”الأموال” تدق ناقوس الخطر : 200 مليار جنيه مهدرة فى 12مليون شقة مغلقة
برلمانيون: لا بديل عن زيادة الضرائب.. وخبراء: أحد أهم أسباب تأخر الزواج
مشروع قانون في دورة الانعقاد القادمة بالبرلمان لمناقشة مواجهة الكارثة
كشف التعداد السكاني الأخير لمصر عن مفاجآت وحقائق مذهلة ربما كانت غائبة عن معظمنا بشكل كبير، فلأول مرة تعلن نتائج التعداد السكاني في مصر بهذه الدقة بعدما دخلت منظومة التعدد السكاني عصر الميكنة الالكترونية وأصبح التعداد يعتمد على تكنولوجيا وحسابات الكترونية معقدة جدا ولكنها تعطي نتائج أكثر دقة وواقعية، ولكن ما يعنينا في هذا الصدد بعض الأرقام المخيفة التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حول وجود 12 مليونا و498 ألف وحدة سكنية، مغلقة، لأسباب مختلفة سواء كان هذا الإغلاق لوجود سكن آخر للأسرة، أو التي تم شراؤها ولم يتم الانتهاء من تجهيزها لتكون صالحة للسكن، وفند الجهاز هذه الأرقام بشكل دقيق مشيرا إلى وجود 8 ملايين و996 ألف وحدة سكنية خالية، منها 4 ملايين و662 ألف وحدة خالية مكتملة، و4 ملايين و334 ألف وحدة خالية دون تشطيب، أي أن 20.9% من إجمالي وحدات المباني السكنية خالية، بالإضافة إلى وجود 2 مليون و887 ألف وحدة سكنية مغلقة لوجود مسكن آخر للأسرة وبنسبة 6.7%، كما أن مليونا و159 ألف وحدة سكنية مغلقة لوجود الأسرة بالخارج أى بنسبة 2.7%.
»الأموال« رصدت هذه الأرقام في عيون المسئولين وخبراء الاقتصاد خصوصا أن هذا الإغلاق يؤثر بشكل أو بآخر على ارتفاع أسعار العقارات ويؤثر على سن الزواج ويؤثر بالتبعية على في شتى مناحي الحياة الاجتماعية بمصر خصوصا مع موجة الغلاء التي يعاني منها الجميع.
في البداية علق الدكتور عبدالمنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية في تصريحات خاصة على هذه الأرقام، مؤكدًا أن تحريك القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المغلقة كفيل بفتحها وطرحها بالسوق، خاصة أن هناك إيجارات لوحدات سكنية لا تتجاوز عدة جنيهات ومستأجروها لا يريدون تركها ولا يستعملونها في نفس الوقت، مشيرا في الوقت نفسه الى صعوبة طرح كل الشقق المغلقة للبيع بنظام التمليك لأن البعض منها في أماكن راقية جدا وبالتالي سعرها سيكون مكلف جدا ونحن نعاني من مشكلة في القدرة الشرائية في الوقت الحالي، وشدد على أهمية تعمير المدن الجديدة بتوفير وسائل المواصلات المنتظمة والانتهاء من المرافق الأساسية والخدمات الصحية والتعليمية، لجذب المواطنين للسكن بها وفتح الشقق المغلقة، وكذلك تعديل قانون الإيجار القديم لتحرير القيمة الإيجارية وتركها للعرض والطلب.
وأشار السيد إلى أن مشكلة العقارات المغلقة في مصر ممتدة منذ عقود، وهذا الأمر زاد بقوة بعض زيادة أعداد المغتربين المصريين في الخارج بعد تركهم لعقاراتهم بمصر مغلقة طوال فترة سفرهم أو عملهم بالخارج، ولا تكمن المشكلة في هذه الفئة فقط، ولكن هناك ملايين الشباب يبحثون عن أي شقة في أي منطقة دون أن العثور على مبتغاهم وهذا الأمر أدى بشكل مباشر إلى ارتفاع سن الزواج في مصر.
