اتحاد الشركات يؤكد على أهمية هندسة الخطر كأداة استراتيجية في إدارة المخاطر والتأمين

أصدر الاتحاد المصري للتأمين، برئاسة علاء الزهيري نشرته الأسبوعية حول هندسة الخطر في التأمينRisk Engineering.
وأوضح الاتحاد المصري للتأمين هندسة الخطر تعد أحد التخصصات بالغة الأهمية في قطاع التأمين، إذ تُركز على تحديد الأخطار وتقييمها والوصول إلى آليات للتخفيف من حدتها قبل أن تُؤدي إلى خسائر. وبالتالي تساعد هندسة الخطر شركات التأمين وحاملي وثائق التأمين على تعزيز السلامة وتقليل حجم المطالبات وتحسين المرونة في العملية التأمينية برمتها وذلك من خلال دمج الخبرة الفنية وتحليلات البيانات والتخطيط الاستراتيجي.
تعريف هندسة الخطر
ظهر مصطلح هندسة الخطر في القرن العشرين، وقد استخدمتها الدول المتقدمة لوضع أسس لمقاومة أثار الكوارث التقليدية، لا سيما الكوارث الطبيعية وأمراض الإنسان والحيوان والنبات وأعطال التكنولوجيا والكوارث الاجتماعية. ووفقاً للتعريفات التي تستخدمها الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرها، فإن هندسة الخطر هي الاستخدام المنهجي للمعارف والخبرات الهندسية لتحسين حماية الأرواح البشرية والبيئة والممتلكات والأصول الاقتصادية، أي لتحقيق أقصى قدر من الأمن والتنمية المستدامة للنظام البشري. وبالتالي يعد الغرض الرئيسي من هندسة الخطر هو الحد من جميع أنواع الأضرار والخسائر من خلال إدارة عدد من الأخطار المستهدفة.
يعتمد المفهوم الأصلي لهندسة الخطر على إدارة الأخطار، ويتناول حل المشكلات خطوة بخطوة من خلال دراسة الكوارث الفردية. و يتعامل هذا النموذج مع جميع الأخطار التي يكون احتمال حدوثها أكبر من أو يساوي 0.05.
وتشمل هندسة الخطر التقييم المنهجي للأخطار المحتملة - مثل الحرائق والكوارث الطبيعية والتهديدات الإلكترونية أو الأعطال التشغيلية - وتطبيق عدد من التدابير للحد من آثارها. وبخلاف التأمين التقليدي الذي يتفاعل مع الخسائر، تتبع هندسة الخطر نهجاً استباقيا عن طريق محاولة منع الحوادث من خلال:
تقييمات الأخطار
عن طريق تقييم المنشآت والعمليات وسلاسل التوريد عن نقاط الضعف.
استراتيجيات منع الخسائر
حيث يتم التوصية بتطبيق بروتوكولات السلامة وأنظمة الحماية من الحرائق وبرامج الصيانة وغيرها من وسائل الحماية ومنع الخسائر.
اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات
عن طريق استخدام التحليلات للتنبؤ بالأخطار والوسائل المتاحة للتخفيف منها.
وتعد هندسة الخطر أحد التخصصات الحيوية وخاصة للشركات متعددة الجنسيات والمصنّعين في مجال الصناعات عالية الخطورة حيث يمكن أن يكون للأخطار المحلية تداعيات عالمية.
أهمية هندسة الخطر
تساهم هندسة الخطر في تخفيض احتمالية وقوع مشاكل خطيرة كالحرائق والحوادث وانقطاع الأعمال وتعطل المعدات وإصابات العمال وكذلك تخفيض تكاليف التشغيل والمساهمة في تعزيز مرونة الشركات في المستقبل. كما تساعد هندسة الخطر في توفير البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات رأسمالية مدروسة تتوافق مع قدرة الشركة على تحمل الأخطار.
تساعد تقارير هندسة الخطر شركات التأمين في إجراء عملية الاكتتاب بفاعلية وكفاءة، حيث يمكن لمكتتب التأمين من خلال تلك التقارير وضع أفضل الشروط والتغطيات الملائمة مما يساهم في إكتساب رضاء العميل، وقد بدأت عدد من الشركات العالمية في تقديم الخدمات المتعلقة بهندسة الخطر كميزة تنافسية تتفوق بها الشركة عن مثيلاتها في السوق.
قد تساهم تقارير هندسة الخطر في ارتفاع حجم أقساط التأمين، وذلك من خلال زيادة حجم محفظة الشركة حيث أن استناد شركة التأمين إلى مثل هذه التقارير يشجع الشركة على قبول أخطار كانت تحجم عن قبولها لعدم توافر البيانات الكافية الخاصة بها ولكن من خلال تقارير هندسة الخطر يصبح لدى الشركة فهماً واضحاً لملف الأخطار بأكمله من خلال تحديد حجم الأخطار المتوقعة ووسائل الوقاية من حدوثها.
