”الأموال” ترصد ملايين مصر المهدرة في تجارة الآثار
اختفاء 32 ألف قطعة من المخازن يثير علامات استفهام
حملات ضخمة من المباحث تكشف فضائح العالم السري لتجارة الآثار
مفاجأة : العثور على مقبرة أثرية كاملة أسفل منزل بأسوان
غادة : من يبيع تاريخه.. يبيع شرفه.. والاعدام لتجار الآثار
أصبح هوس الثراء السريع يسيطر على الجميع سواء كان هذا الأمر بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، المهم في هذا الأمر هو تحقيق المكاسب المالية الخيالية ولا يهم أي شيءآخر حتى لو كان تحقيق هذه الثروة على حساب تاريخنا وتاريخ أجدادنا، هجمة شرسة جدا تتعرضلها الآثار المصرية في الآونةالأخيرة وهذا الأمر تؤكده مأموريات الضبط التي قامت بها وزارة الداخلية ممثلة في قطاع شرطة السياحة والآثار والحراسات الخاصة، كميات تقدر بآلاف القطع الأثرية تم اكتشافها قبل تهريبها أو بيعها في سوق تجارة الآثار خصوصًا أنها تجارة رائجة جدا ولها مراكز وتجار على المستوى العالمي يسعون وراء كل ما هو نادر خصوصا ولو كان هذا الأثر مصري، من جانبها وزارة الداخلية تبذل جهودا جبارة للقبض على مافيا تجارة الآثار لكن رغم الجهود الجبارة فهناك تساؤلات عديدة حول كيفية تهريب بعض هذه الآثار خارج البلاد ولعل أبرز هذه الآثار كان ظهورها في متحف دبي يمثل مفاجأة كارثية، عن الطريقة التي تم استخدامها لخروجها بأمان خارج حدود الوطن، ناهيك عن حجم التجارة الداخلية الذي أصبح مثل التجارة في السلع الاستهلاكية، الأمر الغريب حقا أن الأمر لم يتوقف على تجار الآثار فقط وإنما أثبتت التقارير الرسمية الواردة من لجنة الجرد المشكلة من الإدارة المركزية للمخازن المتحفية بالوزارة، إلى فقدان ما يقرب من 32 ألفاً و638 قطعة من المخازن المتحفية مقيدة بإجمالي 4360 رقماً في السجلات.
في البداية يجب إلقاء الضوء على الجهود المبذولة خلال الأسابيع الماضية والتي كشفت عن كوارث عديدة بشان قيام البعض من معدومي الضمير بتهريب تاريخ أجدادنا لعل أبرزها كان، نجاح رجال الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار في القبض على 3 أشخاص وبحوزتهم 2000 قطعة أثرية قبل تهريبها للخارج.
كانت معلومات وردت لإدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار بقيادة اللواء حسام نصر مساعد الوزير لقطاع شرطة الحراسات والتأمين تفيد بقيام كل من أحمد.ع، 47سنة، صاحب مكتب بيع تحف وانتيكات بشارع 26يوليو دائرة قسم الأزبكية وعمرو. ش، 27 سنة، شريك الأول ومقيم سنورس الفيوم بحيازة بعض القطع الأثرية بالمكتب الخاص بهما بغرض بيعها وتهريبها خارج البلاد. تم إعداد مأمورية أمنية لمداهمة المنزل حيث تم ضبط المتهمين وبرفقتهما المتهم الثالث ويدعى عبد القوي. ح، 31سنة، عاطل، ومقيم بوراق العرب بالجيزة، وبتفتيش المكتب عثر علي 2054 قطعة أثرية بينها 7عملات ذهبية، و3 قرون وتمساحين من العاج، وأطباق نحاسية ذات قواعد وحامل مصحف من الخشب مطعم بالصدف وعدد من السيوف والخناجر بالجراب الخاص بها، مرصعة بالأحجار الكريمة و14 كتاباً مدوناً بخط اليد بعضهم مصاحف قرآن كريم و4 دفاتر لقيد الأزواج والطلاق بخط اليد منذ تاريخ 1911 و4وثيقة صادرة من الحكومة المصرية الخديوية لمحافظات مصر المختلفة، كما عثر على مجموعة كبيرة من الطوابع المختلفة الأحجام والأشكال لعدة دول و1961قطعة عملة مختلفة الأحجام والإشكال، وتمثال لسيدة ذات ملامح آسيوية من العاج، كما ضبط مبلغ مالي كبير، كما تمكن ضباط مباحث السياحة من القبض على جمال علي ، 56 سنة، عامل ومقيم بالمنيا، وبحوزته 3تماثيل أوشابتي من الفيانس بطول 7سم و2قرط من الفضة و9 عملات من البرونز أو الفضة.
واعترف المتهمون بحيازتهم للمضبوطات بقصد الاتجار فيها، كما أن المبلغ المالي المضبوط من متحصلات الاتجار في الآثار.
