عمال «المعاش المبكر».. ما ضاع حق وراءه مُطالب
حسن أبو الدهب
ساد الارتياح بين العمال الذين أُجبروا أو اضُطروا للخروج للمعاش المبكر، بعد أن صدرت أحكام قضائية نهائية ببطلان بيع شركات قطاع عام، تم بيعها تحت برنامج الخصخصة وإعادتها للدولة بسابق أوضاعها، ما يعنى عودتهم إلى شركاتهم.
وأبدى من التقت بهم «الوطن» من العمال استعدادهم لتسوية مبالغ مكافآت الخروج على المعاش، وإجراء مقاصة أو تسوية بين هذه المكافآت ومستحقاتهم التى لم يحصلوا عليها والأرباح والحوافز منذ بيع شركاتهم.
ويؤكد حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب السابق، الذى أقام عددا من دعاوى بطلان عقود بيع شركات قطاع الأعمال العام أهمها «عمر أفندى»، و«غزل شبين»، أن جميع الأحكام القضائية المذكورة تنص على عودة جميع العمال سواء من تم فصلهم أو خرجوا على المعاش المبكر بعد رد قيمة المكافآت التى حصلوا عليها.
وقال خيرى مرزوق، رئيس اتحاد العمال المساهمين فى شركة «النيل لحليج الأقطان»، رئيس حسابات الشركة فى فرعها بالمنيا، والموقوف عن العمل منذ نحو 7 شهور بسبب تضامنه مع العمال: إن «القابضة للتشييد» تبدى تعقيدات بشأن استرداد الشركة، وتتحجج بأن عدد المساهمين فيها يصل إلى 4 آلاف، لكن الحقيقة أن 17 فقط منهم يملكون 70% من إجمالى الأسهم وهؤلاء من السهل التفاوض معهم، بينما 30% من الأسهم متداولة فى البورصة.
ويقول جمال عثمان، مدير المخازن بشركة «طنطا للكتان» التابعة لـ«القابضة للصناعات الكيماوية»، بانفعال شديد، إنه إذا تقاعست الحكومة عن تنفيذ الحكم واسترداد الشركة، فإن عمالها سيتوجهون لمقر الشركة ويقيمون هناك «حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا»، مضيفا أنه فى حالة عدم تنفيذ الحكومة لقرار المحكمة مثلما فعلت مع حكم عودة «المراجل البخارية وأوعية الضغط» فإننا «سننفذ الحكم بأيدينا، هذه شركتنا وسنموت فيها».
وأضاف «عثمان»، الذى تقاضى 20 ألف جنيه مكافأة معاش، وهو يحكى قصة كفاح العمال حسب قوله، عقب بيع الشركة للمستثمر «عبدالإله الكحكى»: «تم إجبارى على الخروج للمعاش المبكر بعد فصلى مع 9 عمال لمطالبتنا بحوافزنا وأرباحنا السنوية وهذا كان يؤرق المستثمر، وبعد فصلنا زادت الإضرابات والاحتجاجات من باقى العمال تضامنا معنا إلى أن تدخلت عائشة عبدالهادى، وزيرة القوى العاملة فى ذلك الوقت، وأبرمت اتفاقا مع «الكحكى» يقضى بعودة العمال المفصولين وفى نفس الوقت خروج 450 عاملا على المعاش المبكر ولم يكن هناك سبيل آخر بعد مواجهات دامت عامين منذ 2008 وحتى الخروج على المعاش فى 2010.
وأوضح أنه بعد ذلك اتجه للعمل فى القطاع الخاص فى وظيفة أمين مخزن بإحدى الشركات بعد أن أمضى أكثر من 20 عاما فى شركة «طنطا للكتان»، مشيراً إلى أن حياته وأسرته اختلت، مؤكداً أن هناك من العمال على المعاش من لم يجد عملا معتمدا على معاش يحصل عليه لا يزيد عن 400 جنيه دون مصدر دخل آخر.
وإذا كانت فرصة عودة عمال «طنطا للكتان» لشركتهم كبيرة بعد 5 سنوات، فإن غيرهم فى شركة «المراجل البخارية» على العكس، تلك الشركة التى تأسست عام 1962 وكانت واحدة من شركتين فى العالم فى مجال تصنيع الغلايات مولدة البخار والتى تدخل فى جميع الصناعات تقريبا والتى تصل قدرتها إلى 1300 طن بخار فى الساعة، والشركة الثانية ألمانية.
