بالأسماء مسئولون أسقطتهم أجهزة الرقابة.. أبرزهم مدير أحد البنوك ورئيس حي مصر القديمة
وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية علي انضمام جمهورية مصر
العربية لاتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته بتاريخ
30/1/2017 وذلك خلال زيارته للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا خلال الجلسة
الافتتاحية للقمة الإفريقية الثامنة والعشرين، وجاءت هذه الخطوة في إطار
تأكيد القيادة السياسية المصرية علي التوجه لزيادة التعاون الأفريقي في
مجال مكافحة الفساد، كما عقد في شرم الشيخ المنتدى الأفريقي الأول
لمكافحة الفساد شهر يونيو الماضي، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن
مصر عازمة على تطهير مؤسساتها من الفساد، وربما لا توجد دولة لا تعاني من
الفساد، لكن الفرق بين هذا أو ذاك هو مقدار الجدية في مكافحة الفساد من
عدمه، ربما لم تشهد مصر منذ فترة كبيرة مكافحة قصوى للفساد بهذه الطريقة
القوية، وبين يوما وآخر توجه الأجهزة الرقابية ضربات موجعة لمافيا الفساد
والمتاجرين بالفضيلة والشرف، ويأتي على رأس هذه الجهات هيئة الرقابة
الإدارية التى أصبحت السيف المسلط على رقبة كل من تسول له نفسه استغلال
منصبه ووظيفته في التربح وتحقيق أموال وأرباح بطرق ملتوية وغير مشروعة..
وأطلقت هيئة الرقابة الإدارية حملة تحمل شعار «شارك وبلغ عن الفساد»، كما
نشرت الرقابة الإدارية أرقام التواصل للإبلاغ عن الفساد علي أرقام 16528
شكاوى مجلس الوزراء و16100 هيئة الرقابة الإدارية.
«الأموال» حاولت في هذا التقرير رصد أبرز الضربات التي وجهتها الرقابة
الإدارية لمافيا الفساد خلال النصف الأول من العام الجاري 2019، وكان
أبطالها جهات كبرى ومسؤولين كبار بالدولة كان أبرزها الكشف عن قيام مهندس
حماية الأراضي بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمحافظة المنوفية بتقاضي
مبالغ مالية على سبيل الرشوة من صاحب قطعة ارض مقابل تسهيل إجراءات تحديد
حدود قطعة الأرض خاصته وقطع الأرض المجاورة له، وبالعرض على النيابة
العامة أمرت بحبسه.
كما تضمنت القضايا الكشف عن قيام كل من مسئول إدارة شئون العاملين بمصلحة
الضرائب العقارية بالقاهرة، ومفتش بمديرية الضرائب العقارية بمحافظة
أسيوط بتقاضي رشاوى مالية بحوالي 100 ألف جنيه من بعض المواطنين مقابل
زعمهما مقدرتهما على تعيين أبنائهم بالمصلحة، وبعرض المتهمين على النيابة
العامة، باشرت تحقيقاتها وأمرت بحبس المتهمين، كما تم القبض على شخصين،
عرضا 50 ألف جنيه على مدير الجمعية الزراعية بمركز البدارى بمحافظة
أسيوط، وذلك على سبيل الرشوة مقابل قيام الأخير بتجديد بطاقات حيازة
زراعية وهمية لعدد من الأفدنة، وبغية استغلال هذه الحيازات كسند وضمان
يمكنهم من الحصول على قروض من البنك الزراعي، وصرف أسمدة زراعية دون وجه
حق.
- تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط كل من (ع أ.م) المدير العام الأسبق
لمكتب تأمينات الحامول بمحافظة كفر الشيخ، و(و.س) مندوب الصرف بالمكتب
لقيامهما بالاستيلاء على مبلغ 3 ملايين جنيه من المستحقات التأمينية
الخاصة بمعاشات متوفين، دون علم ورثتهم من الأرامل والأيتام مستحقي صرف
تلك المعاشات وذلك عن طريق استخدامهما لكروت الصرف الإلكتروني التي
استحوذا عليها دون وجه حق، كما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط 15
شخصًا من بينهم 5 موظفين بمكتب تأمينات السلام، لقيام موظفي المكتب
بتقاضي مبالغ مالية منهم على سبيل الرشوة مقابل إثبات استكمالهم لمدد
التأمينات عن فترة خدمتهم بموجب مستندات مصطنعة، ليتمكنوا من صرف المعاش
المبكر دون وجه حق وبالمخالفة للقانون.
لم تتوقف الضربات الموجعة للرقابة الإدارية لمكافحة الفساد عند حد
المكافحة فقط ولكن امتد دورها الكبير خلال النصف الأول من عام 2019 في
الكشف عن العديد من المخالفات وتحقيق عوائد مالية للدولة، ومكافحة الفساد
واتخاذ الإجراءات الوقائية المانعة له.
