الأموال ترصد حجم مليارات المصريين المهدرة في أعياد الربيع
الصحة تُحذر من الفسيخ الفاسد: حالة التسمم الواحدة تكلف الدولة 90 ألف جنيه
إعدام عشرات الأطنان من الفسيخ والرنجة الفاسدة.. وإغلاق مئات المنشآت الغذائية
رئيس شعبة الأسماك: 30% ارتفاعًا في أسعار الفسيخ هذا العام
أيام قليلة تفصلنا عن شم النسيم، الذي ارتبط به تناول الأسماك المملحة، وخلال هذه الفترة من كل عام تنتعش الأسواق، حيث يسارع الجميع بشراء الفسيخ والرنجة، ورغم أن بعض التجار يؤكدون أن الأزمة الاقتصادية والغلاء يؤثران بشكل أو بأخر على حركة السوق «البيع والشراء»، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن حجم الإنفاق على احتفالات أعياد الربيع وفقًا لدراسة حديثة يتخطى حاجز الـ20 مليار جنيه مصري، ووسط هذا الزخم من الاحتفالات والبيع والشراء يظهر على الساحة البعض من تجار صحة المصريين الذين يستغلون إقبال المواطنين على شراء الأسماك ويستغلون الأمر إما عن طريق بيع الأسماك الفاسدة غير الصالحة للاستخدام الآدمي، أو عن طريق رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه...
«الأموال» رصدت لعبة القط والفار بين تجار الأسماك والفسيخ وبين وزارة الصحة والأجهزة الرقابية المختلفة ومباحث التموين، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على حجم ما ينفقه المصريون في موسم أعياد الربيع واحتفالات يوم شم النسيم..
في البداية أكد الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة العامة والمحليات، واستشاري تطوير المناطق العشوائية، في تصريحات خاصة لـ«الأموال»، أنه أعد دراسة مفصلة عن حجم ما ينفقه الشعب المصري على وجبات الفسيخ والرنجة خلال الاحتفالات بأعياد الربيع وشم النسيم، وكانت النتائج ملفته للانتباه، ويتراوح حجم الإنفاق ما بين 15 و20 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن الإنفاق وصل هذا العام إلى ذروته بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، فضلاً عن زيادة الإقبال على هذه الأطعمة في هذا الوقت من السنة، كعادة فرعونية معروفة منذ ما يقرب من 7 آلاف عام حتى الآن.
وكشف عرفه أن أسعار الفسيخ والرنجة المصنعة محلياً من سمك البوري ارتفعت هذا الموسم بنسبة 30% عن أسعار الموسم السابق، بينما ارتفعت أسعار الرنجة المستوردة إلى أكثر من 60% بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار واليورو أمام الجنيه، لافتًا إلى 80% من الرنجة الموجودة في الأسواق حالياً مستوردة من دول «الاتحاد الأوروبي»، وأن بعض التجار يستغلون غياب الرقابة على الأسواق فيعمدون إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، خصوصًا في موسم أعياد الربيع و«شم النسيم».
وأضاف عرفه، أن الحالة الاقتصادية المتدهورة للمواطنين الناتجة عن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مع تذبذب مستوى الدخل في الوقت الحالي، أثرت بشكل كبير على مستوى مبيعات الفسيخ والرنجة والسردين والتونة والأسماك بشكل عام، ورغم ذلك فلن يقل حجم المبيعات المتوقع من الفسيخ والرنجة خلال الموسم الحالي عن 20 مليار جنيه.
يأتي ذلك فيما تضخ وزارة التموين وفق الدراسة، عشرات الأطنان يومياً من الأسماك في منافذها، ومن خلال المجمعات الاستهلاكية في القاهرة والمحافظات لمحاربة الغلاء، بينما تعد كل من محافظات »دمياط وكفر الشيخ« الأولى من حيث إنتاجية الأسماك حيث تنتج 58% من إجمالي الإنتاج السمكي في مصر، وتعتبر »أسيوط« الأكثر انخفاضاً من حيث إنتاجية الأسماك بين المحافظات.
ولفت عرفه، أنه طبقاً لإحصاءات الغرف التجارية، فإن متوسط سعر كيلو الفسيخ يتراوح ما بين 140 و170 جنيهاً، وكيلو الرنجة 60 جنيهاً والسردين 65 جنيهاً، فيما وصل كيلو الليمون إلى 27 جنيهاً والبصل إلى 9 جنيهات، وبما أن متوسط عدد أفراد الأسرة المصرية 5 أفراد، فإن تكلفة وجبة الفسيخ غير الفاخرة للأسرة تبلغ 250 جنيهاً، تعادل نحو 31% من متوسط راتب العاملين في القطاع الخاص والجهاز الإداري للدولة«، وأن »زيادة ضرائب المبيعات بحد أدنى 15% فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود، وأجور العمالة، تعد من أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة أسعار الأسماك عامة، وأسعار الرنجة والفسيخ والسردين بصفة خاصة«، لافتًا أن عدم الاهتمام بالثروة السمكية للبلاد عدة أسباب، أهمها ارتفاع أسعار غذاء الأسماك، فضلاً عن عدم وجود دور فعال لنقابة الصيادين على الأرض، بدعوى تخلى الحكومة عن دعمها للصيادين أو للنقابة، حيث لا يتجاوز معاش الصياد بعد سن الستين 300 جنيه.
