رئيس شعبة الخضروات: احتكار كبار المنتجين وتخزين كميات كثيرة في الثلاجات وراء أزمة البطاطس
حماية المستهلك: شكلنا مجموعات عمل لمراقبة الأسواق
لجنة الزراعة بالنواب: جشع التجار هو السبب ولا يوجد مبرر لزيادة الأسعار
الداخلية: مبادرة كلنا واحد مستمرة للتخفيف عن المواطنين
برلماني: لا بديل عن تفعيل كارت الفلاح الذكي
نار الأسعار تكوي المواطنين، هذا هو الحال الآن في ظل موجة الغلاء المبالغ فيها التي تشهدها الأسواق وخصوصًا في السلع الأساسية، لا توجد رقابة أو متابعة جيدة من الجهات المنوطة لضبط أسعار السلع، فالتجار يستغلون المواسم لزيادة الأسعار بشكل جنوني، والأسواق تشهد حاليًا ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخضراوات والفاكهة والعديد من السلع الإستراتيجية الأخرى، وكان ابرز ما شهد ارتفاعًا مبالغًا فيه على سبيل المثال وليس الحصر محصول البطاطس الذي وصل السعر فيه إلى 15 جنيهًا للكيلو الواحد، الطماطم أيضا وصل سعرها إلى 13 جنيها للكيلو الواحد، وهو أمر غير مسبوق، الكل يلقى باللوم على الآخر والجهات الرقابية عجزت عن توفير إجابة واحدة شافية عن الأسباب الغير مبررة لارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني، التجار والمسئولين وغرفة الأغذية الكل يلقى بالاتهامات على الأخر ووسط هذا كله المواطن الغلبان يكتوي بنار الأسعار، من يحدد الأسعار في الأسواق يوميًا؟.. وهل جشع التجار هو السبب في زيادة التسعيرة؟ وأين الأجهزة الرقابية من كل ما يحدث؟
محاولات حثيثة تبذلها الدولة لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار التي تحولت لنار تكوي المواطنين، مرت عدة أشهر وكلً يغني على ليلاه الحكومة بكافة أجهزتها الرقابية تحارب الاحتكار والغلاء من جانب، وجشع التجار يسيطر على حركة البيع والعرض والطلب من جانب أخر، الكل يلقي بالاتهامات في وجه الأخر التاجر يحمل الحكومة المسؤولية كاملة، والحكومة من جانبها تؤكد أن الارتفاع غير المبرر لمعظم السلع سببه جشع التجار ورغبتهم في تحقيق مكاسب هائلة، وما بين هذا وذاك وقع المواطن الغلبان بين »شقي الرحى« الارتفاع لم يشمل سلعة أو اثنين، ولكن وحش الغلاء ضرب الجميع في الصميم، وكأن هناك شبه اتفاق على تكدير المواطن، الذي وصل لمرحلة العجز عن شراء حتى ابسط احتياجاته اليومية خصوصا بعد ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة والبقوليات والنشويات بشكل غير مسبوق، ناهيك عن غياب دور الرقابة على الأسواق، واحتكار بعض السلع، محاولات الحكومة لا تتوقف والأجهزة الرقابية المختلفة تبذل جهودًا كبيرة للتغلب على أزمة ارتفاع الأسعار والذي يؤكد البعض أن سببها الأساسي هو جشع التجار، ومافيا احتكار السلع الغذائية بهدف تحقيق مكاسب أكبر.
خضار بلدنا
* في البداية أكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الوزارة دشنت مبادرة جديدة لتوفير الخضر والفاكهة »خضار بلدنا«، لضخ كميات كبيرة من الخضر والفاكهة من خلال القوافل والسيارات المتنقلة، وكذلك بفروع المجمعات الاستهلاكية لبيع الخضر والفاكهة بالميادين الرئيسية بأسعار مخفضة وزيادة عدد المنافذ البيعية الثابتة وتكثيف المعروض، حيث يتم عرض هذه السلع فى أكثر من 122 منفذًا ثابتًا، والدفع بأكثر من 25 سيارة متنقلة.
