عام من الإنجازات خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي
السيسى حرك المياه الراكدة فى القارة السمراء بحزمة من المشروعات الاقتصادية
إطلاق المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة الافريقية
مبادرة «اسكات البنادق».. ومشروع «القاهرة - كيب تاون».. والربط الكهربائى أهم المشروعات
منذ عام بالتمام والكمال وتحديدًا في يوم 10 فبراير من العام المنقضي 2019، تسلمت مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي من الرئيس الغيني الفا كوندي، وكانت هذه المرة هي الرابعة في التاريخ، التي تحمل مصر في راية القارة السمراء، والأولي لها بالمسمي الجديد للمنظمة الأكبر في إفريقيا «الاتحاد الإفريقي»، حيث تبوأت مصر مقعد القيادة ثلاث مرات من قبل، جميعهم كان إبان تسمية الإتحاد الإفريقي بمنظمة «الوحدة الإفريقية»، حيث نشأت منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 واستمرت بهذا المسمي إلى حتى عام 2002، إلى أن تغير اسمها للمسمي الجديد «الإتحاد الإفريقي»، وبقيت في كليهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتستعد مصر اليوم 10 فبراير 2020 إلى تسليم راية رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى دولة جنوب إفريقيا
وترأست مصر منظمة الوحدة الإفريقية أعوام 1964 إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، و1990 و1994 خلال حقبة الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي خلال العام المنقضي اختلفت بشكل كلي وجذري عن المرات السابقة، وتميزت رئاسة مصر للمنظمة الإفريقية هذا خلال العام المنصرم أنها الأولي بالمسمي الجديد، كما اصبحت مصر الدولة السادسة عشر التي تتولي رئاسة المنظمة بمسماها الجديد وثالث دولة عربية بعد ليبيا وموريتانيا.
«الأموال» رصدت أبرز وأهم النجاحات التي حققها الاتحاد الإفريقي تحت رئاسة مصر خلال عام كامل فماذا وجدنا؟
منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الأمور، وهو يحرص بشكل كبير على استعادة مصر لدورها القيادي الإفريقي وبناء علاقات الثقة والتعاون مع الأشقاء في القارة السمراء، ورحلاته المكوكية إلى دول القارة خير دليل على هذا الجهد المبذول، وهو ما بدأت مصر تجني ثماره بشكل كبير تجلي في الاتفاقيات البينية المتواصلة مع دول القارة في كافة المجالات، وبلا أدني شك كانت رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي إضافة قوية وكبيرة للقارة الإفريقية نظرًا لما تتمتع به مصر من خبرات كبيرة، ولما يحظي به الرئيس السيسي من تقدير منقطع النظير من القادة الأفارقة وثقتهم في قدرته على وضع حلول للمشاكل التي تواجهها القارة الإفريقية، سواء على المستوى السياسي ووضع حد للنزاعات والصراعات التي تئن تحت وطأتها الكثير من دول القارة وتستنزف الكثير من مواردها، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب الذي يحاول التغلغل داخل الدول الإفريقية، أو من الناحية الاقتصادية بالوحدة والتعاون والتكامل بين الدول السمراء، لاستغلال ما تمتلكه دولها من إمكانيات كبيرة وفرص استثمارية خصبة لتحقيق التنمية الشاملة والحقيقية داخل دول القارة، والتعرف على تجربة الإصلاح الاقتصادي الناجحة التي قامت بها مصر ولقيت إشادة كبيرة من المؤسسات المالية الدولية، والاستفادة من موقع مصر الجغرافي بين دول العالم لتكون همزة الوصل ومركز إقليمي شامل للتعاون الإفريقي مع الدول العربية والأوروبية والآسيوية والأمريكية بما عاد بالنفع والفائدة على جميع دول القارة، وهو ما ظهر جليًا خلال الإنجازات الاقتصادية الكبيرة ويمثل اطلاق المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية الإنجاز الأهم، حيث تستهدف المنطقة 2 مليار نسمة، و3 تريليونات دولار، ومرورًا على الإنجازات الأمنية والسياسية، وعلي رأسها مبادرة «اسكات البنادق» التي حصلت على الاهتمام السياسي والإعلامي الدولي الأكبر والأوسع، وحصلت على تأييد مجلس الأمن بالاجماع ومساندة كل الدول الإفريقية من ناحية، كما أعلن الرئيس السيسي على أن الاتحاد الإفريقي خلال 2020 سيعطي المبادرة الرعاية الأولي.