ارتفاع أسعار الفسيخ 30%
أما أحمد جعفر، رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، قال إن أسعار الأسماك المملحة، وعلى رأسها الفسيخ، ارتفعت خلال الموسم الحالي نتيجة إلغاء رسوم الصادر على الأسماك بداية من العام الحالي، الأمر الذي أدى إلى تصدير كميات كبيرة منها وأغلبها يصنع منها الفسيخ وعلى رأسها البوري.
وأضاف جعفر، في تصريحاته، أن هناك ارتفاعا بنسبة 30 % في أسعار الفسيخ مع اقتراب شم النسيم، مقارنة بالسنة الماضية، مشيرًا إلى أن منتجات الرنجة تتراوح أسعارها ما بين 25 إلى 50 جنيها (نحو 3 دولارات) حسب بلد المنشأ وحجمها، بينما يتراوح أسعار الفسيخ ما بين 100 و170 جنيهًا (10 دولارات)، ويبلغ متوسط إنتاج مصر من الأسماك سنوياً، 1.5 مليون طن في حين تسجل احتياجات السوق المحلية من الأسماك 1.8 مليون طن، بعجز يقدر بنحو 300 ألف طن سنوياً، يتم تغطيته عن طريق الاستيراد، ولكبح جماح الأسعار التي ارتفعت بشكل كبير في 2017، فرضت الحكومة رسوما على صادرات الأسماك الطازجة والمبردة والمجمدة بقيمة 12 ألف جنيها (630 دولاراً) للطن، وألغتها مطلع العام الجاري.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، شريف الدمرداش، أن حالة الغلاء وارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد جعلت المواطنين يفاضلون بين أولوياتهم حتى لا تزداد الأعباء على ميزانيتهم، خصوصًا أن عادة الاحتفال بشم النسيم ستظل قائمة ولكنها ستختلف من بيت لآخر، فالبعض سيحتفل بفسيخ فاخر وآخرون سيكتفون بتلوين البيض والذهاب للمتنزه، مشيرًا إلى أنه كلما ارتفعت الأسعار كلما ضاقت شريحة المجتمع القادرة على الاحتفال وممارسة طقوسها، خاصة أن أسعار السلع الغذائية زادت بشكل كبير خلال العامين الماضيين بشكل يدعو للتروي في حدود إمكانيات كل فرد وشراء الاحتياجات الأساسية فقط، لكن رغم الغلاء مازال المصريين يتناولوا آلاف الأطنان سنويًا من الفسيخ الذي يقدر بقيمة مليارى جنيه خلال الاحتفال بعيد شم النسيم، لان الفسيخ وباقي الأسماك المرتبطة بهذا الاحتفال سلعة رخيصة الثمن إلا أنها تكون باهظة الثمن في هذا الوقت، ومع ذلك تزيد نسبة الشراء والإقبال عليها من مختلف طبقات الشعب. وتقدر الهيئات المصرية عدد الأسر التي تشتري الفسيخ وخلافه من الأسماك الأخرى نحو 25 مليون أسرة، تنفق كل منها 250 جنيها في المتوسط، أي أن إجمالي الإنفاق يقدر بنحو مليارين ونصف جنيه، كما أن ارتفاع الأسعار لا يمثل عائقًا أمام المواطنين خاصة أنهم لا يزداد إقبالهم على مثل هذه المأكولات إلا في موسم شم النسيم.
من جانبها أعلنت وزارة الصحة والسكان، إعدام ما يقرب من 5 أطنان و314 كجم، أسماك مملحة ومدخنة وملح سياحات وأغذية أخرى، بالإضافة إلى 331 لتر مياه معبأة، وعصائر غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالسوق المحلي خلال عدد من الحملات شنتها الإدارة العامة لمراقبة الأغذية بمديريات الشئون الصحية بجميع المحافظات، على المنشآت الغذائية وذلك استعداداً للاحتفال بأعياد الربيع.
وأوضحت الوزارة أن هذه الحملات مستمرة لإحكام الرقابة على المنشآت الغذائية، والتأكد من سلامة الغذاء المقدم للمواطنين، لافته إلى مواصلة إتباع إجراءات استباقيه لتحذير المستهلك من بعض السلع أو المنتجات الضارة.
أما د. علاء عيد رئيس قطاع الطب الوقائي، فأكد أن الحملات قامت بالمرور على عدد 1493 منشأة غذائية، فيما تم ضبط 16 طناً و451 كجم أغذية متنوعة و930,83 لتر مشروبات وعصائر للشك في صلاحيتها لتغيرها في خواصها الطبيعية، حيث تم سحب عدد 2265 عينة متنوعة من الأصناف الغذائية المتداولة بالأسواق، وإرسالها للتحليل بمعرفة المعامل المركزية والإقليمية التابعة للوزارة، كما أنه تم تحرير عدد 1429 محضراً حيال المخالفات التي تم رصدها أثناء المرور طبقاً للقوانين والقرارات الوزارية في هذا الشأن، كما تمت التوصية بإيقاف تشغيل عدد 200 منشأة غذائية لمخالفتها للاشتراطات الصحية الواجب توافرها بهذه المنشآت، مشددًا على أن الوزارة ماضية في تشديد الرقابة المستمرة والدورية على المنشآت الغذائية، لضمان سلامة الغذاء واتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه المخالفين حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين.