حسن أبوالدهب، مدير المشتريات المحلية فى «المراجل البخارية»، وأمضى بها 32 عاما متدرجا من فنى لحام إلى درجة مدير للمشتريات، يسرد قصة بيع الشركة عام 1994، قائلا: إن الشركة كانت تنتج مراجل توليد كهرباء بسعة 300 ميجاوات، ووحدات تحلية مياه البحر بطاقة 300 متر مكعب مياه يوميا وحصلت فى نفس العام على شهادة هيئة «لويدز» الدولية بقبولها الشركة الأولى فى العالم فى صناعة المراجل واللحام بالانصهار وكانت ميزانية الشركة فى 30 يونيو عام 1991 محققة أرباحا قدرها 9 ملايين جنيه.
وأضاف أنه فى عام 1994 تم بيع «المراجل» إلى شركة «بانكوك آند ويلكوكس» متعددة الجنسيات ومقرها الرئيسى «بنما»، مشيراً إلى أن أول اجتماع للإدارة الجديدة للشركة مع العمال والفنيين والمهندسين فى 4 يناير 1995 حضره مدير إسرائيلى يدعى «دان»، الذى راح فى الاجتماع يتهكم ويتحدث بسخرية عن المصريين وهو يكشف عن خلفيته العسكرية وأسره من الجيش المصرى فى حرب أكتوبر، ثم اشتبك معه المجتمعون وكادوا أن يفتكوا به وتدخلت جهات سيادية فى ذلك الوقت وتم ترحيله خارج البلاد.
وكشف «أبوالدهب» عن تقدمه ببلاغ للنائب العام متهما الدكتور حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء، وأسامة صالح، وزير الاستثمار، ويحيى مشالى، رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية يوم 6 أغسطس الماضى، بالتقاعس عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بعودة الشركة للدولة وإعادة العمالة إلى سابق أوضاعها قبل عملية البيع.
وأكد قدرة العمال على إعادة تشغيل الشركة وإعادتها إلى سابق عهدها دون أعباء على الدولة، حيث إن ماكينات الشركة بالكامل موجودة فى مصانع شركة الوطنية للصناعات الحديدية المملوكة لعائلة «ساويرس»، التى كانت انتقلت إليها ملكية الماكينات والآلات ضمن صفقة مع أحد شركاء «بانكوك آند ويلكوكس»، وقد أصدرت «الوطنية للصناعات الحديدية» فى سبتمبر 2011 منشورا بعد حكم القضاء الإدارى مباشرة باستعدادها تسليم جميع الأصول من الآلات والمعدات التى فى حوزتها فى أى وقت، لكن الشركة القابضة تقاعست حتى الآن ولم تستلمها ثم طعنت على الحكم، ونحن جاهزون لنقل المعدات وإجراء الصيانة اللازمة لها وتشغيلها من جديد وهذا ما سنفعله فى حال عدم تنفيذ الحكومة الحكم وسنكون مضطرين لتنفيذه بأيدينا.
وقال حسنى حسين، رئيس وردية بشركة المراجل البخارية، إنه منذ بيع الشركة وعلى مدار السنوات التالية بدأت معاناة العمال من سوء المعاملة من مجلس الإدارة وضعف الحوافز والأرباح إلى أن بدأت العمالة فى هجر الشركة وتقلصت أعدادها من 1400 عامل ومهندس إلى 160 عاملا حاليا.
وأضاف: «إننى أُجبرت على الاستقالة من الشركة خلال وجودى فى أحد مكاتب أمن الدولة تم استدعائى إليه مقابل حصولى على 7 آلاف جنيه ومعاش شهرى 60 جنيها».