وللمتابع لدور مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي يري كيف تصدرت أجندة الزيارات الخارجية برنامج الرئيس السيسي واستضافته الرؤساء الأفارقة قائمة من زيارات واستقبالات الرئيس منذ تولي سيادته الحكم، ما يعكس مدي الاهتمام المصري بالقضايا الإفريقية، بالإضافة إلى ذلك عقد الرئيس عدد كبير من الاجتماعات مع قادة وزعماء ومسؤولين أفارقة زاروا مصر خلال السنوات الأخيرة، أثمر كل ذلك عن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي خلال عام 2019، والذي جاء تتويجًا لجهود دؤوبة وحثيثة للدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وحرص القاهرة على استعادة دورها في القارة السمراء.
بذلت مصر على المستوي السياسي مجهودًا كبيرًا لفت أنظار العالم تجاه الأزمات والمشكلات السياسية التي تعاني منها القارة السمراء، وأوفت مصر ما وعد به الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته بالقمة الإفريقية، التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتسلمت فيها مصر رئاسة الاتحاد، أنها ستعمل جاهدة على مواصلة الطريق من أجل الإصلاح الهيكلي والمالي للاتحاد واستكمال ما تحقق من إنجازات ترسيخا لملكية الدول الأعضاء لمنظمتهم القارية وسعيا نحو تطوير أدوات وقدرات الاتحاد ومفوضياته لتلبية تطلعات الشعوب الإفريقية، وتعزيز أطر التنمية المستدامة لتوفير مزيد من فرص العمل للشباب الإفريقي.
علي الجانب الإقتصادي، شارك السيسي في القمة التنسيقية المصغرة الأولي للاتحاد الإفريقي التي عقدت في نيامي، عاصمة النيجر في الثامن من يوليو الماضي، سعيا لتحقيق التكامل القاري والإصلاح المؤسسي للاتحاد الإفريقي، ومتماشية مع مُحددات الموقف المصري تجاه الجهود القائمة في هذا الصدد، حيث جرى تخصيصها للنظر في تقسيم العمل وتوزيع المهام بين الاتحاد والتجمعات الاقتصادية الإقليمية الإفريقية، وتم خلالها إطلاق الأدوات التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي كانت إتفاقيتها من أهم أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي، وسعت مصر لتفعيل إتفاقية الحرة وجعلها واقعًا، نظرًا لأنها تمثل علامة فارقة في مسيرة التكامل الاقتصادي للقارة، عملا بمبدأ «الاقتصاد عصب السياسة، والسياسة وسيلة الاقتصاد»، وستنشئ أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة في مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمي.
ساهمت مصر في إنشاء صندوق للاستثمار في البنية التحتية المعلوماتية بهدف دعم التطور التكنولوجي والتحول الرقمي في القارة، وذلك لبناء اقتصاديات حديثة قائمة على أحدث النظم التكنولوجية، كما وقعت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ومفوضية الاستثمار الإثيوبية بجمهورية إثيوبيا الديمقراطية مذكرة تفاهم في مجال تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية، وفي 22 نوفمبر الماضي انطلقت فعاليات منتدي إفريقيا للاستثمار في نسخته الثالثة بالعاصمة الادارية الجديدة، بمشاركة عدد من رؤساء دول وحكومات مختلف الدول الإفريقية، وشملت التوصيات ضرورة تمويل المؤسسات الدولية مشروعات التكامل الإفريقي، واستمرار سياسات الإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار، ومساهمة القطاع الخاص في توفير فرص عمل للشباب، ودعم مبادرات التحول الرقمي في إفريقيا لمواكبة ثورة المعلومات.
وعلي المستوي الصحي، تسلمت مصر رئاسة اللجنة الفنية المتخصصة لمكافحة المخدرات بالاتحاد الإفريقي، تزامنا مع المبادرات التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مجال الصحة والتي تهدف إلى محاربة الأمراض السارية وغير السارية، وخاصة مبادرة «100 مليون صحة» والتي شملت فحص المقيمين من غير المصريين، كما تعتزم مصر إنشاء مركز إقليمي لدعم مبادرات الصحة العامة يكون مقره القاهرة، وذلك لتفعيل مبادرات الصحة العامة في الدول الإفريقية للتخلص من الأمراض والأوبئة التي تشكل عبئًا كبيرا على الدول الإفريقية الشقيقة.
وفي مجال البنية التحتية ووسائل النقل والمواصلات، جاءت مشروعات الربط بين مصر ودول القارة الإفريقية وعلي رأس مشروعات البُنية التحتية (مشروع القاهرة - كيب تاون)، يضاف إلى ذلك مشروع الربط الكهربائي بين مصر ودول القارتين الإفريقية والأوروبية، عن طريق إمداد دول القارتين بالكهرباء من خلال الأبراج المعدنية العابرة للحدود، ومشروع الربط المائي (الإسكندرية - فيكتوريا) هو مشروع للربط المائي بين بحيرة فيكتوريا الواقعة في إفريقيا ومياه البحر الأبيض المتوسط في مصر، ويساهم المشروع في عمل نهضة إقليمية لكل دول حوض النيل.
