بعد موافقة جهاز حماية المنافسة على خفض الطاقات الانتاجية ... ما الذى يمكن ان ينقذ صناعة الاسمنت؟
كشف كارلوس جوانزالز،الرئيس التنفيذى لشركة اسمنت اسيوط واحد اكبر منتجى الاسمنت. عن توقعاته لصناعة الاسمنت بعد قرار جهاز حماية المنافسة، بخفض معدلات الإنتاج ،كحل لوقف نزيف خسائر شركات الاسمنت، وقال إن وضع صناعة الاسمنت ليست نتيجة لمتغير واحد بل لسلسلة من التحديات المتتالية،و التى اثرت بشكل كبير على الصناعة بدءا من عام 2017 ،حيث ارتفعت اسعار الطاقة للنشاط الصناعى بشكل كبير، وكان لذلك تاثيرا كبيرا على صناعة الاسمنت لان 70% من تكلفة انتاجه هى الطاقة.
وتابع جوانزالز قائلا : وفى عام 2018 دخلت طاقات انتاجية جديدة الى السوق مما ادى لزيادة كبيرة فى العرض ،وارتفع الانتاج الى 85 مليون طن مقابل حجم استهلاك يقدر ب48 مليون طن ،حاول انذاك المنتجون اعتماد استراتيجيات مختلفة ،تسمح لهم بالابقاء على اعمالهم لحين انتهاء الازمة لكن للاسف جاءت فى الوقت نفسه جائحة كورونا ،مما كان له بالغ الاثرعلى الاقتصاد باكمله ،ثم شهدنا تغييرات فى قوانيين البناء، حيث تم تعليق تصاريح البناء للوحدات السكنية فى بعض المحافظات لمدة 6 اشهر.
وبينما هذا كله يحدث انخفضت اسعار الاسمنت بشكل كبير ،لدرجة ان اسعار الاسمنت فى 2020 سجلت معدلات سعرية اقل من عام 2016 ،بنسبة قد تتجاوز ال90% .
بينما ارتفعت معدلات التضخم فى نفس الفترة.
مما ادى الى تازم وضع الصناعة بشكل لا يمكن للشركات وحدها حله،ولكونها صناعة استراتيجية ،قامت الدولة بالتدخل من خلال الية لتقليل انتاج الشركات المصنعة وفقا لمجموعة من المعايير التى اخذت فى الاعتبار طلب السوق وعمر وحجم كل شركة مما اعطى بصيص امل لصناعة الاسمنتت التى كانت تحتضر.
وفيما يخص التفسيرات المختلفة لقرارجهازحماية المنافسة،بالموافقة على خفض الطاقات الانتاجية فى وسائل الاعلام ،فالبعض يراها خطوة طال انتظارها لانقاذ الصناعة، والبعض الاخر كان معارضا،اذ يرى ان الزيادات الحالية للاسمنت غير مبررة
قال جوانزالز : يعد قرار جهاز حماية المنافسة خطوة هامة نحو استعادة توازن الصناعة ،شريطة ان تستجيب ،ديناميكيات السوق للفجوة بين الطلب والعرض ،من اجل الوصول الى سعر عادل ،يسمح للمنتجين بالاستمرار فى ممارسة اعمالهم لذلك ساهمت الحكومة فى دعم الصناعة كثيرا ،من خلال توفير البيئة اللازمة لصناعة الاسمنت للنهوض مرة اخري.
ولسوء الحظ مع بدء تفعيل قرار جهاز حماية المنافسة لتحقيق التوازن فى السوق ،تسببت ازمة سلسلة التوريد العالمية فى احداث فوضى فى اسعار مدخلات الانتاج ،مما يجعل من المستحيل تحقيق اى هامش دون تمرير جزء من التكلفة الى المستهلك وعلى سبيل المثال ،فقط فى الاشهر القليلة الماضية ارتفعت اسعار الفحم الاحفورى الى 175 دولارا، خلال اكتوبر 2021 ،كما ارتفعت اسعار الفحم من 65 دولارا الى 233 دولارا.
كل هذا عبء اضافى على تكلفة الاسمنت ،لن تتمكن الصناعة من التعافي ،حتى بشكل طفيف من خسائرها المتتالية، ما لم تتراجع اسعار مدخلات الانتاج او ترتفع اسعار الاسمنت لاستيعاب الزيادات فى تكلفة الانتاج ،واعطاء المنتجين مساحة لدعم اعمالهم ،علاوة على ذلك اذا اخذنا فى الاعتبار الزيادة فى اسعار الاسمنت عام 2021 ،فستجد ان الاسمنت هو المنتج الذى حقق اقل زيادة فى اخر خمس سنوات مقارنة ، بمواد البناء الاخري لنفس الفترة ،واذا قارنت سعر الاسمنت منذ عام 2016 وحتى هذا العام ،فقد ارتفع السعر بنسبة 13% بعد انخفاض بنسبة 100%من عام 2016 الى عام 2020.
بينما زاد سعر الحديد على سبيل المثال بنسبة 47%، والطوب بنسبة 297% ، مما يثبت مرة اخرى ان الاسمنت هو مادة البناء التى سجلت اقل ارتفاع فى الاسعار خلال الخمس سنوات الماضية،
اعتقد ان ما نشهده الان على جانب تكلفة الانتاج خارج عن سيطرة صناعة الاسمنت ،يحاول كل منتج وضع سعر يسمح له بالبقاء مع تقليل التأثير على العميل ،واتوقع ان تواصل الاسعار الارتفاع لفترة من الوقت لحين الوصول الى علاقة بين التكلفة والسعر تسمح للمنتجين ،بتحقيق هامش ربح .
وارجأ البعض الزيادة فى الاسعار،الى قرار جهاز حماية المنافسة ،نتيجة الموافقة على خفض الطاقات الانتاجية، وطالب بالعدول عنه، حتى تنخفض الاسعار والحقيقة هى ان هذا القرار انقذ العديد من شركات الاسمنت ،من شح الافلاس حيث ان كل طن يتم بيعه باسعار منخفضة ما هو الا اضافة الى الخسائر التى تتكبدها بسبب زيادة اسعار المواد الخام التى تم توضيحها من قبل وهذا وضع غير مستدام.
والجدير بالذكر أن صناعة الاسمنت احتلت عناوين الصحف فى السنوات الاخيرة ، كونها تساهم بحوالى 10% من الناتج المحلي الاجمالى للاقتصاد المصري، ولقد شهدنا شركات تخرج من السوق مثل اسمنت طرة بينما تقلصت شركات اخرى تكلفتها بعدة طرق لمجرد الابقاء على استثماراتها .