100 ألف جنيه رشوة
نجحت الهيئة في ضبط تشكيل عصابى مكون من مدير إدارة الحركة بجمرك العين
السخنة، ومأموري حركة بذات الجمرك، وأحد العاملين بهيئة الرقابة على
الصادرات والواردات، حال استلامهم 100 ألف جنيه؛ على سبيل الرشوة من أحد
أصحاب شركة استيراد، وتصدير ومستخلصين جمركيين، مقابل السماح بدخول بضائع
محظور دخولها البلاد.
كما تم ضبط مهندس مشروعات بإحدى جمعيات الإسكان بالسويس لحصوله على مبلغ
(100) ألف جنيه على سبيل الرشوة من صاحب إحدى شركات التوريدات نظير قيامه
بإنهاء إجراءات تخصيص قطعتي أرض بطريق السويس/ العين السخنة، كما تم ضبط
محامى حر ومستشار قانوني بإحدى الجمعيات التعاونية بكفر الشيخ تحصلا على
مبلغ (125) ألف جنيه على سبيل الرشوة من إحدى السيدات مقابل إنهاء
إجراءات إصدار عقد ملكية قطعة أرض من الجمعية لصالحها بدون وجه حق، كما
ضُبط محاسب بإحدى شركات توزيع الكهرباء بمدن القناة لحصوله على مبلغ
(100) ألف جنيه على سبيل الرشوة من مدير كافيتريا مقابل عدم تحرير محضر
سرقة تيار كهربائي وتسليمه العداد الخاص بالكافيتريا والذي سبق أن تم
رفعه.
أيضًا تم ضبط مساعد رئيس حي العمرانية وفني بالإدارة العامة لشبكات الهرم
بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء وآخرين لحصولهم على مبالغ مالية
وعطايا عينية على سبيل الرشوة من بعض المقاولين نظير التغاضي عن اتخاذ
الإجراءات القانونية حيال المخالفات الموجودة بعقارين يتم بنائهما بنطاق
الحي وإنهاء إجراءات توصيل الكهرباء لهما.
رئيس حي مصر القديمة
تمكنت الهيئة في اليوم الثاني من شهر يناير لعام 2019 من ضبط رئيس حي مصر
القديمة وأحد الوسطاء أثناء تقاضيه مبلغ مليون جنيه من أصل مبلغ مليوني
جنيه على سبيل الرشوة من أحد مقاولي الهدم المتعاملين مع الحي، وذلك
مقابل إنهاء كافة إجراءات صرف المستخلصات المالية المستحقة للمقاول.
كما تمكن ضباط الهيئة بأسيوط من ضبط مخزن لإحدى شركات الأدوية بالمحافظة
وبداخله كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية تبلغ قيمتها 10
ملايين جنيه بدون أي فواتير أو تراخيص للمنشأة لمزاولة النشاط وذلك
بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة لتداول الأدوية بخلاف تهربهم من
المستحقات الضريبية خلال حملة مكبرة بالاشتراك مع إدارة التفتيش الصيدلي
بمديرية الصحة وإدارة الرقابة التجارية بمديرية التموين وبعض القيادات
التنفيذية بالمحافظة وذلك في إطار الجهود المبذولة لإحكام الرقابة على
الأسواق والمنشآت الطبية ومنع تداول الأدوية المهربة أو غير الصالحة
للاستخدام حفاظا على حياة المواطنين.
كما كشفت الهيئة عن قيام بعض العاملين بإحدى شركات المطاحن بتسهيل
استيلاء أصحاب المخابز على كميات من الدقيق المدعم من خلال التلاعب في
بيانات صرف الدقيق، ما يضر بالمال العام بنحو مبلغ 28,6 مليون جنيه،
ونجحت جهود الهيئة في إحباط محاولة تغيير نشاط قطعة أرض مساحتها 20 فدانا
بمحافظة مطروح لإحدى الشركات، ما يؤدي لإهدار مبلغ 25 مليون جنيه تمثل
فرق تقييم سعر المتر المربع.
وكشفت الهيئة خلال النصف الأول من العام الحالي عن قيام رئيس مجلس إدارة
إحدى شركات السياحة، وآخرين باصطناع مستندات مزورة منسوب صدورها لأحد
البنوك واستخدامها في الحصول على أحكام قضائية لإسقاط المديونية المستحقة
على الشركة للبنك بلغت قيمتها حوالي مبلغ 24 مليون جنيه.
تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط كل من ا.س موظف بنادي جمارك الغردقة
وع.ر بدون عمل أثناء عرضهما مبالغ مالية على سبيل الرشوة على مأمور جمرك،
بجمارك مطار الغردقة الدولي مقابل تسهيل تهريب كميات من الأدوية
والمنشطات الجنسية المحظور دخولها البلاد والقادمة من دولة تركيا، وتم
ضبط البضائع المراد تهريبها صحبة أحد الركاب أجنبي الجنسية، وتبين أن
إجمالي قيمتها حوالي 1.5 مليون جنيه وجار العرض علي النيابة العامة
لإعمال شئونها.
