الغلاء يضرب موائد الرحمن ويعكر صفو الفقراء
غرفة صناعة الحبوب: الاستهلاك في رمضان يعادل 3 أشهر
70 مليار جنيه حجم مبيعات الطعام مع نهاية شهر رمضان
تعتبر موائد الرحمن من الطقوس الرمضانية التي لا غنى عنها خلال شهر رمضان الكريم، البعض ينتظرها من العام للعام، ولا تعجب في هذا الأمر فبعض الفقراء والمحتاجين لا يذوقون معنى اللحم إلا خلال هذا الشهر الفضيل، لكنّ يبقى السؤال الأكثر تردداً في الأذهان: لماذا يجوع الفقراء ؟، والمتابع يرى أن مصر كانت قديما تقسم إلى طبقة الأغنياء والطبقة الوسطى وطبقة الفقراء أو عامة الشعب، لكن الآن أصبحت الطبقة المتوسطة في طريقها للتلاشي بفعل الغلاء، لذا تتزايد أعداد الوافدين إلى موائد الرحمن في رمضان، خصوصًا في المناطق الشعبية التي تحظى بالنسبة الأكبر من الفقراء، تُمّول تكلفة الطعام بواسطة الأثرياء، أو بعض رجال الأعمال، وبعضها تموَّل من قبل الفنانين، الذين يسارعون إلى إقامة العديد من الموائد في مناطق عدة داخل القاهرة، وبين جدل الخير في شهر الرحمة، وإهانة الكرامة للفقراء، تبقى موائد الطعام الرمضانية سجالاً بين المؤيدين والمعارضين للفكرة، لكن الأمر اللافت للنظر هذا العام أن موائد الرحمن قل عددها بشكل كبير جدًا هذا العام، ورغم الغلاء الذي ضرب شتى مناحي الحياة في مصر ورغم أن شهر رمضان هذا العام يعتبر هو اقل الشهور على مدار أعوام كثيرة مضت شهد تراجعا ملحوظا في موائد الرحمن بسبب ارتفاع الأسعار وفي ضوء الظروف الاقتصادية الصعبة أصبح تنظيم الموائد أمرًا صعبًا إلا أن هذا لا يمنع من الاتجاه لإقامتها لإطعام الفقير وكأحد الطقوس الرمضانية القديمة التي تعد في الأساس أحد وسائل عمل البر والخير في المجتمع المصري، إلا أن الشعب المصري لا يزال يدخل ضمن أكثر الشعوب إنفاقا واستهلاكًا للطعام بصفة عامة، بمرور الوقت فوفقًا للدراسات الحديثة أن حجم الإنفاق على الطعام خلال شهر رمضان يصل إلى 70 مليار جنيه مع نهاية الشهر الكريم، ووفقًا لتصريحات المسئولين وعلى رأسها وزير المالية الذي أكد أن فاتورة الطعام تمثل 45% من “سلة التضخم” في مصر، هذا بالإضافة إلي أن الأسرة المصرية هذا العام مطالبة بتوفير أربع ميزانيات خلال فترة محدودة جدًا لـقضاء إجازة المصيف, وشهر رمضان, وعيد الفطر وميزانية امتحانات الثانوية العامة, الأمر الذي أحدث ارتباكًا وحالة من الاختناق في ميزانية الأسر المصرية، والأرقام تؤكد تمادي المصريين في الإنفاق على السلع الاستهلاكية ليتخطى المليارات خلال الشهر الفضيل.
“الأموال” حاولت رصد أهم المتغيرات في موائد وضيوف الرحمن لهذا العام والتكلفة المبدئية لهذه الموائد في ظل ارتفاع الأسعار المبالغ فيه الذي تشهده البلاد فماذا وجدنا ؟
يقول مجدي الوليلي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن استهلاك الحبوب ارتفع خلال شهر رمضان، بما يمثل استهلاك 3 أشهر مقارنة بأشهر السنة العادية، والسبب في ذلك إلي موائد الرحمن التي تقام، وشنط وكراتين رمضان التي لا تخلو من الحبوب، علاوة علي الزيادة السكانية التى تعادل حوالي 2.5 إلى 3 ملايين سنويًا، مشيرًا إلى أن ذلك ينطبق علي الفول باعتبار أنه السلعة والغذاء الرئيسي الموجود بشكل أساسي والضيف الدائم الموجود علي موائد الإفطار والسحور للمصريين.