أخبار متعلقة
�الوطن� ترصد أفراح ومخاوف العمال بعد أحكام بطلان بيع القطاع العام
�حجازى�: عودة العمال تتوقف على قدرة الشركات على رفع أجورهم
بعد 7 سنوات عجاف.. �عمر أفندى� يعود لأحضان الغلابة
الشركات: نرحب بالعودة ولن نقاوم أحكام القضاء
ساد الارتياح بين العمال الذين أُجبروا أو اضُطروا للخروج للمعاش المبكر، بعد أن صدرت أحكام قضائية نهائية ببطلان بيع شركات قطاع عام، تم بيعها تحت برنامج الخصخصة وإعادتها للدولة بسابق أوضاعها، ما يعنى عودتهم إلى شركاتهم.
وأبدى من التقت بهم «الوطن» من العمال استعدادهم لتسوية مبالغ مكافآت الخروج على المعاش، وإجراء مقاصة أو تسوية بين هذه المكافآت ومستحقاتهم التى لم يحصلوا عليها والأرباح والحوافز منذ بيع شركاتهم.
ويؤكد حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب السابق، الذى أقام عددا من دعاوى بطلان عقود بيع شركات قطاع الأعمال العام أهمها «عمر أفندى»، و«غزل شبين»، أن جميع الأحكام القضائية المذكورة تنص على عودة جميع العمال سواء من تم فصلهم أو خرجوا على المعاش المبكر بعد رد قيمة المكافآت التى حصلوا عليها.
وقال خيرى مرزوق، رئيس اتحاد العمال المساهمين فى شركة «النيل لحليج الأقطان»، رئيس حسابات الشركة فى فرعها بالمنيا، والموقوف عن العمل منذ نحو 7 شهور بسبب تضامنه مع العمال: إن «القابضة للتشييد» تبدى تعقيدات بشأن استرداد الشركة، وتتحجج بأن عدد المساهمين فيها يصل إلى 4 آلاف، لكن الحقيقة أن 17 فقط منهم يملكون 70% من إجمالى الأسهم وهؤلاء من السهل التفاوض معهم، بينما 30% من الأسهم متداولة فى البورصة.
ويقول جمال عثمان، مدير المخازن بشركة «طنطا للكتان» التابعة لـ«القابضة للصناعات الكيماوية»، بانفعال شديد، إنه إذا تقاعست الحكومة عن تنفيذ الحكم واسترداد الشركة، فإن عمالها سيتوجهون لمقر الشركة ويقيمون هناك «حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا»، مضيفا أنه فى حالة عدم تنفيذ الحكومة لقرار المحكمة مثلما فعلت مع حكم عودة «المراجل البخارية وأوعية الضغط» فإننا «سننفذ الحكم بأيدينا، هذه شركتنا وسنموت فيها».
وأضاف «عثمان»، الذى تقاضى 20 ألف جنيه مكافأة معاش، وهو يحكى قصة كفاح العمال حسب قوله، عقب بيع الشركة للمستثمر «عبدالإله الكحكى»: «تم إجبارى على الخروج للمعاش المبكر بعد فصلى مع 9 عمال لمطالبتنا بحوافزنا وأرباحنا السنوية وهذا كان يؤرق المستثمر، وبعد فصلنا زادت الإضرابات والاحتجاجات من باقى العمال تضامنا معنا إلى أن تدخلت عائشة عبدالهادى، وزيرة القوى العاملة فى ذلك الوقت، وأبرمت اتفاقا مع «الكحكى» يقضى بعودة العمال المفصولين وفى نفس الوقت خروج 450 عاملا على المعاش المبكر ولم يكن هناك سبيل آخر بعد مواجهات دامت عامين منذ 2008 وحتى الخروج على المعاش فى 2010.
وأوضح أنه بعد ذلك اتجه للعمل فى القطاع الخاص فى وظيفة أمين مخزن بإحدى الشركات بعد أن أمضى أكثر من 20 عاما فى شركة «طنطا للكتان»، مشيراً إلى أن حياته وأسرته اختلت، مؤكداً أن هناك من العمال على المعاش من لم يجد عملا معتمدا على معاش يحصل عليه لا يزيد عن 400 جنيه دون مصدر دخل آخر.
وإذا كانت فرصة عودة عمال «طنطا للكتان» لشركتهم كبيرة بعد 5 سنوات، فإن غيرهم فى شركة «المراجل البخارية» على العكس، تلك الشركة التى تأسست عام 1962 وكانت واحدة من شركتين فى العالم فى مجال تصنيع الغلايات مولدة البخار والتى تدخل فى جميع الصناعات تقريبا والتى تصل قدرتها إلى 1300 طن بخار فى الساعة، والشركة الثانية ألمانية.