وتمكنت الهيئة من ضبط 5 من مسئولي الإدارة العليا بشركتي المشروعات
البترولية والاستشارات الفنية «بتروجت»، والشركة المصرية للاتصالات بقطاع
الإسكندرية والوجه البحري، لتقاضيهم مبالغ مالية على سبيل الرشوة تقدر
بحوالي 500 ألف جنيه من مقاولين من أصحاب إحدى شركات التوريدات العمومية
والمقاولات مقابل إسناد أعمال لعدد من المشروعات واستلامها وصرف قيمة تلك
الأعمال.
ونجحت هيئة الرقابة الإدارية، في ضبط أحد الأشخاص انتحل صفة عميل بأحد
البنوك الكبرى والاستيلاء على كامل المبلغ الموجود بحسابه بالبنك والبالغ
25 مليون جنيه، وشُكلت الرقابة الإدارية، عدة مجاميع من أعضاء الهيئة
لإجراء التحريات اللازمة لكشف غموض الواقعة وملابساتها، وأسفرت أعمال
التحريات المؤكدة عن قيام مدير الخدمات المصرفية بالبنك، بالاتفاق مع
مدير إدارة خفية على ارتكاب الجريمة، وقيام الأول بإفشاء بيانات العميل
والمعلومات الخاصة بحركة حسابه ونموذج توقيعه، واصطنعا بطاقة رقم قومي،
انتحل بها الثاني صفة العميل الأصلي للاستيلاء على المبلغ، وأخفياه بشراء
عدد من الأصول العقارية منها وحدتان سكنيتان بكل من كورنيش الإسكندرية
وكورنيش النيل بالزمالك بإجمالي 12 مليون جنيه، وشاليه بالمعمورة بمبلغ 3
ملايين جنيه، وعدد من السيارات الفارهة ذات الموديلات الحديثة بحوالي 5
ملايين جنيه وبتقنين الإجراءات تم ضبط المتهمين.
لم يتوقف دور هيئة الرقابة الإدارية على مكافحة الفساد فقط، وإنما امتد
دورها لتحقيق دخل بالملايين لخزانه الدولة، حيث تمكنت الهيئة من تحقيق
عائد مادي للدولة بمبلغ حوالي (379,58) مليون جنيه نتيجة الكشف عن
المخالفات في المجالات المختلفة ومبلغ حوالي (451) مليون جنيه كعائد
متوقع بعد استكمال الإجراءات اللازمة نتيجة تصويب تلك المخالفات،
والمعاونة في استرداد حقوق الدولة بما قيمته نحو (1,98) مليون جنيه.
وأشاد خبراء سياسيون ، بجهود الدولة وخاصة الرقابة الإدارية في مكافحة
الفساد مؤكدين أنها أصبحت تمثل الضوء الذي يبدد الظلمة التي نعيش فيها،
وأنها توجه ضربات قوية للفساد وبشكل متكرر، ومشيرين إلى أن توالى الضربات
للرقابة الإدارية يأتي في إطار التوجه العام للدولة في مكافحة الفساد
ومؤشر من مؤشرات صحة الدولة.
وصف جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، إلقاء هيئة الرقابة الإدارية
القبض على كل من محافظ المنوفية والدكتورة سعاد الخولي، نائب محافظ
الإسكندرية في قضية رشوة، وضبط رئيس حي مصر القديمة، بالصيد الثمين في
مواجهة الفساد الموجود في المحليات، مشيرًا إلى أن توالى الضربات للرقابة
الإدارية يأتي في إطار التوجه العام للدولة في مكافحة الفساد، كما أنها
مؤشر من مؤشرات صحة أداء الدولة، لافتًا أن ما تقوم به هيئة الرقابة
الإدارية أمراً جيداً لتنبيه كل المحافظين ومساعديهم ونوابهم، بأنها
موجودة وتراقب أداءهم، وأن الكل معرض لنفس المصير في حال ثبوت وكشف
فسادهم.
أما اللواء محسن الفحام مدير مباحث أمن الدولة الأسبق قال: إن الرقابة
الإدارية لديها الضوء الأخضر في التعامل مع كافة رؤوس الفساد، بتكليف
مباشر من رئاسة الجمهورية، بعد أن كانت تبعيتها لمجلس الوزراء، مشيراً
إلى أن الجهاز في الواقعة الأخيرة الخاصة بمحافظ المنوفية، ظل يعمل على
مدار 4 أشهر على هذه القضية، ولم يتحرك إلا بالدليل القاطع سواء كان
بالصوت والصورة، أو المستندات، التي تثبت إدانة المتهم، وما يميز جهاز
الرقابة السرعة في التنفيذ والدقة في التحريات، مع العلم أن الرئيس كان
في طريقه لزيارة محافظة المنوفية، عشية القبض على المحافظ، ولكن هذا لم
يوقف إجراءات القبض عليه، ولم ينتظروا يوماً واحداً.