وأكد الوليلي في تصريحاته، أن استهلاك مصر من الحبوب يبلغ حوالي 700 ألف طن سنويا، منها 580 ألف طن استيرادًا من دول مثل أستراليا، وإنجلترا، وليتوانيا، بخلاف الفول المصري الذي تتراوح كمية إنتاجه بين 120 و 150 ألف طن سنويًا، لافتًا إلى إنه يتم استهلاك حوالي 400 ألف طن في الجرش وتحويلها إلي طعمية وفلافل، بينما يتبقى 300 ألف طن فول شكله الطبيعي، والفول المصري يتميز بجودته وأنه عريض الحبة، ومطلوب عالميا، حيث يتم تصدير 75% من حجم إنتاجه والـ25% تطرح في السوق المحلي.
الغلاء له دور رئيسي
يقول الدكتور عصام درويش عضو المجالس القومية المتخصصة وأستاذ الاقتصاد أن تكلفة الموائد في شهر رمضان المبارك تقترب من الـ 6 مليارات جنيه هذا العام ويقوم بالتبرع لها الآلاف من فاعلي الخير من رجال الدين والأعمال والمؤسسات، وأن هذه التكلفة ارتفعت هذا العام بعد ارتفاع التضخم وأسعار السلع إلى ما يقرب من 60% حسب بيانات جهاز الإحصاء، والسبب ارتفاع مجموعة السلع الغذائية من دواجن ولحوم وأرز وخضروات وطاقة وأجور عمالة، لافتًا أن تكلفة المائدة الواحدة لحوالي 100 فرد تتراوح من 150 – إلى 250 ألف جنيه شهرياً.
متنفس للفقراء
أما د.رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، في تصريحاته أن موائد الرحمن هذا العام تنتشر رغم ارتفاع أسعار المواد الغذائية اللازمة لإعدادها، نظرًا لأن معدلات الفقر زادت في الفترة الأخيرة واحتياج الناس لها زاد أيضا، مضيفا «بعض الناس لا تعمل ولا يوجد لديها دخل، والبعض ليس لديه معاش تكافل وكرامة ومعاش ضمان اجتماعي، الناس دى هتعيش ازاى؟ ورغم الغلاء فأن موائد الرحمن هذا العام تمثل متنفسًا للفقراء والمحتاجين، مطالبًا أصحاب الفنادق بأن يضعوا الأكل المتبقي لديهم كل يوم كمائدة رحمن أمام الفندق للفقراء وعدم إلقاءه في القمامة، حتى يأكل المحتاجين، وفكرة الموائد فكرة طيبة خاصة في ظل موجة الغلاء، وأتوقع أن تستمر لكن كُلٌ على حسب مقدرته، فهناك من سيقدم وجبة واحدة، وآخر يقدم وجبتين، وثالث يقدم عصير وماء فقط، وهناك قادرين يقدموا حلويات وفواكه، لافتًا أن موجة ارتفاع الأسعار تمس منظمي موائد الرحمن من كبار رجال الأعمال والتجار وكذا منظمي الموائد من الطبقة المتوسطة.
من جانبه أكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية وخبير استشاري الإدارة المحلية، في تصريحات خاصة “للأموال”، أن حجم مبيعات الطعام في شهر رمضان في مصر ستصل إلى70 مليار جنيه بنسبه 20% من حجم الإنفاق السنوي حيث يعد الأكثر إنفاقًا مقارنه بشهور العام حيث يكون معدل الإنفاق ٤50 مليار سنويًا على الطعام ويعود هذا الارتفاع في الأسعار بشكل جنوني مع ثبات مستوي الدخل للمواطنين في الوقت الحالي لتعويم الجنيه، وارتفاع أسعار الوقود، وجشع التجار، وضعف الرقابة علي الأسواق، وغياب تطبيق القانون علي التجار بشكل متكامل، وهذا الارتفاع الجنوني في المكونات الغذائية أثر بشكل واضح ومباشر على فكرة انتشار موائد الرحمن التي أصبحت تتكلف المليارات
أكد مساعد وزير التنمية المحلية، الدكتور خالد قاسم، أن الأجهزة التنفيذية بالمحافظات، تواصل فرض الرقابة وتشديدها على كافة قطاعات الإدارة المحلية على مستوى 27 محافظة، مشيرًا إلى أن اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، شدد على ضرورة قيام الأجهزة الرقابية في المحافظات، بتكثيف حملاتها على الأسواق المختلفة للتأكد من صلاحية السلع الغذائية المعروضة، حرصًا على سلامة المواطنين.