وأضاف المصيلحي، أن ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة يرجع لارتفاع معدلات الاستهلاك وحساسية المنتج، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل، وغياب الكيانات الأساسية لمنظومة التجارة الداخلية تسبب في ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أنه لا بديل عن إنشاء المناطق اللوجستية بجميع المحافظات خلال الفترة المقبلة، لافتًا أن هذه المناطق يجب أن تحتوى على أسواق ووحدات تخزين.
النواب يناقش الأزمة
من جانبها عقدت لجنة الزراعة والري بمجلس النواب برئاسة النائب هشام الشعيني، اجتماعا هامًا، لمناقشة خطة عمل اللجنة خلال دور الانعقاد الحالي، وقال الشيني، إن هناك أولوية لحل أزمة تسعير المحاصيل الزراعية قبل موسم الزراعة، وبحث استعدادات الحكومة لموسم زراعة محصول القمح، لافتًا أن الاجتماع تطرق إلى مناقشة تفعيل كارت الفلاح الذكي والوقوف على أسباب ارتفاع أسعار البطاطس والطماطم وبعض الخضروات والسلع الأساسية في الأسواق، مؤكدًا أن أزمة ارتفاع أسعار الخضراوات والطماطم والبطاطس والتي زادت بشكل غير متوقع سببها الأساسي جشع التجار.
حملات مكثفة على الأسواق
من جانبه أكد اللواء راضى عبد المعطى رئيس جهاز حماية المستهلك، عن تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق للتأكد من توافر الخضراوات والفاكهة، وكذلك تشكيل مجموعات عمل للمرور على أسواق الجملة، لافتًا إلى تحرير محاضر لأى شخص يحاول التلاعب في المنتجات أو احتكارها، مشيرًا أن مبادرة وزارة التموين في إطلاق القوافل المتنقلة لتوفير منتجات الخضراوات والفاكهة في الميادين العامة وكذلك في المنافذ الثابتة، وتوفير المنتجات والسلع الغذائية أولاً بأول.
الدور الغائب لوزارة الزراعة
أما حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب عام الفلاحين، فأكد أن عدم وجود خطة زمنية واضحة ومحدده لوزارة الزراعة من الأسباب الأساسية التي تتسبب في جنون الأسعار الذي نعيشه من أن لآخر، مشيرًا أن التجار أصحاب »البطاطس المخزنة المبردة«، هم من يتحكمون بالسعر الآن لعدم وجود محصول لدى الفلاحين، لافتًا أن سبب ارتفاع أسعار البطاطس يرجع لـ«العروة الماضية«، حيث تكبد مزارعو البطاطس خسائر كبيرة بعد تراجع سعر البيع ووصول سعر الطن في المزرعة لـ900 جنيه ووصل خسائر الفدان لـ7500، علاوة على ارتفاع تكاليف الزراعة من أسعار الأسمدة والتقاوي وأجور العمالة المتواصلة، حتى وصلت تكاليف زراعة فدان البطاطس إلى 25 ألف جنيه في الدورة، لافتًا أن ذلك أدى لعزوف كثير من مزارعي البطاطس عن زراعة البطاطس، حيث قلت المساحة المزروعة من 600 ألف فدان إلى حوالي 400 ألف فدان، الأمر الذي أدى لقلة المعروض مقابل ارتفاع الطلب، فزادت الأسعار.
قانون حماية المستهلك
أما النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب فأكد أن القانون رقم 181 لسنة 2018 والخاص بحماية المستهلك، والذى تم نشره بالجريدة الرسمية، يعتبر قانون تاريخي وغير مسبوق ومن أهم القوانين الاقتصادية المهمة في تاريخ مصر، مضيفًا أن هذا التشريع المهم سوف يقضى على جشع التجار وسيضبط الأسواق والأسعار معًا وسيقضى نهائيًا على ظاهرة إخفاء السلع وتعطيش الأسواق، وسيقضى على ظاهرة مافيا التجارة وجمع المال الحرام وبيع السلع بغير أسعارها الحقيقية.
