”خبير”: عرض رأس مومياء فرعونية للبيع ببريطانيا جريمة قانونية واخلاقية
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار أنه لأول مرة في التاريخ تعرض غدًا رأس مومياء مصرية قديمة وقطعة أخرى بمزاد علني فى صالة سون فاين آرت ببريطانيا.
ويعود تاريخ رأس المومياء إلى نحو 2800 عام، حيث استطاع علماء من خلال الكربون المشع تأريخه للفترة الإنتقالية الثالثة من التاريخ الفرعوني.
وتقول دار المزادات - طبقًا لما جاء بالصحف العالمية إن رأس المومياء خرج من مصر أثناء الحرب العالمية الأولى (أي منذ ما يزيد عن مائة عام) مع جندي بريطاني، وحفظه في صندوق عثر عليه أحفاده مؤخرًا، وعرضوه على دار المزادات من أجل بيعه، ويبدأ سعر الرأس في المزاد بـ 25 ألف دولار أمريكي .
وفى ضوء ذلك يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أنه من المحتمل أن يشترى هذه القطع أحدى المغامرين أو أحد المتاحف لإجراء دراسات تجرّد المصريين من أصولهم أو تأتى بنتائج على هوى منظمات معينة ومنها الأفروسنتريك وغيرها لتشويه تاريخ ومصر والنيل من حضارتها.
وأشار إلى أن بيع رأس مومياء لأول مرة فى التاريخ يمثل إهانة للحضارة المصرية باعتبار السلالات البشرية ضمن آثارها ومفرداتها الحضارية طبقًا للمادة 1 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته.
ونصها " الأثر كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان منذ عصور ما قبل التاريخ، وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام متى وجد على أرض مصر وكانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية
باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التى أنتجت أو قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها "
وكذلك إهانة للمصريين الحاليين أحفاد قدماء المصريين حيث يمثل هذا الرأس، رأس الجد بالنسبة لنا وبالتالى فهذا التصرف يتنافى مع أبسط قواعد مبادىء الأخلاق التى تتشدق بها المنظمات الدولية ليل نهار.
ومن الناحية القانونية ينوه الدكتور ريحان إلى أن الرأس كما يذكر الخبر خرجت مع جندى بريطانى منذ أكثر من مائة عام مما يعنى خروجها بطريق غير شرعى ويشيد بالتحرك السريع لإدارة الآثار المستردة بالطرق المعتادة لها فى استرداد كثير من الآثار السابقة .
برصد مزاد صالة سون فاين آرت ببريطانيا والتي تعرض قطعتين أثريتين مصريتين ضمن معروضاتها، والإطلاع على المستندات الخاصة بالقطعتين والتأكد من طريقة خروجهما من مصر، ويؤكد الدكتور ريحان لمصر حق قانونى فى عودة رأس المومياء ووقف بيعها غدَا .
ويضيف من خلال دراسة قانونية للدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص أننا لو استندنا إلى إتفاقية اليونسكو 1970 الخاصة بمنع الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية فى طلب استرداد هذا الرأس فلن نحصل على شىء .
حيث لا تنطبق بنود الإتفاقية على وضع هذا الرأس باعتبارها خرجت قبل توقيع الإتفاقية ولا يحق لمصر المطالبة بها وهذه من العيوب الكبرى للاتفاقية.
ومن أجل هذا يطالب الدكتور ريحان بالتحرك فى أطر أخرى تشمل الاتفاقيات الثنائية أو المبادىء الأخلاقية حيث ذكرت ديباجة اتفاقية اليونسكو "أن المؤسسات الثقافية يجب أن تتأكد أن المجموعات الثقافية بها تكونت وفقًا للمباديء الأخلاقية المعترف بها في كل مكان".
وجدير بالذكر أن من أهم المباديء الأخلاقية هي القوانيين الوطنية لكافة الشعوب التي تجرّم الأفعال اللأخلاقية والذى يندرج تحتها عرض رأس مومياء مصرية فى مزاد علنى لأول مرة فى التاريخ.
ولأن الأمر لن يقف أمام هذا الحدث فهو متكرر من وقت إلى آخر فعلى الدولة أن تتحرك على مستوى الجهات المعنية من وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية بدعم وتأييد من مؤسسات الدولة خاصة مجلس النواب بشأن طلب تغيير البنود المجحفة بالإتفاقية.