أيضًا أصدرت وزارة الصحة والسكان، بيانًا تحذر فيه المواطنين من تناول الأسماك المملحة والمدخنة، خصوصًا الفسيخ في عيد شم النسيم، لما تمثله من خطر شديد على الصحة قد يصل إلى الشلل أو الوفاة، مؤكده أنه تم توفير كميات كافية من مصل البوتيلزم لحالات الطوارئ، بالإضافة إلى تكثيف الحملات للرقابة على المنشآت الغذائية وأماكن تصنيع وبيع الأسماك المملحة.
وأكد الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة والسكان، إن تكلفة المصل الواحد الخاص بعلاج مرضى التسمم نتيجة تناول الفسيخ الفاسد يصل 30 ألف جنيه للحقنة الواحدة، في حين يحتاج المريض الواحد عدد من 1 -3 حقن بتكلفة تصل 90 ألف جنيه للمريض الواحد، مشيرًا إلى أن الوزارة لديها عدد 130 أمبولًا كمخزون استراتيجي لعلاج المرضى في هذا اليوم، داعيًا المواطنين بسرعة التوجه إلى أقرب مستشفى أو مركز علاج سموم عند ظهور أي أعراض مرضية خلال 24 ساعة من تناول الفسيخ لإنقاذ حياتهم، كما ناشدت بالتأكد من شراء الأسماك المملحة والمدخنة من المحال المعروفة والخاضعة للإشراف والرقابة، وعدم شرائها من الباعة الجائلين وعدم تصنيعها بالمنزل.
كما حذر قنديل من الإسراف في تناول الأسماك المملحة، حيث إنها تحتوى على نسبة عالية من الأملاح تصل إلى أكثر من 17% من وزن هذه الأسماك والتي قد تسبب ضررًا شديدًا خاصة لمرضى الضغط وأمراض القلب وأمراض الكلى والحوامل والأطفال وتجنب تناول رأس وعظام وأحشاء الأسماك المملحة نظرا لتركيز السموم في هذه المناطق، مضيفًا أن بعض التجار قد يستخدم الأسماك الطافية على سطح الماء والتي قد ماتت وتعرضت لأشعة الشمس وبدأت تنتفخ وتتحلل وأصبحت لها رائحة كريهة، ثم بعد ذلك يضيفون عليها قليل من الملح ويتم بيعها على أنها فسيخ بعد ثلاثة أو أربعة أيام.
برواز كبير في الموضوع
نصائح هامة للمواطنين لوجبة فسيخ آمنة
قدمت وزارة الصحة والسكان عدد من النصائح والإرشادات للمواطنين عند تناول الأسماك المملحة والمدخنة بمناسبة أعياد الربيع، مشيرة إلى أن تناول الفسيخ قد يمثل خطورة شديدة نظراً لأن طريقة تحضيره قد تساعد على نمو نوع خطير من البكتيريا، هذا النوع يفرز سموماً قاتلة قد تسبب أضراراً شديدة للمواطنين، لافته إلى التأكد من شراء الأسماك المملحة والمدخنة من محال معروفة وخاضعة للإشراف والرقابة، محذره من شرائها من الباعة الجائلين أو تصنيعها بالمنزل، مع ضرورة التأكد من توافر الاشتراطات التالية في الأسماك التي يمكن شراؤها:
1- البطن غير منتفخة ولا تنبعث منها رائحة كريهة
2- لحوم الأسماك متماسكة ترتد مرة أخرى بعد الضغط عليها
3- قشورها لامعة متماسكة لا تنتزع بسهولة
4- عيونها بارزة تتميز باللمعان
5- مراعاة أن يكون لون خياشيم الأسماك أحمر أو وردي
وشددت الوزارة على عدم الإسراف في تناول الأسماك المملحة، حيث إنها تحتوي على نسبة عالية من الأملاح قد تصل إلى أكثر من 17% من وزن هذه الأسماك، وقد تسبب ضرراً شديداً خاصةً لمرضى الضغط وأمراض القلب وأمراض الكلى والحوامل والأطفال، كما نصحت وزارة الصحة بتجنب تناول رأس وعظام وأحشاء الأسماك المملحة نظراً لتركيز السموم في هذه المناطق، مشدده أنه عند الإحساس بأي أعراض مرضية مثل»جفاف الحلق، صعوبة في البلع، ازدواج الرؤية، ضيق في التنفس« يرجى التوجه بأقصى سرعة إلى أقرب مستشفى أو مركز سموم مؤكداً توافر الأمصال المضادة للسموم بجميع المستشفيات.