«الأموال» ترصد المكاسب الاقتصادية لمصر من زيارة الرئيس السيسى لباريس
حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا تجاوز 1.6 مليار دولار
قطاع الاتصالات أكبر المستفيدين من التعاون الاقتصادي المصري الفرنسي
البرلمان: زيارة الرئيس لفرنسا ستجني ثمارها على الاقتصاد قريبا
لا ينكر أي شخص حجم الجهود الكبيرة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل مصر، والمتابع الجيد للأحداث يمكنه أن يرى حجم الجهد المبذول خلال السنوات القليلة الماضية وتحديدًا منذ تولى الرئيس السيسي مقاليد الأمور في عام 2014، الزيارات المكوكية لا تنقطع من أجل وضع مصر على مسارها الصحيح أمام كل دول العالم، ومنذ أيام قليلة عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرض الوطن بعد الانتهاء من زيارة رسمية إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة في كلٍ من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، واللذين عقدا يومي 17 و 18 مايو الجاري على التوالي..
«الأموال» رصدت المكاسب العديدة التي حققتها هذه الزيارة والعوائد الاقتصادية المتوقعة وحجم التبادل التجاري والاستثماري بين مصر وفرنسا فماذا وجدنا؟
صرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن مشاركة الرئيس تأتي تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك في ضوء العلاقات الوثيقة المتنامية التي تربط بين مصر وفرنسا، فضلاً عن الدور المصري الحيوي لدعم المرحلة الانتقالية في السودان الشقيق على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكذلك للثقل الذي تتمتع به مصر على مستوى القارة الأفريقية بما يساهم في تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول الأفريقية، لافتًا أن مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية في السودان، ركز على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لمساندة السودان خلال المرحلة التاريخية المهمة التي يمر بها، واستعراض الجهود المصرية الجارية في هذا الصدد على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، كما اطلع الرئيس خلال أعمال «قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية» على مختلف الموضوعات التي تهم الدول الأفريقية فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها في الاقتصاد العالمي، بما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي في مواجهة تداعيات أزمة كورونا، وكذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول الأفريقية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي إليها، كما عقد الرئيس عدداً من اللقاءات مع المسئولين الفرنسيين وكذلك رؤساء بعض الشركات الفرنسية العالمية، وذلك لبحث سبل دفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.
مكاسب بالجملة
أكد عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، في تصريحاته للأموال، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا بناء على دعوة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تؤكد ثقل مصر ودورها المحوري في أفريقيا والشرق الأوسط، لافتًا إلى أن مشاركة مصر في مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية في السودان يؤكد أهمية تكاتف المجتمع الدولي لمساندة السودان خلال المرحلة التاريخية الهامة التي يمر بها، واستعراض الجهود المصرية الجارية في هذا الصدد على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
أضاف السيد، «أن فرنسا تعتبر خامس شريك استثماري في مصر ولا شك أن مصر تتطلع لزيادة حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر ودفع عجلة التعاون الاقتصادي بين الجانبين، خاصة في ضوء الإصلاحات التي نفذتها الحكومة المصرية لتحسين البيئة التشريعية المتعلقة بمناخ الاستثمار والأعمال في البلاد»، مشيرًا إلى «أن فرنسا تعتبر من أقوي وأكبر دول الاتحاد الأوروبي وهي ضمن مجموعة السبع «G7» وتأتي في المرتبة السادسة اقتصاديًا على مستوى العالم بحجم اقتصاد وناتج محلي إجمالي 2.9 تريليون دولار سنويًا، وترتبط بعلاقات اقتصادية وتجارية وسياسية قوية ومتميزة مع مصر، حيث بلغ حجم التجارة بين مصر وفرنسا خلال عام 2019 نحو 2.4 مليار دولار بينما سجل 1.6 مليار دولار خلال الفترة من «يناير- سبتمبر عام 2020»، موضحًا أن حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا زاد خلال السنوات الماضية بشكل ملحوظ حيث كان حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ خلال عام 2018 في حدود 2.1 مليار دولار، لافتا إلى أن حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر تبلغ 5 مليارات يورو، حيث تتواجد في مصر 65 شركة فرنسية تقوم بتوظيف 38 ألف موظف، بينما بلغ حجم تحويلات المصريين العاملين في فرنسا بلغ 112.8 مليون دولار سنويا في حين بلغت تحويلات الفرنسيين العاملين إلى فرنسا 11.6 مليون دولار.