مبادرة كلنا واحد
أما اللواء أنور سعيد مدير الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية فأكد في تصريحات خاصة لـ»الأموال«، أن الإدارة بالتعاون مع مديريات الأمن على مستوى الجمهورية نسقت مع عددٍ من السلاسل التجارية لطرح السلع الغذائية بأسعار مخفضة، لافتًا أن مباحث التموين تبذل جهودًا جبارة بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة للحد من الارتفاع غير المبرر للسلع من خلال الحملات الأمنية المختلفة التي تستمر على مدار اليوم، وبالفعل نضبط يوميًا في مختلف المحافظات عشرات القضايا التي يقوم أصحابها بتخزين السلع والبضائع بهدف تعطيش السوق ثم بيعها بأكثر من ثمنها عند زيادة السعر، معربًا عن استياءه من بعض التجار معدومي الضمير الذين استغلوا الأزمة المفتعلة واتخذوها مبررًا لرفع الأسعار وهو أمر مخالف للحقيقة فالأسعار في حقيقة الأمر لم ترتفع بهذا القدر، والموضوع كما قلت لا يخرج عن كونه سوء استغلال من بعض التجار لأزمة الدولار المثارة.
كانت وزارة الداخلية أطلقت منذ فترة مبادرة بعنوان »كلنا واحد«، للمشاركة في توفير السلع والمواد الغذائية والخضروات والفاكهة بأسعار مخفضة، فعالياتها بإقامة المنافذ الثابتة والمتحركة على مستوى الجمهورية، وتشهد المبادرة منذ انطلاقها تشهد إقبالاً واستحساناً من المواطنين الذين أشادوا بجودة المعروضات وبأسعارها المناسبة، مقارنةً بأسعار السوق، كما عبروا عن تقديرهم للجهد الذي تبذله أجهزة الوزارة من أجل الارتقاء بمنظومة الأداء الأمني، ودعم أواصر التعاون والتواصل مع أبناء الشعب المصري.
فتش عن الاحتكار
أما الدكتور محمد علي فهيم الخبير الزراعي، إن أحد الشركات الكبرى في مجال استيراد تقاوي البطاطس وتصدير البطاطس لديها عشرات الآلاف من الأطنان ما زالت في البرادات والثلاجات الآن وتحتكر تجارتها.
وأضاف فهيم، أن تكلفة طن البطاطس تصل إلى 3 آلاف جنيه ويباع بـ10 آلاف جنيه، لافتا إلى أن التجار يحققون مكاسب تصل إلى 7 آلاف جنيه في كل طن.
وأشار إلى أن هناك انخفاضًا كبيرًا في الإنتاجية هذا العام بسبب ما وصفه المناخ المعاند للبطاطس، وارتفاع أسعار البطاطس المخزنة والمبردة في سوق الاستهلاك، محذرًا من استمرار الزيادة في سعر البطاطس يزيد ويتوقف ثم يعاود الزيادة وهكذا وحتى أواخر نوفمبر المقبل.
إرباح طائلة
من جانبه كشف، حاتم نجيب نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، مفاجآت خطيرة حول أسباب ارتفاع أسعار البطاطس في الأسواق، مرجعا ذلك إلى احتكار كبار المنتجين وتخزين كميات كبيرة في الثلاجات لتعطيش السوق ورفع الأسعار، لافتًا أن أسعار البطاطس ارتفعت في الجملة من 7 إلى 9 جنيهات وتصل للمستهلك في بعض الأسواق ما بين 13 إلى 14 جنيها للكيلو، مشيرًا إلى أن منع كبار المنتجين الزراعيين خروج البطاطس من الثلاجات للأسواق بهدف رفع الأسعار لتحقيق أرباح.
