الباحثة الكوسوفية شيماء اسماعيل تنعي العالم الازهري د. محمد ابو ليلة
الباحثة اللغوية شيماء اسماعيل من دولة كوسوفا الشقيقة تنعي الدكتور محمد ابو ليلة احد كبار علماء الازهر الشريف فتقول :
رحم الله الولي التقي النقي المبارك أستاذنا العلامة الكبير .. المفكر والداعية المربي المصلح .. فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو ليلة، اللهم ادخله فسيح جناتك ووسع مدخله وأكرم نزله يارب العالمين جزاء ما قدم من عمل صالح وإخلاص في سبيل رفعة الإسلام والمسلمين.. اعزي نفسي وانعي للأمة الإسلامية رحيل المفكر الإسلامي الكبير.وجهوده في إظهار العقيدة الإسلامية في صورتها الصحيحة.
وتواصل الباحثة شيماء اسماعيل في سرد الانتاج العلمي زالنشاط الدعوي للمرحوم الدكتور محمد ابو ليلة قائلة :
هو العلامة الجليل والداعية الإسلامي الكبير، والشيخ الأزهري الأستاذ الدكتور محمد أبو ليلة (رحمه الله)، الإمام الذى يعرفه العالم من خلال مؤلفاته العديدة باللغة الأجنبية والعربية في المؤسسات الإسلامية والعربية.
وكتاباته في الصحف والمجلات المحلية والعالمية، والقنوات الأرضية والفضائية، والإذاعات المحلية والدولية، والذي طاف وَتجَول في الدول الأوروبية والأمريكية داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وممثلاً للأزهر الشريف جامعاً وجامعة، وفخر علماء الأزهر في هذا العصر، إتقاناً لوسائل الدعوة إلى الله، وأولى وسائلها إتقانه اللغات الأجنبية، وهو ديدن الأئمة من العلماء، فنظرتهم دائماً هى رضا الله تعالى ومبدؤهم أبداً هو الهداية للبشرية جمعاء، شعارهم في ذلك" لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم".
وقد جمع الأستاذ الدكتور محمد أبو ليلة (رحمه الله) بين الثقافة الإسلامية الأصيلة والثقافة الغربية، وبين العلوم الشرعية والعلوم العصرية التي جعلته بحق متميزاً بين علماء الأزهر الكبار تلقى العلم على يد كبار علماء عصره ومشاهيرهم ،فقد تتلمذ على الأستاذ العقاد، واتصل بالشعراء الكبار من أمثال الأستاذ عزيز أباظة، والدكتور علي جندي، والأستاذ محمود غنيم، والأستاذ محمد مصطفى الماحى، والأستاذ عبد الله شمس الدين، ومن الأزهر الشيخ محمد بن فتح الله بدران، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ محمد الغزالي وغيرهم.
ومن أهم الصفات والأخلاق التي يتميز بها هذا العالم الجليل إلى جانب علمه الغزير، وكتاباته الكثيرة المتنوعة، إنسانيته الفياضة، ومحبته للناس، ومحبة الناس له، حيث يتحلى بالخلق الرفيع، وبالحلم، وسعة الصدر، وبالإحساس بآلام الناس، ومعاناتهم وهو يضحى دائماً في سبيل إسعاد الآخرين، مع تجرد واضح، وزهد ملحوظ، وتواضع جم.
وبعد دراسة متعمقة في رحاب الأزهر الشريف حصل على الدكتوراه في سنة 1984م، في مقارنة الأديان، وكان موضوع الرسالة هادفاً وقيماً بعنوان:( النصرانية من وجهة نظر الإسلام).
من قسم الدارسات اللاهوتية بجامعة" إكستر" بالمملكة المتحدة" بريطانيا".
وعن نشاطه العلمي والثقافي: فالدكتور محمد أبو ليلة (رحمه الله) من أبرز المهتمين بالعلاقة الإسلامية الغربية، وله فلسفته الواضحة في ذلك، وإسهاماته المكتوبة أيضا، وكتابه( الجذور التاريخية والجسور الحضارية بين الإسلام والغرب)، أحد إسهاماته المتميزة في هذا المجال.
ويوضح الأستاذ الدكتور أبو ليلة (رحمه الله) أن الإسلام نظم العلاقات بين المسلمين وبين أهل الكتاب ويمكن عن طريق القياس أن تشمل هذه العلاقات أيضا جميع أهل الديانات التي لها كتب أصول سماوية أو قريبة منها، وقد حافظ الإسلام على الأقليات الدينية التي كانت موجودة في البلدان التي دخلها الإسلام، فلم يعزلها في مكان معين، ولم يمنع المسلمين من التواصل والتواد معها ما لم تكن محاربة للإسلام والمسلمين، بل لقد اعتبرها ضمن النسيج الوطني للأمة الإسلامية.
كما قام بالرد على الكثير من المقالات لمشاهير الكتاب والنقاد الأجانب، وفند دعاويهم وآراءهم مما يدل على عظيم قدرته وعلو شأنه في هذا المجال.
وقد قام الأستاذ الدكتور أبو ليلة (رحمه الله) باستعراض الفكر الغربي والتصور المغلوط للإسلام ورسول الإسلام، مع إشارته إلى دعوة بعض المفكرين منهم إلى جادة الصواب، وإعلانهم ذلك إلا أن ضجيج الزيف كان دائماً عالياً.
وقد نادى الأستاذ الدكتور بأحادية إنسانية تشمل الكل وتعددية قطيبة تتسع للجميع، وتسمح لكل أمة أن تبدع، وأن تتقدم وتتطور في إطار منظومتها الحيانية الخاصة .