حيث جاء فى المادة 2 من الاتفاقية أن نقل ملكية الممتلكات الثقافية بطريقة غير مشروعة هي من الأسباب الرئيسية لإفقار التراث الثقافي في المواطن الأصلية لهذه الممتلكات.
ومن الممكن اضافة النص التالي بعد الفقرة السابقة ( والتي من الممكن أن تؤدي إلي نوع من الإبادة الثقافية في تلك الأماكن الأصلية للمتلكات الثقافية).
وفي المادة 7 نجد فقرة "وأن تخطر دولة المنشأ كلما كان ذلك ممكنًا بما يعرض عليها من ممتلكات ثقافية نقلت من تلك الدولة بطرق غير مشروعة " تستبدل بالنص التالي (وأن تخطر دولة المنشأ علي سبيل الإلزام بما يعرض عليها من ممتلكات ثقافية نقلت من تلك الدولة بطرق غير مشروعة) وبذلك نضمن إخطارنا بأى آثار ليس لها سند ملكية ومعظمها التى تباع فى المزادات العلنية.
كما يجب أن تضاف مادة بالاتفاقية عن إثبات ملكية الممتلك الثقافي ويكون نص المادة المقترح كالتالي " يقع عبء اثبات ملكية الممتلك الثقافي علي الدولة صاحبة طلب الاسترداد وذلك في الحالات التي يكن فيها قوائم جرد مثل المتاحف والمواقع المسجلة وفي غير تلك الحالات يقع عبء الاثبات (اثبات الملكية) علي الدولة التي تحوز الممتلك المراد استرادده ".
وبالتالى نضمن أن تثبت لنا أى صالة تعرض آثارًا مصرية فى المزادات العلنية وثائق ملكيتها ومعظمها لا تملك سند ملكية أو تقوم بتزويره.
ويتابع الدكتور ريحان طبقًا لما جاء فى دراسة الدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص بأن المادة 10 فقرة (أ) نصت علي " وأن تلزم تجار الأثريات بما يتفق وظروف كل بلد بإمساك سجل يثبت فيه مصدر كل ملك ثقافي " .
وهنا يجب أن يزاد نص كالتالي "وإلا اعتبر ذلك قرينة علي عدم مشروعية حيازة هذا الممتلك الثقافي " وبهذا سنجد عدة قرائن تؤيد حقوقنا فى طلب استرداد هذه الآثار التى تعرض بين شهر وآخر فى المزادات العلنية لأن معظمها لا يعرف مصدر هذه القطع التى انتقلت من شخص إلى عدة أشخاص.
ويستندون فقط إلى العيوب فى بعض بنود اتفاقية اليونسكو 1970 للبيع وقد تم البيع بالفعل لآلاف القطع بهذه الطريقة وربما تباع رأس المومياء غدًا إلا فى حالة التحرك السريع إثبات حقنا فى استردادها.
المادة 13 فقرة (د) جاء نصها كالتالي " أن تعترف لكل دولة طرف في هذه الاتفاقية بحقها غير القابل للتقادم في تصنيف ممتلكات ثقافية معينة واعتبارها غير قابلة للتصرف ومن ثم لا يجوز تصديرها وأن تسهل استرداد الدولة المعنية لتلك الممتلكات في حالة تصديرها " .
وهذه المادة غاية في الأهمية لأنها أقرت مبدأ رجعية الأثر وذلك من خلال الحق الغير قابل للتقادم في تصنيف أي ممتلك ثقافي بأنه غير قابل للتصرف حتي وإن كان في حيازه دولة أخري.
وبالتالي يمكن الاستفادة من أن الاتفاقية في هذه المادة أقرت بالأثر الرجعي ويكون ذلك هو المبرر لإضافة النص المراد إضافته للمادة 11 سالفة الذكر.
وأيضا يتوجب علي الدولة المصرية مراجعة مدير منظمة اليونسكو لمعرفة الدول التي وقعت علي الاتفاقية وهل أي دولة تحفظت علي تلك المادة لأنه في حالة عدم التحفظ علي تلك المادة سيكون السبيل سهلًا لإسباغ حماية قانونية أكبرعلي الممتلكات الثقافية علي المستوي الدولي وهذا الطلب من مدير المنظمة سيكون طبقًا للمادة 24 التي تجيز طلب بيان من مدير منظمة اليونسكو بوثائق التصديق أو القبول أو الانضمام للدول الأعضاء وكذلك وثائق الانسحاب