رؤية سياسية فتنة تطاول مفيد فوزي علي الشيخ الشعراوى
حسناً فعلت أسرة الشيخ الشعراوى بتقديم بلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا ضد الصحفي مفيد فوزى لتطاوله على إمام الدعاة الراحل خلال حواره التليفزيونى مع الصحفي حمدى رزق في برنامج «نظرة» على قناة صدى البلد قبل أسبوعين.
وأحسب أنه كان يتعين على الأزهر الشريف المبادرة بتقديم البلاغ باعتبار أن هذا التطاول ينال من أحد أهم وأكبر علماء ورموز هذه المؤسسة الإسلامية العريقة ومن ثم فهى المعنيّة في المقام الأول وقبل أسرة الشعراوى بالتصدى لهذا التطاول الذى وإن أساء إلى هذا الرمز الكبير فإنه أساء وبقدر أكبر إلي الأزهر ذاته وإلي المسلمين في أرجاء المعمورة ولا أبالغ إذا قلت إنه أساء إلي عموم المصريين.. المسلمين والمسيحيين علي حد سواء.
<<<
لقد استدعى هذا التطاول إلى ذاكرتى واقعة مماثلة تماما منذ نحو عشرين عاما لكنها لم تكن في حوار تليفزيونى ولكن في حوار نشرته جريدة الدستور مع مفيد فوزي أجراه الصحفى محمد عبدالقدوس تطاول فيه أيضاً على الشيخ الشعراوى.
الفارق بين الواقعتين أن تطاول مفيد فوزى في حوار «الدستور» كان أكثر فجاجة، حيث اتهم الشيخ الشعراوى صراحة بأنه المسئول الأول عن انتشار التطرف في مصر وعن انتشار حجاب النساء المسلمات، أما فى حواره مع «صدى البلد» فقد اكتفى باتهامه بأنه «خصب الأرض للتطرف»، بينما أرجع تراجع السياحة فى حواره مع «الدستور» إلي ارتداء الحجاب الذى يجعل السائحين ينفرون من المجىء إلي مصر!
< < <
المفارقة فى حوار «الدستور» أن الصحفي محمد عبدالقدوس المشهود بالتزيد في الدين والحرص على إطلاق لحيته لم يتفوه بكلمة واحدة ردًا أو تعقيباً أو تصحيحاً لهذا التطاول، غير أن موقف حمدى رزق في حوار «صدى البلد» لم يثر دهشتي سواء بسؤاله الذى مهدّ للتطاول عن اتهام البعض للشيخ الشعراوى بأنه خصّب الأرض للتطرف أو بترديده موافقاً لإجابة مفيد فوزى «خصّب الأرض للتطرف».
مسلك حمدي رزق فى هذا الحوار أعاد إلي ذاكرتى أيضاً الملف الصحفي الذى نشره فى مجلة المصور التى كان يترأس تحريرها للترويج للرقص الشرقى في مواجهة التخلف الذى يرفض هذا المعنى الذى وصفه فى عنوان كبير «الرقص الشرقى رفع رأس مصر عالياً بين الأمم»!
وإذا كانت جريدة «الدستور» قد توقفت عن الصدور بعد تطاول مفيد فوزى على الشيخ الشعراوى، وهو الأمر الذى بدا كرامة بل إحدى كرامات إمام الدعاة، فإنى لا أستبعد أن يتوقف برنامج حمدى رزق على «صدى البلد» قريباً، لأن كرامات مجدد الدين الإسلامى علي رأس القرن الخامس عشر الهجرى لا تتوقف حتي بعد رحيله.
> > >
وإذا كانت مكانة الشيخ الشعراوى وقيمته ورمزيته الإسلامية العالمية لا ينال منها تطاول مفيد فوزي أو غيره، إلا أنه يبقي أن هذا الصحفي لم يراع كمسيحى اللياقة الواجبة باعتبار أن مسيحيته تفرض على حديثه حساسية كبيرة يتعين عليه ألا يتجاوزها بحسبان أن تطاوله هذا يصب فى خانة زرع بذور فتنة خاصة أنه حرص مثلما يحرص دائماً على الإشارة إلى أنه تعرّض للتمييز في مشواره الصحفى!
لذا أجدنى وللمرة الثانية وبعد عشرين سنة مضطرا للتصدى لتطاول مفيد فوزى على الشيخ الشعراوى.. فى المرة الأولى وتحت عنوان «في تحريم الحجاب وإباحة التعرّى» تصديت لتطاوله على الشيخ وعلى حجاب المسلمات المصريات.. لافتاً نظره إلى أن النساء المسيحيات فى صعيد مصر الذى جاء منه يرتدين الحجاب احتشاماً.
< < <
وفي هذه المرة أجدنى مضطرا أيضا إلى إعطائه درساً مهنيا رغم مشواره الصحفى الطويل فى ضرورة مراعاة الأمانة الغائبة في حديثه بسوء نية، إذ إنه يعلم أن كل مواقف وآراء وأحاديث الشيخ الشعراوى ضد التطرف باعتباره ابن الأزهر وأحد علمائه ورموزه القائم على الوسطية والمقاوم لكل أشكال ومظاهر وأفكار التطرف، ومع ذلك ودون مراعاة للحساسية الدينية ماضِ قدماً في التطاول والتجديف في الدين الإسلامى وفي علمائه ورموزه.
< < <
الأكثر تطاولا أنه أدلي بدلوه حتى فى تفسير القرآن الكريم فوضع السم في العسل في رده على سؤال لحمدى رزق حول رأيه في تفسير الشيخ الشعراوى بقوله: «إن سحر اللغة لديه كان أكبر من تفسيره»!
< < <
يا أستاذ مفيد. احفظ مركزك وارع أنك مسيحى.. لا تنفلت.. إلزم المهنية.. تحدث في الصحافة وفى السياسة بل حتى فى الشعر والأدب ولكن لا تتجاوز الأدب إلى الدين.. الدين الإسلامى ورموزه.. لا تزرع بذور الفتنة.. تذكر احترام المصريين المسلمين للبابا شنودة الذى تجلى فى مشهد رحيله.