وجاء عقد ملتقي الشباب العربي الإفريقي الذي استضافته أسوان، في مارس الماضي، اهتمامًا من الرئيس بالشباب الإفريقي حيث شارك فيه أكثر من 1500 شاب إفريقي وعربي لمناقشة قضايا وتحديات القارة السمراء والمنطقة العربية، وفيه أوصي الرئيس بتشكيل فرق عمل من الشباب العربي والإفريقي، لتولي إعداد تصور خاص لتحقيق فرص التكامل العربي.
ألقي الرئيس السيسي بصفته رئيسا للاتحاد الإفريقي، كلمة في 25 مايو الماضي بمناسبة الاحتفال »بيوم إفريقيا«، أكد خلالها أهمية تأهيل شباب القارة لمواكبة تطورات العصر والاضطلاع بمهامهم في قيادة مستقبل إفريقيا، فضلا عن مواصلة تعزيز دور المرأة الإفريقية كقلب نابض لمجتمعاتها ونبراس لتحولها الاقتصادي واستقرارها، بالإضافة إلى تدعيم الروابط الثقافية والحضارية بين شعوبها، ترسيخا للهوية الإفريقية وإعلاء لمبادئ التضامن الإفريقي.
عقدت فعاليات المنتدي الاقتصادي الإفريقي الروسي في منتجع سوتشي الروسي، الذي عقد لأول مرة على هذا المستوي في تاريخ العلاقات بين الجانبين بمشاركة 40 دولة، حيث قام الرؤساء المشاركون باعتماد إعلان ختامي يعكس المبادئ التي تم الإتفاق عليها وأهمها احترام قواعد القانون الدولي، ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتحقيق السلم والأمن، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتسوية الصراعات بالطرق السلمية، ودعم أجندة التنمية الإفريقية 2063، 2030،وتدشين آلية وزارية لمتابعة الحوار والشراكة بين الجانبين.
وفي العاصمة الصينية، عقدت قمة صينية إفريقية مصغرة على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، وأكد المشاركون فيها حرص مصر على القيام بدور فاعل وداعم لتحقيق الأهداف المرجوة من المشاركة بين الصين وإفريقيا والتركيز على أولويات التنمية في إفريقيا، كما استضافت القاهرة اجتماعًا رفيع المستوي لـ»الترويكا« الإفريقية ولجنة ليبيا، وناقشت القمة آخر التطورات على الساحة الليبية وسبل احتواء الأزمة وإحياء العملية السياسية في ليبيا والقضاء على الإرهاب، وذلك بمشاركة رؤساء رواندا وجنوب إفريقيا (عضوي ترويكا إدارة الاتحاد)، ورئيس الكونغو بصفته رئيسا للجنة المعنية بليبيا في الاتحاد، فضلاً عن مشاركة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أيضًا استضافت كذلك قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان، والمنتدي الإفريقي الأول لمكافحة الفساد، ومنتدي أسوان للسلام والتنمية المستدامة، وأعمال اللجنة الوزارية المختصة للدفاع والأمن والسلامة الإفريقية والدورة العاشرة لمنتدي البريد الإفريقي. وقدمت مصر إفريقيا للعالم من خلال المؤتمرات والمحافل الدولية التي شارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي متحدثا باسمها في الأمم المتحدة، وفي القمة الألمانية الإفريقية التي عقدت في برلين مستهدفة تعزيز التعاون الاقتصادي بين إفريقيا ودول مجموعة العشرين، من خلال مشروعات مشتركة تسهم في الإسراع بوتيرة النمو بالقارة السمراء، فضلًا عن إنشاء صندوق لتشجيع الاستثمار بإفريقيا، وخلال مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية »تيكاد«، الذي عقد بمدينة يوكوهاما، تلك القمة رفيعة المستوي التي تنظمها اليابان سنويا لدعم إفريقيا وتطلعاتها التنموية، تم مناقشة أهمية التنمية الإفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار والاستقرار بالقارة، ومواصلة جهود إصلاح مجلس الأمن الدولي. وممثلا عن قارة إفريقيا، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، في اجتماعات قمة مجموعة السبع الكبري، بمدينة «بياريتز» الفرنسية.
انطلقت في شهر ديسمبر الماضي، فعاليات منتدي أسوان للسلام والتنمية بإفريقيا في نسخته الأولي والذي حقق الكثير من المكاسب لصالح القارة السمراء، حيث جاءت توصيات المنتدي بضرورة تشجيع دول القارة على تناول مشكلة النزوح القسري، بالإضافة إلى دعوة الاتحاد الإفريقي لمواصلة عمليات دعم السلام، وتشجيع دول القارة الخارجة من نزاعات على تمكين المرأة وتأمين حقوقها، مطالبة شراكات الاتحاد الإفريقي