وفي كشف أثري هام، تم ضبط مقبرة أثرية نادرة عثر بداخلها على كنوز أثرية نادرة لا تقدر بثمن، حيث وردت معلومات لقسم مباحث سياحة وآثار أسوان تفيد بقيام »أحمد .ع« 31 سنة، موظف بمجلس مدينة إدفو بالحفر خلسة بمنزله للتنقيب على الآثار، وبمداهمة منزله تبين وجود حفرة مربعة الشكل بأبعاد متر ونصف بعمق 3 أمتار تنتهي بسرداب بطول 3 أمتار، وبها فتحة تتجه لناحية الشرق بطول 4 أمتار، يوجد بنهايتها حفرة تبرز منها جداريات من الحجر الرملى مزينة بنقوش ملكية »كشف أثري لمقصورة لزوجات ملك فرعوني«.
وضبطت أجهزة الأمن لوحات جدارية من الحجر الرملي مزينة بنقوش غائرة تظهر الملكة لأول مرة وهي تقدم القرابين للإله حورس وهى لوحة ذات قيمه أثرية وتاريخية لا تقدر بثمن، وضبط جزء من تاج عمود مزين بزخارف فائقة الدقة.
أيضا تم ضبط عامل بالمنيا وبحوزته عدد كبير من القطع الأثرية والتماثيل النادرة مثل تمثال اوشابتي بطول 12سم و6 عملات من البرونز وقطع من الخرز وعملات أثريةنادرة كانت بحوزته داخل مخبئ سري داخل منزله واعترف المتهم بحيازته لها بغرض بيعها بعدما اتفق مع أحد التجار على شرائها وكان في انتظار موعد التسليم.
وتمكنت مباحث السياحة والآثار من ضبط أفراد العصابة والتحفظ على الموقع الأثري و13 قطعة أثرية عثر عليها بموقع الحفر، الذي تم أسفل منزل عامل بشارع السوق ببندر المنشأة، وتم انتداب لجنة من هيئة الآثار التي أكدت أهمية الاكتشاف الأثري، وتم التحفظ على الموقع لاستكمال عمليات التنقيب والحفر بمعرفة وزارة الآثار، وإحالة المتهمين إلى النيابة العامة التي تولت التحقيق.
وفي محافظة البحيرة، لقي 7 أشخاص مصرعهم أثناء التنقيب على الآثار بدائرة مركزي بدر وحوش عيسى اختناقًا وانهيار الرمال عليهم، وتم انتشال الجثث بمعرفة الإنقاذ النهري بينهم 4 من أسرة واحدة.
من جانبه أكد اللواء حسام نصر-مساعد الوزير لقطاع الحراسات والتأمين، في تصريحات خاصة، أن الحملة المسعورة التي تتعرض الآثار المصرية بهدف تحقيق حلم الثراء السريع من خلال سرقة التاريخ المصري، نتصدى لها بكل حسم، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية وضعت خطة محكمة للحد من ظاهرة التنقيب والاتجار في تاريخ بلدنا، والتي تتضمن في أحد أهم بنودها الحفاظ علي ثروة البلاد وتراثها القومي والمتمثلة في تأمين المناطق الأثرية وضبط متاجري وحائزي القطع الأثرية والقائمين بالتنقيب على الآثار مخالفة لأحكام القانون.
أكدت التقارير سرقة ما يقرب من 32 ألف قطعة أثرية من المخازن المتحفية المؤمنة، فما بالنا بما يحدث في المخازن الأخرى التي لا تعرف عن التأمين شيئاً، فمخازن الآثار التي يقدر عددها بنحو 72 مخزناً على مستوى الجمهورية، منها 35 مخزناً متحفياً، و20 لآثار البعثات، و17 مخزناً فرعياً بالمواقع الأثرية في المحافظات، كل هذه المخازن تعانى مشكلات التأمين، وعدم تسجيل محتوياتها، بل إن بعضها عبارة عن مبانٍ هشة من الطوب، يقوم اللصوص بثقبها، والدخول إليها وسرقة محتوياتها، ثم إغلاقها دون أن يعلم أحد، وهو ما يصعب اكتشافه نتيجة عدم جرد المخازن كل عامين كما ينص القانون.
حال المخازن يرثى لها، رغم أنها تضم ثروات بلا حراسة ولا تأمين، والغريب أن الوزارة لا تمتلك حصراً دقيقاً بالقطع الموجودة بداخلها، فمنذ الستينيات، وكلما كان يتم الإعلان عن أي كشف أثرى كان يتم وضع بعض القطع المهمة في المتحف المصري أو متحف المحافظة إن وجد، وإنشاء مخزن في المنطقة الأثرية لتوضع فيه باقي القطع الأثرية دون تسجيل أو توثيق.
بيع الآثار مثل بيع الشرف
من جانبها أكدت غادة عجمي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن آثارنا هي أثاث الحضارة العالمية، لافتة إلى أن الدستور ينص في مادته رقم (49) التي تلزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، ورعاية مناطقها، وصيانتها، وترميمها، واسترداد ما استولى عليه منها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه، مشيرة إلى أنها ستتقدم بمشروع قانون لتغليظ عقوبتي التنقيب والاتجار في الآثار، لتصل إلى الإعدام، مؤكدة أن فلسفتها في زيادة العقوبة هي أن من »يبيع تاريخه يبيع شرفه«.