إخفاق جديد لنتنياهو بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني
نشر المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات تقريراً يتناول فيه الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووى الإيرانى الذى تم التوصل إليه مع القوى الكبرى (5+1)، ودوافع هذا الموقف، والإجراءات التى ستتخذها إسرائيل مستقبلا حيال هذا الاتفاق.
موقف إسرائيلى متشدد منذ البداية:
فأشار التقرير إلى أنه منذ الكشف عن سرية البرنامج النووى الإيرانى فى عام 2002 وإسرائيل تولى هذا الموضوع أهمية خاصة، حيث سعت بشتى الطرق ومنها التهديد بتوجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية وذلك لحشد المجتمع الدولى للتحرك لوقف هذا البرنامج، وذلك لإعتقاد إسرائيل بأن هذا البرنامج يهدد وجودها.
واتخذ بنيامين نتنياهو –خلافا لغيره من رؤساء الحكومة الإسرائيلية السابقين- موقفا معارضا لسياسة الولايات المتحدة فى التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، حيث رفض الحل السلمى وطالب بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية أو تشديد وفرض مزيد من العقوبات الخانقة على إيران لإرغامها على تفكيك منشآتها النووية، وقد كان هذا الأمر عنصرا لتوتر العلاقات بين الحليفين الأمريكي والإسرائيلي، ومؤخرا رفضت إسرائيل الإتفاق النهائى الذى تم التوصل إليه مع إيران.
مزاعم تهديد وجود إسرائيل ومعارضة شديدة للاتفاق:
ويفند التقرير المزاعم الإسرائيلية التى ترى البرنامج النووى الإيرانى مهددا لوجودها، إذ إن إسرائيل دولة نووية منذ عام 1969 حينما حدث تفاهم ما بين الرئيس الأمريكى الأسبق نيكسون ورئيسة الحكومة الإسرائيلية وقتها جولدا مائير وافقت بموجبه الولايات المتحدة على أن تكون إسرائيل دولة نووية غير معلنة فى مقابل عدم ضغط الولايات المتحدة عليها للانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووى. ومن ثم فباتت إسرائيل بما تمتلكه من الأسلحة النووية دولة نووية غير معلنة، ومن ثم فمطالبتها بتفكيك البرنامج النووى الإيرانى ليس من منطلق أنه يهدد وجودها بل لأن الأمن القومى الإسرائيلي فى نظر إسرائيل يقوم على احتكار إسرائيل القوة النووية وحدها فى منطقة الشرق الأوسط.
وبعد الإعلان عن التوصل لاتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووى هاجم نتنياهو هذا الاتفق واعتبره خطأ تاريخيا يهدد مستقبل الجميع، وأنه سيزيد من قدرات إيران السياسية والإقتصادية وقدراتها على تطوير الأسلحة التقليدية، واجتمع بالمجلس الوزارى السياسى- الأمنى وأجمع على رفض الإتفاق، وعزم على إقناع ثلثى أعضاء الكونجرس لرفض هذا الاتفاق لإبطال فيتو الرئيس أوباما لتمرير هذا الاتفاق، هذا على الرغم من تطمينات الرئيس أوباما له بعد التوصل للاتفاق. وأما المعارضة الإسرائيلية فلم يختلف موقفها عن موقف الحكومة، فأعلنت هى الأخرى رفضها لهذا الاتفاق، واتهمت نتنياهو بالفل فى التعامل مع الملف النووى الإيرانى، وأنه وتر العلاقات مع الحليف الأمريكى وزاد من عزلة إسرائيل، وذلك فى الوقت الذى كانت لديه الإمكانية على ضرب المنشآت النووية الإيرانبية بسلاح الجو الإسرائيلي وهذا حسب أحزاب المعارضة المختلفة. وعلى الناحية الأخرى رأى خبراء أمنيون فى إسرائيل أن هذا الاتفاق هو أفضل الخيارات المتاحة بالنسبة للتعامل مع البرنامج النووى الإيراني، وأنّ الاتفاق يضمن لإسرائيل سنين عديدة من الهدوء النووي، ويزيل أحد أكبر التهديدات التي تستهدفها، إذ أنّ التهديد النووي الإيراني لم يعد قائمًا، وأن مواقف الأحزاب الحاكمة والمعارضة ما هى إلا مزايدات سياسية لا علاقة لها بالأمن القومى الإسرائيلى.
تداعيات الاتفاق على إسرائيل والتعامل الإسرائيلى معه:
ويوضح التقرير أن المواقف الإسرائيلية (أيا كان موقفها من الإتفاق النووى مع إيران) تتفق جميعها على أن هذا الاتفاق يدخل إيران والمنطقة في مرحلة جديدة تحمل بين ثناياها تحديات وتهديدات لإسرائيل عليها الاستعداد لمواجهتها كالتالى:
- الاتفاق يضع حدًّا للعقوبات ضد إيران، وينهي عزلتها الدولية ويفتح أمامها مرحلة جديدة في علاقاتها الدولية والإقليمية، ما يقود إلى تعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وإلى تطوير مختلف صناعاتها العسكرية التقليدية، وخاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة. وسيعزّز كل ذلك مكانة إيران ودورها ونفوذها في المنطقة.
- ستؤدى قوة إيران إلى تقوية حلفائها في المنطقة من دول وميليشيات وفواعل لا-دولتية.
- يمنح الاتفاق المشروع النووي الإيراني الشرعية الدولية ويجعل من إيران أو يقرّبها من أن تصبح "دولة حافة نووية" بالمعنى العلمي للمصطلح، و إن لم يكن قبل مرور عقدين على الاتفاق.
- لن تتمكن إسرائيل خلال هذه الفترة من توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، لأنّ ذلك سيعدّ خرقًا للقرارات الدولية وللإجماع الدولي.
- قد يفتح هذا الاتفاق سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، إذ من المتوقع أن تسعى دول أخرى في المنطقة للوصول إلى وضع إيران النووي مثل المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا.
ويرى التقرير أن نتنياهو سوف يفشل فى استمالة أعضاء الكونجرس لإبطال فيتو الرئيس أوباما، وعليه سيتعايش نتنياهو مع الإتفاق ويعتبره امرا واقعا، وسيعمل على الحصول على تعويضات من الإدارة الأمريكية من بينها أسلحة متقدمة لم تحصل عليها إسرائيل من قبل مثل الطائرات F35، V22 وغيرها. وسوف يعمل أيضا على ضمان عدم فتح الملف النووى الإسرائيلي مستقبلا حفاظا على التفوق النوعى الإسرائيلى فى المنطقة، وسوف يتعاون مع الولايات المتحدة فى مراقبة الإلتزام الإيرانى بالإتفاق ويضع الإجراءات بالاشتراك مع الولايات المتحدة لردع إيران فى حالة خرق الإتفاق.
اقرا ايضا:
وزير التعليم الإسرائيلى يطالب بسرعة أعمال البناء فى المستوطنات بالضفة