أهمية الإقلاع عن التدخين نهائيًا، حيث أوضح أن تدخين السجائر يحتوي على أكثر من 6000 مادة كيميائية منها 100 تعتبر سامة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالأمراض المتعلقة في التدخين
كما أن التدخين السلبي يشكل تهديداً كبيراً على الأشخاص المحيطين بالمدخن، سواء من عائلته أو أصدقائه، لأنهم بذلك يستنشقون نفس الدخان الذي يمكن أن يسبب مضاعفات صحية خطيرة لديهم.
وأكد أن خطر الإصابة بمرض القلب يبدأ في الانخفاض في أقل من يوم واحد بعد الإقلاع عن التدخين، وبعد عام، ينخفض إلى حوالي نصف الخطر المُعرض له الشخص المُدخِن.
أشار إلى أنه أياً كانت المدة التي أمضيتَها في التدخين أو مقدار ما دخنته، فستبدأ في جني الثمار بمجرد الإقلاع عنه.
ولفت الطبيب إلى أنه يتفهم المعاناة التي يواجهها الشخص الذي يتخذ قراراً بالإقلاع عن تدخين السجائر؛ مؤكدًا أنها تعد رحلة شاقة لكن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساعده كعلاجات بدائل النيكوتين مثل لصقات النيكوتين أو علكة النيكوتين.
وأشار الدكتور مصيلحي إلى أنه متوفر حالياً للمدخنين البالغين الذين قرروا عدم الإقلاع عن التدخين العديد من البدائل الأقل خطورة مثل التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين.
وأكد أنه عند النظر إلى نتائج الدراسات المتوفرة حول هذه البدائل، نجد، من الناحية العلمية، أن هذه البدائل هي بالفعل تقلل المخاطر مقارنة بالسجائر؛ لأن هذه البدائل لا تحترق على عكس السجائر.
وهذا النوع من المنتجات، وتحديداً تلك التي تطور بالاستناد إلى العلم واعتماد معايير الجودة والسلامة، تولد مستويات أقل بكثير من المركبات الكيميائية الضارة مقارنة بتلك التي تولدها السجائر، ويمكن أن تكون أقل خطورة بالنسبة للمدخنين البالغين الذين يستمرون في التدخين، على الرغم من أنها توفر النيكوتين الذي يسبب الإدمان ولا يعد خالياً من المخاطر.
وأكد "د. مصيلحي" أنه يمكننا أن نستمد الإلهام من البلدان المختلفة التي طبقت سياسات الحد من المخاطر لتقليل نسبة المدخنين مثل بريطانيا حيث تعترف هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) بأن السجائر الإلكترونية يمكن أن تكون وسيلة مساعدة فعالة للإقلاع عن التدخين فهي تعتبر أقل خطورة من السجائر التقليدية ويمكن أن تساعد المدخنين البالغين على الابتعاد عن التدخين.
كما أشار إلى أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية، شاركت جنباً إلى جنب مع هيئة الصحة العامة في إنجلترا (PHE)، في حملات الصحة العامة لتثقيف الناس حول السلامة النسبية للسجائر الإلكترونية مقارنة بالتدخين.
أوضح "د. مصيلحي" أن نيوزيلندا تبنت السجائر الإلكترونية كبديل أقل خطورة للتدخين كجزء من حملتهم لتصبح دولة خالية من التدخين بحلول عام 2025، فقد قامت الحكومة بتنظيم بيع وتسويق منتجات السجائر الإلكترونية للتأكد من أنها أقل خطورة وفي متناول المدخنين البالغين الذين يريدون الإقلاع عن التدخين.