حسن أبوالدهب، مدير المشتريات المحلية فى «المراجل البخارية»، وأمضى بها 32 عاما متدرجا من فنى لحام إلى درجة مدير للمشتريات، يسرد قصة بيع الشركة عام 1994، قائلا: إن الشركة كانت تنتج مراجل توليد كهرباء بسعة 300 ميجاوات، ووحدات تحلية مياه البحر بطاقة 300 متر مكعب مياه يوميا وحصلت فى نفس العام على شهادة هيئة «لويدز» الدولية بقبولها الشركة الأولى فى العالم فى صناعة المراجل واللحام بالانصهار وكانت ميزانية الشركة فى 30 يونيو عام 1991 محققة أرباحا قدرها 9 ملايين جنيه.
وأضاف أنه فى عام 1994 تم بيع «المراجل» إلى شركة «بانكوك آند ويلكوكس» متعددة الجنسيات ومقرها الرئيسى «بنما»، مشيراً إلى أن أول اجتماع للإدارة الجديدة للشركة مع العمال والفنيين والمهندسين فى 4 يناير 1995 حضره مدير إسرائيلى يدعى «دان»، الذى راح فى الاجتماع يتهكم ويتحدث بسخرية عن المصريين وهو يكشف عن خلفيته العسكرية وأسره من الجيش المصرى فى حرب أكتوبر، ثم اشتبك معه المجتمعون وكادوا أن يفتكوا به وتدخلت جهات سيادية فى ذلك الوقت وتم ترحيله خارج البلاد.
وكشف «أبوالدهب» عن تقدمه ببلاغ للنائب العام متهما الدكتور حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء، وأسامة صالح، وزير الاستثمار، ويحيى مشالى، رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية يوم 6 أغسطس الماضى، بالتقاعس عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بعودة الشركة للدولة وإعادة العمالة إلى سابق أوضاعها قبل عملية البيع.
وأكد قدرة العمال على إعادة تشغيل الشركة وإعادتها إلى سابق عهدها دون أعباء على الدولة، حيث إن ماكينات الشركة بالكامل موجودة فى مصانع شركة الوطنية للصناعات الحديدية المملوكة لعائلة «ساويرس»، التى كانت انتقلت إليها ملكية الماكينات والآلات ضمن صفقة مع أحد شركاء «بانكوك آند ويلكوكس»، وقد أصدرت «الوطنية للصناعات الحديدية» فى سبتمبر 2011 منشورا بعد حكم القضاء الإدارى مباشرة باستعدادها تسليم جميع الأصول من الآلات والمعدات التى فى حوزتها فى أى وقت، لكن الشركة القابضة تقاعست حتى الآن ولم تستلمها ثم طعنت على الحكم، ونحن جاهزون لنقل المعدات وإجراء الصيانة اللازمة لها وتشغيلها من جديد وهذا ما سنفعله فى حال عدم تنفيذ الحكومة الحكم وسنكون مضطرين لتنفيذه بأيدينا.
وقال حسنى حسين، رئيس وردية بشركة المراجل البخارية، إنه منذ بيع الشركة وعلى مدار السنوات التالية بدأت معاناة العمال من سوء المعاملة من مجلس الإدارة وضعف الحوافز والأرباح إلى أن بدأت العمالة فى هجر الشركة وتقلصت أعدادها من 1400 عامل ومهندس إلى 160 عاملا حاليا.
وأضاف: «إننى أُجبرت على الاستقالة من الشركة خلال وجودى فى أحد مكاتب أمن الدولة تم استدعائى إليه مقابل حصولى على 7 آلاف جنيه ومعاش شهرى 60 جنيها».
أخبار متعلقة
�الوطن� ترصد أفراح ومخاوف العمال بعد أحكام بطلان بيع القطاع العام
�حجازى�: عودة العمال تتوقف على قدرة الشركات على رفع أجورهم
بعد 7 سنوات عجاف.. �عمر أفندى� يعود لأحضان الغلابة
الشركات: نرحب بالعودة ولن نقاوم أحكام القضاء