دور مهندس الخطر في المنظومة التأمينية
يقوم مهندس الخطر بفحص المرافق والمعدات والعمليات لمساعدة الشركات على وضع استراتيجيات لإدارة الأخطار قبل وقوع الحادث وأثناءه وبعده. ويقدم المهندس توصيات محددة لتخفيف آثار الأخطار المتوقع حدوثها؛ ومن خلال تلك الأخطار يمكن لشركات التأمين اتخاذ إجراءات وقرارات أفضل لمنع الخسائر. وتشمل المسئوليات الرئيسية لمهندس الخطر ما يلي:
تقييم الأخطار
حيث يقوم المهندس بتقييم الأخطار المحتملة التي قد تواجهها الشركات أو الممتلكات. ويشمل ذلك تحليل احتمالية وقوع أخطار مختلفة، مثل الحرائق والكوارث الطبيعية وأعطال الأنظمة الإلكترونية والاختراقات الأمنية.
إجراء عمليات فحص السلامة والتأكد من الامتثال لقواعدها
يقوم مهندس الخطر عادةً بإجراء عمليات فحص السلامة والامتثال لقواعدها لضمان التزام الشركات بمعايير ولوائح قطاع السلامة مما يُساعد في تقليل أخطار الحوادث وغيرها من الاخطار التي قد تؤدي إلى وقوع مطالبات تأمينية.
الوقاية من الخسائر
يقدم مهندسو الخطر المشورة بشأن الاستراتيجيات والتدابير اللازمة للوقاية من الخسائر. قد يشمل ذلك التوصية بتغييرات في إجراءات التشغيل أو تركيب معدات السلامة أو تدريب الموظفين أو تحسين أنظمة الأمن.
تحليل البيانات
يقوم مهندس الخطر من خلال استخدام تحليلات البيانات بتقيييم الحوادث السابقة وسجلات المطالبات للتنبؤ بالأخطار المستقبلية. يُساعد هذا النهج القائم على البيانات في تصميم وثائق التأمين وأقساطها بدقة أكبر وفقاً لمستوى الأخطار.
الخبرة الفنية
غالباً ما يكون لدى مهندسي الخطر معرفة متخصصة في مجالات معينة مثل الهندسة الكهربائية أو البناء أو العلوم البيئية، مما يساعدهم على فهم وتقييم الجوانب الفنية لعدد من الأخطار المختلفة
التفاعل مع العملاء
يعمل مهندس الخطر عن كثب مع عملاء شركات التأمين لفهم عملياتهم التجارية وتقديم استشارات مُخصصة لإدارة الخطر. وقد يشمل ذلك زيارات ميدانية ومناقشات مُفصلة مع فريق الإدارة بشركة العميل.
تطوير وثائق التأمين
تُعدّ النتائج والتوصيات التي يذكرها المهندس في تقريره بالغة الأهمية في صياغة شروط وأحكام وثائق التأمين. فهي تُساعد شركات التأمين على فهم مستوى الأخطار المُحتملة، مما يُؤثّر بدوره على حساب أقساط التأمين وحدود التغطية.
تطوير خطط الاستجابة للطوارئ
أحياناً يقوم مهندس الخطر بالمساعدة في تطوير ومراجعة خطط الاستجابة للطوارئ لشركات عملاء التأمين، والتأكد من وجود تدابير كافية للتعامل مع الأزمات المحتملة مما يساعد في التخفيف او منع الخسائر المحتملة.
ومن ثم تعد وظيفة مهندس الخطر في جوهرهاً شيئاً أساسياً في سد الفجوة بين الجوانب النظرية للتأمين والتحديات العملية لإدارة الخطر في ظلّ الظروف الواقعية؛ حيث يساعد شركات التأمين على فهم الأخطار والتخفيف منها، مما يؤدي إلى تصميم حلول تأمينية أكثر فعالية وكفاءة.
الخدمات التي تقدمها هندسة الخطر
تقدم شركات هندسة الخطر مجموعة واسعة من الخدمات، مثل هندسة الحماية من الحرائق والمسح الحراري بالأشعة تحت الحمراء وهندسة الغلايات والآلات وتقييم الأخطار الطبيعية وتقييم أخطار العنصر البشري. وتهدف جميع هذه الخدمات إلى تحديد الأخطار وتقديم توصيات للتحسين المستمر.