أما الدكتور أشرف كمال، الخبير الاقتصادي فقد أكد أن أسباب ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة في الآونة الأخيرة يرجع إلى بعض العوامل بعضها هيكلي وبعضها مؤقت وعارض، موضحًا أن الأسباب الهيكلية ترجع إلى ارتفاع التضخم خلال هذه الفترة نتيجة الارتفاع العام في الأسعار، فضلاً عن ارتفاع نصيب الوسطاء، فالخضر والفاكهة تعتبر سلعة أساسية، ولا يمكن الاستغناء عنها، وهو مكون رئيسي في الغذاء، لافتًا أن العوامل العارضة في ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة، ترجع إلى انتهاء موسم الصيف وابتداء موسم الشتاء، فيقل العرض من بعض الخضر والفاكهة، وبالتالي تزيد أسعارها، مطالبًا الحكومة بسرعة التدخل من خلال استلام المنتجات الزراعية من المزارعين لاختصار دور الوسيط، وفتح منافذ لبيع الخضر والفاكهة بأسعار تنافسية للحد من جشع التجار، مؤكدًا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي يؤثر في ارتفاع الأسعار، ولكن المستفيد هو التاجر وليس المزارع.
غياب الرقابة
أما الدكتور شريف فياض، الخبير الاقتصادي فأكد، أن السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار هو عدم وجود ضوابط على الأسواق، وأنه يوجد بعض التجار يقومون باحتكار أنواع من الخضر والفاكهة، ويحددون أسعارها بشكل مبالغ فيه، لذا لابد أن يكون هناك إعلان واضح للأسعار بهامش ربح بسيط للتجار من خلال الرقابة من وزارة التموين حتى لا يكون هناك أكثر من سعر لنفس السلعة، وبذلك يتم القضاء على الاحتكار، مشددًا على ضرورة تقليل المراحل التسويقية للخضر والفاكهة، حيث تمر المنتجات الزراعية بأكثر من مرحلة، بدءًا من المزارع إلى الجلاب إلى تاجر الجملة وتاجر التجزئة ومن ثم إلى المستهلك، ويكون هو أكثر المتضررين إضافة إلى المزارع.
وأضاف فياض، أنه للقضاء على جشع التجار لابد من وضع بعض الضوابط، وهى تحديد هامش ربح بسيط وإنشاء أسواق مركزية على مستوى جميع القطاعات، ووضع الأسعار على الخضر والفاكهة، وربط كل الأسواق على مستوى الجمهورية من خلال شبكة معلومات لتوحيد الأسعار في كل المحافظات، وأن ارتفاع تكاليف الإنتاج لا يؤثر على الأسعار بهذا الشكل، لأن الزيادة تكون بنسبة تتراوح ما بين 2 إلى 5% بينما نجد الأسعار زادت بنسبة 40%.
مبادرة التسويق المباشر
من جانبه أكد المهندس أحمد بر، عضو جمعية تسويق الخضر والفاكهة في النوبارية أن جمعية تسويق المحاصيل والجمعية المشتركة قاموا بمبادرة لتسويق الخضر والفاكهة من الأرض الزراعية مباشرة، وتسويقها إلى المستهلك دون وسيط، وبيعها بأسعار تنافسية، وحققت المبادرة بالفعل انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار، لافتًا أن المحاصيل الزراعية موسمية، فعند انتهاء الموسم تزيد أسعار السلع الغذائية، وبذلك فالأسعار تخضع للعرض والطلب، مضيفًا أن الخضار والفاكهة محاصيل سريعة العطن، ولا تتحمل التخزين فترات طويلة، ومن هنا لا يوجد تعمُد في رفع الأسعار، لافتًا أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، خاصة الأيدي العاملة، أحد أسباب زيادة الأسعار، لكنها ليست السبب الرئيسي.