وبالتعاون والانسجام مع النظام العالمي الذي يحكم أو ينبغي أن يحكم السلوك الإنساني، هذا ويتميز الأستاذ الدكتور أبو ليلة (رحمه الله) بنشاط علمي ودعوى واسع، وبجهود إصلاحية متنوعة ففي أثناء وجوده في بريطانيا كان يحاضر في الجامعات البريطانية والهيئات والجمعيات والمراكز الإسلامية.
كما حاضر في عدة دول أخرى، منها على سبيل المثال، الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإيطاليا، والسويد، واليابان، وأيرلندا، وإندونيسيا وغير ذلك.
وكثيراً ما كان يمثل المسلمين في المؤتمرات والندوات العلمية والدينية محلياً وعالمياً، كما ساهم في تأسيس المركز الإسلامي في جنوب غرب بريطانيا، وأنشأ به مدرسة لتعليم اللغة العربية.
أما عن نتاجه العلمي: فقد ساهم الأستاذ الدكتور محمد أبو ليلة (رحمه الله) بجهود جبارة في هذا المجال، وألف كتباً علمية ضخمة باللغتين العربية والإنجليزية، مما أثرى المكتبة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالعقيدة وترجمات معاني القرآن الكريم.
ومؤلفاته وأبحاثه تحمل في طياتها فكراً حياً لا ينضب أبداً،وتعالج العديد من القضايا المهمة، كما أنها تساعد على إظهار العقيدة الإسلامية في صورتها الصحيحة ودحض الأفكار الهدامة والدخيلة على مجتمعنا الإسلامي.
ومن أبرز مؤلفاته:( موقف الإسلام من النصرانية) وهى دراسة نقدية شاملة لعقائد الديانة النصرانية ونصوصها وموروثاتها، و( الأمن والسلام من وجهة نظر الإسلام) و( القرآن والأناجيل) – باللغة الإنجليزية) و(محمد ﷺ بين الحقيقة والافتراء) وكتاب في الرد على الكاتب الفرنسي مكسيم رودنسون.
و( القرآن الكريم من المنظور الاستشراقي) و( مزاعم المستشرقين ) "منجانا" حول القرآن الكريم والرد عليها- باللغة الإنجليزية- و( الحوار بين أهل الأديان) – وجهة نظر إسلامية- باللغة الإنجليزية- و( الحوار بين أهل الأديان) و( ترجمة النص الديني مع التطبيق على القرآن الكريم والكتاب المقدس) و( البابية والبهائية المعتقدات والمخططات والأهداف) وغير ذلك كثير، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن الشيخ موسوعة علمية غزيرة الإنتاج.
هذا وقد شارك الأستاذ الدكتور أبو ليلة (رحمه الله) في العديد من المؤتمرات الإسلامية والندوات العلمية داخل مصر وخارجها في بلدان إسلامية وغير إسلامية، وهى كلها تدل على مدى فاعلية العطاء الذي قدمه هذا المفكر الجليل لخدمة الإسلام وقضايا المسلمين.
أما عن تميزه في كتاباته وأبحاثه، فالأستاذ الدكتور/أبو ليلة (رحمه الله) يتميز بالموضوعية، وبالحس المرهف وهو يعالج القضايا والمسائل بصورة رائعة، وأبحاثه وكتاباته شاملة، حيث إنه كتب في مجالات عديدة في مجال الترجمات القرآنية، ومجال العلاقات العلمية والسياسية والثقافية بين المسلمين والغربيين، ومجال الحوار الإسلامي المسيحي والقضايا والتيارات المعاصرة.
وقد رد في كتاباته على مطاعن ومزاعم المستشرقين على اختلاف منازعهم ومشاربهم وتنوع ثقافاتهم ومدارسهم وأوطائهم، ولقائهم كما فند الشبهات التي أثاروها ضد القرآن الكريم شبهة شبهة، ورد عليها بالحجج والقواطع والأدلة اللوامع.
وتأتي أهمية الموضوعات التي يتناولها، وذلك عندما تناول آراء المستشرقين ومواقفهم من القرآن الكريم.
وكلامه يتميز بالدقة والشفافية والإحكام والموضوعية، وأنت تشعر بذلك عندما تقرأ له: ( آراء المستشرقين ومواقفهم من القرآن الكريم) أو تقرأ ( تقويم العلاقات العلمية والثقافية والسياسية بين المسلمين والغربيين) أو تقرا له ( الحوار الإسلامي المسيحي دراسة وتقويم) وغير ذلك.
فهذا المفكر الجليل (رحمه الله) له قدرة كبيرة على تناول الموضوعات وإبراز الحلول، ومناقشة الآراء وتفنيد شبه الحاقدين والماكرين بدين الإسلام والعاملين على محو الهوية الدينية والثقافية الإسلامية من العالم في كل زمان ومكان، وذلك بما عهدنا منه من فكر ثاقب وعقل واع، وحس مرهف مستنير.
وهو قام بدور رائد تجاه قضايا العالم الإسلامي ومشكلاته التي يئن لأجلها الضمير الإنساني، وإبراز الإسلام في صورته المشرقة الصحيحة.
بعيداً عن التعصب والعنف والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هى أحسن، مما أدى ببعض المشككين والمعاندين من أعداء الإسلام في الغرب إلى الرجوع عن موقفهم تجاه الإسلام والمسلمين.
واختتمت شيماء اسماعيل نعيها قائلة : فجزي الله المرحوم عن الإسلام في الغرب والشرق، والشمال والجنوب خير الجزاء، وجعل عمله في ميزان حسناته. ونسأل الله تعالى أن يكلأه برعايته في قبره وفي الآخرة، ويرحمه رحمة واسعة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.