زيادة حجم التبادل التجاري
أما الخبير الاقتصادي أحمد البكري قال إن أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي تتمثل في توطيد العلاقات المصرية مع فرنسا وزيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين، خاصةً أن الحكومة المصرية ترحب بالمستثمرين الفرنسيين، وتتبع سياسة منفتحة لتشجيع الاستثمار وتقوم بجهود من أجل توفير مناخ جاذب لهم، وتضع في أولوياتها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين بيئة الأعمال، لافتًا أن قمة باريس تمثل أهمية في تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات والبحث عن آفاق جديدة للتعاون المشترك بينهما، لتحقيق الاستفادة القصوى بجانب دعم أواصر التعاون التجاري فيما بينهما، إضافةً إلى بحث ما تم في الاتفاقيات الثنائية السابقة بين البلدين والعمل على التوسع فيها ومناقشة أي عقبات تعوق تنفيذها أو تفعيلها، مؤكدًا أهمية الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التمهيد لتوقيعها على هامش تلك الزيارة والتي تتمثل بدورها في تحقيق مصالح شعوب الدولتين؛ لما لها من دور مهم في زيادة حجم الاستثمارات بينهما وزيادة حجم التعاون في مجالات التجارة والصناعة والتعليم والصناعات الصغيرة والزراعة والكهرباء.
قطاع الاتصالات
كشف المهندس وليد جاد رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية أن العلاقات المصرية الفرنسية تشهد أزهى عصورها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مثمنا الدور الإقليمي الذي تلعبه مصر في المنطقة وفي ظل تعاون مصري فرنسي حول الملفات المشتركة وعلى رأسها ملف سد النهضة الإثيوبي وملف إعادة الإعمار في ليبيا ودعم السودان الشقيق خلال المرحلة الانتقالية، لافتًا إلى أهمية التعاون بين البلدين خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا تجاوز 1.6 مليار دولار خلال الفترة من ينايرـ سبتمبر عام 2020.
ثمار اقتصادية
من جانبها، قالت إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، العاصمة الفرنسية، للمشاركة في كل من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية، مشيرة إلى أن الدولة المصرية ستجني ثمار هذه الزيارة خلال الفترة المقبلة من إطار الإصلاح الاقتصادي للدولة، خصوصًا أن زيارة الرئيس لفرنسا تأتي في ضوء العلاقات الوثيقة المتنامية التي تربط البلدين، منذ أن تولى الرئيس مقاليد حكم البلاد، وفي الوقت ذاته تلعب القاهرة دورًا فاعلاً لدعم المرحلة الانتقالية في السودان على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأشارت عبد الحليم، إلى رسائل الرئيس المهمة من خلال اجتماعه مع الرئيس التنفيذي لشركة «داسو» للصناعات الجوية المُصنِعة لطائرات الرافال الحربية، وذلك بمقر إقامته في باريس، على هامش الزيارة، مؤكدة على مدى عمق التعاون الدفاعي بين البلدين الصديقين، مصر وفرنسا، خاصةً في ضوء ما تمثله القطع العسكرية التي تنتجها الشركة الفرنسية من إضافة لقدرات القوات المسلحة المصرية، لافتة إلى أن مجالات الشراكة الفرنسية الإفريقية تركز على تعزيز التحولات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال من خلال تشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام بدول القارة.
مردود اقتصادي إيجابي
من جانبه قال النائب حسام زكي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن زيارة الرئيس السيسي لفرنسا، تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك في ضوء العلاقات الوثيقة المتنامية التي تربط بين مصر وفرنسا، سوف يكون لها مردود إيجابي على مختلف المستويات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، مؤكدًا أن زيارة الرئيس تؤكد عمق التفاهم بين الدولتين، خصوصًا أنه سيكون هناك تعاون مشترك بين البلدين خلال الفترة القادمة وخاصة فيما يتعلق بمجال الاستثمار والتجارة في ظل حرص الرئيس على جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة التعاون المشترك بين الدول في كل المجالات، مضيفًا أن الزيارة شهدت إلقاء الضوء على الموضوعات التي تهم الدول الأفريقية فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها في الاقتصاد العالمي، بما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي في مواجهة تداعيات أزمة كورونا، وكذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول الأفريقية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي إليها.
تاريخ زيارات السيسي لفرنسا
-تعد هذه هي الزيارة السادسة للرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى فرنسا منذ رئاسته للجمهورية، حيث كانت الزيارة الأولى في نوفمبر 2014 والثانية في نوفمبر 2015، أما الزيارة الثالثة للرئيس السيسي إلى باريس فكانت في أكتوبر 2017 حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
-الزيارة الرابعة كانت في أغسطس 2019 حيث زار الرئيس السيسي مدينة “بياريتز” الفرنسية، للمشاركة في قمة مجموعة الدول السبع، تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون».
-وتناولت قمة الدول السبع عددًا من الموضوعات، من بينها قضايا الأمن الدولي ومكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة استخدام الإنترنت للأغراض الإرهابية، وسبل مواجهة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكذلك مكافحة عدم المساواة ودعم تمكين المرأة خاصة في أفريقيا، فضلًا عن قضايا البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي، وتطورات النظام الاقتصادي والمالي العالمي.
-كما ألقى الرئيس السيسي كلمة أمام قمة شراكة مجموعة السبع وأفريقيا، باعتبار الرئيس السيسي - وقتها- رئيسًا للاتحاد الأفريقي، وتناولت الكلمة عرض الرؤية الأفريقية إزاء سبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة، وترسيخ أسس الشراكة العادلة بين إفريقيا ودول مجموعة السبع في إطار المصالح المشتركة والمتبادلة، كما التقى الرئيس السيسي على هامش فعاليات القمة مع عدد من قادة الدول المشاركة، لبحث العلاقات الثنائية، وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
أما آخر زيارة للرئيس السيسي إلى باريس فكانت في ديسمبر 2020 تلبيةً لدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتضمنت هذه الزيارة لقاءات الرئيس مع رئيس الوزراء الفرنسي، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين الفرنسيين، ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسي، حيث تم عرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، خاصة تلك المتعلقة بشرق المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن زيادة التعاون المشترك بين البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجالات الاستثمارية والتجارية في ضوء جهود مصر لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية للمشاركة في المشروعات القومية الكبرى في إطار عملية التنمية الشاملة التي تشهدها مصر، وفى المقابل شارك الرئيس السابق هولاند، في حفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة في أغسطس 2016، كما قام الرئيس ماكرون بزيارة القاهرة في يناير 2019.
وجهات نظر مشتركة
من جانبه، أكد السفير علاء يوسف، سفير مصر لدى فرنسا، على تطابق وجهات النظر بين مصر وفرنسا تجاه قضايا التنمية والتعافي الاقتصادي ودعم الاستقرار والأمن بالقارة الأفريقية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن قيادتي البلدين تحرصان على مواصلة التنسيق والتشاور تجاه مختلف القضايا الإقليمية، من بينها الإفريقية.
وقال السفير علاء يوسف، في تصريحاته، قبيل ساعات من توجه الرئيس السيسي لباريس، إن السنوات الماضية شهدت مزيدًا من التقارب والاتفاق في الرؤى في مواقف مصر وفرنسا تجاه مختلف القضايا والأزمات المختلفة، مشددًا على أن البلدين لديهما رؤية مشتركة تجاه الأزمة الليبية تركز على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار وخروج القوات الأجنبية وإجراء الانتخابات بتلك الدولة، بما يحافظ على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، مضيفًا أنه توجد مواقف متطابقة بين مصر وفرنسا تجاه الملف اللبناني، حيث أيدت مصر المبادرة الفرنسية لدعم الاستقرار والخروج من الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة اللبنانية، لافتًا إلى أن التعاون المصري- الفرنسي ركز أيضًا على القارة الإفريقية، حيث تحرص البلدان على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا الإفريقية، من بينها قضية الساحل التي تشكل أهمية كبرى للبلدين، موضحًا أن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت تطورًا ملحوظًا - خلال السنوات القليلة الماضية - مدعومة بتبادل الزيارات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي دشنت مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، موكدًا أن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا تركز على عدة محاور، يتمثل أولها في العلاقات الثنائية ومدى التلاقي في الرؤى تجاه مختلف القضايا، ورغبة الجانبين في دفع العلاقات وتعزيزها، وتنفيذ مشروعات مختلفة في العديد من المجالات، كالبنية التحتية والنقل.