د. محمود محيي الدين: الاستثمار في العمل المناخي لا يجب أن يتم بمعزل عن الاستثمار في رأس المال البشري
أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، أن مصر من خلال رئاستها للنسخة الحالية من المؤتمر تؤكد على أهمية أن يتم تحقيق أهداف المناخ في إطار توجه شامل يضمن تحقيق مختلف أهداف التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال كلمته في جلسة حوارية نظمها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية تحت عنوان "رسالة من مصر"، بحضور ومشاركة جين لي تشون رئيس البنك، والسفير محمد البدري، سفير مصر لدى بكين.
وقال محيي الدين أن مصر تتعامل مع أهداف العمل المناخي بوصفها أحد أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة، والتي تشمل مكافحة الفقر وتحقيق النمو وتوفير الغذاء والمياه والطاقة والوظائف والخدمات التعليمية والصحية وتحقيق التحول الرقمي في مختلف المجالات، كما ترى مصر أن الاستثمار في العمل المناخي لا يجب أن يتم بمعزل عن الاستثمار في رأس المال البشري.
وفي هذا السياق، استشهد محيي الدين بما قامت به الصين خلال السنوات الماضية عندما وضعت هدفاً تنموياً بارزاً في مقدمة أولوياتها وهو مكافحة الفقر المدقع بحلول عام ٢٠٢٠، وقال إن الصين عملت على تحقيق هذا الهدف بالتوازي مع العمل المناخي الذي يستهدف تقليل نسبة الانبعاثات الكربونية، وهو مثال واضح لما تدعو إليه مصر من ضرورة وضع العمل المناخي في إطار شمولي يراعي تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى.
وفيما يتعلق بأهداف المناخ، قال محيي الدين إن العالم يواجه تحدياً كبيراً في تحقيقها، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت انحرافاً كبيراً عن تحقيق هدف تخفيض الانبعاثات وتقليل مستوى الاحتباس الحراري بلغ نحو ٦٠٪، موضحاً أن الآثار السلبية لهذا الأمر بات واضحاً للجميع، حيث نرى جميعاً الظواهر المناخية المتطرفة والارتفاع القياسي في درجات الحرارة وجفاف الأنهار وغيرها من الآثار المترتبة عن الانحراف عن طريق تحقيق أهداف المناخ.
وأكد محيي الدين أن مؤتمر المناخ بشرم الشيخ يركز على كل أبعاد العمل المناخي التي يجب العمل عليها جميعاً في إطار شمولي، وهي تخفيف آثار التغير المناخي، والتكيف والصلابة في مواجهة الظاهرة، والتعامل مع الخسائر والأضرار الناتجة عنها، وإيجاد سبل التمويل والاستثمار في مشروعات المناخ.
وأفاد بأن مصر حددت خمسة محاور رئيسية للمؤتمر، أولها هو التوجه الشمولي في التعامل مع قضايا المناخ بوصفها أحد أهداف التنمية المستدامة، وضرورة استمرار العمل في تحقيق النمو والارتقاء بالمستوى المعيشي للشعوب جنباً إلى جنب مع تخفيض الانبعاثات الكربونية والتكيف مع ظاهرة التغير المناخي.
وأضاف أن البعد المحور الثاني الذي تركز عليه مصر هو تنفيذ التعهدات والوعود التي خرجت بها النسخ السابقة من المؤتمر، وإدخال مشروعات المناخ الكبرى حيز التنفيذ، وهي في سبيل ذلك تضع المشروعات وجهات التمويل والتنفيذ على طاولة واحدة من أجل تيسير البدء الفعلي في تنفيذ العمل المناخي على الأرض.
وتحدث محيي الدين عن البعد الثالث قائلاً إن مصر تستهدف تعزيز البعد الإقليمي للعمل المناخي، وتحقيق التناغم والتكامل على مستوى دول الإقليم الواحد في العمل من أجل تحقيق أهداف المناخ، موضحاً أن مصر أطلقت مبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة الكبرى على مستوى العالم للخروج بأفضل مشروعات المناخ القابلة للتنفيذ في هذه الأقاليم وعرضها خلال مؤتمر شرم الشيخ بغرض البدء الفوري في تنفيذها.
أما المحور الرابع، بحسب محيي الدين، فيتعلق بتوطين العمل المناخي والتنموي، وتعزيز البعد المحلي لمشروعات التنمية، مشيراً في هذا السياق إلى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التي أطلقتها مصر خلال الشهر الجاري والتي تستهدف تحفيز المحافظات والجهات المحلية التابعة لها للمنافسة على تقديم أفضل المشروعات المناخية والتنموية التي تتسم بالذكاء والاستدامة والتوافق مع الأهداف البيئية.
وأوضح محيي الدين أن المحور الخامس يتعلق بتمويل العمل المناخي وتعزيز سبل الاستثمار في مشروعات المناخ خاصة تلك التي تستهدف التكيف مع ظاهرة التغير المناخي، قائلاً إن التعهدات المالية التي خرجت من النسخ السابقة من مؤتمر المناخ لتمويل العمل المناخي في الدول النامية لم يتم الوفاء بها حتى الآن، كما أن هذه المبالغ المخصصة للعمل المناخي يجب مراجعتها لمرحلة ما بعد عام ٢٠٢٥ للنظر في مدى وفائها بمتطلبات مشروعات المناخ.
وفي هذا الصدد، شدد محيي الدين على أهمية زيادة المساحة الممنوحة للقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية في تمويل مشروعات المناخ، وأهمية ربط الموازنات العامة للدول بأهداف التنمية المستدامة.