السلام يبرد
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: أسباب تراجع العلاقات مع مصر والسيناريو الذي أغضب القاهرة
نشرت صحيفة معاريف العبريةتقرير أوفير وينتر وهو باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب تحدث خلاله عن مخاوفه من تضرر عملية السلام بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي عقب حرب الإبادة التي تشنها حكومة السفاح بنيامين نتنياهو مدعوما بكتلة حزبية متطرفة متطعتشة للدماء..." قال فيه : هناك عدة أسباب للتدهور الملحوظ في العلاقات بين الدول ما إذا كانت القاهرة قلقة من أن يطرق لاجئو غزة حدودها واختلاف الرأي حول مسألة المساعدات الإنسانية – العلاقات ليست كما كانت في الماضي.
تشير الأزمة الحالية في العلاقات الإسرائيلية المصرية إلى أنه حتى "السلام البارد" قد يتعرض لمزيد من الفتور. أضرت الحرب بعلاقات التطبيع الضعيفة بالفعل بين البلدين: توقفت الرحلات الجوية المباشرة، وتوقفت السياحة من إسرائيل إلى مصر، وتأجل اجتماع منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط.
والأسوأ من ذلك هو الانفصال بين القادة، الذين لم يتحدثوا منذ بداية الحرب، والتآكل الواضح للثقة بين الحكومة والأجهزة الأمنية.
وتشعر القاهرة بالقلق من استمرار الحرب في غزة التي لا تلوح نهايتها بعد في الأفق، من بين أمور أخرى، بسبب آثارها على اقتصادها.
وفي الأيام الأخيرة، أفيد في مصر أنه في شهر يناير حدث انخفاض بنسبة تزيد عن 40 % في حركة السفن في قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر.
وبما أن القناة تدر على مصر عائدات تقترب من عشرة مليارات دولار سنويا، فإن هذا يشكل ضررا بمئات الملايين من الدولارات شهريا.
ومع ذلك، فإن هذا ليس سوى عامل واحد في الاكتئاب الملحوظ في العلاقات بين الدول.
وتخشى مصر من أن يطرق لاجئو غزة حدودها إما بسبب الضغوط الإسرائيلية المتعمدة أو بسبب الأزمة الإنسانية في القطاع.
ومن شأن مثل هذا الوضع أن يقوض الاستقرار الأمني في سيناء ويثقل كاهل مصر بعبء اقتصادي إضافي.
كما تختلف وجهات النظر بين تل أبيب والقاهرة بشأن مسألة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح: فهي بالنسبة لإسرائيل أداة ضغط على حماس وقيد يتعلق بالشرعية الدولية لاستمرار الحرب.
وبالنسبة لمصر فإن هذه أداة مصممة لإظهار التضامن مع الفلسطينيين، ومنع الأزمة الإنسانية من الامتداد إلى أراضيها، وتخفيف الضغوط من الداخل والخارج لفتح أبوابها لغزة على نطاق أوسع.
إضافة إلى ذلك، هناك خلافات بين الطرفين بشأن تنظيم الإشراف على محور فيلادلفيا والمعابر الحدودية لمنع تكرار تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة.
وحذر مسؤولون في مصر من أن العمل العسكري الإسرائيلي في المحور سينتهك الملحق العسكري لاتفاق السلام وينعكس سلبا على العلاقات بين البلدين.
كما أفادت التقارير أن القاهرة رفضت طلبا إسرائيليا لوضع أنظمة مراقبة إلكترونية في المنطقة.
ويختلف الجانبان أيضًا حول الوضع النهائي المرغوب للحرب. وبينما تعارض إسرائيل الرسمية في هذه المرحلة عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، يرى المصريون أن تجديد العلاقة بين غزة والضفة الغربية هو الحل المنشود، وهو الحل الذي سيمهد الطريق أيضًا لخلق أفق سياسي لدولتين. " حل الدولة" .
وبعيداً عن القضايا الجوهرية، فإن الأزمة الحالية في العلاقات تنبع من حقيقة أن زعماء الدول يعطون الأولوية للاعتبارات العامة الداخلية، حتى لو كان ذلك يعني الإضرار بالنسيج الدقيق لعلاقات السلام.
وبينما امتنعت مصر الرسمية عن إدانة حماس، فإن التصريحات الشعبوية التي أطلقها وزراء إسرائيليون فيما يتعلق بالرغبة في اقتلاع سكان غزة تثير المخاوف المصرية بشأن نوايا إسرائيل.
وعلى الرغم من الانقسامات الكثيرة، فإن تل أبيب والقاهرة لهما مصلحة في حل الأزمة ومنع المزيد من التدهور في العلاقات بينهما.
ومن الواضح أن كلا الجانبين يفهمان ذلك. وإلى جانب الاتهامات المتبادلة إعلاميا، فإن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تسير بشكل طبيعي، ولو بشكل أقل وضوحا من ذي قبل.
وتواصل الوفود الأمنية التنقل بين تل أبيب والقاهرة، ومؤخرا أفادت تقارير عن زيادة بنسبة 15 % في كمية الغاز الإسرائيلي المصدر إلى مصر.
وتحتاج إسرائيل إلى مصر في جهود الوساطة لإطلاق سراح المختطفين.
إن الميزة التي تتمتع بها مصر على الوسيط الآخر، قطر .. وستلعب مصر أيضًا دورًا مركزيًا في اليوم التالي للحرب في قضايا مثل منع تجدد تكثيف العناصر الإرهابية في غزة، وتدريب قوات الشرطة الفلسطينية لملء الفراغ الذي خلفته حماس والمشاركة في إعادة إعمار القطاع.
وإذا عمدت إسرائيل إلى تعميق خطة فك الارتباط مع غزة، فلسوف تتمكن مصر من توفير البنية الأساسية للطاقة والمياه، والموانئ البحرية والجوية، والمناطق الصناعية لصالح القطاع،.
إن استعادة علاقة الثقة بين البلدين يجب أن تبدأ الآن، وعلى كافة المستويات الأمنية والحكومية والمدنية. إن ضمان استقرار السلام القائم منذ 45 عاماً بين إسرائيل ومصر في بيئة شرق أوسطية مليئة بالتحديات والمزدحمة يتطلب من الجانبين تعزيز أسسه وإضافة طبقات سياسية واقتصادية وثقافية جديدة إليه. وهذا أيضًا جزء من التصحيح الكبير المطلوب بعد أحداث 7 أكتوبر.