هندسة الحماية من الحرائق
يعد تقييم هندسة الحماية من الحرائق مفتاح تحديد أخطار الحرائق وادارتها؛ وذلك من خلال تقييم الحرائق. يُحلل مهندسو الخطر منشآت العميل والعمليات الخاصة به لتحديد الأخطار المحتملة. ثم يقدمون توصيات مفصلة لتحسين الحماية من تلك الأخطار. وتشمل التوصيات الشائعة تركيب أنظمة رش أو تحسين برامج العنصر البشري.
التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء
لتحديد درجات الحرارة غير الطبيعية ونقاط العطل المحتملة في المعدات، يتم إجراءات عمليات التفتيش الحرارية وتستخدم الطاقة الحرارية للعثور على النقاط الساخنة التي قد تؤدي إلى نشوب حريق أو تعطل المعدات.
أعطال المعدات
للوقاية من أعطال الآلات، يتم تقييم الأصول الحيوية من قِبل مهندسي أخطار الغلايات والآلات . ومن التوصيات الشائعة تنفيذ الصيانة الوقائية والتنبؤية، وتوفير قطع الغيار، ووضع خطط طوارئ.
تحليل الأخطار الطبيعية
يستطيع مهندسو الأخطار تحديد مدى حماية شركة العميل من حرائق الغابات، والعواصف، والعواصف الرملية، وطقس الشتاء، والفيضانات، وحرائق الغابات، وغيرها. كما يساعدون الشركات على تحديد شدة الأخطار الطبيعية وتأثيرها المحتمل، ووضع خطط عمل فعّالة .
هندسة أخطار العنصر البشري
يُعدّ تقليل الأخطاء البشرية أمراً أساسياً في أي خطة للسيطرة على الخسائر. وتشمل هذه الأنظمة أنظمةً لإدارة ومراقبة تصاريح العمل والتقييم الذاتي ، والأخطار الكهربائية والحماية من الحرائق وغيرها. صُممت كلٌّ من هذه الأنظمة للتحكم في مصادر الاشتعال، وإدارة وجود المواد القابلة للاشتعال، وضمان عمل الأنظمة على النحو المطلوب.
الاتجاهات الحديثة في هندسة الخطر
التحول الرقمي:
يتم إستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتقديم تقييمات الأخطار والتنبؤ بالمطالبات.
تُوفر مستشعرات إنترنت الأشياء مراقبة آنية للمعدات والظروف البيئية.
التركيز على المرونة الإلكترونية
مع تزايد التهديدات الإلكترونية، يُقيّم مهندسو الخطر خطط استمرار الأعمال في حال انقطاع تكنولوجيا المعلومات.
التكيف مع تغير المناخ
يساعد المهندسون الشركات على الاستعداد للظروف الجوية القاسية من خلال:
حماية المرافق من الفيضانات
إعادة تصميم سلاسل التوريد لتعزيز المرونة المناخية.
استشارات الأخطار التي يتم تصميمها خصيصاً للعملاء
تقدم شركات خدمات هندسة الخطر إستشارات مُصممة خصيصاً، تجمع بين التقييمات الميدانية والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد.
رأي اتحاد شركات التأمين المصرية
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، يؤكد الاتحاد على الأهمية البالغة لهندسة الخطر كأداة استراتيجية في إدارة المخاطر والتأمين. إن تبني نهج متطور في هندسة الخطر لا يساهم فقط في تقليل الخسائر وتعزيز الاستدامة، بل يسهم أيضاً في تحسين كفاءة سوق التأمين وزيادة الثقة بين العملاء وشركات التأمين.
كما يدعو الاتحاد إلى تعزيز التعاون بين شركات التأمين والقطاعات المختلفة، ولا سيما القطاعات الصناعية والتجارية، لتطبيق أسس هندسة الخطر في كل مراحل العمل، بدءًا من تحليل المخاطر وتقييمها، وصولًا إلى تصميم الحلول التأمينية المناسبة مع ضرورة تبني المعايير الدولية والابتكار في إدارة المخاطر، و التعاون بين الشركات والأكاديميين لوضع سياسات مستدامة تحمي شركات التأمين والمؤمّن لهم على حد سواء.
وفي هذا الإطار، يلتزم الاتحاد بدعم شركات التأمين المصرية من خلال تقديم التوصيات المستندة إلى أفضل الممارسات العالمية في هندسة الخطر، إلى جانب تعزيز ثقافة الوقاية والتخفيف من المخاطر كجزء أساسي من الاستراتيجية التأمينية الشاملة.
إن تطبيق مفاهيم هندسة الخطر بشكل متكامل لا يعزز فقط من كفاءة سوق التأمين المصري، بل يسهم أيضًا في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وحماية الأصول الوطنية، مما يدعم رؤية مصر نحو مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا.