كورونا والطقس السيئ.. يكبدا الاقتصاد خسائر بمليارات الجنيهات
تتعرض مصر خلال النصف الثاني من مارس هذا العام 2020 إلى هجمة شرسة من الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي كانت خارج إرادة الدولة لمصرية، فتارة بسبب موجة الطقس السيئ التى استمرت على مدار ثلاثة أيام وتسببت في خسائر فادحة في القطاعات الحكومية والاقتصادية كافة، وتارة بسبب تعليق العمل في معظم المصالح الحكومية وتعليق الرحلات من والى مصر وإيقاف الكثير من التعاملات بسبب فيروس «كورونا المستجد كوفيد 19» الذي ضرب اقتصاد العالم أجمع وبالطبع تأثرت مصر بشكل مباشر بحزمة الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها حماية لأرواح المواطنين، الأزمة هذه المرة عالمية وليست مشكلة أو أزمة داخلية لذا فالحلول لا تتوقف على مصر فقط وإنما هي حلول دولية في محاولة لتفادي الخسائر الضخمة التي ألمت بالجميع..
«الأموال» حاولت رصد التبعات والتأثيرات الاقتصادية التي أثرت على الاقتصاد المصري خلال شهر مارس الجاري 2020 الذي وصفة البعض بمارس الأسود.
خسائر «عاصفة التنين»
في البداية أكد د.مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة بدأت على الفور في تنفيذ تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالإصلاح الفوري لكافة الأضرار الناتجة عن السيول التي شهدتها البلاد مؤخراً، واستعادة كفاءة العمل بكافة مرافق الدولة، موضحًا أن خسائر الدولة من موجة الأمطار السابقة بلغت 800 مليون جنيه مصري «نحو 51 مليون دولار»، وذلك في قطاعات الكهرباء، ومحطات المياه والصرف، والطرق، والنقل والسكك الحديدية، مشيراً إلى أنه سيتم العمل على سرعة إيجاد حل شامل ومتكامل لشبكة صرف مياه الأمطار والصرف الصحي في عدد من التجمعات العمرانية الجديدة والمناطق الأكثر تأثراً، كما أكد مدبولي أنه تم البدء بالحصر الدقيق والدراسة التفصيلية للتحديات التي واجهت مختلف جهات الدولة في التعامل مع تلك الظروف، لا سيما ما يتعلق بتصريف المياه، مع بلورة مقترح لخطة متكاملة تتضمن مختلف الإجراءات المتعلقة بسبل مواجهتها والتغلب عليها، خاصةً في ظل المعايير والمحددات الجديدة التي فرضتها المتغيرات المناخية المستحدثة، وكانت مصر تعرضت لاضطراب شديد في الأحوال الجوية مؤخرا..
خسائر بالمليارات
تسبب انتشار فيروس كورونا في أغلب دول العالم في خسائر فادحة على كل المستويات في عدد كبير من دول العالم من بينها مصر، التي وصل عدد المصابين بها مايقرب من 300 حالة، وتكبّدت مصر خسائر مالية كبيرة جراء إعلان التدابير الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، تصل إلى 4 مليارات جنيه، حيث أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رصد 100 مليون جنيه مصري، لتمويل الخطة الشاملة وما تتضمنه من إجراءات احترازية، كما تضمنت الخسائر المصرية إعلان رئيس مجلس الوزراء، أن قطاع الطيران والشركات الحكومية ستتكبد خسائر تصل إلى 2.25 مليار جنيه مصري بعد قرار تعليق حركة الطيران في مصر حتى نهاية الشهر الحالي، كما تمثلت خسائر البلاد المالية أيضاً في منح إجازة للعاملين وتخفيض عددهم في أجهزة الدولة لتقليل الكثافة، وتوقف الحياة الاقتصادية بشكل كبير في كل الشركات والمصانع، بالإضافة إلى توقف النشاط الرياضي، وما أسفر عنه من خسائر مالية كبيرة للأندية في مصر بسبب توقف البث ومنع حضور الجماهير رغم التزامهم بسداد رواتب اللاعبين.
وكانت أغلب شركات الطيران أعلنت تقليص وتخفيض أسعار رحلاتها الجوية، وحظرت العديد من البلدان السفر وأوصت بالعزل، في محاولة ضمن المساعي الدولية لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتحوله لوباء يأكل الأخضر واليابس.
توقعات حزينة
في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة محاصرة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد، انتشر الفيروس بمعدلات فرضت على الحكومة الانتقال من سيناريو الترصد والإجراءات الاحترازية إلى سيناريو المرحلة الثانية بصورة عاجلة، إلا أن تلك التداعيات في المقابل ألزمت الحكومة بالمزيد من الإجراءات الاقتصادية التي يمكن لها أن تغير من كافة بنود الموازنة العامة الجديدة للعام المالي ٢٠٢٠-٢٠٢١ ، خاصة بنود الإنفاق الاجتماعي من تعليم وصحة ودعم سلع غذائية، وتشير المعلومات أن هناك توجيهات عليا للحكومة بضرورة الانصياع لكافة التحذيرات العالمية والإجراءات الاحترازية المتبعة في العديد من دول العالم والتوجه من الآن لحماية المواطنين في الموازنة العامة الجديدة دون النظر لأي من الاعتبارات الاقتصادية في الوقت الحالي، وهو ما دفع الحكومة لتعطيل المدارس والجامعات وإلغاء كل الأنشطة التي يلزمها تجمعات، كما تشير المعلومات إلى أن الأزمة مع حدتها في الأيام القليلة الماضية قد أرغمت الحكومة على التوجه نحو المواطنين فيما يتعلق بالمنح الاجتماعية والدعم وكشفت المصادر أن التعليمات العليا التي صدرت للحكومة أثناء تلك الأزمة ألزمتها بضرورة الموازنة بين ما تقدمه من تسهيلات اقتصادية للقطاعات الصناعية والاستثمارية والتجارية وبين ما يقدم للمواطنين.
كما تعمل الحكومة الآن على حصر تداعيات الفيروس وأن هناك سيناريوهات لحجم تلك التداعيات وفقا للمدى الزمني للازمة ومدى استمرارها، في حال إذا ما استمرت تلك التداعيات لمدة أسبوعين مع تعليق الطيران قد تصل خسائر الاقتصاد المصري إلى ثلاثة مليارات دولار في قطاعين فقط الطيران المدني والسياحة، وفى حالة استمرار الأزمة أكثر من ثلاثة شهور تتضاعف خسائر القطاعين إلى أكثر من ١٥ مليار دولار، كما تتم الآن عمليات رصد لبقية القطاعات الأخرى خاصة إيرادات هيئة قناة السويس من المنتظر الإعلان عنها خلال الأيام القليلة القادمة على اعتبار أن الأزمة الحالية وتداعياتها تأتي في توقيت سيئ للغاية للاقتصاد العالمي في ضوء العديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية، كما أن اتساع بؤرة خطر انتشار الفيروس من الصين إلى جميع دول العالم أثر سلباً على سلاسل التوريد، والسياحة، وحركة الطيران، والسفر والتجارة والشحن، وانعكست سلباً بانخفاضات وتذبذب الأسواق المالية بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 2014، ومن المحتمل أن تتطور المخاطر الاقتصادية إلى مخاطر مالية إذا لم تستجب الحكومات بما فيه الكفاية.
خسائر شركات الطيران
تعرضت شركات الطيران لجرعات متعددة من الأخبار السيئة يومي السبت والأحد رغم انخفاض أسعار الطيران ورحلاته، وذلك بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستوسع نطاق القيود المفروضة على سفر الأوروبيين إليها لتشمل المسافرين القادمين من بريطانيا وأيرلندا اعتبارا من منتصف الأسبوع المنصرم، كما فرضت عدد من دول أمريكا الجنوبية قيودا على الطيران، وانضمت أستراليا إلى نيوزيلندا في مطالبة جميع الأجانب القادمين إلى البلاد بالالتزام بالعزل الذاتي لمدة 14 يومًا، فيما قالت شركة «أميركان إيرلاينز»، ثاني أكبر شركة في العالم، في بيان سابق لها، إنها تعتزم تقليص الرحلات الدولية بنسبة 75% حتى 6 مايو المقبل، وأوقفت تشغيل كل أسطولها من الطائرات عريضة البدن تقريبا، وبجانب الرحلات وأزماتها، هناك أزمات أخرى تواجه قطاع الطيران، بل القطاع البحري أيضا، ففي الوقت الذي كان يسعى البعض لتحويل واجهته من التنقل الدولي من الطيران إلى البحار، أعلنت وزارة الصحة البريطانية، أن صناعة الرحلات البحرية عانت أيضا انتكاسة أخرى عندما وضعت سفينتان في الحجر الصحي في تشيلي، بعد أن أثبتت الفحوص إصابة رجل بريطاني مسن على متن أحدهما بفيروس كورونا.
إجراءات وقائية
من جانبه أعلن مجلس الوزراء، حزمة قرارات لدعم قطاع الصناعة في البلاد، والتعامل مع التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا، وعلى رأسها خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وخفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسط بقيمة 10 قروش، وعن تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لباقي الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 – 5 سنوات مقبلة، وشملت القرارات توفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهري مارس وإبريل 2020 لسداد جزء من مستحقاتهم، وفقاً للآليات المتفق عليها مع سداد دفعة إضافية بقيمة 10% نقداً للمصدرين في يونيو المقبل.
كما تقرر تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحق على المصانع والمنشآت السياحية لمدة 3 أشهر، إضافة لرفع الحجوزات الإدارية على كافة الممولين الذين لديهم ضريبة واجبة السداد مقابل سداد 10% من الضريبة المستحقة عليهم وإعادة تسوية ملفات هؤلاء الممولين من خلال لجان فض المنازعات، وفيما يتعلق بالبورصة، فقد قررت الحكومة المصرية خفض ضريبة الدمغة على غير المقيمين لتصبح 1.25 في الألف وخفض ضريبة الدمغة على المقيمين لتصبح 0.5 في الألف بدلاً من 1.5 في الألف، مع خفض سعر ضريبة توزيع الأرباح الرأسمالية للشركات المقيدة بالبورصة بنسبة 50% لتصبح 5%.بالإضافة للإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة لتنشيط حجم التعامل.
أعلن البنك المركزي المصري في خطوة مفاجئة واستثنائية مجموعة من الإجراءات، أهمها قرار خفض أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة 3% في خطوة تهدف لدعم الاقتصاد في مواجهة تأثيرات كوفيد -19، وتشهد البورصة المصرية موجة عنيفة من الخسائر منذ بداية الشهر الحالي، حيث تشير البيانات والأرقام المتاحة إلى أنه منذ بداية الشهر الجاري وحتى نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، خسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة نحو 139.1 مليار جنيه، بنسبة انخفاض تقدر بنحو 20.85%، وذلك بعدما هوى من مستوى 666.9 مليار جنيه في إغلاق تعاملات الشهر الماضي، إلى نحو 527.8 مليار جنيه في إغلاق تعاملات نهاية الأسبوع الماضي، وعلى صعيد المؤشرات، ومنذ بداية الشهر الجاري، هوى المؤشر الرئيسي «ايجي إكس 30» بنسبة 27.7% بعدما فقد نحو 3580 نقطة منخفضاً من مستوى 13008 نقاط في إغلاق تعاملات الشهر الماضي، إلى مستوى 9428 نقطة في نهاية تعاملاته الأسبوع الماضي.
وبموجب خطة التحفيز التي أعلنها البنك المركزي المصري، يصبح سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9.25% و10.25% و9.75% على الترتيب، كما تقرر خفض سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 9.75%، وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماعين السابقين للجنة السياسة النقدية، وسبق أن خفض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 450 نقطة أساس خلال الفترة ما بين فبراير ونوفمبر من العام الماضي.