من جانبه أكد فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن القانون الحالي يفرض الضريبة على الوحدات التي تم تشطيبها في حين أن هناك عددا كبيرا من الوحدات المغلقة بدون تشطيب، وهو ما سيجعل المالك يسعى لتشطيب وحدته لاستغلالها لتدر عائدا لها يتمكن من خلاله في سداد ما عليه من ضرائب، وهو ما يسهل أيضاً في حل أزمة السكن، لافتًا أن فرض الضريبة العقارية على جميع الوحدات سواء التي تم تشطيبها من عدمه، هي أحد أهم المقترحات التي يجب اتخاذها على محمل الجد للحد من ظاهرة انتشار الوحدات المغلقة، كاشفًا أن هناك بعض الوحدات السكنية التي تفرض طبيعتها الموسمية إغلاقها كالوحدات المخصصة للمصايف، مشيراً إلى أن هناك إجراءات اتخذتها الحكومة لحل أزمة الشقق المغلقة من خلال إصدار قانون 96 »الإيجار الجديد« والذي يجعل من حق المالك أن يلجأ للشهر العقاري لطرد المستأجر إذا رفض الخروج من العين المؤجرة بعد انتهاء المدة المحددة بالعقد، ولكنها سرعان ما أفسدته من خلال فرض رسوم عالية ومبالغ فيها على الصيغة التنفيذية لعقود الإيجار، مما أدى إلى إعراض الكثير من المؤجرين عن التسجيل بالشهر العقاري، وبالتالي غابت الضمانات الكفيلة لتشجيع ملاك الشقق المغلقة على طرحها للإيجار، لذلك يجب على الحكومة إعادة النظر في هذه الرسوم وتخفيضها لأدنى حد، لأن تنفيذ هذه القوانين هو السبيل الوحيد لإعادة فتح الوحدات السكنية المغلقة، كما يمكن للدولة إلزام المستثمرين العقاريين بتخصيص 10% من الأراضي التي تمنحها لهم بأسعار تشجيعية من أجل البناء لصالح محدودي الدخل بالإيجار حتى نغلق هذا الملف إلى الأبد .
من جانبه أكد علاء والي رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب في بيان له أن معالجة مشكلة الشقق المغلقة سيكون على رأس أولويات لجنة الإسكان في دور الانعقاد القادم للبرلمان خلال الأيام القادمة، لأن الأمر أصبح في غاية الخطورة ولا يمكن للبرلمان السكوت عليه وخاصة ما يدخل في اختصاص لجنة الإسكان وهو الوحدات السكنية المغلقة وغير المستغلة، مشيرًا إلى أن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أشار إلى وجود 12.8 مليون وحدة مغلقة لوجود مسكن آخر للأسرة،منها 9 ملايين وحدة سكنية خالية، لافتا إلى أن ما تم عرضه من قبل الجهاز المركزي يؤكد أنه لا توجد أزمة وحدات سكنية في مصر، كما أن غلق ملايين الوحدات السكنية بهذا الشكل يعد استثمارا معطلا، وسيتم استغلاله وعدم تكرار مثل هذه الظاهرة مستقبلاً.
وأضاف والي أن مشروع القانون المزمع مناقشته داخل مجلس النواب خلال الفترة المقبلة بشأن إلزام أصحاب »الشقق المغلقة« بدفع ضريبة مقابل إغلاقها، سيتم إقراره خلال دور الانعقاد الحالي حال موافقة الأغلبية عليه، لافتًا أن الضريبة ستكون شهر من القيمة الإيجارية للشقة، بمعنى إن لو فيه شقة في منطقة ومغلقة وقيمتها الايجارية 800 جنيه في الشهر، ستكون الضريبة 800 جنيه في السنة، وسنضاعفها أيضا لتصل الى قيمة شهرين إيجار لو ظلت مغلقة لأكثر من سنتين، مؤكدًا أن مشروع القانون سيعرض على اللجنة وعلى مجلس النواب، ومتوقع أن تكون حصيلته أكثر من 10 مليارات جنيه«.
أما النائب إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أننا نعاني من أزمة اقتصادية كبيرة ولدينا 12 مليون وحدة غير مستغلة، معتبراً إياها ثروة تتجاوز المليارات المعطلة في صورة بناء غير مستغل وذلك إذا اعتبرنا أن متوسط مساحة الوحدة 100 متر، وسعر المتر ألف جنيه فقط فإننا أمام رقم يقترب من 200 مليار جنيه، مشيراً إلى أن الدولة وضعت خطة لبناء مليون ونص وحدة خلال 4 سنوات في حين أن لدينا أكثر من 12 مليون وحدة معطلة، مؤكدًا على أن قانون الإيجارات القديم أصبح من الواجب تعديله الآن بحيث يتم سحب أي شقة يتبين أن المستأجر تركها وتملك غيرها، كما أقترح التصالح مع أصحاب الوحدات المعطلة، طالما توفرت السلامة الإنشائية والارتفاع المحدد وخط التنظيم.
وأضاف نصر الدين أنه لابد من فرض رسوم إضافية أو ضرائب على من يملك أكثر من وحدة، لأن الدولة مسئولة عن توصيل مرافق له لوحدة فقط، وما يزيد عن ذلك يجب أن يتحمل المواطن رسوم وضرائب إضافية،